الدوحة – بزنس كلاس:
نشر موقع “ذا جلوب آند ميل” الكندي العالمي، تقريراً حمل عنوان «ولي العهد السعودي والصمود القطري ومستقبل المنطقة العربية»، جاء فيه إن خطة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لو كان تم تنفيذها، كنت ستجد الآن مكاتب شبكة قنوات الجزيرة العالمية بالدوحة مهجورة وليس فيها أحد؛ حيث كانت هناك نية لإغلاقها عقب 22 عاماً متواصلاً من البث المباشر والذي ساهمت فيه الجزيرة في تغيير المشهد بالمنطقة العربية بالكامل وإعادة تشكيل الشرق الأوسط من جديد، كما أن السفارة الإيرانية التي لا تبعد بمسافة كبيرة بالسيارة عن مكاتب قنوات الجزيرة، كانت ستغلق بواباتها المزخرفة ويتم طرد المسؤولين والدبلوماسيين الإيرانيين بداخلها وترحيلهم، وكانت دولة قطر -الدولة الصغيرة التي تتبنى سياسة مستقلة وهو ما يوقعها في خلاف مع بعض جيرانها بالخليج- لكانت الآن مجرد دولة تابعة لما تختاره لها المملكة السعودية وتأتمر الدوحة بما تريده الرياض أن تقوم به.
◄ قطر لم تهتز
ويوضح التقرير أنه بعد مضي عام ونصف من فرض الحصار الذي تتزعمه السعودية على قطر والذي كان يسعى إلى تحويل قطر إلى دولة تابعة للمملكة، وتحويل السياسة الخارجية القطرية إلى أن تتبع ما ترتضيه الرياض، ولكن دولة قطر لم تهتز ولو للحظة واحدة، وبالرغم من الضغوط الدولية الهائلة التي تتعرض لها السعودية ومحمد بن سلمان على خلفية اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي، ما زالت أحقاد بن سلمان الدفينة ضد قطر قائمة، وهذا جزء بسيط من التعنت السعودي الذي أثار القلق وسط الكثيرين من المراقبين بالمنطقة العربية.
وقال التقرير إن عاصفة الغضب الدولي التي تفجرت عقب اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي والذي كان منتقداً لسياسات بن سلمان، وتقطيع أوصاله في قنصلية بلاده بإسطنبول، كان من شأنه إنهاء غطرسة ولي العهد السعودي البالغ من العمر 33 عاماً والحاكم الفعلي بالمملكة، ولكن رد الرياض لم يظهر أي سمة من سمات التواضع أو الاعتذار.
◄ نجاح وصمود قطري
ويتابع التقرير أن الحكومة القطرية الغنية نجحت في أن تتجاوز الحصار المفروض عليها عبر فتح مسارات تجارية أخرى بديلة، وتوفير الموارد الغذائية لتقليص أي نقص في الأسواق تلبية لاحتياجات المواطنين، لم تبد نيتها في أي تنازل لإنهاء الحصار المفروض عليها، بينما في الجانب الآخر ما زالت الرياض تواصل تعنتها فيما يتعلق بقضية اغتيال خاشقجي وفي الوقت الذي قالت فيه النيابة السعودية انها تسعى لتوقيع عقوبة الإعدام على خمسة سعوديين لارتكابهم الجريمة، إلا أنها أثارت دهشة عالمية في ظل إصرارها على تبرئة بن سلمان وتجنيبه أي علم أو ضلوع بارتكاب جريمة الاغتيال، هذا في الوقت الذي تضمنت فيه فرقة الاغتيال السعودية، أعضاء من الحرس الشخصي الخاص لولي العهد السعودي.
◄ سحق المعارضة في الداخل والخارج
ويتابع التقرير أن سياسات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الخارجية، لم تكن تهدف سوى إلى سحق وقمع أي معارضة للمملكة، ليس فقط داخل الدولة السعودية فحسب، وإنما خارجها أيضاً، كما أن الحصار الذي تم فرضه على دولة قطر في شهر يونيو من العام الماضي، جاء في الشهر نفسه الذي شهد تنصيب محمد بن سلمان ولياً للعهد في السعودية؛ حيث شنت السعودية والإمارات ومصر والبحرين حصاراً جوياً وبرياً وبحرياً على الدوحة مع فرض قطيعة اقتصادية كاملة ومنع الطائرات القطرية من العبور في الأجواء السعودية والإماراتية، وكان مطلب إغلاق قناة الجزيرة العالمية وتخفيض التمثيل الدبلوماسي القطري مع إيران والتي تتشارك معها قطر في أكبر حقل غاز طبيعي في العالم، كانا فقط مجرد مطلبين من قائمة مطالب تعسفية حاولت دول الحصار فرضها على دولة قطر.
◄ قمع سعودي
ويرى العديد من الخبراء والمراقبين في المنطقة العربية أن شن تدخل عسكري باليمن وفرض حصار قطر واغتيال خاشقجي والقيام بحملة قمعية ضد المعارضين والنشطاء بالمملكة، كل هذا يمكن ربطه برغبة محمد بن سلمان بسحق كافة أشكال المعارضة سواء في الداخل أو في المنطقة بالكامل، وكان استهداف قطر تحديداً يأتي لسياساتها المستقلة ودور قناة الجزيرة العربية في دعم ثورات الربيع العربي ضد القيادات العربية الديكتاتورية، وهو ما أثار الخوف في نفوس القيادات المالكة في كل من السعودية والإمارات، وكانت سعادة السيدة لولوة الخاطر، المتحدثة باسم وزارة الخارجية القطرية قالت: “إن تلك الأنظمة القمعية لا يمكنها أن تتسامح مع أي اختلافات في وجهات النظر والسماح بالتعدد في الآراء سواء إقليمياً او عالميا، كما أشارت أيضاً إلى تعرض دولة كندا من جراء السياسات السعودية والتي قامت بطرد السفير الكندي وقطع كافة العلاقات التجارية بين الرياض وأوتاوا، وذلك على خلفية تغريدة كتبتها وزيرة الخارجية الكندية كريستين فريلاند، انتقدت فيها أوضاع حقوق الإنسان والقبض على ناشطات حقوق المرأة بالمملكة، كما أوضحت السيدة لولوة الخاطر أن السعودية لم تتحمل تغريدة من كندا فما بالك بالدور الملموس الذي تقدمه الجزيرة من عرض كافة وجهات النظر والدفاع عن الديمقراطية وحرية التعبير.
◄ دور ولي العهد الإماراتي
وتابع التقرير أن الاهتمام الدولي العالمي بات منصباً الآن على سياسات محمد بن سلمان، ولكن فرض الحصار على قطر وشن تدخل عسكري باليمن كانا من تخطيط ومشاركة ولي العهد الإماراتي محمد بن زايد، مهندس السياسة الخارجية لأبو ظبي الذي يتشارك مع ولي العهد السعودي في كراهيته للإسلام السياسي ولجماعة الإخوان المسلمين، كما كانت تهدف الخطة الإماراتية السعودية إلى تكوين تحالف عربي إسرائيلي مدعوم من أمريكا وذلك لتكوين جبهة معادية لإيران في المنطقة، وفيما يبدو أن مصير هذا الحالف بات الآن في مهب الريح في ظل الظروف الحالية.
◄ نتائج عكسية للحصار
كما أكد التقرير على أن حصار قطر جاء بنتائج عكسية تماماً على السعودية؛ حيث وطدت قطر علاقاتها مع إيران وتركيا وتركت مخاوف بين العديد من الدول بأن ما حدث مع قطر من الممكن أن يحدث معهم، هذا في الوقت الذي ساهمت فيه الصور الدموية لقتل الأطفال باليمن في أن تترك صورة سعودية ملطخة بالدماء وسجلا غير نظيف أمام العالم الغربي لمحمد بن سلمان على وجه الخصوص، وبدأ البعض يصور بن سلمان باعتباره مثل القادة الديكتاتوريين العرب السابقين كصدام حسين ومؤخراً بشار الأسد، وأبرز التقرير تصريحات السيد محجوب وزيري، رئيس مركز الدراسات الخارجية بجامعة قطر، والذي قال إن اغتيال خاشقجي من شأنه أن يغير من المعالم السياسية للمنطقة العربية بكاملها، وبات التحالف العربي السني الآن يترنح، وإن تطلعات وسياسات محمد بن سلمان وطموحه بالمنطقة لم يتم إحباطه وحسب بل أيضاً فيما يتعلق بخطة ترامب وصهره جاريد كوشنر باستخدام السعودية للضغط على الفلسطينيين لقبول صفقة القرن مع إسرائيل، فكيف سيتحقق ذلك الآن ومحمد بن سلمان لم يعد كسابق عهده والسعودية لم تعد كما نعرفها من قبل أيضا، وقد فقد محمد بن سلمان الزخم الذي كان يستمد منه مواطن قوته ونفوذه.