قطر: مشروعات جديدة وآمال كبيرة بنمو اقتصادي في 2018

الدوحة – بزنس كلاس:

يدخل الاقتصاد القطري عام 2018 برؤية واضحة وخطط وبرامج غير مسبوقة، مستندا إلى ميزانية مبشرة واستراتيجيات متقدمة تدعمها إرادات صلبة ومشاريع طموحة لتحصين دولتنا ضد كل المخاطر واستكمال مسيرتها ونهضتها بقيادة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى وحكومته الرشيدة.
ويختلف العام الجديد عما سبقه من الأعوام والسنين بالنسبة للاقتصاد القطري الذي صمم رغم التحديات على مواصلة مسيرة البناء والعطاء وتعزيز النهضة والرخاء والاستقرار في هذا الوطن الغالي الذي يتعرض لحصار جائر يفرضه عليه عدد من الأشقاء منذ أكثر من سبعة أشهر.
لقد كانت التوجيهات الأميرية لاقتصادنا في المرحلة المقبلة واضحة ومحددة المعالم والأهداف، فقد شدد سمو الأمير المفدى في خطابه الأول بعد فرض الحصار على قطر في يونيو الماضي على أننا مدعوون لفتح اقتصادنا للمبادرات والاستثمار بحيث ننتج غذاءنا ودواءنا وننوع مصادر دخلنا، ونحقق استقلالنا الاقتصادي ضمن علاقات ثنائية من التعاون مع الدول الأخرى، في محيطنا الجغرافي وفي العالم أجمع، وعلى أساس المصالح المشتركة والاحترام المتبادل.
كما أكد سموه “حفظه الله” أنه وجه عدة مرات لاتباع سياسة الانفتاح الاقتصادي على الاستثمار وتنويع مصادر الدخل، ولكن في هذه المرحلة لم يعد هذا مسألة رفاهية، بل أصبح أمرا ملزما ومحتما علينا ولا مجال للتهاون فيه.. مشددا سموه على أن هذه مسؤوليتنا جميعا حكومة ورجال أعمال .
وأضاف سمو أمير البلاد في خطابه أنه وجه الحكومة للقيام بكل ما يلزم لتحقيق هذه الرؤية، بما في ذلك الانفتاح الاقتصادي المطلوب وإزالة العوائق أمام الاستثمار ومنع الاحتكار في إطار بناء الاقتصاد الوطني، والاستثمار في التنمية ولا سيما التنمية البشرية، كما وجه سموه بتخصيص عائدات الغاز من الاكتشافات الجديدة التي أنعم بها الله علينا للاستثمار من أجل الأجيال القادمة .
وتنفيذًا لتوجيهات حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى بدعم وتشجيع القطاع الخاص وزيادة مساهمته في عملية التنمية المستدامة في الدولة، أصدر معالي الشيخ عبد الله بن ناصر بن خليفة آل ثاني رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية مجموعة من القرارات المعززة للاقتصاد الوطني ومنها تخفيض القيمة الإيجارية بنسبة 50% لجميع المستثمرين في المناطق اللوجستية جنوب الدولة التابعة لشركة المناطق الاقتصادية، لعامي 2018 و2019 بحيث تنخفض قيمة الإيجار من 40 إلى 20 ريالًا للمتر المربع، وإعفاء المستثمرين في المناطق اللوجستية جنوب الدولة من القيمة الإيجارية لعامي 2018 2019 ، في حال تم استخراج رخص البناء قبل 31 يناير 2018 واستخراج رخص إتمام البناء قبل 31 يناير 2019، و تأجيل سداد القيمة الإيجارية للمصانع “المنتجة” بمنطقة الصناعات الصغيرة والمتوسطة لمدة عام واحد، وتأجيل أقساط القروض الصناعية لمدة 6 أشهر لأصحاب المشاريع الصناعية المنتجة، وإلزام الوزارات والجهات الحكومية بشراء المنتجات المحلية بنسبة 100%، إذا كان المنتج المحلي مطابقًا للمواصفات والمقاييس القطرية المعتمدة.
وتعزيزا لهذا المسار والأهداف فقد وافق مجلس الوزراء الموقر،على مشروع قانون تنظيم الاستثمار الأجنبي، الذي جاء تنفيذاً لتوجيهات حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، ويهدف مشروع القانون الجديد إلى استقطاب رؤوس الأموال الأجنبية بنسبة 100 بالمئة في جميع الأنشطة والقطاعات الاقتصادية والتجارية، مما يساعد على تدفق رؤوس الأموال الأجنبية ويدفع بعجلة التنمية الاقتصادية للبلاد.
ومن خلال استعراض شامل للخارطة الاقتصادية يمكن القول إن الاقتصاد القطري ودع عام 2017 مسجلا أعلى معدلات النمو في المنطقة وأعلى دخل للفرد في العالم وفق المؤسسات العالمية، واستهل اقتصادنا العام الجديد باستثمارات خارجية تشهد نمواً متزايداً خاصة بعد الحصار الجائر، وبموازنة تتضمن زيادة في الإنفاق وارتفاعاً في العائدات، ومن المتوقع أن تصل النفقات القطرية على المشروعات الكبرى إلى نحو 25 مليار دولار في العام الحالي، وتستهدف مشاريع في قطاعات التعليم والصحة والبناء استعداداً لاستضافة فعاليات كأس العالم لكرة القدم في 2022، كما تخطط الدولة لإرساء عقود بقيمة 29 مليار ريال على القطاع الخاص من أجل تشجيع التنويع، والتركيز على دعم مشاريع الأمن الغذائي، والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتطوير الهياكل الأساسية في المناطق الاقتصادية ومناطق التجارة الحرة.
ويلج الاقتصاد القطري العام الجديد بالإعلان عن ولادة أكبر شركة مصدرة للغاز في العالم هي شركة قطر غاز والتي جاءت نتيجة دمج شركتي قطر غاز وراس غاز، لتصبح الشركة الجديدة هي الشركة الوحيدة التي ستصدر الغاز القطري المسال للعالم، برؤية واحدة، ونظام إدارة واحد، وثقافة عمل واحدة.
ومع إطلالة العام الجديد أبدى خبراء أسواق المال تفاؤلهم بالأداء المتوقع للبورصة خلال 2018، مؤكدين قدرتها على تحقيق أعلى معدلات نمو على المدى المتوسط، وذلك نتيجة عدد من العوامل التي ستنشط سوق المال خلال العام الجديد من بينها موازنة عام 2018، وما تضمنته من أرقام ومؤشرات مبشرة تبعث على التفاؤل وتعزز الثقة بأداء الاقتصاد القطري في المرحلة المقبلة.
ومما يزيد أداء الاقتصاد الوطني في المرحلة المقبلة قوة وصلابة وعطاءً، افتتاح وتدشين ميناء حمد الذي يعتبر من أكبر وأحدث الموانئ في الشرق الأوسط، إذ تقدر طاقته الاستيعابية بنحو 7.5 مليون حاوية، وقد عقد العديد من الاتفاقيات مع خطوط النقل البحري الهامة لربط هذا الميناء بمرافئ دولية في تركيا والصين وتايوان وعُمان وباكستان وسنغافورة والكويت وأستراليا.. ويكتمل المشهد بمطار حمد الدولي الذي يعد واحداً من أكبر المطارات في العالم بطاقة استيعابية ستبلغ 50 مليون مسافر سنوياً خلال وقت قصير، كما يستقبل الاقتصاد القطري العام الجديد مع توسع رائع للخطوط الجوية القطرية التي تعد إحدى أسرع شركات الطيران نمواً في تاريخ الطيران العالمي، بأسطول يزيد على مائتي طائرة وشبكة تضم أكثر من 150 وجهة رئيسية من وجهات السياحة والأعمال في جميع أنحاء العالم.
ويدخل الاقتصاد القطري العام الجديد بخطط طموحة للنهوض بالإنتاج الزراعي، لتلبية حاجة السوق المحلي والعمل على تحقيق الاكتفاء الذاتي من المنتجات الزراعية والحيوانية من خلال برنامج قطر الوطني للأمن الغذائي والخطة الشاملة للأمن الغذائي للفترة بين 2014 و2024، علما بأن الأراضي القابلة للزراعة في قطر تبلغ نحو 65000 هكتار تنتج نحو 567981.3 طن من المنتجات الزراعية التي تغطي احتياجات السوق المحلي بنسبة كبيرة. وتدرس الجهات المسؤولة إمكانية زيادة رقعة الأراضي الزراعية في الدولة، ومن المرجح زيادة عدد المزارع خلال السنوات المقبلة إلى 2000 مزرعة تعمل على إنتاج الخضراوات والفواكه وغيرها وتوريدها للسوق المحلي.
ولدعم وتعزيز النهضة الصناعية الوطنية نظمت الدولة خلال العام الماضي معرض / صنع في قطر / للتعرف عن قرب على أبرز الصناعات المتنوعة المتواجدة في البلاد، والتطور الاقتصادي الذي شهدته الدولة خلال الفترة الأخيرة، ولفتح أسواق ومنافذ تجارية جديدة وتعزيز النمو التجاري المتبادل مع دول العالم، وتمكين المصنعين ورجال الأعمال في قطر من التعرف على تلك الأسواق وما تقدمه من فرصة لتبادل الخبرات والمعلومات والتقنيات التي يمكن أن يستفيد منها قطاع الأعمال في الدولة. وكان من نتائج تلك الجهود الأولية ظهور مصانع وصناعات جديدة في البلاد وارتفاع عدد المنشآت الصناعية القائمة والمقيدة بالسجل الصناعي لدى وزارة الطاقة والصناعة الى حوالي 730 منشأة صناعية باستثمارات تزيد على260 مليار ريال.
في الوقت نفسه يجرى العمل على قدم وساق لتنفيذ مشروعات التنمية الاقتصادية التي تساعد على تحصين اقتصادنا، ومن هذه المشروعات إنشاء مناطق للتخزين وتطوير المناطق اللوجستية وطرح عدد من مشروعات الأمن الغذائي.
كما أولت الدولة اهتماماً خاصاً بالأمن المائي إذ أنشأت محطات تحلية جديدة وخزانات عملاقة لتخزين المياه الصالحة للشرب، تعتبر هي الأكبر من نوعها على مستوى العالم وسوف يتم تدشين أول مراحلها خلال النصف الأول من هذا العام.
ويتضمن المشهد الاقتصادي القطري مشروع ترام لوسيل، وكذلك مشروع مترو الدوحة الذي يأتي في طليعة المشاريع الرامية لتوفير شبكة نقل مريحة يسهل الوصول اليها داخل الدوحة وضواحيها وجميع المواقع الرئيسية فيها. ويتواصل العمل في هذا المشروع على مدار الساعة فوق الأرض وتحتها حيث ينتظر بدء أول مراحل التشغيل في عام 2020.
تجدر الإشارة إلى أن قطر تحتل مكانة تنافسية مهمة في قطاع الطاقة بفضل مواردها الطبيعية الغنية من الغاز والبترول، حيث تعد المصدر الأول في العالم للغاز الطبيعي المسال، وهي أكبر مصدر للهيليوم ورابع أكبر منتج لليوريا في العالم. كما تملك قطر احتياطيا بقيمة 340 مليار دولار بما في ذلك أرصدة صندوقها للسيادة الوطنية.

السابق
مترو الدوحة.. رئيس الوزراء في أول قطار داخل الأنفاق
التالي
قطر للبترول: مباحثات مع كبرى شركات الصين في الطاقة