عناقيد صناعية تثمر سلال عنب ولا مكان للحصرم ولا للذئب
تفعيل آليات المنافسة العادلة وتكسير حواجز العقبات أمام المستثمرين مهمة اللحظة
(24) مليار ريال بالاستثمار “الصغير والمتوسط” تدخل في حسابات السوق
بزنس كلاس – ميادة أبو خالد
عندما أفردت وزارة الإقتصاد والتجارة نحو عشرة ملايين متر مربع – قابلة للتوسعة – كمنطقة صناعات صغيرة ومتوسطة ، لم يك الهدف مجرد توطين حاضنة عناقيد صناعية وإنتاجية، بقدر ما كانت تجسيداً لانعطافة استراتيجية، يبدو أن التنبه إليها أتى مبكراً بهدف إرساء اقتصاد شمولي تنافسي مبني على المعرفة في إطار رؤية شاملة، وخطط طموحة، فيما يتصل بتنويع مصادر الدخل الوطني ، والانتقال تدريجيا وبخطى مدروسة من اقتصاد قائم على النفط إلى اقتصاد متنوع، ومستدام، تلعب فيه الصناعات الصغيرة والمتوسطة دورا محوريا لتحقيق الأهداف الاستراتيجية التنموية للدولة.
روافد تطوير متعددة
وبوجود نحو 707 منشأة ومصنع يمكن الحديث عن حجم استثمارات وصلت إلى (260.5) مليار ريال قطري، وبضمانة تشغيل (88.6) ألف عامل وفني. إلا أن المبادرات التي أطلقتها وزارة الاقتصاد والتجارة خلال السنوات الأخيرة، شكلت رافداً مهماً في مسيرة تطوير وتوطين قطاع الصناعات الصغيرة والمتوسطة. ولهذا يرتفع منسوب التفاؤل عند جل من يتقصى ويتابع الدروب التي تقبل عليها اقتصاديات قطر ، وهذا ما أتى عليه آخر ما حرر على صعيد الخروج “بقيافة” منمقة ومتطورة لا بل ومجدية لقطاع يعول عليه أنه النفط القادم لقطر ، حيث تقول المعلومات الواردة من أروقة صناعة القرار في الأجهزة الحكومية المعنية أن ثمة دراسات تنجز للعديد من القطاعات الاقتصادية وتقييم درجة المنافسة فيها، وخلصت إلى رفع مقترحات بشأنها إلى الجهات المختصة، وتعلقت بتفعيل آليات المنافسة العادلة، وتشجيع المستثمرين، وتسهيل إجراءات مزاولة النشاط، وإزالة الحواجز أمام النفاذ إلى الأسواق، وكسر الاحتكار.
يأتي ذلك في وقت تشتغل فيه مكنة العمل على مستوى غرفة تجارة وصناعة قطر التي يفيد رئيسها الشيخ خليفة بن جاسم آل ثاني بأن التوجه الحالي يركز على تشجيع رجال الأعمال لتوطين المزيد من الصناعات خصوصا في قطاع الإنتاج الغذائي والدوائي، ولهذا الغرض يتم منح رجال الأعمال مزايا وحوافز جديدة وتسهيلات تعينهم على البدء بمشروعاتهم، وفقا للمبادرة التي أطلقتها اللجنة التنسيقية لإدارة نظام النافذة الواحدة لتسهيل الاستثمار الصناعي في قطر تحت شعار /امتلك مصنعا خلال 72 ساعة/ والتي تضمنت كذلك طرح فرص صناعية في مختلف القطاعات”. كما تسعى لتوقيع مزيد من اتفاقيات التعاون الثنائي مع مختلف الغرف التجارية لتسهيل الاستثمار وتعزيز التبادل التجاري واستمرار تدفق السلع المختلفة إلى السوق القطري.
كسر قيود العقبات
وفي سياق التشاركية والتكامل في الأدوار يخرج العارفون ببواطن الأمور على مستوى كواليس إدارة الملف بين الجهات الحكومية والأهلية للجزم بأن هناك تنسيقاً كاملاً بين الغرفة والجهات الحكومية لإزالة أي عقبات تظهر أمام المستثمرين بهدف تسهيل الاستثمار في قطر بما يسهم في إنشاء صناعات جديدة في قطر تغذي السوق القطري بمختلف المنتجات ولاسيما في الظروف السياسية والاقتصادية الحالية و لا مانع هنا من تصدير الفائض إلى الخارج.
وتأكيداً على صوابية التوجه توضح البيانات التي حصلنا عليها بأن الاهتمام بالقطاع الإنتاجي غير النفطي بات يحتل مرتبة أساسية في إطار تطوير وتوطين القطاع الصناعي ..إذا ما أخدنا بعين الاعتبار أن الصادرات غير النفطية للشركات القطرية حققت خلال النصف الأول من العام الجاري 2017 نحو 8.6 مليار ريال، من خلال إصدار نحو 29941 شهادة منشأ لصادرات متجهة إلى نحو 66 دولة حول العالم”.
بيانات محايدة
وتشير بيانات غرفة الصناعة والتجارة إلى أنه خلال شهر يونيو بلغ إجمالي قيمة الصادرات القطرية غير النفطية ما قيمته (793.3) مليون ريال، حيث توجهت هذه الصادرات إلى (56) دولة، منها (14) دولة عربية و(11) دولة أوروبية بما فيها تركيا و(13) دولة آسيوية و(14) دولة أفريقية ودولتين من أمريكا الشمالية ودولة واحدة من أمريكا الجنوبية ، بالإضافة إلى استراليا. في حين تصدرت سلطنة عمان قائمة الدول المستقبلة للصادرات القطرية غير النفطية خلال شهر يونيو2017 بإجمالي صادرات بلغت قيمتها حوالي (297.26) مليون ريال وهو ما يمثل حوالي (37.45 %) من إجمالي الصادرات القطرية غير النفطية خلال هذا الشهر.
وتشير البيانات إلى أن نسبة إنتاج الصناعات المحلية تتراوح ما بين 30 إلى 35 بالمائة من المنتجات التي تستوردها الدولة، في حين وصل عدد المنشآت الصناعية إلى 723 منشأة العام الحالي، بفضل الدعم التكاملي من مختلف الجهات المعنية.
ولمزيد من الاستيضاح يمكن تفنيد تجربة بنك قطر للتنمية الذي يمتلك تجربة متميزة عبر برنامج /تصدير/ الذي يعمل مع المصنعين القطريين. واستطاع البرنامج خلال سنوات عمله منذ عام 2011 أن يصل بنسبة الصادرات القطرية غير النفطية إلى 14 في المائة من مجمل الصادرات،علما بأن نسبة التصدير قبل البرنامج لم تكن تتجاوز 6 بالمائة.وفيما استطاعت 250 شركة صغيرة ومتوسطة الوصول لعدد كبير من الأسواق، ووضع قدم راسخة فيها، يسعى بنك قطر للتنمية إلى زيادة مساهمة هذا القطاع، وإدخال صناعات جديدة مبنية على المعرفة.
حسب التخصصات
ومع ذلك لا يمكن استهداف القطاع برمته مالم يتم التعريج على الاستراتيجية الصناعية التي تهدف لتسريع معدل نمو الصناعات الصغيرة والمتوسطة التي تمتلك قدرة أكبر على زيادة مساهمة القطاع الصناعي في الناتج الإجمالي المحلي. حيث تقوم وزارة الطاقة والصناعة بموجب اختصاصاتها، بتهيئة قطاع الصناعة التحويلية لتحقيق الاكتفاء الذاتي ولتنويع مصادر الدخل، وجعل هذا القطاع رافداً أساسياً من روافد الدخل القومي. بالتزامن مع حرص وزارة الاقتصاد والتجارة على سن التشريعات القانونية التي ساهمت في تطوير بيئة الأعمال بدولة قطر بصورة عامة، ومن بينها إصدار قانون الشركات التجارية الجديد، الذي ساهم في تسهيل إجراءات تأسيس الشركات الصغيرة والمتوسطة، من خلال إلغاء المتطلبات المتعلقة بالحد الأدنى لرأس المال لتأسيس الشركات ذات المسؤولية المحدودة، التي تشكل نسبة كبيرة من الشركات التي يتم تأسيسها من قبل صغار المستثمرين ورواد الأعمال. وبادرت الوزارة ، أيضا بإطلاق خدمة /النافذة الواحدة لخدمات المستثمر/ التي تهدف إلى تبسيط وتسريع إجراءات جميع معاملات بدء النشاط التجاري وممارسة الأعمال أمام المستثمرين ورجال الأعمال وتحفيز القطاع الخاص وتذليل العقبات التي تواجههم.
وفي إطار السعي إلى تحسين وتطوير بيئة الأعمال في الدولة، تم إطلاق مبادرة تتمثل في تحديد وتسهيل إجراءات وشروط الرخص الإنشائية لمراكز الأعمال بالتعاون مع وزارة البلدية والبيئة ، وبمزايا تدعم رجال الأعمال وأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة والمبتدئة. كما تم وضع الإطار القانوني والمؤسسي للشراكة بين القطاعين العام والخاص، من خلال إنشاء اللجنة الفنية لتحفيز ومشاركة القطاع الخاص في مشروعات التنمية الاقتصادية بوزارة الاقتصاد والتجارة، والتي تضم ممثلين عن عشر جهات بالدولة.
ويتوقع أن تحفز هذه المشاريع القطاع الخاص لضخ استثمارات تقدر بمليارين و800 مليون ريال قطري في هذا المجال.وفي السياق ذاته، يجري العمل على (4) مناطق لوجستية، لسد النقص في المساحات التخزينية عبر توفير (8) ملايين متر مربع لتغطية حاجة الشركات الصغيرة والمتوسطة وتأمين خدمات لوجستية ، ويتوقع أن تجلب هذه المشاريع استثمارات من القطاع الخاص تقدر بأكثر من (24) مليار ريال قطري.