في موسكو.. تاريخ “لؤلؤ” قطر

الدوحة – بزنس كلاس:

دشّنت متاحف قطر أمس الأول، النسخة الجديدة من معرضها الشهير دولياً “اللؤلؤ: كنوز من البحار والأنهار” بالعاصمة الروسية موسكو، بحضور عدد من كبار الشخصيات، في مقدمتهم السيد منصور بن إبراهيم آل محمود، الرئيس التنفيذي لمتاحف قطر والمستشار الخاص لسعادة رئيس مجلس الأمناء، وسعادة السيد فهد بن محمد العطية، سفير دولة قطر لدى روسيا، وذلك ضمن فعاليات العام الثقافي قطر روسيا 2018.
ويضم المعرض – الذي يُقام في متحف الدولة التاريخي في موسكو ويتواصل حتى مطلع أكتوبر المقبل- 50 قطعة من المجوهرات الثمينة والمشغولات المصنوعَة بحرفية شديدة من لآلئ أنهار آسيا الوسطى، ومن بين المعروضات 20 قطعة جديدة لم يسبق عرضها من قبل، في حين يتيح المعرض للزائرين فرصة نادرة لإمتاع نظرهم بتشكيلة من أرقى مجوهرات اللؤلؤ في العالم واللآلئ الطبيعية النادرة التي تنتمي جميعها لمتاحف قطر.
ويبدأ المعرض بمجموعة من المجوهرات التي تقدم للزائر لمحة عن التاريخ الطبيعي للؤلؤ وكيفية تكوينه، مسلطة الضوء على كثير من الحقائق غير المعروفة التي من شأنها أن تدهش الزائرين وتُصحح الكثير من المفاهيم المغلوطة حول اللؤلؤ، ومنها أن اللؤلؤ يتشكّل حول حبات الرمال، وينتقل بعد ذلك لعرض مجموعة من أنواع اللآلئ المختلفة التي ينتجها المحار في أنحاء مختلفة من العالم، بالإضافة إلى عرض فريد لتشكيلة من اللآلئ الطبيعية، بعضها نادر الوجود، كتلك القادمة من الأنهار الأمريكية، ثم يواصل المعرض تألقه بعرض قطع تروي قصة اللؤلؤ في قطر، مبرزاً أوجه التشابه بين تاريخ صناعة اللؤلؤ في قطر ونظيرتها في روسيا.

زيادة التقارب
قال قيّم المعرض الدكتور هوبرت باري: “اللؤلؤ مصدر إلهام للفنانين والرسّامين منذ أمد طويل لما يتمتع به من أناقة وما يوحي به من غموض، سيجيب هذا المعرض المتنوع على العديد من الأسئلة التي تدور حول العجائب الطبيعية التي تحويها البحار والأنهار، مصطحباً زواره في رحلة مدهشة يبحرون خلالها في تاريخ صيد اللؤلؤ في قطر”.
وأضاف: “معرض اللؤلؤ من أبرز فعاليات العام الثقافي قطر روسيا 2018 الذي يسلط الضوء على ثقافتين عظيمتين، وسيكشف المعرض عن قواسم تاريخية مشتركة بين البلدين عبر اللؤلؤ المستخدَم في التصاميم التقليدية وصناعة المجوهرات، آملين أن يسهم ذلك في زيادة التقارب بين البلدين وشعبهما”.
توثيق التاريخ
يعكس المعرض فضول القطريين بمعرفة ماضيهم وسبر أغوار تراثهم، حيث عادة ما يلجَأون في تقصي التاريخ إلى الروايات الشفهية، كما يوثّق المعرض تاريخ اللؤلؤ في قطر، مستعرضاً الوسائل القديمة التي استخدمها الغواصون لصيده، ومقدماً لمحة عامة عن الأنشطة التي مارسها تجار اللؤلؤ في دول الخليج.
وقد أثبتت الاكتشافات الأثرية أن اللؤلؤ كان سبباً أساسياً في نمو وتطوير الدولة قبل بزوغ عصر النفط والغاز بفترة طويلة، وقد كان اللؤلؤ القطريّ يتم اصطياده من الخليج العربي، ومنذ أكثر من 5 آلاف عام، صار هو المصدر الرئيسي للدخل في قطر، إذ كان يتم تصديره بكميات وفيرة، وهو ما أدى إلى انتعاش طرق التجارة الرئيسية، ومن هنا نشأ التراث الثري للمنطقة وتحددت ملامح هويتها التي لا يزال حضورها واضحاً حتى الآن، ولكل من قطر وروسيا تاريخ طويل مع اللؤلؤ يضرب بجذوره في عمق الماضي، ففي روسيا كان حضور اللؤلؤ طاغياً في المجوهرات والمنسوجات منذ العصر البيزنطي، ولم يكن الروس يستخدمون لؤلؤ البحار، بل كان اعتمادهم على اللؤلؤ الذي يعيش في معظم الأنهار والبحيرات في جميع أنحاء الإمبراطورية الروسية. وقد كان هذا اللؤلؤ يدخل في صناعة المنسوجات الجميلة وغطاء الرأس الشعبي في روسيا “الكوكشنيك” والمجوهرات، بالإضافة إلى تزيين أشياء أخرى تستخدم في الحياة اليومية مثل سروج الخيل.
بناء العلاقات
جرى إطلاق البرنامج هذا العام رسمياً في السفارة القطرية في موسكو في اليوم الوطني لدولة قطر، حيث جرى تنظيم معرض عن الثقافة القطرية في السفارة لتعريف الضيوف بالعادات القطرية ومنحهم فكرة عامة عن قطر في الوقت المعاصر، واستُكمِل الاحتفال بتدشين العام الثقافي في الدوحة من خلال تنظيم حفل أحيته فرقة الباليه الروسية الشهيرة “إيغور موسييف باليه” بدار الأوبرا في كتارا في شهر فبراير 2018، ويضم برنامج العام الثقافي الذي يُقام سنوياً العديد من المعارض والفعاليات المختلفة إلى جانب ورش العمل الأدبية والفنية وعروض الأفلام والحفلات وعروض الأداء ومعرض تجاري سيستمر حتى 2019.
والعام الثقافي قطر روسيا 2018 يُعد جزءاً من مبادرة “الأعوام الثقافية” التي تُقام تحت رعاية سعادة الشيخة المياسة بنت حمد بن خليفة آل ثاني، رئيس مجلس أمناء متاحف قطر، حيث تهدف هذه المبادرة إلى تعزيز التفاهم بين البلدان وشعوبها من خلال التبادل المشترك للفنون والثقافة والتراث. كما تتيح المبادرة هذا العام فرصة لبناء علاقات مستدامة بين أفراد المجتمعين القطري والروسي وتعزيز التعاون المتواصل بينهما.
مجموعة تاريخية
يعرض المعرض مجموعة مذهلة من المجوهرات والمشغولات اليدوية، التي تنتمي لبلدان وعصور مختلفة، بداية من تماثيل اللؤلؤ الصغيرة المصنوعة بحرفية بالغة الدقة، والتي تعود للقرن السابع عشر وحتى التحفة الحديثة المعروفة باسم “فروزن” لصانع اللآلئ الفيتنامي سام ثو دونغ، ومن بين النفائس الأخرى الذي يضمها المعرض، مجوهرات من إبداع دار كارتييه العريقة، وأقراط إليزابيث تايلور المصنوعة من اللؤلؤ الطبيعي من دار بولغاري، وتاج يأسر الألباب اعتمرته أرشيدوقية النمسا ماري فاليري، ودرر أخرى تعود لعصور الممالك الأوروبية وغيرها من العرقيات والقبائل مثل زينات الرأس والأقراط من منطقة التبت ومشغولات اللؤلؤ من روسيا وآسيا الوسطى.
النسخة السادسة
يعد معرض اللؤلؤ أحد أبرز الفعاليات الدولية التي تنظمها متاحف قطر وأول معارضها المتنقلة. ويهدف المعرض إلى تعريف الجمهور بتاريخ صناعة اللؤلؤ والتغيّر الكبير الذي أحدثته في قطر والعالم، وهذه هي النسخة السادسة التي ينظم فيها معرض اللؤلؤ: كنوز من البحار والأنهار خارج دولة قطر، وكانت آخر محطاته عام 2016 في الصين ضمن برنامج العام الثقافي قطر الصين 2016.
السابق
QNB يعلن البيانات المالية للستة أشهر المنتهية في 30 يونيو 2018
التالي
برنت دون مستوى 77 دولار للبرميل