في واحدة من أبشع تجليات العنصرية المقيتة التي تعشعش في رؤوس طيف واسع من اللبنانيين ضد اللاجئين السوريين الذي لم يكونوا ليدخلوا لبنان حتى لو كان جنة الله على الأرض لو لا هربهم من وجه الموت العشوائي الذي حصد أرواح مئات الآف في سوريا، نشرت وسائل إعلام جريمة قتل بدم بارد ارتكبتها الشرطة اللبنانية قبل الفتاة اللبنانية التي دهست بسيارتها فتى سوري يعمل في توصيل الطلبيات إلى المنازل ربما ليعيل من تبقى من أسرته على قيد الحياة في “بلدهم الثاني” لبنان”.
في الحادث، دهست الفتاة بسيارتها الفتى السوري وجاءت الشرطة اللبنانية مسرعة لتترك الفتى ينزف حتى الموت على الأرض بكل دم بارد، وتهرع إلى المرأة اللبنانية التي دهسته لتواسيها وتخفف عنها وطأة دهس “هذا الشيء السوري”.
وهذه الحادثة ليست الأولى من حالات الاعتداء الوحشي والعنصررية الصريحة التي يمارسها الشارع اللبناني “بشكل وقح” سواء على أرض الواقع أو من خلال بعض وسائل الإعلام اللبناينة التي تمارس تحريضاً غير مباشر ضد اللاجئين السوريين على اساس يومي. فقد ضجت وسائل الإعلام الإقليمية والدولية قبل فترة بالكليب الغنائي “العنصري بامتياز ضد السوريين الذي بثته قناة الجديد اللبنانية وقبلها تسرب كثير من الفيديوهات التي تظهر “الحقد الكبير” والعنصرية المقيتة التي يمارسها حزء كبير من الشارع اللبناني ضد السوريين باعتبار الأمر في إطار وعي مجتمعي عام وليست حالات فردية شاذة كما يحاول مسؤولي لبنان إطهار الأمر. فبعض بلديات الدولة اللبنانية تنشر إعلانات رسمية على الملأ مثلا تفرض فيها على السوريين المقيمين ضمن نطاق صلاحياتها حظر تجول على السوريين تحديداً دون سواهم من الأجانب المقيمين في لبنان محذرة إياهم بالويل الثبور إذا ما تجرأوا وسواها من حالات الاعتداء العنيفة التي تتضمن الضرب المبرح والإهانات الجسدية واللفظية ضد السوريين الأمر الذي ينتشر كعرف اجتماعي في شريحة واسعة جداً داخل المجتمع اللبناني، بالرغم من حقيقة أن عدد لا بأس به من اللبنانين يرفض هذا الأمر جملة وتفصيلا معتبرين أن ما يجمع سوريا ولبنان أكبر بكثير من هكذا حالات فردية لا يجوز أن يحاكم شعب كامل على تجاوزاتها.
وبالعودة إلى جريمة القتل التي تمت الثلاثاء الماضي، نشرت صفحات لبنانية مقطع فيديو يظهر وفاة لاجئ سوري بعد أن صدمته سيارة تقودها فتاة لبنانية، تركته الشرطة يواجه الموت دون نقله على وجه السرعة إلى المستشفى.
وقالت صفحة تحمل اسم “وينيه الدولة الثالثة”، إن الحادث وقع صباح الثلاثاء على الطريق البحرية بقضاء كسروان، بعد أن صدمت سيارة تقودها فتاة، عامل “ديليفري” من الجنسية السورية يعمل لدى أحد المطاعم في المنطقة، إذ اختار الجميع مواساة الفتاة وتركوا المصاب على الأرض ينازع حتى فارق الحياة.
وأوضحت الصفحة التي نشرت المقطع، أن سائق الدراجة النارية السوري أصيب إصابات قاتلة؛ لكنه بقي ينازع لوقت قصير دون أن يأتيه العون من أي من المارة في الشارع، أو الأجهزة الأمنية لمحاولة إنعاشه أو إنقاذ حياته.
ونقلت عن شاهد عيان قوله، إن طبيبة توقفت في مكان الحادث كانت في طريقها إلى عيادتها، وقامت بفحص ضغط الدم للمصاب وضربات قلبه، وأكدت الطبيبة أن العامل السوري المصاب لن يعيش طويلًا إن لم يُنقل إلى المستشفى وبسرعة.