أبوظبي – وكالات – بزنس كلاس:
عندما تصل حكومة بلد ما إلى عدم إدارك الحد الفاصل بين الحريات العامة لمواطنيها والقانطنين على أراضيها وبين أمنها الوطني، تقع في الخطأ الجسيم الذي لا يجب على أي دولة أن تقع فيه. وتبدأ بالتجسس على كل مواطنيها باعتبارهم أشخاص مشكوك بولائهم حتى يثبتوا العكس في قلب عجيب لمعادلة مفهوم المواطنة والعلاقة بين الدولة والمواطن كما يجب أن تكون. وهذا بالضبط ما يحدث في الإمارات العربية المتحدة التي أطلقت وزارة لـ “السعادة” واستخدمتها في دعايتها الموجهة كمكان آمن لكل من يقطن على ترابها وكوسيلة لصرف الانتباه عن الأمور الخطيرة التي ترتكبها بحق شعبها في الغرف المظلمة.
فعندما نسمع ما جرى فيما يلي نعتقد بأنن نشاهد فيلم “هوليوودي” عن العميل السري “007” أو أحد أفلام حروب المخابرات المثيرة، لكنه في الحقيقة قصة ماساة ناشط حقوقي من الإمارات “بلد السعادة”.
باختصار، بطل الفيلم المحامي روبيرتو انقلبت حياته رأسا على عقب، وكذلك الناشط الحقوقي الإماراتي أحمد منصور المعتقل منذ أشهر. ومنصور تم التجسس على هاتفه النقال باستخدام برنامج تجسس لشركة إسرائيلية.
قصة منصور هي جزء بسيط من قصص أكبر فأبو ظبي تنفق ملايين الدولارات لشراء برامج التجسس على المواطنين والمقيمين على أراضيها.
وتتنوع مصادر برامج التجسس التي تسعى وراءها أبو ظبي، فكما تشتري برامج إسرائيلية فإنها تتعاون مع شركات بريطانية وألمانية وأميركية مختصة في هذا المجال.
تجسس ومراقبة واختراق وانتهاك للخصوصيات هذا ما تقوم به أبو ظبي.
خيوط لعبة وإن بدت غامضة فهي تتكشف من خلال تقارير صحفية وحقوقية، إذ اعتبرت الصحفية جينا ماكلولين المختصة بالرقابة والأمن القومي أن الإمارات تسعى إلى إنشاء دولة رقابة كاملة.
تزامن اهتمام أبوظبي بعمليات التجسس والمراقبة مع إنشاء شركة دارك ماتر المتخصصة في الأمن الإلكتروني في أبو ظبي التي تعرف نفسها بأنها حليفة إستراتيجية للإمارات.
تسعى لتجنيد خبراء إلكترونيين في مجال القرصنة ومكافحتها لتنفيذ هجمات إلكترونية واسعة والقيام بعمليات اختراق للأفراد والجهات.
إذ تسعى لاستغلال أجهزة الرصد الموجودة في المدن الإماراتية في المراقبة من خلال صناعة برامج وزرع برمجيات لتعقب واختراق أي شخص موجود على أراضيها.
تقوم ديرك ماتر بالبحث عن ثغرات في المواقع الإلكترونية وتوظفها بهدف اختراق الأجهزة والأنظمة الإلكترونية، كما يمكنها السيطرة على كاميرات المراقبة أو الهواتف النقالة.
سيمون ماركليتلي الباحث في مجال الأمن الإلكتروني رفض للعمل مع دار ماتر التي سعت لتوظيفه لعمله على أداة مفتوحة المصدر للتنصت على الاتصالات عبر الإنترنت.
وكشف مارغريت في مدونته الإلكترونية عن أن ذاك ماتر شركة أمنية متجذرة داخل المخابرات الإماراتية.
وذكر كيف حاولت الاستخبارات الإماراتية توظيفه للتجسس على شعبها إذ اخبرته الشركة أنها ستوصل مراصد تسمح باختراق الاتصالات اللاسلكية بين الأجهزة الشخصية والشبكات الرقمية مثل نقاط الدخول لاسلكية، والطائرات بدون طيار، وكاميرات المراقبة وغيرها.
ويؤكد مارغريت لأن النظام عين الصقر للمراقبة الذي أعلنت عنه أبوظبي العام الماضي يعني أنها باتت تملك بنية تحتية للتجسس في جميع أنحاء البلاد.
تصف منظمة الخصوصية الدولية خطط المراقبة التي تطبقها الإمارات بالمخيفة للغاية وأن البنية التحتية مصممة لمراقبة جميع الأشخاص والأجهزة في البلاد.
لم تتوقف عمليات أبو ظبي عند التجسس ومراقبة من يقيم على أراضيها، بل سعت لقرصنة مواقع خارج حدودها كما حدث في اختراق وكالة الأنباء القطرية ومواقع حكومية أخرى.
اختراق أدى إلى أزمة الخليج الحالية التي كشفت النقاب عن دور للجان الالكترونية التي تعبث بالرأي العام وتوجهه في اتجاه ضيق أو ترهبه لإسكات الرأي المعارض.
بنهاية كلمة عدو الدولة لم يحدد عضو الكونجرس الحد الفاصل بين حماية الأمن القومي والحريات الشخصية وكذلك فعلت أبو ظبي.