– كامتشاتكا أرض الطبيعة الساحرة
على عكس المدن التاريخية المليئة بالقصور والمعالم الأثرية، يكمن سحر كامتشاتكا في غياب المعالم الأثرية، وندرة النشاط البشري فيها، فكل السحر هنا يتجسد في طبيعة خلابة لم تتمكن يد الإنسان من تخريبها بعد أو استنزاف الأشجار التي لا تزال تحتل المساحات الأكبر من شبه الجزيرة. فهي تنتشر على سفوح نحو 300 قمة جبلية، معظمها براكين خامدة، يصل عددها إلى 29 بركاناً، بما في ذلك بركان كلوتشيفسكايا سكوبا، الأكبر في الأورآسيا بارتفاع يصل إلى 4750 متراً فوق سطح البحر. وتخترق هذه البراكين ينابيع مياه معدنية حارة، وآلاف الأنهر التي تزخر بسمك السلمون الذي يتنقل عبرها من مياه المحيط نحو البحيرات الباردة في كامتشاتكا ليضع بيضه فيها.
– ما نقاط جذب كامتشاتكا؟
تزخر بمحميات طبيعية يشعر فيها المرء بأنه حل ضيفاً على أرض الدببة. فعددها في الجزيرة يزيد على 20 ألفاً، تخرج من سباتها الشتوي مع بداية فصل الربيع، لتنشط بصورة خاصة في نهاية الصيف وطيلة فصل الخريف، أي خلال موسم التزاوج، إضافة إلى موسم «الصيد الثمين» إشارة إلى أسماك السلمون. ففي هذه الفترة ينتقل السلمون من المحيط الهادئ، إلى البحيرات العذبة، حتى تضع بيضها هناك. وعلى طول هذه الأنهر تنتشر الدببة تنتظر وصول السلمون، وجبتها المفضلة. فهي تضمن لها الحصول على كميات من الدهون تساعدها على البقاء خلال فترة السبات الشتوي. كما تعلّم صغارها الصيد في تلك المرحلة. ويمكن للسائح أن يراقب هذه اللوحة الطبيعية الفريدة، إما من خلال جولة على متن سيارات دفع رباعي، ضمن عروض تقدمها شركات سياحية، وإما من خلال الإقامة في «شاليهات» خاصة تطل شرفاتها على البحيرات، حيث عالم الدببة والسلمون.
– جولة في عالم البراكين
لعل أكثر ما يميز شبه جزيرة كامتشاتكا ومركزها الإداري، عاصمتها، مدينة بافلوفسك. فهنا توجد أعداد من البراكين التي لم يخمد بعضها حتى الآن. ولأن الجولة على البراكين للوصول إلى قمم ما زالت حممها تغلي، عمل محفوف بالمخاطر لمن لا خبرة لديه، تقدم شركات سياحية عروضاً مُغرية للزوار، تشمل جولة لمدة يوم كامل، على متن وسائل نقل خاصة وأمينة، وبمرافقة دليل سياحي من أصحاب الخبرة والمعرفة في جولات كهذه. تبلغ تكلفة الجولة نحو 5000 روبل (80 دولاراً تقريباً للشخص). ومن أشهر البراكين بالقرب من المدينة بركان «أفاتشينسكي»، الأكثر نشاطاً بين البراكين الأخرى، بارتفاع يبلغ نحو 2700 م. هناك أيضاً بركان اسمه «غوريلي» أي «المحروق»، وربما أُطلق عليه هذا الاسم لأنه مغطى بحمم بازلتية بردت وكسته باللون الأسود، بينما تمتلئ فوهته بمياه تلونت بالسماوي نتيجة تفاعلها مع مواد كيماوية يطلقها البركان. لمن يريد القيام بجولة فوق هذه البراكين بواسطة الطائرة المروحية فإنه سيرى كيف تبدو فوهة هذا البركان مثل عين زرقاء كبيرة تتطلع إلى السماء.
– ينابيع وأنهر المياه الحارة
تنتشر عند سفوح الجبال البركانية في شبه جزيرة كامتشاتكا ينابيع مياه معدنية حارة يزيد عددها على 250 نبعاً، تتفرع منها أنهر وسواقٍ، وتشكل في بعض المناطق بحيرات حارة صغيرة. وتعتمد كامتشاتكا على مياه تلك الينابيع لتوفير الماء الساخن والتدفئة المركزية للمواطنين. وبالقرب من مدينة بيتروبافلوفسك، يمتد وادٍ كبير يُطلق عليه اسم «وادي الينابيع الحارة» بوسع السائح أن يمتع بصره فيه بنوافير ضخمة من الماء الحار تخترق جوف الأرض وتضرب عالياً في السماء بتواتر معين. ومن ثم توفر المنتجعات السياحية الكثيرة التي أُقيمت عند تلك الينابيع فرصة الحصول على حمام علاجي في ينبوع ساخن، يحتوي موادّ تساعد على علاج أمراض الأعصاب وأمراض القلب والأمراض الجلدية. وبالطبع هناك أيضاً حمامات الطين البركاني، التي تحمل هي الأخرى متعة وفوائد جمة للجسم.
– معلومات عامة
لم تكن شبه جزية كامتشاتكا محظوظة سياحياً خلال السنوات الماضية، ليس فقط لأنها تقع في نهاية العالم عند حافته من جهة أقصى الشرق، أو لأن شتاءها طويل، إذ يوجد كثيرون ممن يعشقون السياحة ضمن ظروف كهذه، بل بسبب التكلفة الباهظة للوصول إليها، إن كان من داخل روسيا للمواطنين، أو من خارجها. فسعر بطاقة الطائرة من موسكو إلى كامتشاتكا يقدر بـ250 دولاراً، وتستغرق الرحلة جواً أكثر من 8 ساعات. وفضلاً عن تكلفة السفر تقدم الشركات في كامتشاتكا عروضاً تتراوح تكلفتها من 1500 حتى 2500 دولار لمدة 13 يوماً، تتضمن الإقامة في فندق في المنتجعات السياحية أو شاليه حسب البرنامج، مع 3 وجبات يومياً، وطاهٍ خاص يرافق المجموعة السياحية طيلة الجولات، ومعدات للسير مثل الخيام والأواني ومعدات النوم. هذا فضلاً عن خدمات النقل.
بيد أن هذا لا يعني أن التكلفة تقف عائقاً أمام عشاق هذا النوع من السياحة، ففي عام 2017 مثلا زارها أكثر من 200 ألف سائح مقارنةً بـ60 ألف سائح فقط في عام 2014، ومعظم زوار كامتشاتكا من البلدان المجاورة، مثل اليابان والصين وعدد قليل من أوروبا، فضلاً عن السياح المحليين من المقاطعات الروسية المجاورة. وتعمل وزارة السياحة الروسية حالياً على صياغة عروض سياحية متكاملة، تشمل النقل الجوي، بأسعار مقبولة لاستقطاب أعداد أكبر من عشاق السياحة.
تبلغ درجات الحرارة في كامتشاتكا حتى 45 درجة مئوية تحت الصفر شتاءً، وتبقى درجات الحرارة فيها صيفاً ما بين 15 و20 درجة فوق الصفر، وترتفع في بعض الأحيان لتصل حتى 40 درجة مئوية. ويُنصح بالتوجه إلى شبه جزيرة كامتشاتكا خلال الفترة من شهر يوليو (تموز) حتى أكتوبر (تشرين الأول)، لأن الطبيعة في هذه الفترة تكون في أوج نشاطها، وتكون الأحوال الجوية مناسبة للسياحة.
— فنادق في المدينة
تضمن مجموعة لا بأس بها من الفنادق والمنتجعات السياحية إقامة ممتع لزوار كامتشاتكا، ومن أهم الفنادق فئة «3 نجوم» هناك:
– «فندق بيتروبافلوفسك» الذي يطل على أجمل البراكين حول المدينة. يتوفر على 70 غرفة مزودة بكل شروط الراحة التامة، ويقدم 3 وجبات يومياً من المطبخين الروسي والأوروبي بنظام «الطاولة السويدية». كما يقدم الفندق منازل خاصة للضيوف (VIP) من رجال السياسة ومشاهير عالم الفن ورجال الأعمال.
– فندق «آفاتشا» من فئة «3 نجوم» يقدم كذلك خدمات مميزة للضيوف، ويقع بالقرب من البراكين وليس بعيداً عن المحميات الطبيعية وينابيع المياه الحارة.
– «فندق غيزر»، أي «فندق ينابيع المياه الحارة»، ويقع كذلك في مدينة بيتروبافلوفسك، ويطل على سلسة البراكين المحيط بالمدينة. يوفر لضيوفه كل الخدمات الضرورية.
وهناك مجموعة من الفنادق والمجمعات السياحية في مناطق الينابيع الساخنة، مثل مجمع «أنتاريوس» وفندق «ويل كام تور» وغيرهما. وتتميز تلك الفنادق بموقعها عند ينابيع وعلى ضفاف أنهر المياه المعدنية الساخنة. وفضلاً عن الخدمات التقليدية تقدم لضيوفها خدمات إضافية مثل السباحة في الينابيع الساخنة، ومسابح خاصة تحصل على الماء من تلك الينابيع، فضلاً عن جلسات العلاج بالطين، وغيره.
– المطاعم
> المطاعم في كامتشاتكا كثيرة، وإلى جانب المطبخين الروسي التقليدي والأوروبي، واعتمادهما على وفرة الأسماك في المنطقة، هناك مطابخ أخرى تأثرت بدول الجوار ونوعية السياح. فقد ظهرت مؤخراً مطاعم كورية وصينية ويابانية. ويصنف مطعم «سان مارينو – كامتشاتكا» واحداً من أفضل المطاعم في المدينة، ويقدم بصورة رئيسة وجبات من الأسماك الطازجة، ومعها وجبات من المطبخين الروسي والأوروبي. وإذا كنت من عشاق المطبخ الياباني، يمكنك تناول وجبة لذيذة في مطعم «سوشي بار كيتو» الذي يقد قائمة متنوعة غنية بخيرات البحر. هناك أيضاً عدد من المطاعم الروسية، مثل «إرزاو» و«غراند غريل» المتخصص في تقديم أطباق اللحوم المشوية ومعها وجبات من الخضار الذي ينمو في منطقة شرق روسيا.