بزنس كلاس – خاص:
اجتمع وزراء خارجية دول محور الحصار في القاهرة بخطوة استعراضية تم تحضير المشهد العربي والخليجي لاستقبال قرارتها ونتائجها “الصاعقة والصرامة” بشكل “احتفالي”، لكن جاء بيان أولئك الوزراء جاء بارداً لدرجة أنه خيب آمال كل المتحمسين لتلك القرارات خصوصاً أن هذا الاجتماع “التاريخي” استمر وتمدد لفترة طويلة للغاية فقد فيها الصافيون المنتظرون للمؤتمر المنشود الصبر. لكن ما حدث فعلاً أن وزراء خارجية السعودية ومصر والإمارات والبحرين جلسوا لساعات يفكرون بطريقة تجنبهم حرج الظهور أمام من ينتظرون “قراراتهم التاريخية” وتناولوا خلال اجتماعهم هذا أشياء كثيرة من بينها “الغداء” لكنهم في نهاية المطاف، قاموا بوضع قراراتهم المعدة سلفاً لإعلان الحرب على قطر في جيوبهم وعدم إعلانها أو اتخاذ أي خطوات تصعيدية تجاه الدوحة بل “الاستمرار في الإجراءات المتخذة مسبقا”.
ما حدث فعلاً يشبه المسرحية الكوميدية بكل ما يحمله الوصف من معنى. فقد استنفر “الشباب” وشمروا عن أذرعهم للهجوم على قطر بعد أن فهموا منذ مدة ليس بقصيرة أن البيت الأبيض يقف خلفهم ويدعم موقفهم خصوصاً مع سكوت واشنطن المريب عن كل إجراءاتهم ضد قطر والاكتفاء بمجرد الدعوة للحوار ضمن إطار الأسرة الخليجية الواحدة. هم فهموا الأمر على أن واشنطن تمنحهم الضوء الأخضر لاختراع عدو من الفراغ واتهامه بدعم الإرهاب ومن ثم مباركة الهجوم عليه بكل ما لدى تلك الدول البائسة من أسلحة. لكن عندما حانت ساعة الصفر لاطلاق العنان للحرب، اتصل البيت الأبيض بالسيسي ليقول لهم كلمات بسيطة لكنها قاسية رغم تغليفها بطبقة من الشوكولاته الدبلوماسية: لا تذهبوا إلى التصعيد ضد قطر، نقطة انتهى.
المضحك بالأمر أن البيت الأبيض الذي شجع وساند بشكل أو بآخر هجوم محور الحصار على الدوحة هو نفسه من لجم المهاجمين ومنعهم حتى من النباح بصوت عال. لذلك رأينا ارتباك سامح شكري “الفصيح” وهو يقرأ بيان الدول الأربع متلعثماً بجمل كثيرة صيغت على عجل لتبرير “التكويع” في الموقف “الرباعي”، كما رأينا ملامح الخيبة والهزيمة تتفوق في التعبير على كلمات عادل الجبير الذي بدا منكسرا أكثر مما هو “متنمرا” كعادته حين يتحدث عن قطر في الأونة الأخيرة.
باختصار، لقد نجح ترمب اليوم وبشكل “هوليودي” في “تنفيس المنتفخين ورماً من الكبرياء والتكبر والتجبر” لكن بطريقة محرجة وفجة جداً أمام الجمهور بعد أن كان هو نفسه من جعلهم ينتفخون إلى هذا الحد. لقد وجد الوزراء أنفسهم بموقف يستحقون فيه الشفقة أكثر مما كانوا مخيفين في صباح هذا اليوم بالذات بعد أن جعلهم ترمب يصعدون إلى قمة شجرة التعنت ثم افلتهم هكذا فجأة ليسقطوا كالأطفال عديمي الخبرة على ارض الواقع.
طبعاً جاء في بيانهم شجب وإدانة واستنكار وكل ما يمكن معرفته من أدبيات االسياسة الخشبية للخطابات العربية، لكن اجتماعهم لم يخرج بأي جديد بل كان واضحاً أنهم كانوا قد هيأوا أنفسهم والعالم لقرارات “حاسمة” تم سحبها من بين أيديهم بطريقة دراماتيكية ليتمخض جبل اجتماع دول محور فلا يلد إلا فاراً!!
وفيما يلي بيانهم “الحاسم”:قال بيان مشترك أصدرته الدول الأربع المقاطعة لقطر إنه لم يعد مسموحا السكوت على ما سموه الدور “التخريبي “الذي تقوم به الدوحة. وقال وزير الخارجية المصري سامح شكري الذي تلى البيان المشترك إن “قطر قدّمت ردا سلبيا على مطالب الدول الأربع”. وأعلنت الأربع دول العربية أنها “تأمل من قطر أن تسلك طريق الحكمة وأن تتخذ القرار الصحيح”. وأشار البيان إلى أن “المطالب التي قدمت لقطر تأتي في سياق الحفاظ على الأمن القومي العربي ومكافحة الإرهاب”.
من جانبه، قال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير إن “الإجراءات ستستمر حتى تعدل قطر سياستها وهناك تشاور بخصوص الخطوات القادمة”. وأضاف الجبير: “لن نسمح لقطر التي هي حليف عسكري وعضو بمجلس التعاون أن تفعل ما تفعل”. وقال الجبير: “قمنا بتدابير في السعودية لمواجهة الإرهاب ومنعنا الجمعيات الخيرية من إرسال أموال للخارج وهناك مراقبة صارمة”.