لماذا ترتفع أسعار الذهب إلى مستويات قياسية؟

مع بلوغ أسعار الذهب مستويات قياسية غير مسبوقة، يبقى المعدن الثمين في صدارة الخيارات الاستثمارية الآمنة. وهذا تقرير يوضح الأسباب التي تجعل الذهب ملاذًا موثوقًا، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة.

ملاذ آمن وسط الاضطرابات

شهدت أسعار الذهب ارتفاعًا قياسيًّا بعد الاضطرابات التجارية التي نجمت عن التعريفات الجمركية المرتفعة التي فرضها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.

يُنظر إلى الذهب على نطاق واسع على أنه الأصل الأكثر استقرارًا خلال الأزمات. وقد بلغ سعر الأونصة 3227.51 دولارًا في التداولات يوم الجمعة، محققًا مكاسب تجاوزت 20% منذ بداية العام، مما يعكس ثقة المستثمرين المتزايدة به.

الذهب خارج نطاق الرسوم

يقول فرانك واتسون، كبير خبراء شؤون المعادن في منصة “كينيسيس ماني”، إن سبائك الذهب حتى الآن لم تطلها التعريفات الجمركية الأمريكية، ربما لأنها لا تُعَد منتجًا صناعيًّا أساسيًّا. هذه السياسة منحت الذهب مساحة أكبر من الاستقرار مقارنة ببقية السلع التي تأثرت بالتعريفات الأمريكية المفروضة لدعم الإنتاج المحلي.

وشهد الذهب تقلبًا مؤقتًا في الأسعار بعد أن باعه المستثمرون للحصول على السيولة إثر تراجع أسواق الأسهم بداية إبريل/نيسان. لكن المعدن الثمين سرعان ما استعاد توازنه، مدفوعًا بإعلان ترامب تعليق بعض الرسوم الجمركية المفروضة على دول عديدة، باستثناء الصين.

تراجع الدولار يعزز الذهب

أسهمت الحرب التجارية التي أثارها ترامب في هبوط قيمة الدولار الأمريكي، ما زاد جاذبية الذهب بوصفه أصلًا استثماريًّا. ووفقًا لواتسون، فإن الذهب يُعَد أحد الأصول الأساسية لإدارة الأخطار التي تعتمدها المصارف المركزية والمؤسسات المالية وحتى المستثمرون الأفراد.

وتخشى الأسواق تداعيات حرب تجارية شاملة على النمو الاقتصادي، مما يدفعها إلى توقع مزيد من خفض معدلات الفائدة من قِبل الاحتياطي الفيدرالي لدعم الاقتصاد الأمريكي. ورغم أن الرسوم الجمركية قد تؤدي إلى ارتفاع التضخم، فإن تأثيرها على الدولار والسندات الحكومية يجعل الذهب خيارًا أكثر استقرارًا.

الذهب ارتفع في السوق العالمي بنسبة 27 بالمئة في عام 2024
(رويترز)

معدن نادر وملموس

يمتاز الذهب بندرته وكونه ملموسًا، مما يجعله جذابًا لدى عامة الناس، سواء من خلال الاستثمار في السبائك أو اقتناء المجوهرات.

وقال واضع الاستراتيجيات في مجلس الذهب العالمي جون رايدل “الناس يبحثون عن أصل ملموس يمكنهم الاحتفاظ به”.

وأوضح أن الذهب، تاريخيًّا، أثبت أنه ملاذ يلجأ إليه المستثمرون والمدخرون عند تراجع الثقة في الحكومات أو المؤسسات المالية، حتى وإن لم يكن الاستثمار فيه يحقق عوائد مباشرة كالأرباح أو الفوائد.

المصارف المركزية تدعم الطلب

تسهم المصارف المركزية بدور كبير في تعزيز أسعار الذهب، إذ تملأ خزائنها بالسبائك تحوطًا ضد الأزمات الاقتصادية وضمانة للعملات المحلية.

ووفقًا لمجلس الذهب العالمي، زادت احتياطات الذهب لدى المصارف المركزية عالميًّا بأكثر من ألف طن في عام 2024، للعام الثالث على التوالي. ووفقًا لتشارلي موريس، المحلل في مجموعة “بايت تري”، فإن هذه الزيادة جاءت استجابة للتوترات الجيوسياسية، أبرزها غزو أوكرانيا والعقوبات المفروضة على روسيا التي جمدت احتياطاتها بالعملات الأجنبية.

الذهب في قلب الأزمات

وأدَّت الحرب الروسية الأوكرانية والنزاع في غزة إلى تعميق حالة عدم اليقين الجيوسياسي عالميًّا. وفي مثل هذه الظروف، يبرز الذهب ملاذًا استثماريًّا آمنًا يلجأ إليه المتعاملون بحثًا عن الاستقرار وسط اضطرابات الأسواق والاقتصادات.

يبقى الذهب أحد الأصول الأكثر استقطابًا، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية والسياسية التي تتزايد يومًا بعد يوم. إنه الخيار الآمن الذي يستمر في إثبات قيمته عبر الزمن.

المصدر : الفرنسية
السابق
ارتفاع قيمة التداول في بورصة مسقط بنحو 25 بالمئة الأسبوع الماضي
التالي
ترامب يعفي الهواتف وأجهزة الكمبيوتر والرقائق من الرسوم الجمركية الجديدة