قطر- تركيا.. الاتجاه نحو التكامل الاقتصادي

الدوحة – بزنس كلاس:

زادت العلاقات الاقتصادية التركية القطرية صلابة وقوة وتوسعًا مع بداية الأزمة الخليجية وأضحت هذه العلاقة خيارًا استراتيجيًّا لكلا البلدين في ظل منطقة متوترة يخيم عليها شبح النزاعات الجيوسياسية.

لا يزال أمام البلدين الكثير من العمل الدؤوب المشترك لتطوير آفاق الشراكة الاستراتيجية لتشمل قطاعات جديدة حيوية كالتعليم والصحة والتصنيع وغيرها من المجالات ذات النفع المشترك.

ومن المتوقع أن تشهد السنوات القادمة مزيدًا من العمل باتجاه هذا التكامل الذي ربما يتوسع ليشمل دولًا أخرى في المنطقة ويهيئ الظروف لخلق قطب اقتصادي جديد خاصة بعد الاتفاقية الخاصة بتسهيل عبور البضائع التي وُقِّعت بين تركيا وقطر وإيران، إضافة إلى الاهتمام المتزايد الذي تبديه كل من الكويت وتركيا لتعزيز التعاون الاقتصادي والعسكري بينهما.

ومما يسرِّع الخطوات في اتجاه خلق هذا القطب الاقتصادي الجديد حالة الانزواء التي اختارتها دول الحصار، وهو خيار غير استراتيجي يفتح المنطقة على انقسام ستكون في غنى عنه، وسيتسبب في وأد تجربة التكامل الاقتصادي لدول التعاون الخليجي، والذي قطعت فيه هذه الدول خطوات مهمة، كما ستعاني اقتصادات هذه البلدان من الآثار السلبية لهذا الانقسام وستكون النتيجة هي أن تأثير الواقع الجغرافي لهذه المنطقة في فرض التكامل الاقتصادي أقوى وأكبر وأشد تأثيرًا من الصراعات الجيوسياسية العابرة.

لا شك في أن الأمن والاستقرار يخدم المنطقة أكثر من التوتر والنزاع؛ فتجارب الدول الأخرى في الحفاظ على وضعها الإقليمي مستقرًّا ومتماسكًا انعكس بشكل إيجابي على اقتصادات هذه الدول ونمائها وتطورها؛ لذلك تحرص هذه الدول على تصميم سياساتها بطريقة تجعل الأولوية في علاقاتها لدول الجوار والمحيط الإقليمي وذلك لأهميته في استمرار التنمية والازدهار والحفاظ على بيئة مستقرة لجذب الاستثمار، وقد نجحت دول جنوب شرق آسيا وغيرها من التكتلات الاقتصادية الإقليمية في هذا المسعى مبرزة أهمية التكتل والتكامل الإقليمي وقوته في مواجهة التحديات الخارجية.

بغضِّ النظر عن مآلات الأزمة الخليجية وفرص حلها، فإن العلاقات الاقتصادية التركية شهدت نموًّا متسارعًا منذ بداية هذه الأزمة، وسجَّل التبادل التجاري بين البلدين رقمًا قياسيًّا مقارنة بالسنوات الماضية؛ فقد ذكر تقرير لوكالة الاستثمار التركية ارتفاع الصادرات التركية بنسبة 90% منذ الأشهر الأولى للأزمة، وقد أسهم في هذا النمو قوة العلاقات السياسية والاستراتيجية بين البلدين وتوجهاتهما المشتركة نحو مجمل القضايا الإقليمية والدولية. ستتعزز هذه العلاقة في ضوء تشكل واقع إقليمي جديد تلوح بوادره في الأفق وهو واقع سيفرز، لا محالة، أقطابًا جديدة في المنطقة على حساب التكتلات القديمة، هذا إذا لم تستيقظ دول الحصار وتعي خطورة وحجم الشرخ الذي أحدثه ومحاولة رأبه عسى أن تعود مياه العلاقات الودية بين دوله إلى مجاريها.

السابق
التصميم الإيطالي والتميز الألماني يجتمعان في كاميرا “The Leica M10 Edition Zagato”
التالي
القطرية تطلق مسابقة.. اربح سفر وإقامة في ميكونوس