وكالات – بزنس كلاس:
افتضحت السياسة الإماراتية البراغماتية الباحثة عن مصلحتها في كل البلدان، ولبست أبوظبي ثوب “المستعمر” في حربها في اليمن وتدخلاتها في القرن الافريقي، وامتدت يد الإمارات إلى المصالح والنفوذ، ونهب أموال الشعوب في كل مكان وزمان، فلم تكتف الإمارات بالأطماع التي تظهرها في منطقة الخليج وتثبيت القدم في اليمن للسيطرة على شرايين الملاحة والتجارة في مضيق باب المندب وبحر عمان، بل زادت في أطماعها في افريقيا، وتحدثت تقارير عديدة عن التحركات المريبة لأبوظبي ومؤامراتها لتقويض الأمن لما يخدم مصالحها الاستعمارية، وفي الوقت التي يتم نشر فضائح الإمارات تختبئ هذه الأخيرة وراء اتهامها لقطر بتمويل الإرهاب، بينما تجيب الدوحة بالمشاريع والأرقام التي تنفذها في البلدان الإفريقية.
كشف تقرير نشرته مجلة «وور إذ بوريننج» المتخصصة في الشؤون العسكرية، ان الإمارات تعمل على بناء قواعد عسكرية على الأراضي الليبية. وحسب تقارير، فان صورا جديدة من القمر الصناعي تبرز تسارع البناء في قاعدة «الخادم» الجوية في شرق ليبيا.
ومنذ يونيو 2016، اعتمدت الطائرات التوربينية الهجومية والطائرات بدون طيار الإماراتية على القاعدة. وقام أسطول الطائرات الإماراتي بغارات جوية ومهمات استطلاع لدعم قوات الجيش الليبي الموالية للمشير «خليفة حفتر» — التي تقاتل الجماعات الإسلامية في بنغازي.
وفي الوقت الذي تقوم فيه قطر بمساعدة تونس في تجاوز أزمتها الاقتصادية بالأرقام قبل الأقوال، كشف عدد من وسائل الإعلام خططا إماراتية للتدخل في الشأن السياسي التونسي من خلال شبكة تجسس تعمل بأموال إماراتية لإثارة الفوضى والاحتجاجات للتأثير في القرار السيادي التونسي وتأليبه ضد قطر.
ومنحت دولة قطر هبة لتونس تقدر بـ79 مليون دولار أمريكي، خصصت لتمويل مشاريع تنموية وتعزيز التعاون الثنائي من أجل النهوض بالعمل التنموي وتوفير فرص عمل أساسا في المناطق الداخلية من خلال منح تمويلات موجهة للجمعيات والمؤسسات التونسية العامة والخاصة بهدف تمكينها من تمويل مشاريع تنموية.
وحسب تصريحات مسؤولي الدولة التونسية فان قطر تعتبر من أهم المستثمرين الأجانب بتونس، حيث تقدر حجم استثماراتها في تونس بنهاية عام 2017 بأكثر من 2.7 مليار دينار أي ما يناهز 4 مليارات ريال. 90 % منها هي استثمارات مباشرة، توفر ما يقارب ألفي فرصة عمل. وإلى جانب المشاريع الاستثمارية التي تهدف أساسا إلى التشغيل وتمكين الشباب التونسي، نفذت قطر الخيرية وعدد من الجمعيات عددا كبيرا من المشاريع السكنية والتعليمية والصحية لفائدة تونس، هذا التقارب بين تونس والدوحة قالت عنه مجلة جون أفريك قد أدى إلى حالة من الفزع في الرياض وأبوظبي، وهما غير مرتاحين للربيع العربي، ويعتبرانه تهديداً لأنظمتهما، الإمارات لا تبدو داعمة للثورة التونسية وظهور الإسلاميين، الذين لا يرغبون في بروزهم، كما هو الحال في مصر.
وأكدت المجلة أن هناك علامات توتر في العلاقة بين تونس والإمارات، كان اخرها ايقاف التأشيرات للتونسيين ومنع دخول النساء التونسيات، في ديسمبر 2017، إلى الإمارات.، إلى جانب زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أوائل يناير الى تونس، الأمر الذي ترفضه أبوظبي.
في الصومال: قاعدة عسكرية إماراتية ومشاريع تنموية قطرية
استغلت الامارات حالة الفوضى التي يعيشها الجزء الشمالي من الصومال «أرض الصومال»، لإنشاء قاعدة عسكرية إذ تلقى حكام الإقليم عرضًا مغريًا من الإماراتيين، سرعان ما تُرجم إلى اتفاقات متعددة الجوانب وحيدة الهدف، إذ وقّعت شركة موانئ دبي العالمية اتفاقًا بقيمة 442 مليون دولار، يقضي بالاستغلال الحصري لميناء بربرة أكبر موانئ البلاد وأهمها، الميناء الذي وصفه يومًا سفير بريطاني سابق بأنه مفتاح السيطرة على البحر الأحمر.
وعوضًا عن الأموال التي ستتدفق على الإقليم الفقير، كانت الإماراتيون يجرون مفاوضاتهم مع «صومالي لاند» مباشرةً، غير عابئين بالاعتراضات الصومالية والأثيوبية، الأمر الذي كان يعني لـ «صومالي لاند» أكثر من مجرد صفقة تجارية، فها هو أخيرًا اعتراف دولي بسيادة الإقليم وحكومته. وما هي إلا أسابيع قليلة حتى كشف الستار عن الأوجه الخطرة من الصفقة، حين وافق برلمان الإقليم بشبه إجماع على إنشاء قاعدة عسكرية إماراتية — بحرية وجوية — قريبة من الميناء، ووفق ما تسرب من بنود الاتفاق، فإن القوات الإماراتية لها أن تستخدم تلك القواعد ذات الموقع الاستراتيجي المتميز دون أية قيود على مهامها.
وفي الوقت نفسه الذي تسعى فيه الإمارات إلى نهب أموال الصومال، رصد صندوق قطر للتنمية 200مليون دولار لتنفيذ مشاريع تنموية مختلفة في الصومال، مثل تعبيد وترميم طرق رئيسية وبناء مقار حكومية ومؤسسات تعليمية، وتتضمن المشاريع أيضا برنامجا لتمكين الشباب وخلق فرص عمل من خلال القيام بمبادرات تدريب مهنية وفنية. كما نفذت قطر الخيرية 290 مشروعا تنمويا في الصومال بتكلفة وصلت إلى 35 مليون ريال قطري توجهت إلى بناء مرافق تعليمية وصحية، ومراكز متعددة الخدمات، ومشاريع مدرة للدخل، وكفالات اجتماعية، بالإضافة إلى مشاريع الإغاثة العاجلة.
أطماع إماراتية في القرن الأفريقي
في أعقاب خلافات دبلوماسية أدت إلى قطع العلاقات الدبلوماسية بين الإمارات وجيبوتي، البلد الذي كانت تطمح أبوظبي إلى الاستفادة منه عسكريًا واقتصاديًا لتأمين طموحاتها في القرن الأفريقي، توجهت الأنظار إلى جارتها أريتريا، فعقدت الإمارات اتفاق شراكة مع أسمرة قامت بموجبه بالاستفادة من عقد إيجار مدته 30 عامًا، تسلمت بموجبه ميناء عصب العميق ذا الموقع الاستراتيجي، ومطار عصب المجاور، حتى تنشئ هناك قاعدتها العسكرية، وفي المقابل، منحت حزمة مساعدات اقتصادية للبلد الأفريقي، وتعهّدت بتحديث مطار أسمرة الدولي، وإنشاء بنيةٍ تحتية جديدة، وزيادة إمدادات الوقود إلى أريتريا.
وتعد قاعدة عصب أحد أهم خطوات الإمارات لإحكام قبضتها حول باب المندب، فضلًا عن خدمة طموحاتها في المنطقة، وقد لعبت دورًا في مساعدة القوات اليمنية وقوات تحالف العدوان في احتلال مدينة عدن فيما عُرف بعملية “السهم الذهبي”. وفي ديسمبر 2016م نشر مركز “ستراتفور” للدراسات الاستراتيجية والمخابراتية الأمنية (أمريكي) تقريراً يفيد بأن الإمارات تقوم بتطوير تلك القاعدة العسكرية لتضيف لها طائرات حديثة، ونشرت صوراً بالأقمار الصناعية تؤكد ذلك التطوير.
أما بالنسبة للدوحة فقد استمرت في نهجها التنموي ومساعدة الشعوب الفقيرة،حيث عملت مؤسسات قطر الخيرية في أكثر من عشرين دولة أفريقية، ويبلغ إجمالي المشاريع المنفذة في السودان وحده 10 آلاف مشروع، بتكلفة تجاوزت 210 ملايين ريال قطري (57.5 مليون دولار)، تركزت على دعم التعليم وبناء المدارس.
كما شيدت الدوحة مؤخراً مدارس في مالي، ومستشفى لعلاج السرطان في بوركينا فاسو، إلى جانب مشاريع أخرى في ساحل العاج وغانا. وقد قدر إجمالي الإنفاق القطري في تلك الدول بنحو 190 مليون دولار. مما يعكس طبيعة التدخل القطري التنموي والتدخل الاماراتي الباحث دوما عن النفوذ.