عندما شاهدنا ونحن صغار فيلم كارتون الأطفال ماوكلي وطرزان، اللذين تربَّيَا في الأدغال، كنا نظن أن هذه القصص أساطير خيالية لا تحدث في الواقع، ولكن المفاجأة التي لم نكن نتوقعها أن هناك بالفعل أطفالاً تربوا في الغابات والأدغال على أيدي الحيوانات.
في هذا التقرير نستعرض بعضاً منها:
1- مارينا شابمان – فتاة بلا اسم تربَّت على يد القرود
تحكي مارينا شابمان التي وُلدت عام 1950 كيف اختُطفَت وهي في الخامسة من عمرها من بيتها في كولومبيا، حيث تركها المختطفون في أدغال الأمازون، لتعيش بعدها خمس سنوات مع القِرَدة، تأكل مثلهم وتصطاد الطيور والأرانب، وتتسلق الأشجار، حتى إن أحد القِرَدة أنقذها من الموت عندما تناولت طعاماً فاسداً، فأمسك برأسها وأخذ يخفضه في الماء ويرفعه عدة مرات، حتى امتلأت معدتها بالماء، لتتقيأ الطعام الفاسد كله.
بعد خمس سنوات عَثر عليها بعض الصيادين، فاقدة لأي لغة للتواصل مع البشر، فقاموا ببيعها لأحد بيوت الدعارة، لكنها هربت منه وعاشت في الشارع لفترة، تعلّمت فيها لغة البشر، ثم التحقت بالعمل في إحدى الحضانات كمربية، وهناك تعرفت على زوجها.
ألَّفت مارينا شابمان كتاباً تحكي فيه قصتها، وسمَّته “فتاة بلا اسم”، وقامت قناتا ناشيونال جيوغرافيك وأنيمال بلانيت بإنتاج أفلام وثائقية تحكي قصتها بالتفصيل.
2- أوكسانا مالايا – طفلة تربَّت على يد الكلاب
هناك العديد من الأمثلة عن أطفال تربوا على يد الكلاب، لكن أوكسانا مالايا كانت من أكثر الأطفال تأثراً بها، وقصتها معها درامية.
وُلدت أوكسانا في أوكرانيا عام 1983، لأبوين مدمنين للخمر، تركاها في الخلاء وهي رضيعة في الثانية من عمرها، فزحفت حتى وصلت إلى مكان مليء بالكلاب داخل مزرعة، وهناك مكثت لستّ سنوات بينها.
وعندما عُثِر عليها كانت أوكسانا تمشي على أربع، وتنبح كالكلاب، وتلهث مثلها تماماً، ولم تكن تعلم من لغة الكلام إلا كلمتي “نعم” و”لا”، كما أنها لم تكن تشعر بحاجتها إلى الكلام أصلاً، فكانت تنبح فقط.
تعيش أوكسانا حالياً في مصحة علاجية في أوديسا، لمحاولة تقويم سلوكها، كما أنها تعمل مع الحيوانات في مزرعة المصحة.
3- ماركوس بانتوخا – الإسباني الذي تربَّى على يد الذئاب
كان الطفل ماركوس بانتوخا يعيش مع أحد رعاة الغنم في جبال سييرا مورينا بإسبانيا، وعندما بلغ من العمر ست سنوات مات راعي الغنم، وترك بانتوخا وحيداً حتى وجد ذئبة تعيش مع أبنائها، أخذت تلعقه بلسانها، وتجلب له الطعام مثلما تفعل مع أبنائها.
وعاش بانتوخا مع الذئاب حتى أتم التاسعة عشرة من عمره، ثم عثرت عليه الشرطة ونقلته ليعيش حياة طبيعية في إحدى مدن إسبانيا، وهو الآن في الستين من عمره، ويقوم بتدريس الأطفال في المدارس كيفية التعامل مع الحيوانات في الغابة.
4- سيدي محمد – الطفل النعامة الذي تربَّى على يد الطيور
هل يمكن أن يتربَّى إنسان على يد الطيور؟ هذا ما تجيب عنه قصة سيدي محمد، المولود عام 1930 لأسرة من شمال إفريقيا.
تعود قصته إلى عام 1935، عندما كان يبلغ من العمر حوالي خمسة أعوام، خرج ليتجوّل وحيداً في الغابة فوجدته مجموعة من النعام، فقامت بإطعامه العشب وتعليمه الجري مسرعاً مثلهم، وتحريك ذراعيه مثلما تحرك النعام أجنحتها.
وعثر بعض الصيادين على محمد بعد أن أمضى ست سنوات مع النعام، وأعادوه إلى عائلته وقد عاش بعدها حياة عادية.
5- الطفل الغزال – ريو دي جانيرو
في عام 1960 كان عالم الأنثروبولوجيا جين كلود أوجيه يتجول في صحراء ريو دي جانيرو، عندما وجد صبياً في العاشرة من عمره يركض مع الغزلان عارياً في الصحراء، فترصَّده لعدة أيام حتى يتمكن من الإمساك به، نظراً لأنه كان سريع الركض كالغزلان.
وبعد أن نجح في الإمساك به، بدا له الصبي قويّ العضلات ونحيل الجسد، وكان ينام في وضع التأهب، وكانت لغته عبارة عن صرخات مكتومة مثل لغة الغزلان تماماً.
تغلّب الفضول على العالم جين أوجيه، فحاول مسابقته بالسيارة، فوصلت سرعة الصبي إلى 34 ميلاً في الساعة، وهي سرعة كبيرة لا يصلها العداؤون في سباقات العدو، لكن الصبي فُقِد بعد ذلك، وفشلت كل المحاولات في العثور عليه.
6- نج شاهيدي – 38 عاماً في الأدغال
فَقدَت الطفلة نج شاهيدي الهندية عائلتها، عندما تاهت منهم وهي في الرابعة من عمرها في الأدغال، وفشلت كل محاولات العثور عليها.
كان أبواها يسمعان باستمرار حكايات عن فتاة، وبعدها عن امرأة عارية تعيش في الأدغال، وفي كل مرة يذهبان للعثور عليها دون جدوى، ولم يتمكنا من العثور عليها إلا في عام 2012 بعد مرور 38 عاماً.
وجدت العائلة نج في أدغال ميانمار عارية، لا تعرف من الكلمات إلا القليل جداً، وكانت نحيلة ويبدو عليها الضعف، ولكن الغريب -والجيد في الوقت ذاته- أن نج لم تتأثر بشكل كبير بالحيوانات التي عاشرتها في الغابة، فقد كانت تمشي بطريقة عادية، واستجابت لمحاولات تعليمها نطق الكلمات التي بدأتها معها العائلة.
ورفضت عائلتها التصوير والعلاجات النفسية ومحاولات دراسة حالتها من قِبل الجمعيات ومراكز الدراسات، وفضلوا أن تعيش معهم بعيداً عن الأضواء وأن يتولوا مهمة تأهيلها بأنفسهم.
7- ترايان كالدارار – ماوكلي الروماني
في رومانيا عام 2002 شاهدت والدة ترايان طفلها ذا السبعة أعوام في التلفاز بعد أن عُثِر عليه في غابات ترانسلفانيا.
كانت والدته قد فقدت كل اتصال به، بعد أن فرت هاربة من والده -الذي كان دائم الضرب والتعنيف لها- قبل هذا التاريخ بثلاثة أعوام.
وعثر أحد الرعاة على ترايان عاري الجسد، يجلس على صندوق ولا يستطيع الكلام، وكان يعاني من سوء التغذية والكساح، وقد رجّح الأطباء أنه تلقى العناية من الكلاب البرية في الغابات ولولاها لما عاش كل هذه الفترة.
وقد وُضِع ترايان في ملجأ للرعاية والملاحظة لفترة، ولقّبه فريق المستشفى المعالج له بـ”ماوكلي”، ولاحظ الأطباء عليه علامات العنف عند الجوع، وأنه كان يفضل النوم تحت السرير.
بعد الاعتناء به لفترة تم تسليمه إلى والدته، وهو الآن يعيش معها في قرية نائية في ترانسلفانيا قرب الموقع الذي عثر عليه فيه.