لعنة خاشقجي.. الشيوخ الأمريكي ينتظر لقاء وزيري الدفاع والخارجية ليقرر عقوبات بحق السعودية

واشنطن – وكالات – بزنس كلاس:

بدأ المجتمع السياسي الأمريكي بتضضيق الخناق على الرئيس الأمريكي دونالد ترمب في دفاعه المستميت عن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بخصوص جريمة قتل الإعلامي السعودي جمال خاشقجي.

ويبدو الكونغرس مصمما وعازما على محاصرة السعودية وولي عهدها محمد بن سلمان، حيث يتحرك كبار النواب من كلا الحزبين الرئيسيين، الجمهوري والديمقراطي، للضغط باتجاه محاسبة الرياض على جرائمها. وكشفت صحيفة “ذا هيل” أن مسؤولين رفيعين في الإدارة الأمريكية بصدد تقديم إحاطة إلى مجلس الشيوخ بشأن السعودية الأسبوع المقبل تشمل الحرب في اليمن ومقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في اسطنبول الشهر الماضي، فيما رجح موقع لوب لوج أن تعيد واقعة مقتل جمال خاشقجي تشكيل العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية.

 

ورأت صحيفة “ذا هيل”، بحسب “الجزيرة نت” أن هذه الإحاطة قد تحدد ما إذا كان مجلس الشيوخ سوف يفرض عقوبات على المملكة أو حظرا على صفقات السلاح قبل نهاية العام. وأوضحت أن موضوع الإحاطة هو الحرب في اليمن، لكن دور السلطات السعودية في قتل خاشقجي سيبحث أيضا. ونقلت الصحيفة عن مصدر في الكونغرس ترجيحه أن يقدم وزير الخارجية مايك بومبيو ووزير الدفاع جيمس ماتيس الإحاطة لجميع أعضاء مجلس الشيوخ. كما نسبت الصحيفة إلى مصدر آخر قوله إنه من غير المؤكد أن تُفرض عقوبات قبل نهاية العام، لكن ملف السعودية لم يغلق بعد.

 

الى ذلك، قال موقع لوب لوج، وفقا لما نشره موقع “الخليج الجديد” أن قتلة خاشقجي قد يكونون أثاروا من التداعيات أكثر بكثير مما كانوا يراهنون عليه. وبحسب الموقع فقد أثارت واقعة القتل العديد من المعارك التي من المرجح أن تشكل في الأشهر المقبلة العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية، وكذلك بين الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” وحزبه الجمهوري والكونغرس الأمريكي ومجتمع الاستخبارات في البلاد. وقد تختبر تداعيات القتل أيضا مدى قدرة ترامب على متابعة أهداف سياسته في الشرق الأوسط، بما في ذلك إجبار إيران على الرضوخ وفرض تسوية للصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وبدلا من وضع حد للخلافات حول كيفية الرد على مقتل خاشقجي، جاء قرار ترامب بالوقوف إلى جانب المملكة وولي عهدها، محمد بن سلمان، بغض النظر عن احتمال كونه مسؤولا عن جريمة القتل، ليشير إلى افتتاح جولة جديدة أطلق عليها الصحفي البارز رامي خوري “حقبة جديدة في قضية خاشقجي”.

 

ومن المرجح أن يتم خوض عدد من المعارك على جبهات متعددة. وستكون إحداها حول حضور “بن سلمان” قمة مجموعة العشرين نهاية هذا الشهر في الأرجنتين، حيث تعتقد وكالة الاستخبارات المركزية، والعديدون في الكونغرس الأمريكي، أنه مسؤول عن القتل. ومن المؤكد أن تشير كيفية استقبال “بن سلمان” في القمة إلى مدى تضرر مكانة ولي العهد الدولية، وقد يشكل صورة واقعية للضرر الذي عانت منه المملكة نتيجة قتل “خاشقجي”. كما أنه سيكون بمثابة مؤشر على مدى حجم المعركة التي قد يضطر ترامب لخوضها في سعيه لضمان إفلات بن سلمان من عواقب مقتل خاشقجي.

 

اختبار للمجتمع الدولي

 

ويضع حضور بن سلمان قمة مجموعة العشرين، منتقديه الدوليين أمام اختبار حقيقي للعمل ضده، وهو يراهن على أنهم لن يفعلوا ذلك”، بحسب ما قاله كريستيان أولريخسن، الباحث في معهد بيكر. وعبر تسريب استنتاجها أن بن سلمان كان مسؤولا عن عملية القتل، أرسلت وكالة المخابرات المركزية رسالتين، أولهما رغبتها في مواجهة ترامب على خلفية العلاقة المتوترة الطويلة بين الرئيس ومجتمع الاستخبارات، وتوضيح اعتقاد الوكالة أن بقاء الأمير كملك منتظر ليس أمرا حاسما للأمن القومي الأمريكي أو لاستقرار المملكة.

 

وتشكل الرسالتان معالم أول مواجهة سياسية رئيسية بين ترامب والحزب الجمهوري من جهة، والكونغرس من جهة أخرى. وتتصاعد المشاعر المعادية للسعودية في الكونغرس بالفعل قبل مقتل خاشقجي؛ بسبب السلوك السعودي في حربها في اليمن، التي خلقت أسوأ أزمة إنسانية منذ الحرب العالمية الثانية. ويبدو أن قتل خاشقجي قد مثل حافزا للكونغرس للعمل.

 

وأعقب تحدي الاستخبارات الضمني لتقييم ترامب لأهمية بن سلمان، تقرير أصدره مركز السياسة الدولية في واشنطن، والذي خلص إلى أن مبيعات الأسلحة الأمريكية للمملكة توفر أقل من 20 ألف وظيفة في الولايات المتحدة سنويا، وهو أمر بعيد كل البعد عن مئات الآلاف من الوظائف التي يزعمها الرئيس. وقد تشكل نتائج المعركة المحتملة بين ترامب والاستخبارات والكونغرس أيضا التطورات داخل السعودية. وتعود المملكة بقيادة الملك “سلمان” للاعتماد على الوسائل القديمة لحشد الدعم لنجله بين القبائل وداحل العائلة، في الوقت الذي يسعى فيه “بن سلمان” لإظهار أن المملكة لا تعتمد كليا على الولايات المتحدة.

 

وتضع قضية “خاشقجي” الولايات المتحدة في مواجهة داخلية بين مصالحها المباشرة وبين قيمها السياسية. ويتساءل أعضاء الكونغرس ومجتمع المخابرات والسياسة الخارجية عن أهمية العلاقة مع السعودية، على الرغم من إصرار ترامب على أهمية مشتريات الأسلحة السعودية، ودور المملكة في إدارة أسعار النفط ودعم السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط.

 

 

 

السعودية هي من تحتاج لأمريكا

 

هناك حقيقتان مؤكدتان، تحتاج السعودية الى شراء الأسلحة والمعدات الأمريكية أكثر مما تحتاج الولايات المتحدة إلى بيعها، ويرجع ذلك جزئيا لأنها تضمن الالتزام الأمني ​​الأمريكي تجاه المملكة. وسيكون من الصعب والمكلف جدا على السعوديين أن يفوا بتهديداتهم الدورية “بالشراء من الأجانب” إذا لم يتمكنوا من الحصول على ما يريدون من الولايات المتحدة، كما قال المفاوض الأمريكي السابق في الشرق الأوسط “آرون ديفيد ميلر” في مقال لـ “سي إن إن” شارك في كتابته “ريتشارد سكولسكي”. وطرح “ميلر” و”سكولسكي” تساؤلات حول أهمية السعودية في مواجهة إيران وإقامة تسوية سلمية بين الفلسطينيين و(إسرائيل). وقالا: “لقد أثبتت السعودية أنها ضعيفة للغاية، وغير كفؤة لتكون حصنا ضد إيران. بل على العكس من ذلك، لقد كانت تحركاتها بمثابة تمكين لنفوذ طهران”. لكن على الرغم من الانتقاد المتصاعد للمملكة، يقول معظم المحللين إن بن سلمان يحتمل أن يتغلب على أزمة خاشقجي. ومع ذلك، تشعر المملكة بالفعل بتداعيات الأزمة، ليس على الصعيد الدولي فحسب، بل وأيضا فيما يتعلق بآفاق خطط الأمير لإصلاح وتنويع اقتصاد المملكة.

 

وكانت الأزمة أحد الأسباب وراء تأجيل شركة أرامكو، خططها للشروع في بيع سندات ضخمة، لتمويل حصة بقيمة 70 مليار دولار في شركة البتروكيماويات الوطنية “سابك”. وقد تم النظر في البيع بعد أن علقت المملكة في وقت سابق خططا لإدراج شركة أرامكو في البورصة، في خطوة كان يأمل ولي العهد أن يجمع خلالها مبلغ 100 مليار دولار.

 

ولطالما كانت العلاقات الوثيقة مع الولايات المتحدة في صميم استراتيجية بقاء أسرة “آل سعود” في الحكم. وكانت أيضا في صميم نهج محمد بن سلمان، الذي بدا مصمما على دفع أي تكلفة لضمان ربط الوجود الأمريكي في الشرق الأوسط بالتحالف مع المملكة، بعد التحرك المحوري للرئيس باراك أوباما تجاه آسيا، وتصميمه على إعادة إيران إلى الحظيرة الدولية.

 

وبعد قرار ترامب بالوقوف إلى جانب المملكة وحكامها بغض النظر عن أي شيء آخر، فمن المرجح أن تكون الأسابيع والأشهر القادمة بمثابة اختبار محتمل لقدرة ترامب على الحفاظ على هذا النهج لوقت طويل.

السابق
مواقع الرادارات المتحركة اليوم الأثنين 26 نوفمبر / تشرين الثاني
التالي
هآرتس: إسرائيل تساعد الرياض بالتجسس على معارضيها