قطاع العقارات 2018 لاعب أساسي في مونديال  الاقتصاد 

انتعاش متعدد المظاهر والمصدر واحد

الحصار حمل وهمي والمحاصرون يواجهون الصدمة

سلسلة تدابير وإجراءات وقوانين تعيد صياغة المشهد الاقتصادي وتدعّم النمو

تمتين البنية التحتية محل إجماع لصناع القرار الاقتصادي

ترجمة الخطة العمرانية على الأرض ملف أساسي في مستقبل قطر 

بزنس كلاس – اسلام السيد

انعكاس الانتعاش الاقتصادي العام في دولة قطر بات واضحاً تماماً على كل المرافق والقطاعات، وعلى قطاع العقارات على وجه الخصوص نتيجة عدة عوامل أبرزها نجاح تكتيكات الدوحة بتجاوز أي آثار مضرة للحصار الجائر، إضافة لارتفاع أسعار حوامل الطاقة، والأهم تواصل الاستراتيجية المتطورة بشكل ثابت والتي تحقق نمواً متواصلاً على أسس قوية.

ويتضح هذا النمو في المجال العقاري من خلال عدة عوامل، فمع رفع بنك قطر الوطني، توقعاته بأن تحقق دولة قطر نمواً في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي خلال العام الجاري 2018 بنسبة 2.8% بدلاً من النسبة المتوقعة سابقاً 2.5%، يتجلى في إحدى صوره بالنمو الواضح على أنشطة القطاع العقاري.

وذكر البنك في تحليله الأسبوعي أن ثالث أسباب تعديل البنك توقعاته بشأن نمو الناتج المحلي هو أن تأثير الحصار على نمو الناتج المحلي الإجمالي كان أقل من المتوقع في العام الماضي 2017، ورغم أن التأثير الأكبر للحصار كان من المتوقع أن يظهر في الربع الثالث، تبيّن أن ذلك الربع كان ثاني أقوى ربع في العام، وبالإضافة إلى ذلك، تشير البيانات الصادرة مؤخراً إلى أنه قد تم رفع نسبة نمو القطاع غير النفطي للربع الثالث من 3.7% على أساس سنوي إلى 4.3%.

وعلى المدى الطويل، بحسب تحليل البنك، فمن المرجّح أن يستفيد الاقتصاد القطري من بعض التدابير التي تم اتخاذها مؤخراً، حيث من المتوقع دعم الاستثمار من خلال المشاريع الجديدة التي تتعلق بزيادة إنتاج الغاز الطبيعي المسال والمشاريع التي تهدف إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي والاستدامة، إلى جانب القانون الجديد الذي رفع نسبة تملك الأجانب في الشركات القطرية، وعليه، من المتوقع أيضاً أن يستمر ارتفاع النمو في القطاعين النفطي وغير النفطي، وتحديداً في القطاع العقاري على المدى المتوسط.

مشهد عقاري لافت

قال تقرير شركة الأصمخ للمشاريع العقارية إن الدولة تعمل على تنفيذ المشاريع الخاصة بالبنية التحتية، ورصدت ميزانية تقدّر بـ 21.8 مليار ريال للمشاريع الجديدة الخاصة بالعام 2018. موضحاً أنه تم تخصيص 11.08 مليار ريال لتنفيذ مشاريع طرق سريعة، و8.88 مليار ريال لمشاريع البنية التحتية والطرق المحلية، و1.84 مليار ريال لمشاريع محطات الصرف الصحي والأصول.

ويعتبر معدل الإنفاق الحكومي من أهم العوامل المؤدية إلى نمو القطاع العقاري، حيث يؤدي إلى خلق منافسة قوية في القطاع العقاري بقطر بسبب المبالغ المالية الضخمة التي تم ضخها في مشروعات البنية التحتية ذات الصلة بالمشاريع التنموية. كما أوضح التقرير أن هيئة الأشغال العامة «أشغال» بدأت في تنفيذ 37 مشروعاً لتطوير البنية التحتية بالمناطق السكنية القائمة ومناطق قسائم أراضي المواطنين عام 2018 بقيمة إجمالية تصل إلى 13.8 مليار ريال، كما أن «أشغال» تخطط للبدء بتنفيذ 18 مشروعاً لتطوير البنية التحتية بالمناطق السكنية في عام 2019، بقيمة تقديرية تصل إلى 18 مليار ريال. وبيّن التقرير أن مشاريع البنية التحتية موزّعة على 12 منطقة لخدمة 15.108 قطعة أرض، منها 1.800 قسيمة ضمن مناطق أراضي المواطنين الجديدة، كما ستنتهي الهيئة في عام 2018 من إنجاز 11 مشروعاً للبنية التحتية موزّعة على 11 منطقة تخدم 5.644 قطعة أرض من بينها 837 قسيمة ضمن مناطق أراضي المواطنين الجديدة.

حراك متواصل

هذه المشاريع ستساهم في انتعاش القطاع العقاري بشكل كبير، وستؤثر إيجابياً على زيادة الاستثمار العقاري وحركة الإنشاء والبناء في تلك المناطق، كما ستساهم تلك المشاريع في زيادة الطلب على الأراضي في تلك المنطقة. وقال التقرير: إن الجهات المعنية في الدولة ستبدأ العمل على تنفيذ 17 مشروعاً لتطوير الطرق خلال 2018، علاوة على تنفيذ خطة تطوير الطرق تتضمّن تحويل 30 دواراً لتقاطعات بإشارات مرورية. وعلى صعيد مشاريع الطرق السريعة، أضاف التقرير: أن العام الحالي 2018، سيشهد إنجاز 113 كيلومتراً جديداً من الطرق السريعة الجديدة، منها إنشاء 20 تقاطعاً رئيسياً جديداً، على أن يبلغ طول مسارات المشاة والدرّاجات الهوائية المكتملة في عام 2018 أكثر من 210 كيلومترات.

وبيّن التقرير أن هذه المشاريع ستساهم في دعم القطاع العقاري في تلك المناطق وستؤثر على حركة الطلب، كما ستساهم هذه المشاريع بتعزيز أعمال شركات المقاولات.

وأشار التقرير إلى أن الجهات المعنية ستنجز خلال العام الحالي 2018، قرابة 9 مشاريع ما بين مشاريع عامة وصحية وتعليمية، مؤكداً أنه خلال العام الماضي 2017 تم إنشاء 14 مسجداً وثلاثة مراكز صحيّة و16 مدرسة. كما بيّن التقرير أن «أشغال» تعمل على طرح 5 مشاريع لصغار المقاولين، فضلاً عن استعدادها لتنفيذ 4 مشاريع جديدة لمحطات الضخ ومعالجة الصرف الصحي.

وكمحصلة فإن قطاعات مواد البناء والإسمنت والحديد والخدمات المرتبطة بها ستستفيد من التأثيرات الإيجابية للعقود الممنوحة لهذه المشاريع كما ستفرض هذه المشاريع حركة في الأعمال الإنشائية ما سينعكس إيجاباً على شركات التطوير العقارية.

قوانين داعمة

من جانب آخر، يسهم قرار دولة قطر في إطار سياسة الانفتاح الاقتصادي وتنويع مصادر الدخل لتعزيز قدراتها من خلال إصدار قانون جديد لتملك غير القطريين للعقارات والانتفاع بها، برفع حجم الاستثمارات بالقطاع، وسيكون عاملاً إضافياً لجذب مزيد من الأجانب ما يعزّز استقرار السوق المحلي.

وفي هذا السياق، أوضح رئيس جمعية المهندسين القطرية، بأن القانون يأتي تكملة لتوسعة النشاط الاقتصادي، الذي كسر الحصار الجائر، وحقق نجاحات كبرى على مختلف المجالات، مشيراً إلى أن تملك غير القطريين للأراضي والوحدات السكنية والتجارية، سينعش سوق العقارات، ويضخ استثمارات جديدة من طرف المقيمين أو الأجانب الراغبين في دخول السوق القطري من هذه البوابة. وتوقع الجولو أن تحقق الإيجارات استقراراً مع تطبيق أحكام القانون الجديد، لافتاً إلى أنها ستنمو بشكل طفيف في نهاية 2018، بسبب توافد المزيد من العمالة إلى الدوحة من أجل العمل بالمشاريع المختلفة.

وكشف رئيس جمعية المهندسين أن الدولة تواصل العمل، وبتحد كبير، في المشاريع المتعلقة بالبنية التحتية، كالطرق والصرف الصحي وغيرها أو المشروعات الخدمية الخاصة بالمناطق الجديدة لقسائم سكن المواطنين أو فيما يتعلق باستكمال تنفيذ مشاريع مونديال قطر 2022. وأوضح تقرير شركة الأصمخ للمشاريع العقارية، أن حجم المشاريع العقارية المقترحة قبل عام 2022 كبير للغاية حيث سيتم إنشاء قرابة 250 عقاراً لقطاع الضيافة معظمها سيكون فنادق، تستوعب 90 ألف غرفة، وسيبنى أيضاً 55 ألف غرفة في أنواع عقارية مختلفة. وأشار إلى أن الإنفاق على المباني التجارية سيظل على مستوى عالٍ خلال العامين المقبلين. وأكد التقرير أن قطر تعمل حالياً على تنويع مصادر الناتج المحلي الإجمالي عن طريق قطاعات مختلفة ومن ضمنها قطاع الإنشاءات والعقارات، التي ستخلق مشاريع مصاحبة كبيرة تساعد على تعزيز نمو عمل قطاع الخدمات وتوفير فرص جديدة من المشاريع والعمل.

ترجمة عملية

بدورها تلعب الخطة العمرانية الشاملة لدولة قطر دوراً بارزاً في تحول نمو قطاع العقارات باعتبارها ترجمة مكانية لرؤية قطر الوطنية وحاكمة للنمو والتوسع العمراني المستقبلي للدولة، بما يضمن مستوى راق من الحياة للمواطنين والمقيمين. وسوف تساهم مخرجات الخطة العمرانية الشاملة في خلق مراكز عمرانية للتنمية مرتكزة على النقل العام، بما من شأنه المساهمة في دعم اقتصاد الدولة وتوجيه المستثمرين نحو أفضل الأماكن للتطوير والتنمية.

وسوف ينعكس تطبيق الخطة العمرانية بشكل إيجابي على القطاع العقاري، حيث ستساهم في زيادة الطلب على شراء العقارات الجاهزة كالعمارات والفلل والوحدات السكنية، مما يؤدي إلى ارتفاع أسعارها، كما ستساهم في انخفاض أسعار الأراضي الفضاء في بعض المناطق وخاصة ذات المساحات الصغيرة.

لوائح ومجموعات

وذكر تقرير شركة الأصمخ بأنه تم تقسيم اللوائح التنفيذية لـ 3 مجموعات من الاشتراطات، المجموعة الأولى وتضم 21 منطقة تخطيطية منفصلة، تتضمن أنماطا متعددة للاستخدامات السكنية والصناعية والخدمات العامة بالإضافة إلى المناطق التنموية الأخرى ذات العلاقة بتطوير العديد من الأنشطة منها السياحية والزراعية، وتوجد 5 مناطق مرتبطة باستخدامات الأراضي، والمناطق السكنية، والمناطق الصناعية واللوجستية، ومتاجر التجزئة، والمناطق البيئية والمحميات، ومناطق الأنشطة الرياضية والترفيهية، ومناطق أخرى تضم مناطق الخدمات والنقل والبنية التحتية والريفية والصحراوية وذات الاستخدام الخاص والتنمية الخاصة والسياحية.

كما ذكر التقرير أن المجموعة الثانية تشمل عدد 7 اشتراطات تخطيطية خاصة تتعامل مع طلبات التطوير التي تتواجد ضمن حدود مناطق ذات حساسية ووضعية خاصة كالمناطق التراثية والساحلية وتلك المناطق المحيطة بالمطارات وغيرها، حيث يتوجب على المطور مراعاة 7 اشتراطات إضافية عند تطوير أرضه، وهي الاشتراطات التخطيطية الخاصة بالمناطق التراثية، وبتقييد ارتفاعات أبنية المناطق المحيطة بالمطارات، وبتطوير المناطق الساحلية، والمحاور التجارية، ومناطق تركز الأنشطة تجارية معتمدة. وسكن العمال (الدائمة والمؤقتة)، وأخيرا الاشتراطات التخطيطية الخاصة بتطوير مناطق حماية مسار خط القطار.

وأوضح التقرير أن المجموعة الثالثة تتضمن عدد 15 اشتراطا وإرشادات إضافية تتعلق بلافتات الدعاية، ومواقف انتظار السيارات، وبناء 2 فيلا على قطعة أرض واحدة والخطوط الإرشادية للخدمات المجتمعية، وتطوير المناطق المفتوحة والمرافق الترفيهية، وتقديم طلبات إعداد المخطط العام، وتقييم التخطيط، تصنيف المراكز التجارية واشتراطاتها التخطيطية والبنائية، والإرشادات الخاصة بالشوارع التجارية، والمعايير والاشتراطات التخطيطية لمشروعات الهايبر ماركت، الإرشادات الخاصة بتطوير المرافق الخدمية للتعليم الخاص والصحة والمناطق الساحلية والنموذجية، القواعد والمبادئ الإرشادية لشبكات مرافق البنية التحتية.

وحدات سكنية

وعلى صعيد الوحدات السكنية تشير المعطيات إلى أن الاتجاه الصاعد لعمليات الإنشاء في القطاع العقاري حيث ستستمر على المدى المتوسط والطويل، مع توقعات بتسليم أكثر من 58 ألف وحدة سكنية و650 بناية وبرجاً حتى عام 2020. وتؤكد التقارير الميدانية أن عدداً كبيراً من هذه المشاريع باشر بالفعل عمليات الإنشاء، وسيتم تسليم عدد منها خلال العام الحالي 2018. وتعتبر المشاريع التي يتم تنفيذها في الوقت الراهن نوعية جديدة من المساكن الفخمة وبأسعار جيدة والتي من شأنها أن تعمل على تحريك السوق. وفي ذات الوقت يعمل المطورون العقاريون في قطر الآن على تنفيذ مشاريع سكنية ملائمة للجميع وبتشطيبات عالية ومجهزة بكل وسائل الترفيه بهدف المدينة على الاستمرارية في العمل.

وحدات مكتبية ومساحات تجارية

وعلى صعيد المساحات التجارية قال تقرير الأصمخ للمشاريع العقارية إن زيادة طلب المستهلكين بسبب تدفق العمالة كلها عوامل أساسية أدت إلى زيادة الطلب على المساحات التجارية في قطر. وأضاف بأن قطر تملك في الوقت الحالي أكثر من «1.7» مليون متر مربع من المساحات التجارية التي من المتوقع أن ترتفع إلى»2.3» مليون متر مربع عقب انتهاء العمل في بعض المشاريع الكبرى خلال العامين القادمين.

وفي إطار المساحات المكتبية والإدارية ، سيضيف قطاع المكاتب «150» ألف متر مربع إضافية نهاية العام الحالي 2018، حيث تبلغ مساحة المكاتب في قطر حالياً نحو «4» ملايين متر مربع منها «1.6» مليون متر مربع في منطقة الخليج الغربي وحدها. ومن المتوقع أن الاتجاه إلى زيادة الطلب للمساحات المكتبية داخل مناطق الدوحة سينمو بنسبة أكثر من منطقة الخليج الغربي خلال العام الحالي 2018، وذلك بسبب ميول الشركات الناشئة والشركات الصغيرة والمتوسطة إلى اختيار العقارات التجارية بأسعار منخفضة، وهذا يشير أيضًا إلى فرصة إعادة تطوير المكاتب في مناطق داخل الدوحة، في إشارة واضحة إلى أن المجال العقاري المحلي يتسم بقدر كبير من الحراك والفعالية، في الوقت الذي تستعد فيه دولة قطر لاستضافة سلسلة من الفعاليات الدولية على مدار الأعوام الخمسة المقبلة، مع استحواذ مونديال كأس العالم لكرة القدم 2022 على أغلب الاهتمام. وهكذا فإن نمو القطاع العقاري والإنشاءات العقارية سيكون مواكباً لحركة النمو والازدهار التي يعيشها الاقتصاد القطري الذي يعتبر من أكثر وأسرع الاقتصادات نمواً على مستوى العالم.

 

السابق
سيتروين C3 إيركروس المدمجة 2018.. تصميم فريد ورفاهية طائرات
التالي
حصة دسمة من المشاريع النوعية للمساكن الفخمة بأسعار قادرة على تحريك السوق