الدوحة -بزنس كلاس:
من المتوقع أن تحقق سوق إعادة التأمين في إفريقيا، التي تقدر قيمتها بمبلغ 6.8 مليار دولار أميركي، انتعاشاً ملحوظاً في عام 2018، حسبما أفادت النسخة الثانية من تقرير «نبض إعادة التأمين في إفريقيا»، الذي يصدر بدعم من مركز قطر للمال، وشركة (Africa Re)، وهي مؤسسة إفريقية لإعادة التأمين، والشركة التونسية لإعادة التأمين.
خلال عام 2017، انخفض معدل نمو إجمالي الناتج المحلي الإفريقي حيث وصل إلى 2.1 %، وهو معدل أدنى من المتوسط العالمي البالغ 2.5 %. وانخفضت أقساط التأمين بنسبة 3.2 % وصولاً إلى مبلغ 61 مليار دولار أميركي.
ولكن هذا الانكماش يرجع في الأساس إلى انخفاض قيمة بعض العملات الإفريقية الرئيسية مقابل الدولار الأميركي.
وبخصوص عام 2018، فإن مسؤولي وساطة التأمين وإعادة التأمين البارزين الذين أجرينا لقاءات معهم يتوقعون تحسن النتائج بشكل ملحوظ مع بقاء الأساسيات الضمنية للسوق دون تغيير إلى حد كبير بسبب الانخفاض الحالي.
سلسلة
ويتميز تقرير «نبض إعادة التأمين في إفريقيا» بأنه عبارة عن سلسلة أبحاث سنوية تجريها شركة «Dr. Schanz, Alms & Company». ويوفر التقرير استعراضاً موثقاً للحالة الراهنة والآقاق المستقبلية لأسواق إعادة التأمين في قارة إفريقيا. وتعتمد الدراسة على إجراء مقابلات مكثفة مع 20 من مسؤولي إعادة التأمين ووسطاء التأمين العاملين في المنطقة. ويمكن الحصول على نسخة من التقرير من الرابط التالي: pulse.schanz-alms.com
وحول فرص سوق التأمين في إفريقيا، قال الدكتور هيثم السلامة، كبير المستشارين الاقتصاديين في هيئة مركز قطر للمال: «تقدم سوق التأمين الإفريقية العديد من الفرص نتيجة لقوة إمكانيات النمو الاقتصادي فيها مع اتساع حجم الطبقة الوسطى والاستثمارات في البنى التحتية. وهناك تشابه كبير بين ديناميكية السوق الإفريقية وتلك التي شهدناها في منطقة الشرق الأوسط؛ حيث تقود المنطقتين مقوماتٌ أساسية مثل النمو السكاني، وتغير العادات الاستهلاكية، والتكنولوجيا الحديثة، وضرورة التنويع الاقتصادي بعيداً عن الاعتماد على عدد معين من السلع المهيمنة. وبناءً على ذلك، تبرز أهمية كبيرة لفهم الحالة الإفريقية من قِبل صناع القرار والشركات التي تبحث عن فرص في تلك المنطقة». وعلى النقيض من انخفاض سعر صرف العملات الإفريقية مقابل الدولار الأميركي، واصلت معظم أسواق التأمين الإفريقية مسيرة نموها في عام 2016. ومع المضي قدماً في المستقبل، فإن من المتوقع أن تستفيد هذه الأسواق من انخفاض الإقبال على خدمات التأمين، وانتعاش أسعار السلع، وحاجة القارة السمراء لإعادة التأمين. ولا بد من الإشارة إلى أن سكان قارة إفريقيا الشبان الذين تنمو أعدادهم بوتيرة متسارعة، والطبقة الوسطى الآخذة في الاتساع، والابتكارات التكنولوجية المتنامية التي تغير من عادات المستهلكين، كل ذلك يحفز الطلب على خدمات التأمين، ويخلق فرصاً لتقديم منتجات تأمينية، بالإضافة إلى أماكن جديدة للتوزيع.
ولكن قارة إفريقيا لا تزال تعتمد على عوامل خارجية لا ترتبط بمجال تأثيرها الخاص، حسبما ذكر مسؤولو إعادة التأمين ووسطاء التأمين؛ فبالرغم من انكماش أسواق التأمين تستمر الإمكانيات الزائدة في التدفق إلى الداخل، وهو ما يزيد من حدة المنافسة، ويؤدي إلى فرض سياسة الحماية الاقتصادية نتيجة لذلك. ويرى بعض المسؤولين المشاركين في الحوارات أن هذا الأمر يمثل تهديداً للأسواق لأنه يحدّ من قدرتها على الاستفادة من الخبرات الأجنبية ويقلل من إمكانات تنويع المخاطر، وبالتالي يزيد من احتمالات تعرض الاقتصاد المحلي «نحت الحماية» للمخاطر.
معدلات
وتتسم معدلات أقساط التأمين الحالية بانخفاضها مقارنة بالمتوسط المسجل على مدار السنوات الثلاث الماضية، ولكن الأسعار تبدو مستقرة بسبب الخسائر الكبيرة، وارتفاع المطالبات وطرح لائحة تنظيم عمل رؤوس الأموال التي تتعرض للمخاطر. ومع ذلك، لا يزال معدل الربحية الحالية منخفضاً أيضاً. ولكن وفقاً لمسؤولي إعادة التأمين والوسطاء الذين شاركوا في الحوارات، ربما نكون قد اقتربنا من التوصل إلى حل لهذه المشكلة. فمن المتوقع تحسن عائدات التأمين بفعل الزيادة في معدلات التأمين على الحياة، وانخفاض التكاليف، وتشديد ضوابط الاكتتاب، والانتعاش المطرد لاقتصادات الدول الإفريقية. ومن المتوقع استمرار تدفق الامكانيات الإضافية إلى إفريقيا، بالرغم من تباطؤ سرعتها. ونظراً لأن قارة إفريقيا ستظل تمثل سوقاً للنمو، فإن شركات إعادة التأمين تُقبل على خفض نفقاتها بدلاً من تقليل قدراتها. وبسبب انخفاض مخاطر التعرض للكوارث الطبيعية والمخاطر غير المرتبطة إلى حد كبير، لا تزال قارة إفريقيا تمثل «ساحة للتنوع»، وسوف تستمر في استقطاب القدرات والإمكانيات العالمية.;