الدوحة – قنا:
شهدت الدوحة اليومين الماضيين، أضخم تظاهرة شعبية على مستوى البلاد، تعبيراً عن عميق المحبة التي تجمع الشعب القطري بأشقائه في دولة الكويت وسلطنة عمان، وذلك بتدشين جداريتين هما الأكبر من نوعهما، تحملان صورة صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الصباح أمير دولة الكويت، وجلالة السلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان، وبحضور خليجي مهيب داخل المجمع التجاري «قطر مول»، مما فرض واقعاً، مفاده: أن العلاقات الشعبية متماسكة في وجه الاختبارات الصعبة.
رغم أن الدوحة عرفت فن الجداريات منذ بداية الأزمة الخليجية، إلا أن هذه الفعالية كانت جديدة من حيث الشكل والمضمون، فمن ناحيةٍ، هي فكرةٌ غير مسبوقة، ومن الناحية الأخرى تعتبر الجداريتان هما الأضخم، إذا ما تحدثنا عن حجمهما، مقارنة بما تم تصنيعه منذ بداية الأزمة، حيث بلغ ارتفاع الواحدة 12 متراً، وبعرض 10 أمتار، وزاد وزن الجدارية الواحدة عن 600 كيلوجرام، وهي الأكبر من نوعها ، و تتألف من 120 قطعة.
وفد رسمي لتسليم الجداريتين
وسوف تسافر جدارية صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد إلى الكويت؛ لتتحول إلى مزار في دار الآوبرا الكويتي، وتحمل توقيع الشعب القطري ورسائله.
أما فيما يخص جدارية السلطان قابوس، فمن المتوقع أن تسافر إلى مسقط؛ لتتخذ مكانها داخل البلاط السلطاني. وتنتقل الجداريتان ومعهما معاني أثقل وزناً وأعمق حباً، يحملها وفد ممثل للشعب القطري، يتكون من 10 أشخاص، يحملون رسالة شعبية إلى القيادات في كلتا الدولتين.
قد ألغت هذه الخطوة مفهوم التفكك الخليجي، الذي كان قد قبض على الفكر الجمعي لسكان المنطقة، وأظهرت التفاعلات الإنسانية خلال اليوميين الماضيين ما يمكن وصفه بأنه علاقة أخوية عابرة للخنادق السياسية.
وبالعودة إلى الفعالية فهي مبادرة شعبية صافية، تمثل الشعب القطري ونابعة منه. وقد تَمَّ تصنيع الجداريتين في إيطاليا بأحدث التقنيات الموجودة، وقد كان عرضهما خلال اليوميين الماضيين في المجمع التجاري «قطر مول».
100 متطوع في التنظيم
وتولى مهمة تنظيم الفعالية مركز قطر التطوعي، والذي كان مسؤولاً عن التعامل مع الأعداد الكبيرة المتوافدة للمشاركة في الحدث الأكثر زخماً، وفي هذا السياق قال هلال المعمري، رئيس فريق المتطوعين بقطر التطوعي: «إن الشعب القطري كله إيمانٌ بأن العلاقات الشعبية لا تنفرط أبداً، بل تعززها المواقف والأيام، وحبنا العميق للشعبين الكويتي والعماني لا يمكن تركه مطروحاً هكذا، للحديث النظري، فجاءت الفعالية؛ لتبرهن عملياً على المشاعر المكنونة للأشقاء».
وأفاد المعمري، أن فريق المتطوعين تألف من 35 فرداً، وكان في قوائم المبادرين ما يزيد عن 100 متطوع، جميعهم تقدموا حباً في القيادات العمانية والكويتية.
من جانبه أشار جاسم الحمادي، المنسق العام للفعالية، إلى أن الحضور الكبير لهذه الفعاليات يعيد الفضل إلى الأخلاق والموقف الثابت والعقلانية وعدم التبدل والانجرار للمصالح الفردية، وهذا ما أثبتته عمان والكويت، ومن هذا المنطلق أراد القائمون على هذه التظاهرة الشعبية أن يقدموا عملاً، يظل خارج سطوة النسيان. وأضاف: «إن الروابط الشعبية هي الأمل الأقوى في تماسك الكيان الخليجي، فالضغينة والفرقة سم زعاف ينخر فيما تبقى من الجسد العربي، آخر أضلاعه المتماسكة هي منطقة الخليج، وهذا ما وضعناه هدفاً عريضاً نعمل لتحقيقه».
وقالت نوف الهيدوس، راسمة الجداريتين: «إن الرسم هو أنبل وأرقى أداة للتعبير الإنساني، فالكلام عادة ما يفسد رهافة المعاني، ولكن الرسم يوفر المساحات الشاسعة لخيال الإنسان ومشاعره؛ كي تنطلق بلا حدود..وهكذا حبنا للأشقاء أيضاً، فهو بلاحدود».
فرحة الأشقاء
لم تسع الفرحة وجه المواطن الكويتي عبدالعزيز النصافي، عندما تفاجئ بالاحتفالية الراقية، والمشاعر الأخوية التي تجمع قطر بالكويت، وقال: «الواجب علينا كشعب كويتي وخليجي وعربي أن نساند بعضنا، وننبذ الفرقة والشتات». معرباً عن إعجابه الشديد بما أحسه من ألفة وتلاحم قطري كويتي عماني.
ومن جانبه قال المواطن الكويتي محمد خالد: «إن هذا السلوك ليس بجديد على أهل قطر، فما نعرفه أن الحب القطري لنا في تنامٍ مستمر، فالشعب القطري يُصَدِّر لنا ما طاب من الأخلاق».
وقال المواطن العماني مالك عبدالله الفارسي: «إن قطر لها مواقف مشرفة عديدة، كما لها جهود عملاقة على الصعيد الإنساني والسياسي؛ لتوسيع نطاقات الاستقرار بالمنطقة، وهذا ما يشهد عليه التاريخ، ولن ندع قطر في أزمتها وحيدة، ولو كلفنا الأمر أغلى ما نملك».
وأضاف مالك: «إن الضمير الجمعي لنا كشعوب خليجية لا يقبل أن يرى الظلم يتناسل على الدوحة ويقف صامتاً، فهذا لا تقبله عاداتنا ولا أعرافنا الخليجية».
وأعرب المواطن العماني ناصر الفارسي، عن تقديره الكبير لجهود قطر، التي تبذلها في الحفاظ على وحدة الخليج وترابطه.
بقي أن نقول: «إن هذا التناغم في الرؤى والتطلعات رسم لوحة أكثر من رائعة، تطمئن الشارع الخليجي على مستقبل علاقاته الأخوية».