افتتح الشيخ محمد راشد آل ثاني وهو أحد أفراد العائلة الحاكمة في قطر، أول معهد للفن الإسلامي والعربي في مدينة نيويورك، بهدف تغيير الصورة السلبية المرسومة عن المسلمين في أميركا.
وقالت صحيفة الغارديان، الخميس 4 مايو/أيار 2017، إن الشيخ محمد “لاحظ شيئاً مفقوداً في المؤسسات الثقافية الموجودة في نيويورك – فهناك المعهد السويسري، وجمعية آسيا، والمتحف اليهودي، لكن لم يكن هناك أية مؤسسةٍ تمثِّل الفنانين العرب المسلمين حتى الآن”.
وتبلغ مساحة المعهد 2500 قدم مربع، ويهدف إلى استضافة معارض لفنانين عرب ومسلمين، وتعزيز الحوار بين الأديان عبر فتح نقاشاتٍ عامة، فضلاً عن إنشاء متجرٍ جديد للكتب.
مواجهة الصورة النمطية
وبحسب الشيخ محمد وهو المدير المؤسس لهذا المعهد، فإنَّه يريد تصحيح بعض الصور النمطية المأخوذة عن المسلمين. وأضاف في هذا السياق وفقاً لما نقلته “الغارديان”: “إذا بحثنا في الكيفية التي تشكَّلت بها الصور النمطية عن المسلمين، سنجدها قد تكوَّنت منذ زمنٍ بعيد. لقد كانت فكرة إنشاء معهدٍ للثقافة والفن تُمثِّل المنطقة الإسلامية والعربية أمراً منطقياً بالنسبة لي؛ إذ لا تُوجد مؤسسة تقوم بهذا الدور في نيويورك”.
وعلى الرغم من انتشار “الإسلاموفوبيا” والحظر الأخير الذي فرضه ترامب على سفر المسلمين للولايات المتحدة الأميركية، ظلَّ الشيخ محمد يعمل على إنشاء المعهد منذ عام 2014.
ويُعد كتاب “الاستشراق”، للناقد الثقافي الفلسطيني الأميركي إدوارد سعيد في 1978، والذي يتحدث عن الصور النمطية للشرق الأوسط، أحد مصادر إلهام الأمير القطري.
ويقول الشيخ محمد: “كانت هناك دوماً مفاهيم خاطئة وصور نمطية تلتصق بالمنطقة على مدار التاريخ، سواء كانت عن المرأة الغريبة التي تحمل عناقيد العنب أو الإمبراطورية العثمانية. وباتت الكيفية التي تطورت بها هذه الصور تاريخياً حتى الآن موجَّهةً سياسياً بدرجةٍ أكبر”.
وأضاف: “إنَّ هدفنا الرئيسي هو تحدي الصور النمطية إذا كانت موجودة لدى بعض الأشخاص، وتعريفهم بالحضارة الإسلامية بطريقةٍ تتجاوز حدود السياق الديني. إنَّنا متفائلون وسنبذل ما بوسعنا لتمثيل ثقافتنا وفتح حوارٍ بين الثقافات في مدينة نيويورك”.
عمل مؤسسي
وسيكون المعرض الأول لمجموعةٍ من أربع سيدات تحت عنوان “المعرض 1″، وترتكز فكرته الرئيسية على العمارة الإسلامية والتصميم الهندسي. وتعد “الهندسة المقدسة”، مثلما يُطلق عليها غالباً، تقليداً إسلامياً يعود تاريخه إلى آلاف السنين، ويستخدم كلغة كونية قادرة على إحداث التآلف بين المجتمعات المُقسّمة.
وفي مدينة نيويورك، توجد معارض فنية تركز على الفنانين العرب والمسلمين، مثل معرض مُتعهِّدة الفن الإيرانية ليلى هيلر، ومعرض CRG، الذي منح الفنانة الفلسطينية منى حاطوم فرصة القيام بأول عرضٍ منفرد لها في نيويورك.
ويتساءل الشيخ محمد: “توجد معارض تمثل فنانين من المنطقة، لكن هل لديهم كيان مؤسسي يُمثِّلهم؟”. ويشير الأمير القطري إلى معرض “Here and Elsewhere – هنا أو في مكانٍ آخر”، والذي أُقيم بالمتحف الجديد عام 2014، وعرض أعمالاً لـ 45 فناناً عربياً. ويعلق الشيخ محمد على هذا المعرض قائلاً: “لا تستمر هذه المحادثات بصفةٍ دائمة. نأمل في تغيّر هذا”.
تمويل المشروع
لم تكن هذه المحاولة الأولى. إذ كان المُطوِّر العقاري في حي بروكلين، شريف الجمل، يخطط لبناء مركزٍ ثقافي إسلامي في عام 2010، لكنَّه تلقّى تهديداتٍ بالقتل؛ إذ كان يُشار إلى هذا المركز باسم مسجد غراوند زيرو، لقرب موقعه المُقترح من مكان مبنى التجارة العالمي، الذي استهدفه هجومٌ إرهابي في الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001.
ويقول الشيخ محمد: “توجد مراكز دينية وأخرى مجتمعية في أنحاء أميركا، لكن لا توجد مؤسسات مماثلة للفن. إنَّ مدينة نيويورك مكانٌ مرحبٌ للغاية. ولولا دعم المدينة لما استطعتُ فعل ذلك”.
ويقع مقر المعهد في 3 شارع هاورد بحي مانهاتن، وهو مكانٌ مؤقت حتى نهاية يوليو القادم. وسيظل المعهد في مكانه الحالي أو سينتقل إلى مقرٍ جديد بناءً على حجم التمويل المتوفر.
وتجمع عائلة آل ثاني الحاكمة الأعمال الفنية العربية منذ عقودٍ، لكنَّ هذا لا يعني أنهم سيتحمِّلون فاتورة بناء وإدارة هذا المعهد. فيقول الشيخ محمد: “يتكون لدى العديد من الأشخاص مفاهيم خاطئة عندما يسمعون اسم عائلتي، ويعتقدون أنَّ العائلة هي من موّلت المشروع. وهذا أمرٌ غير صحيح وغير دقيق على الإطلاق”.
وتمول مجموعة صغيرة من المتبرعين المعهد غير الهادف للربح، وذلك عبر احتفاليةٍ لجمع التبرُّعات أقامها الشيخ محمد العام الماضي.
ويُعلِّق الأمير القطري على هذا الأمر قائلاً: “عندما يكون لديك فكرة، تجد صعوبة في حشد الناس لتأييدها. نأمل أن يرى الرُعاة أهمية ما نفعله. أقول دوماً: أينما كنا، سنثبت وجودنا. ولا ينبغي لمكانٍ كهذا، بمثل هذا القدر من الأهمية، أن يضع حدوداً لنا. ونأمل ألّا نقف عند حدود ما قمنا به”.