الدوحة – بزنس كلاس:
توقعت مجموعة بنك قطر الوطني QNB أن يحقق الاقتصاد العالمي نموا بنسبة 3.4% في عام 2020 رغم العقبات والتحديات المختلفة التي تقف بوجه نمو مستدام للاقتصاد العالمي. وأوضح البنك في تحليله الأسبوعي أن هذه التوقعات تأتي على الرغم من استمرار الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، والركود الصناعي العالمي، والمخاطر المستقبلية الأخرى غير المنظورة. ومع ذلك، أعرب البنك في تحليله عن القلق العميق إزاء اعتماد العالم بشكل كبير على السياسات النقدية التي أصبحت الآن أقل فعالية، مشيرا إلى أن هناك أيضا مخاطر متزايدة من أن انخفاض أسعار الفائدة العالمية يؤدي إلى تضخيم فقاعات الدين وأسعار الأصول، لذلك من المهم أن تتحسب السياسات المالية لأي صدمات سلبية كبيرة تضرب الاقتصاد العالمي.
وقدم التحليل تقييما للموقف المالي الحالي (على سبيل المثال، ما إذا كانت السياسة المالية تعتبر معيقا أو دافعا للاقتصاد)، ثم استعرض ثلاث مشكلات رئيسية تواجه السياسة المالية: الحاجة لضمان القدرة على تحمل الديون الحكومية، والصعوبات الناشئة عن كل من الاستقطاب السياسي، والمصالح الخاصة.
وفيما إذا كانت السياسة المالية تعتبر معيقا أو دافعا للاقتصاد، لفت التحليل إلى أن الأزمة المالية العالمية لعام 2008 كانت حادة لدرجة الاضطرار لاستخدام محفزات كبيرة مع السياسة النقدية والسياسة المالية، وبينما ظلت السياسة النقدية ميسرة للغاية، كانت هناك حاجة إلى فترة من التقشف المالي، وخاصة في منطقة اليورو، للحفاظ على القدرة على تحمل الديون.
وقد أشارت أحدث تقديرات صندوق النقد الدولي إلى أن الموقف المالي يوفر حافزا متواضعا للاقتصاد العالمي في عام 2019، في حين أن توقعاته بتسارع نمو الاقتصاد العالمي من 3.0% في عام 2019 إلى 3.4% في عام 2020 تستند إلى افتراض سياسة مالية محايدة. بخصوص الحاجة لضمان القدرة على تحمل الديون، أشار بنك قطر الوطني في تحليله الأسبوعي، إلى أنه بما أن القدرة على تحمل الديون الحكومية تعد شرطا أساسيا مهما لتحقيق مستقبل اقتصادي مستقر، فإن السندات الحكومية هي واحدة من الأصول الأقل خطورة والأعلى سيولة في أي بلد، ويعتمد مستوى الدين الحكومي واستدامته على ثلاثة عوامل رئيسية، قوة نمو الناتج المحلي الإجمالي الإسمي، وسعر الفائدة الفعلي، والميزان المالي. ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يبلغ نمو الناتج المحلي الإجمالي الإسمي حوالي 3% في الاقتصادات المتقدمة و6% في الأسواق الناشئة على مدى السنوات الخمس القادمة، وتنخفض أسعار الفائدة الفعلية نحو الصفر في الاقتصادات المتقدمة وتتراجع في العديد من الأسواق الناشئة، وتعاني معظم البلدان من عجز مالي قابل للإدارة.
وأشار التحليل إلى أن هذه العوامل مجتمعة تعني أن صندوق النقد الدولي يتوقع أن يكون الدين الحكومي في الاقتصادات المتقدمة مستقرا على نطاق واسع عند ما يزيد قليلا على 100% من الناتج المحلي الإجمالي، وبزيادة بسيطة مما يزيد قليلا على 50% حاليا إلى ما يزيد قليلا على 60% في الأسواق الناشئة.
وقال البنك في تحليله إنه «باختصار، الدين الحكومي مرتفع، لكن يمكن الاستمرار في تحمله في معظم الحالات ما دامت أسعار الفائدة منخفضة، ولدى عدد من الدول، على وجه التحديد ألمانيا والصين والنمور الآسيوية الأخرى، حيز مالي كبير وستكون قادرة على إجراء تحفيز مالي كبير، كما تتمتع دول أخرى، مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة واليابان، بموثوقية كافية لإجراء تحفيز مالي يعزز النمو مع بقاء أسعار الفائدة الفعلية لديها قريبة من الصفر، لذلك، من الناحية الفنية، هناك مساحة لإجراء تحفيز مالي كبير، وهو ما يتركنا أمام القيود السياسية التي تحد من فعالية هذه التحفيزات».
وأضاف التحليل أن العولمة والتقدم التكنولوجي قد أديا إلى انتشال الكثير من الناس في جميع أنحاء العالم من براثن الفقر، لكنهما ساهما في زيادة عدم المساواة في العديد من البلدان، حيث استفاد الأثرياء أصحاب رؤوس الأموال أكثر من العمال ذوي المهارات المنخفضة، وقد أدى ذلك بدوره إلى استقطاب سياسي متزايد مع اجتذاب السياسيين الشعبويين للناخبين بسياسات يسارية أو يمينية متطرفة أكثر من السياسات الوسطية، وهذا يصعب على الحكومات الاتفاق على سياسات متعقلة، مما يجعل الإنفاق الحكومي وأي حوافز أقل فعالية وكفاءة.
ونوه التحليل إلى أن إحدى الصعوبات الأخرى التي تواجهها الحكومات تتمثل عند وضع السياسات المالية الجيدة وبرامج التحفيز في المصالح الخاصة، فهناك جماعات محددة تضغط على السياسيين والحكومات لدعم السياسات التي تزيد ثرواتهم ووظائفهم وأرباحهم.
وتوقع بنك قطر الوطني في اختتام تحليله الأسبوعي، بقاء أسعار الفائدة العالمية منخفضة في السنوات القليلة المقبلة على الأقل، مما سيساعد في استمرارية القدرة على تحمل الدين الحكومي، حيث سيتيح ذلك استخدام السياسة المالية لمواجهة أي صدمات سلبية كبيرة تضرب الاقتصاد العالمي، ومع ذلك، فإن الاستقطاب السياسي والمصالح الخاصة سيقوضان كفاءة وفعالية التحفيز المالي، وتعني هذه القيود مجتمعة أن السياسة المالية يمكن أن تساعد في تخفيف بعض المخاطر الهبوطية على النمو العالمي، محذرا من اعتبار التحفيز المالي علاجا سحريا للمشاكل الاقتصادية.رجح بنك قطر الوطني QNB إمكانية أن تكون السياسات المالية أداة فاعلة في إخراج الاقتصاد العالمي من أي ركود قادم، متوقعا حدوث تسارع متواضع لنمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي إلى حوالي 3.4 % في عام 2020 مدفوعا بالسياسات النقدية الميسرة في جميع أنحاء العالم، وخاصة بعد تحول بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي من التشديد إلى خفض أسعار الفائدة.