خاض ماركو رويس مباراته الثانية في كأس العالم وهو في التاسعة والعشرين من عمره، وبعد طول انتظار أثبت قيمته بمساهمته في انقاذ المنتخب الألماني من حرج انتهاء مشواره في مونديال روسيا منذ الجولة الثانية لدور المجموعات.
اختبر نجم بوروسيا دورتموند الجانب المظلم لكرة القدم، بعدما اكتفى بخوض 32 مباراة مع المنتخب بسبب لعنة الاصابات التي لم تفارقه. مساء السبت، لعب أساسيا في تشكيلة المانشافت بمواجهة السويد على أمل مساعدته في تعويض خسارته في مستهل حملة الدفاع عن لقبه على يد المكسيك (صفر-1).
لكن البداية لم تكن واعدة، إذ تخلف أبطال العالم بعد مرور حوالي نصف ساعة على انطلاق اللقاء، ورغم سيطرته على مجريات اللعب عجز عن الوصول الى الشباك لما تبقى من الشوط الأول، لكن رويس نفسه قال كلمته في مستهل الثاني بادراكه التعادل.
واعتقد السويديون أنهم نالوا نقطتهم وفي طريقهم للتسبب باقصاء عملاق آخر، بعد أن تسببوا بحرمان هولندا وايطاليا من المشاركة في النهائيات، بالتفوق على الأولى في التصفيات الأوروبية بعدما حلوا أمامها في المركز الثاني بفارق الأهداف وخاضوا الملحق الأوروبي الذي وضعهم بمواجهة ايطاليا، فأجبروا الأخيرة ايضا على الغياب عن النهائيات للمرة الأولى منذ 60 عاما.
– التضحية بأوزيل –
لكن رويس وزميله طوني كروس لم يستسلما ونفذا ما تمرنا عليه مرارا وتكرارا بعدما تبادلا تحريك كرة الركلة الحرة قبل ان يسددها نجم وسط ريال مدريد الإسباني في الزاوية اليسرى البعيدة في الدقيقة الخامسة الاخيرة من الوقت بدل الضائع.
وأثبت رويس صحة قرار المدرب يواكيم لوف بالاعتماد عليه أساسيا عوضا عن مسعود اوزيل الذي عانى الأمرين في اللقاء الأول، متأثرا على الأرجح بالانتقادات القاسية التي طالته نتيجة صورته وزميله ايلكاي غوندوغان مع الرئيس التركي رجب طيب اردوغان.
ويدرك لوف أهمية رويس “من الجيد أن يعود الى التشكيلة بعد فترة طويلة من الغياب.. هو لاعب يملك صفات استثنائية وموهوب وذكي ويفاجىء الخصوم. هو صاروخ”.
بعدما استبعد لوف عن تشكيلة المونديال الروسي لاعب مانشستر سيتي الانكليزي الشاب لوروا سانيه، وقعت على عاتق نجم دورتموند اختراق الدفاعات المتراصة للخصوم.
رغم موهبته، لم يشارك رويس سوى في بطولة كبرى واحدة، وذلك في كأس أوروبا 2012 عندما خاض مباراتين. في 2014 كان قد حجز مقعده على متن الطائرة المتجهة الى مونديال البرازيل، ولكن تعرضه لاصابة قوية خلال المباراة التحضيرية الاخيرة ضد أرمينيا حرمه متعة رفع الكأس.
بعيد الفوز على الأرجنتين في المباراة النهائية (1-صفر)، رفع صديقه مسجل الهدف ماريو غوتسه قميصا يحمل اسمه خلال الاحتفالات.
لم يشاهد رويس اللقطة لأنه، وبحسب ما كشف لاحقا، ذهبت للنوم باكرا”.
لاحقت لعنة الاصابات رويس. في 2016 غاب عن كأس أوروبا في فرنسا بسبب آلام مستمرة في الحالبين. كما يدين بمشاركته في مونديال روسيا بحالة بدنية جيدة إلى غيابه عن المسابقات حتى شباط/فبراير الماضي بسبب إصابة جديدة عبارة عن تمزق في الرباط الصليبي في نهائي كأس ألمانيا 2017 والذي فاز فيه دورتموند على اينتراخت فرانكفورت (2-1).
قبل سفر المنتخب الألماني الى روسيا قال لوف “في امكان ماركو أن يجلب الكثير في لحظات محددة وأن يؤدي دورا مهما في حال تقدمنا في البطولة”.
– الناحية المشرقة –
ولكن منذ سقوط المانشافت أمام المكسيك في بداية حملة الدفاع عن لقبه، تعالت الاصوات مطالبة باشراك رويس كأساسي، إن كان على الجهة اليسرى أو كلاعب خط وسط مهاجم.
ومن الذين طالبوا برويس، الدولي السابق شتيفان ايفنبرغ الذي لم يتردد بالقول “يتوجب ان يلعب رويس، وهذا أمر غير قابل للجدل، والتضحية بأوزيل” واضاف “سيمنح ذلك (دخول رويس) المزيد من الايقاع والابتكار”.
رد رويس بصوت خافت ومع الكثير من الخجل أمام الكاميرات على هذه التصاريح بالقول “نعم اسمع ما يقوله المعلقون”، مضيفا بنبرة المدرك ان مصيره ليس بيديه “ولكن ذلك لا يعتمد عليّ. المدرب يعرف قدراتي وأنا أبذل أفضل ما لدي خلال التمارين وأنا بتصرف المنتخب. آمل في ان العب”.
وخرج رويس من موسم مقنع مع دورتموند، وقدم أداء جيدا في المباراة الأولى للمنتخب ضد المكسيك بعد دخوله بديلا لسامي خضيرة في الشوط الثاني، ثم لعب في الثانية أساسيا وكان منقذ “مانشافت” الى جانب كروس.
وقبل ان يكشف الجهاز الفني الألماني تشكيلته الأساسية لمباراة السويد، ألمح مدير المنتخب أوليفر بيرهوف الى انها ستضم “محفزا”. العديد من المعلقين اعتبروا ان الوقت حان ليعود رويس الى الأضواء من البداية.