يتجه الاستثمار العقاري في قطر بالفترة الأخيرة نحو اتجاه مربح في هذا المجال وذلك في الاستثمار ليس بالمباني الضخمة وناطحات السحاب بل في الأبنية الفخمة المخصصة للأثرياء والميسورين، حيث رصد خبراء ومثمنون عقاريون تركيزا كبيرا لشركات التطوير العقاري على مشاريع الاسكان الفاخرة مقارنة بمشاريع الاسكان لذوي الدخل المتوسط والمحدود، مشيرين إلى تنامي مشاريع الاسكان الفاخرة في مختلف بلديات الدولة مع تركيز كبير على الدوحه واللؤلؤة ولوسيل الأمر الذي أنتج أزمة عنوانها عدم تنوع المنتجات العقارية السكنية من جهة، وسط غياب واضح لعقارات ذوي الدخل المتوسط والمحدود من جهة أخرى.
وقال المراقبون إن العقارات السكنية الفاخرة تستحوذ على حصة تبلغ 60% من إجمالي العقارات السكنية والتجارية الادارية ايضاً في السوق المحلي، وعزوا ذلك إلى متوسط العائد السنوى الذي يتأرجح بين 7% و8% على أساس سنوي كما ان مشاريع الاسكان الفاخر تستأثر بنحو 80% إلى 90% من إجمالي حركة ونشاط التداول العقاري والبيع والشراء مقابل 10% للبيع والشراء للاسكان المتوسط والمحدود، لافتين إلى أن مشاريع التطوير العقاري الفاخر باتت تستقطب شرائح واسعة من ذوي الدخل المرتفع وفوق المتوسط، ولذا اتسع نطاق التداول والطلب عليها، مشيرين إلى أن العائد المرتفع عليها والذي يبلغ 7% للفلل السكنية و8% للشقق السكنية شجع الشركات والمطورين القعاريين للتركيز عليها خصوصاً أن المطورين العقاريين لا يواجهون ايه صعوبات مع البنوك في الحصول على خطوط تمويلية وائتمانية لمشاريع الاسكان الفاخر في ظل جهة الضمانات الكبرى التي تقدمها شركات التطوير العقاري وتوافر السيولة لديها مقابل الشركات الصغرى التي قد تواجة صعوبة ما في سبيل الحصول على القروض.
وفي التفاصيل قال الخبير العقاري، مانع المانع، إن سوق الإسكان الفاخر، سواء مساكن أو مكاتب إدارية فاخرة قوي للغاية في دولة قطر، مؤكداً أن السبب وراء ذلك يرجع للطلب المتزايد من المواطنين والمستثمرين عليه، مبيناً ان احد العوامل وراء التركيز على مشاريع العقارات الفاخرة يعود إلى عدم امتلاك بعض الشركات والمطورين العقاريين افكارا جديدة للتطوير العقاري، كما ان مشاريع التطوير العقاري الفاخر تتركز معظمها في المناطق السياحية بل إن نحو 90% منها تتركز في الدوحه ولوسيل واللؤلؤة.
واشار المانع إلى ان مشاريع الاسكان الفاخرة تستحوذ على ما بين 80% و90% من حركة الشراء والبيع والتداول تتركز 90% منها في المناطق الجديدة في اللؤلؤة ولوسيل وغيرهما، في وقت تتركز حركة التداول في المشاريع السكنية غير الفاخرة في وسط الدوحة وبعض البلديات وتسحوذ على 10% من حركة التداول والبيع والشراء.
ولفت المانع إلى أن تطور السوق العقاري يعكس التغييرات الهيكلية الجديدة في اقتصاد دولة قطر حيث برزت بقوة قطاعات اقتصادية مثل السياحة والفنادق والطيران والخدمات والإعلام والبنوك والنقل والطاقة المتجددة وغيرها وقد استقطبت هذه القطاعات الجديدة موظفين من المواطنين والمقيمين على درجة عالية من الكفاءة والموهبة برواتب مرتفعة ومزايا متعددة، وتتطلب شريحة هؤلاء الموظفين مستويات إسكانية متميزة.
واوضح، أن معظم هذه الشرائح تمتلك المقدرة في شراء وتأجير العقارات السكنية الفاخرة في مناطق جيدة بسبب ارتفاع قيمة دخولهم السنوية ومع توالي الشهور ظهرت تجمعات سكنية كبيرة من هؤلاء الموظفين مثلما يحدث حالياً في جزيرة اللؤلؤة ولوسيل والمجمعات السكنية الأخرى التي تضم آلاف الأجانب من جنسيات متعددة ومع نمو أعداد هؤلاء الموظفين بدأ القطاع العقاري في قطر يغير بوصلته ويتجه للسكن الفاخر بسبب تزايد الطلب عليه.
عائد مجزٍ
من جانبه قال الخبير العقاري علي آل اسحاق، إن الاسكان الفاخر بات جاذباً للشركات من حيث الطلب عليه والعائد عليه، مشيراً إلى ان مشاريع الاسكان الفاخرة تسيطر على 60% من إجمالي انشطة التطوير العقاري مقابل 40% لمشاريع الاسكان العادية لذوي الدخل المحدود والمتوسط.
وارجع تزايد الطلب على الاسكان الفاخر للخدمات العالية التي يحتوي عليها، مشيراً إلى ان ارتفاع أسعار الارض والبناء كما ان السكن الفاخر يدر عائدا مجزيا مقارنة بالسكن الغير فاخر، حيث تصل نسبة العائد على الفلل السكنية إلى 7% وحوالي 8% للشقق السكنية، كما ان الشركات العقارية يمكن ان تسترد تكاليفها في غضون 10 إلى 15 سنة، في الاسكان الفاخر بينما قد تمتد تلك الفترة الزمنية لفترة اطول في مشاريع الاسكان الغير فاخرة.
وأكد أن الشركات العقارية الكبرى لا تواجة صعوبات في الحصول على التمويل من قبل البنوك ومؤسسات التمويل، لجهة أن لديها ضمانات كافية كما تتوافر لديها سيولة كبيرة كما ان البنوك ليس لديها أي تحفظ تجاه المؤسسات التي تقدم ضمانات كافية نظير حصولها على التمويل، بينما يختلف الوضع للشركات الصغرى التي قد تواجة صعوبات تمويلية، مبيناً أن الوضع ربما يؤدي إلى حدوث فجوة سعرية بين مشاريع الاسكان الفاخرة وغير الفاخرة.
واوضح آل اسحاق، أن الاستثمار العقاري تحكمه آليات العرض والطلب ومع تزايد الاقبال على الاسكان الفاخر ارتفع معه معدل الطلب على تلك النوعية رغم حاجة البلد إلى الاستثمار العقاري منخفض التكاليف المتوسط الا انه يقابل تحديات من قبل فئة المستهلكين ذوي الدخل المحدود والمتوسط في عدم قدرتهم على توفير التمويل الملائم للشراء. وشدد على ضرورة أن تلبي الشركات وتغطي كافة إحتياجيات السوق العقاري المناسب لجميع الفئات.. مشيراً إلى اختلاف متطلبات السوق العقاري من منطقة لأخرى ومن بلد لآخر ويجب دراسة السوق قبل الأقدام على تحديد نوعية البناء علما بأن الطلب على السكن الفاخر متزايد في معظم البلدان العربية لوجود فئة قادرة على تحمل التكاليف.
ومع ذلك فإن حجم المشاريع الفاخرة في قطر مثلا يحظى بحصة الأسد في السوق المحلي مع العلم أن المشاريع المخصصة لأصحاب الدخل المتوسط لا تعني بالضرورة ربحية أقل فيجب التركيز عليها وخاصة في الوقت الحالي والأستفادة من كثرت الطلب عليها.
تنوع الخدمات
من جانبة يقول الخبير العقاري عدنان ابراهيم، إن الطلب يتزايد على مشاريع الإسكان الفاخر في قطر، فلا تكاد تمر فترة زمنية قليلة بعد الإعلان عن مشروع سكني فاخر جديد إلا ويتم الاعلان عن مشروع جديد آخر وهكذا في تنافس عالٍ بين الشركات لاستقطاب المستأجرين.
ويبدو أن السوق العقاري في قطر متعطش لمشاريع السكن الفاخر، كما هو متعطش لمشاريع السكن المتوسط، حيث أدت التغييرات الهيكلية التي أحدثتها رؤية قطر الوطنية 2030 واستراتيجية قطر الثانية 2017- 2022 ومشروعات التنمية الضخمة التي تجري بالبلد إلى اعطاء أولوية واهتمام كبير للقطاعات الاقتصادية غير النفطية وإلى استقطاب نوعيات جديدة من العمالة والمستثمرين غيرت من نوعية الطلب في القطاع العقاري، ولم يعد الطلب قاصراً على وحدات سكنية تجارية لإسكان العمالة، بل على سكن فاخر للاستثمار والإقامة الدائمة.
وتمتاز مشاريع الإسكان الفاخر بمواقع مميزة تقع غالبيتها على شواطئ اللؤلؤة ولوسيل والخليج الغربي وغيرها، الأمر الذي يجعل الإقامة في هذه المساكن في حد ذاتها متعة لا تضاهى، خاصة مع توفر البنية التحتية القوية ووسائل الراحة والتوفير، إضافة إلى توفير حلول مالية مرنة وسهلة لشراء هذه المساكن.
ويؤكد ابراهيم، أن الشركات لديها خطط استراتيجية لتلبية احتياجات السوق العقاري سواء من السكن الفاخر أو المتوسط، مشيراً إلى أن زيادة مشاريع الإسكان الفاخر لدى مشاريع الشركات يعزي لعاملين أولهما أن هناك طلباً حقيقياً ومتزايداً في السوق على هذا النوع من السكن، وثانيهما أنه يتوفر للشركة أراضي في مناطق متميزة وخلابة مثل جزيرة اللؤلؤة وغيرها، وبلا شك فإن المشاريع التي تطرحها الشركات تحظى بنسبة حجوزات وطلب معقول.
واوضح أن هذه المشاريع تشهد إقبالاً كبيراً، مؤكداً أن الطلب الكبير من المُلاك الراغبين في السكن ضمن مشاريع الاسكان الفاخر يدفع الشركات لطرح مشاريع جديدة، وهو ما تحقق فعلىاً بطرح مشروعات في اللؤلؤة ولوسيل والوكرة وغيرها من المناطق، ونلاحظ طلباً قوياً من الراغبين في تملك الوحدات السكنية في مشاريع الاسكان الفاخر كما ان هناك إقبالاً كبيراً من المستثمرين الذين يدركون الإمكانات التي توفرها مشاريع الشركات من حيث العائدات ومكاسب رأس المال.
ويرى ابراهيم أن الشركات اكتسبت خبرة واسعة بقطاع الإسكان الفاخر، خاصة أن المساكن الفاخرة تميزت بالجودة العالية ولاقت إقبالا كبيرا من المواطنين والمستثمرين الأجانب، متوقعاً ان يحدث توازن تلقائي للسوق لجهة ان بعض مشاريع الشركات لا تقتصر على الإسكان الفاخر، بل تطرح بعضها مشروعات للإسكان المتوسط ولذوي الدخل المحدود من العمال والموظفين وغيرهم، وهي كذلك تحظى بنسبة حجوزات كبيرة.
ويوضح أن تركيز الشركات خلال الفترة الماضية على مشاريع الإسكان الفاخر يرجع لكون هذا السكن يطلبه الكثير من المواطنين والمستثمرين، خاصة في الأماكن المتميزة، إضافة إلى أن روعة تصاميم هذا السكن وسهولة تمويله ومعقولية أسعاره تعد أسباباً أخرى قوية، وبلا شك فإن قطر توفر للمستثمرين حاليا كافة مقومات الأمن والطمأنينة على ممتلكاتهم.
وتتميز مشاريع الإسكان الفاخر في قطر بسرعة الإنجاز من قبل كافة المطورين العقاريين، ويتم إنجاز البنية التحتية لهذه المشاريع بكفاءة عالية وفي وقت قياسي رغم ضخامة المساحة المخصصة لها، كما تضم مرافق خدمية متطورة أبرزها مواقف للسيارات وصالات للألعاب الرياضية وحمامات سباحة وصالات رياضية وأنظمة أمان وسلامة على درجة عالية من الكفاءة، وبنية تحتية وحدائق وشوارع فسيحة، كما تتميز هذه المساكن بتنوع مساحات وحداتها وفللها