أبرم «إرثنا: مركز لمستقبل مستدام»، عضو مؤسسة قطر، شراكة جديدة مع «مؤسسة الملك» – وهي مؤسسة خيرية في المملكة المتحدة أسسها جلالة الملك تشارلز الثالث – تقضي بإطلاق أربعة مشروعات تجريبية للتنمية الحضرية حول العالم، وذلك بهدف إبراز مدى تجليات إسهام المعارف التقليدية في تبني ممارسات مستدامة وتعزيزها في وعصرنا الحالي، على أن تنفذ هذه المشروعات في كل من الهند وغويانا وسيراليون وتنزانيا.
خلال فعالية أقيمت في المقر الرئيسي لهذه المؤسسة الخيرية، قصر «دومفريز هاوس» باسكتلندا، جرى الإعلان عن هذه الشراكة، الممتدة لعامين، من قبل سعادة الشيخة هند بنت حمد آل ثاني، نائب رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لمؤسسة قطر، إلى جانب ممثلين من «مؤسسة الملك».
تسلط هذه المبادرة الضوء على الالتزام المشترك لكلتا المؤسستين بالاستفادة من المعارف التقليدية كوسيلة لتعزيز الاستدامة البيئية، وتحفيز الاقتصادات المحلية، وتعزيز مرونة المجتمع. وبهذه المناسبة، قالت سعادة الشيخة هند: «قاعدة شراكتنا مع «مؤسسة الملك» قناعتنا المشتركة بالقيمة المُستدامة للعادات والتقاليد الثقافيّة المحلّيّة؛ فهي خلاصة تجارب أجيالٍ تعاقبت على تلك الأرض فالتصقوا بطبيعتها. هذا الموروث أساس بناء مستقبلٍ مُشرقٍ لشعوبنا».
أضافت سعادتها:» بسعينا الهادف إلى دعم الإرث الثقافي في هذه الدول الأربع وحمايته، ستبقى هذه القيم المعرفية أساساً حيّاً لتحقيق التنمية المستدامة».
– مبادرات لمواجهة التغير المناخي
خلال مناقشة رسمية في «دومفريز هاوس»، قدمت «مؤسسة الملك» مبادراتها بشأن معالجة بعض التحديات المرتبطة بالتحضر وتغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي. عقب ذلك، ناقش الحضور تجليات التنمية المستدامة وأهمية المعارف الأصلية، التي تشكّل حجر الزاوية في الاتفاقية بين مؤسسة قطر و»مؤسسة الملك.”
إثر هذه المناقشة، انضم جلالة الملك تشارلز الثالث، الرئيس الملكي المؤسس للمؤسسة، إلى الحاضرين في حفل استقبال للاحتفال بالشراكة الجديدة.
وكان من بين الضيوف المميزين في إطلاق هذه الشراكة كل من فخامة الرئيس جوليوس مادا والسيدة الأولى فاطمة مادا من جمهورية سيراليون؛ والبارونة باتريشيا سكوتلاند، الأمين العام لأمانة مجموعة الكومنولث؛ وسعادة مبيلوا برايتون كايروكي، المفوض السامي لتنزانيا لدى المملكة المتحدة؛ وسونيا سافيتيري باراج، وزيرة الحكومة المحلية والتنمية الإقليمية في غويانا؛ مانفيندرا سينغ شيخاوات، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة «دون»، الهند.
– أهداف المشروعات الأربعة
وتهدف المشروعات الأربعة المختارة، التي يعكس كل واحدٍ منها ممارسات الاستدامة التقليدية التي تمثل ثقافات ومناطق متنوعة، إلى إبراز دور التراث الثقافي في تشكيل أسس التصميم المعماري في مواجهة التحديات المعاصرة. كما تسعى هذه المشروعات إلى الإسهام في التخطيط الحضري المستدام. وستوفر هذه المبادرات، التي ستنفذ في كل من الهند وغويانا وسيراليون وتنزانيا، رؤى يمكن مشاركتها مع دول أخرى تواجه تحديات مماثلة، بما في ذلك قطر.
من جانبها، صرحت كريستينا مورين، الرئيسة التنفيذية ل»مؤسسة الملك»، قائلة: «نحن متحمسون لهذه الفرصة لتقديم خبراتنا في إنشاء مجتمعات مستدامة وتحسين واقع عيش الناس من خلال هذه الشراكة الجديدة.»
وأضافت قائلةً:» إن تاريخنا الطويل في تعزيز المعارف والمهارات التقليدية لتشكيل مستقبلنا، وخاصة في كيفية تصميم مدننا وبلداتنا، يمكّننا من بدء هذه المشروعات الجديدة انطلاقًا من أسس متينة. نحن ممتنون لجميع المشاركين نظير دعمهم ورؤاهم المستنيرة في الدفع بهذه المبادرة إلى الأمام».
– تعزيز الشراكات التعليمية
تماشيًا مع دوره في قيادة البحوث والسياسات القائمة على الاستدامة، في قطر وعلى الصعيد الدولي، سيتعاون مركز «إرثنا»، مع «مؤسسة الملك» لتطوير أربعة مشروعات تجريبية مختارة. وسيسهم «إرثنا»، بخبراته الواسعة في مجال البحوث والسياسات في العمل على تعزيز الشراكات التعليمية ودعم مبادرات بناء القدرات.
سيسلط كل مشروع الضوء على سبل تكييف أساليب ومواد البناء التقليدية للاستخدام الحديث، وتوعية الفئات المستهدفة – بما في ذلك المجتمعات المحلية والحرفيين والطلاب ومحترفي التصميم الحضري – بشأن دور المعرفة التقليدية في تعزيز التنمية المستدامة. ستعمل المشروعات على تعزيز الاعتراف العالمي بقيمة هذه المعارف من حيث الاستدامة البيئية والحفاظ على الثقافة والنمو الاقتصادي، علاوة على توسيع الفرص الاقتصادية والسياحية وتبادل المعرفة بين قطر والدول التي تنفذ فيها المشروعات.
– ترميم أبواب زنجبار
سيركز المشروع الذي يشمل تنزانيا على الحفاظ وترميم أبواب زنجبار الشهيرة داخل «ستون تاون» – وهو موقع مدرج على قائمة التراث العالمي لليونسكو وعلى إنشاء سلاسل إمداد مستدامة للأخشاب. في الهند، ستستمد المبادرة أفكارًا من «مشروع دون»، وهو عبارة عن مبادرة تطويرية في جايبور عملت على إعادة تأهيل 500 هكتار من الأراضي القاحلة والجرداء، واستعادة التنوع البيولوجي فيها.
وفي غويانا، ستدعم الشراكة مشروعًا لدراسة وتطوير مبنى نموذجي بالقرب من أشجار المانغروف المستصلحة على طول الواجهة البحرية لمدينة جورج تاون، باستخدام مبادئ التصميم الأصلية والمواد المحلية. وفي سيراليون، سيستكشف المشروع تقنيات البناء المستدامة المستوحاة من المعارف التقليدية لحماية المناظر الطبيعية في مدينة بو، مما يسهم في توجيه التخطيط العمراني في هذه المدينة سريعة النمو.
– توثيق أفضل الممارسات
وبناءً على الدروس المستفادة والأدلة المستخلصة من المشروعات الأربعة، سيتم إنتاج منشورات بحثية لتوثيق أفضل الممارسات وتقديم توصيات سياسية للدول في جميع أنحاء العالم. وتهدف هذه المشروعات إلى أن تكون بمثابة نموذج لكيفية استخدام المواد المحلية، بما يتماشى مع النظم البيئية الطبيعية، والاستفادة من المعارف التقليدية في التنمية الحضرية المستدامة لبناء مجتمعات أقوى وأكثر مرونة. بالإضافة إلى ذلك، تبرز هذه المشروعات مدى قابلية هذه المبادرات لخلق فرص اقتصادية من خلال المنتجات والتدريب والسياحة البيئية.
سيتم عرض هذه المشروعات الأربعة في النسخة الثانية من قمة «إرثنا»، المقرر عقدها في الدوحة، قطر، في الفترة من 22 إلى 23 أبريل 2025. ستركز القمة على تعزيز الاستدامة في البيئات الحارة والجافة، مستلهمة من التراث الثقافي الغني والنظم البيئية المميزة في قطر.