في 5 سنوات.. توفير 33% من مياه قطر الجوفية

الدوحة – بزنس كلاس:

تعتبر مصادر المياه العذبة واحدة من أهم العقبات التي تواجه قطاع الزراعة في دولة قطر نظراً لطبيعة البلاد الصحراوية حيث من الطبيعي أن تكون المياه نادرة. ومع ندرة المياه يبدأ القلق على مصير المياه الجوفية لا سيما إذا تم استنزافها بسرعة دون تأمين مصدر مستدام للمياه. وضمن هذه الرؤية عملت وزارة البلدية البيئة منذ خمس سنوات على خطة متكاملة بهدف الحفاظ على ديمومة مصادر المياه والمحافظة على أكبر قدر من المياه الجوفية في قطر.

وفي هذا الإطار، نجحت وزارة البلدية والبيئة خلال الـ 5 أعوام الماضية في الحد من استنزاف المخزون الجوفي من المياه بنسب تصل الى 33 % من معدلات الاستهلاك الزراعي منها والتي تبلغ 230 مليون متر مكعب بالسنة، وذلك على إثر تبني وتطبيق الوزارة لحزمة من الإجراءات ووسائل الدعم التي تستهدف تطوير نظم الزراعة والري في اكثر من 1400 مزرعة منتشرة في مختلف ارجاء الدولة الان، وتكشف سجلات الوزارة ان العمل يتواصل من اجل توفير 70% من مياه الخزان الجوفي ضمن الخطة الخمسية الراهنة بالتزامن مع رفع معدلات انتاج الغذاء الى حد الاكتفاء من الأغذية الطازجة بنهاية تلك الخطة.

طبيعة الخزانات

ويجيء نجاح الوزارة في وقت تم الإعلان فيه رسمياً عن تشغيل المرحلة الأولى لأكبر 24 وحدة اقيمت بالدولة اعتبرها الخبراء أكبر الخزانات الإستراتيجية في العالم تتم اقامتها في دولة قطر بسعة 500 مليون جالون من المياه، وهو ما يكفي لتلبية الطلب على المياه العذبة لمدة أسبوع كامل. وتعتبر الخزانات التي يتمّ بناؤها أكبر الخزانات الخرسانية في العالم بمساحة 300 متر طولاً و150متر عرضاً وبإرتفاع 12 متراً لكل خزان. وتنتشر الخزانات في 5 مواقع مختلفة تُغطي كافة المناطق بالدولة وذلك في كلٍ من «أم صلال وأم بركة وروضة راشد وأبو نخلة والثمامة»، بالإضافة الى أعمال ربط هذه الخزانات بشبكة توزيع المياه المحلية الحالية لتتواءم مع الزيادة السكانية والنمو العمراني الذي تشهده الدولة.
وتبلغ تكلفة بناء الخزانات -التي ستزيد من أمن المياه في قطر- نحو 4.7 مليار دولار، بما يقدر بـ17 مليار ريال. ويهدف المشروع كمرحلة أولى إلى رفع المخزون الإستراتيجي من المياه حتى عام 2026، بسعة إجمالية تبلغ حوالي 2273 مليون غالون (10.3 مليون متر مكعب).

أهمية الخزان الجوفي

ووفق تقرير للقطاع الزراعي بوزارة البلدية والبيئة فإن «المخزون الجوفي من المياه يغطي حاجيات الدولة وهناك آبار تم حفرها ومجهزة ويمكن استخدامها في أية لحظة، بيد أنه من أجل توفير المياه الجوفية تعمل اجهزة الدولة المعنية على استغلال مياه البحر للاستهلاك العام،على أن يتم تطوير المخزون الجوفي للاستخدام في حالة الطوارئ الى جانب الزراعة».
والتكنولوجيا التي استخدمتها دولة قطر في مشروع الخزانات الكبرى، لا توجد في أي خزان في العالم حيث تم مراعاة الحفاظ على الماء المخزن، وهذا من خلال عدم ركود المياه، بتطبيق أحدث نظام يمنع ركودها، إذ أن الخزانات من الداخل مقسمة على هيئة غرف، حيث ستمر المياه داخل الخزان بقنوات، ستكون عبارة عن فتحات وزوايا محددة ومدروسة بعناية، فضلًا عن المراوح داخل الخزانات، والتي سيتم استخدامها لأول مرة في العالم، والتي ستعمل على تحريك المياه بشكل مستمر وتجديد تهويتها بهدف عدم ركودها.
وتشير تقارير معهد قطر لبحوث البيئة والطاقة ان إستهلاك المواطن القطري من المياه يصل الى نحو 600 لتر يومياً 99 % منها مياه محلاة، مقارنةً بمعدل استهلاك يتراوح بين 150 لتراً إلى 250 لتراً خارج دولة قطر. وتشير تقارير المعهد الى انه وفق النظام المتبع في الدول الخليجية ومن بينها قطر فإن انتاج متر مكعب واحد من المياه المحلاة يستهلك 5 كجم من الوقود، بينما في باقي دول العالم يجري استخدام نظام «التناضح العكسي لمياه البحر» والذي يتميز بأنه لا يستهلك سوى ربع مقدار الطاقة المستخدمة في نظم التحلية الخليجية، بيد ان النظام الخليجي هو الأكثر أمانا.

الآبار في قطر

وتكشف وثائق مؤتمر الخليج العاشر للمياه أن خزان المياه الجوفي الطبيعي في دولة قطر ينقسم إلى قطاعين وهما «الشمالي والجنوبي»، وتوجد 8509 آبار جوفية في قطر منها 6299 للمزارع، 1295 حكومي، 665 منازل، 280 صناعي، وبالتالي فإن المزارع تستخدم 74% من مجموع تلك الابار، وتصل اعماق الابار بالدوحة الى 13.8 متر، وبالشمال الى 40.7 متر وفي الجنوب تصل تلك الأعماق الى 31.9 متر وفي ابوسمرة الى 25.6 متر.
ويقدر ما يتم ضخه من الابار سنويا 248.7 مليون متر مكعب من بينها 226 مليون متر مكعب للمزارع 79.9 % منها يجري ضخه من منطقة الشمال. وتقدر احصائيات منظمة الاغذية والزراعة العالمية الفاو متوسط التغذية السنوية للمياه الجوفية جراء هطول الأمطار في الداخل القطري بنحو 55.9 مليون متر مكعب في السنة، ويتكون ثلثا سطح الأرض في قطر من نحو 850 منخفضا متجاورا بها مناطق للصرف ومناطق لتجمع المياه تتراوح من 0.25 كيلو متر مربع إلى 45 كيلو مترا مربعا بمساحة إجمالية قدرها 7 كيلو مترات مربعة. وفي حين أن التغذية المباشرة من مياه الأمطار قد تحدث أثناء العواصف العنيفة والنادرة للغاية.
ويكشف الدكتور محمد السر أخصائي الاقتصاد الزراعي في دراسة له أن وزارة البلدية والبيئة تنفذ منذ اعوام حزمة من البرامج والاجراءات للمحافظة على وقف استنزاف الموارد الطبيعية والزراعية مثل: المياه حيث جرى إنشاء اللجنة الدائمة للموارد المائية، وتبني الاستراتيجية الوطنية للكهرباء والمياه، والمحافظة على مخزون المياه الجوفية، والحفاظ على التربة وصلاحيتها للزراعة، وذلك عبر الاستزراع الصحراوي، وتوزيع بيوت محمية على اصحاب المزارع التي تعمل على الانتاج لفترات طويلة، وعمل أحزمة تمنع انجراف التربة، وزراعة محاصيل تتناسب مع قوام التربة، وإضافة مخلفات الحيوانات إلى التربة، واستخدام الزراعة العضوية التي تعمل علي خفض 11% من الغازات المسببة للاحتباس الحراري.

جهود البلدية

ويقول الدكتور يوسف خالد الخليفي مدير ادارة الشؤون الزراعية “تم ابرام اتفاقية بين بنك قطر للتنمية ووزارة البيئة لتمويل البنك للأنشطة الزراعية بأنواعها ( نباتي – حيواني – سمكي ) بفائدة 1 % فقط على مدار 8 سنوات، وجميع المزارع التي استفادت من القرض كان بهدف انشاء بيوت محمية ونظم ري حديثة، وهو الهدف المحدد من قبل الوزارة، وتراوح عدد البيوت التي تم انشاؤها بالقرض للمزرعة الواحدة بين 5 بيوت كحد ادنى، و50 بيتا كحد اقصى، الزيادة في انتاج الخضروات بالمزرعة الحاصلة على القرض الزراعي حوالي 50 طنا من الخضروات في الموسم الواحد. نسبة التوفير في استهلاك المياه للمزارع الحاصلة على قروض بلغت حوالي 70 % من استهلاك المياه نتيجة تركيب نظم الري الحديثة.
وتبلغ مساحة الاعلاف الخضراء المزروعة بالدولة حوالي 5183 هكتارا تمثل حوالي 50 % من المساحة المحصولية، ولكون ان الاعلاف اكثر المحاصيل استهلاكاً للمياه، فإن اجمالي كمية المياه المستهلكة سنوياً لزراعة الاعلاف تبلغ حوالي 130 مليون متر مكعب. في محاولة منها لترشيد إستهلاك المياه “تقوم خطة البلدية والبيئة على تقليل زراعة الاعلاف الخضراء بنسبة 80 % من المساحات الحالية وهو ما يوفر حوالي 104 ملايين متر مكعب سنوياً يتم استغلالها لزراعة الخضروات وذلك من خلال ربط الدعم المقدم للمزارع بالاستجابة لتقليل مساحات الاعلاف تدريجياً. نشر البيوت المحمية المبردة لتشجيع زراعة الخضروات كبديل للأعلاف. منع حفر آبار جديدة منذ عام 2007، وردم الآبار المخالفة. والتوسع في انشاء مزارع الاعلاف المروية بمياه الصرف الصحي المعالج لتلبية الطلب المحلي المتزايد على هذه السلعة.

الهايدروبونيك والأعلاف البديلة

يؤكد حسن إبراهيم الأصمخ رئيس قسم البحوث النباتية ان الإدارة تعمل على نشر الاعلاف الموفرة للمياه (الليبيد – الصبار العلفي)، ويتم تطبيقها حالياً في اكثر من 30 مزرعة منتجة للأعلاف بقطر. ويجيء ذلك في اطار التوسع الزراعي المطرد في زراعة الأعلاف المروية لسد احتياجات الحيوانات المتزايدة، حيث إن محاصيل الأعلاف التقليدية لها عيوب كثيرة إذ إنها تستهلك كميات كبيرة من المياه وتحتل أكثر الأراضي خصوبة حيث أنشئت على الروض، وهو ما أفقد التربة مخزونها من البذور وتنوعها البيولوجي.
ويقول على الكعبي صاحب المزرعة العالمية إن خطة تطوير المزارع تمضي بالتعاون مع وزارة البلدية ومن جانبه فإن مزرعته تستخدم نظام الهايدروبونيك في إنتاج أجود أنواع الخضار والفاكهة ويساهم هذا النظام في توفير 90% من المياه إلى جانب توفيره مساحات كبيرة من الاراضي ومساهمته في انتاج خضار نظيف يحافظ على البيئة والصحة العامة، ويضيف الكعبي أنه ينفذ في مزرعته خطة تستهدف تحويل نظم الزراعة فيها الى الهايدروبونيك من أجل ترشيد المياه وإنتاج منتج جيد أكثر جودة وإنتاجا.

السابق
هل تعلم أن الفول السوداني ليس من المكسرات؟
التالي
التعليم: تعديل أنصبة بعض المعلمين والمواد الدراسية والجدول المدرسي