قطر “بيضة القبان”.. هذا ما سيحدث بعد انتهاء المهلة!

بزنس كلاس – خاص:

تنتهي غداً الاثنين ما سمتها دول الحصار مهلة الأيام العشرة لاستجابة الدوحة للـ “مطالب” التعجيزية التي وضعتها تلك الدول كي ترمي الكرة بالملعب القطري لتحميلها مسؤولية فشل الحوار. الأمر الذي أدركته الدوحة منذ اللحظة الأولى للإعلان “المطالب” بعد ممطالة مبالغ بها من دول الحصار استدعت واشنطن لتوبيخها حتى تعلنها. ومع استحالة حتى مجرد نقاش معظم تلك الشروط، تتجه الأزمة حسب كثير من المراقبين نحو مزيد من التصعيد لتقف الأزمة امام مفترق طريق يؤدي إلى مخارج كثيرة للأزمة يمكن حصرها في 4 سيناريوهات محتملة:

1- السيناريو الأكثر ترجيحاً والذي استعد له الجميع ويسيرون في خطواته بغض النظر عن المهلة والشروط هو مزيد من التصعيد بإجراءات الحصار والقطيعة مع قطر قد تصل لحدود تعليق عضوية الدوحة في مجلس التعاون الخليجي أو حتى جامعة الدول العربية ومحاولة عزلها سياسياً. وهذا أمر يصعب جداً الوصول إليه لأن الدوحة تملك أصدقاء وحلفاء اقوياء في التجمعين واي محاولة في هذا الاتجاه قد تؤدي لتدمير المؤسسة الخليجية مرة واحدة وإلى الأبد كما أن جامعة الدول العربية ضعيفة لدرجة أنها ليست بحاجة لتعليق عضوية دولة أخرى لتهميش دورها وذهابها بطريق قد تتلاشى في نهايته مع خروج معظم أعضائها منها.

اقتصاديا، قد يبدو سيناريو تشديد الحصار على قطر من قبل “ثلاثي” الحصار، وهو مرجح بقوة لأنه يسير وفق ترتيب منطقي جدا للأحداث، سوف يكون خطوة غير ذات أهمية على المدى البعيد على الأقل. فالدوحة اتخذت ما يلزم من خطوات للاستغناء نهائياً عن أي دور أو حضور لدول الحصار وشركاتها في المشهد الاقتصادي القطري. علماً أن حجم التبادل التجاري بين قطر وتلك الدول لم يكن يتجاوز 12% من مبادلاتها التجارية مع دول العالم بملبغ يقترب من 9 مليار دولار سنويا. وقد سارعت الدوحة إلى فتح مسارات بحرية جديدة لبضائعها المصدرة والبضائع المستوردة.

اسوأ ما في هذا السيناريو بالنسبة لدول الحصار أنها إذا تمادت فيه، كما هو متوقع، فسوف تلحق ضرراً بالاقتصاد القطري لا شك، لكنها ستدفع ثمناً غالياً كما عبر عن الأمر وزير المالية القطري في مرحلة سابقة. ولعل ابرز الخسائر المتوقعة والحاضرة الآن بقوة هي غياب الحضور السعودي-الإماراتي في قطر اقتصادياً مقابل بروز الدور التركي حالياً والإيرني لاحقاً إذا ما ذهب سيناريو الحصار نحو مزيد من التصعيد. وهو ما تخشاه الرياض وابوظبي اكثر من اي أمر آخر. قطر تلعب دور “بيضة قبان” منطقة الخليج فتحولها وإن كانت مضطرة للتحالف الاقتصادي مع إيران سوف يعني خسائر اقتصادية وجيوسياسية كبيرة ليس للسعدية والإمارات فقط بل للولايات المتحدة الأمريكية أيضاً التي يجب أن تقوم بدورها المطلوب في هذه المرحلة بلجم شطحات الاستعلاء السعودي الإمارتي حتى لا تخسر حليفاً مهم وفاعل للغاية مثل دولة قطر.

2- سيناريو عسكرة الأزمة: وهو سيناريو مستبعد بكل المقاييس، لأن كرة اللهب إذا اشتعلت في الخليج فإنها سوف تحرق الأخضر واليابس بالمنطقة وقد تكون شراراة حرب عالمية قد تؤدي إلى مكان وحالة لا أحد بالعالم يريد الوصول إليها. ما يمنع بروز مثل هكذا احتمال، اي عسكرة الأزمة، وجود قاعدة أمريكية ضخمة في العديد إضافة إلى  الحضور العسكري التركي في قطر وقاعدتها العسكرية التي افتتحت مؤخراً هناك لتبقى لا لتكون مادة تفاوض كما تتمنى دول الحصار. قطر تصرفت من منطلق الحفاظ على كينونتها بعد أن تصاعدت حدة تهديدات جيرانها لها بأنها لقمة سائغة وهذا الأمر لم يعد كذلك كا لم يكن منذ البداية.

3 – السيناربو الثالث غير المتوقع يتجلى بقبل الدوحة “إملاءات” الرياض وابوظبي وهو امر يعلم الجميع بأنه لن يحدث فقد عبرت قطر رسمياً وشعبياً عن رفضها “المطالب” لأن القبول بها يعني رمي سيادة قطر في البحر وتحويلها إلى “محافظة” تابعة لهذه الدولة أو تلك وهذا تحديدا هو الأمر الذي كانت الدوحة وما زالت تمارس عكسه عبر تميزها بدور قيادي في المنطقة العالم. دور أكبر بكثير من أن تهضمه “المعدة” السعودية أو الإماراتية

4- السيناريو الرابع الذي لم يتطرق له أحد هو التصعيد القطري والانتقال من حالة رد الفعل إلى الفعل. رغم أنه سيناريو مستبعد في الوقت الحالي إلا أنه محتمل حيث تقوم قطر بنزع فتيل الأزمة الحالية بتنفيذ ولو جزئي لبعض مطالب دول الحصار فيما تشن حملة إعلامية وسياسية لتقويض سياسات السعودية والإمارات على المدى البعيد. وهو أمر ممكن نظراً لهشاشة تلك السياسات خصوصاً لجهة تآكل حقوق مواطني السعودية وانحدارهم نحو مستوى اقتصادي أسوأ نتيجة سياسات اقتصادية راديكالية غير محسوبة لحكام المملكة. اما على المقلب الإماراتي فقد تستغل قطر حالة عدم التوازن التي تعيشها الإمارات لتفضح دورها الحقيقي في تخريب المنطقة مع استمرار مسلسل الفضائح الإماراتية من استضافة بلاك ووتر سيئة الصيت واستخدامها لتنفيذ كل مهامات ابوظبي القذرة بالمنطقة كما يحدث في العراق وصولا لنهب أموال ماليزيا عبر سفيرها في واشنطن يوسف العتيبة وصولاً إلى فضح مؤمرات حاكمهاالفعلي محمد بن زايد على أكثر من دولة من ليبيا إلى السودان واليمن وصولاً إلى حليفته السعودية. كل هذه المعطيات توحي بأن قطر يمكن أن تهاجم بقوة وتقوض استقرار تلك الدول لكنه يبقى سيناريو مستبعد لأن القيادة القطرية لم تكن تفكر يوماً بأن الضرر الذي يمكن أن يطال السعودية أو الإمارات أو سواها من دول الخليج ضرراً وطنيا بمقدار ما هو ضرر يطال الجميع وسوف يخسر الجميع إذا فكر كل منهم في هذا الاتجاه.

 

السابق
حلفاء الطاقة وخصوم السياسة.. عندما تختلف حسابات السياسة عن حسابات الاقتصاد
التالي
مؤتمر صحفي الثلاثاء.. وزير الخارجية الألماني في الدوحة