فوربس: سراب رؤية 2030 السعودية!!

وكالات – بزنس كلاس:

واصلت وسائل الإعلام العالمية المتخصصة في انتقاد خطة التطوير الاقتصادي السعودية المعروفة بـ “رؤية السعودية 2030” واصفة إياها بالمحاولة الفاشلة لإصلاح ما يصعب إصلاحه. وكشفت مجلة فوربس أن المؤشرات بدأت تكثر حول وجود مشاكل حقيقية تهدد مشروع السعودية للتنمية والإصلاح الاقتصادي المعروف بـ رؤية 2030. وذكرت المجلة أن من بين تلك المؤشرات الانهيار الحاد في الاستثمارات الخارجية خلال العام الماضي، وارتفاع نسبة البطالة بين السعوديين، خاصة مع تزايد نسبة العمالة المغادرة، ومعاناة القطاع الخاص لتحقيق بعض النمو. وتضيف المجلة أن أكبر “دليل درامي” على أن الاقتصاد السعودي ليس بخير هو التراجع الحاد للاستثمار الداخلي، حيث انخفض صافي الاستثمار الأجنبي المباشر – بحسب أرقام أممية – إلى 1.4 مليار دولار، وقد كان يناهز 7.5 مليارات دولار قبل ذلك بعام.

وقالت المجلة إن محللين يؤكدون أن سعي المملكة لتنويع الاقتصاد والابتعاد عن الارتهان لمداخيل النفط عبر تنمية القطاع الخاص يبدو هدفا صعب التحقيق. وعى الرغم من تأكيد رجال أعمال سعوديين أنه لابد من أن يثق السعوديون في أن الوضع تغير وأن البلاد ماضية قدما نحو الأمام، فإن فوربس ذكرت أن هناك – إلى جانب المشاكل الاقتصادية – مشاكل قد تطفو على السطح وتؤثر على مشروع السعودية (رؤية 2030)، ومن بينها بروز معارضة قوية من داخل العائلة المالكة، وتنامي الغضب وسط فئات واسعة من الشعب السعودي وخاصة المعطلين.
مستوى قياسي للبطالة
وأظهرت بيانات نشرتها الهيئة العامة للإحصاء في السعودية أن معدل البطالة بين المواطنين السعوديين ارتفع إلى مستوى قياسي عند 12.9 بالمئة في الربع الأول من العام الحالي، حيث واجه أرباب العمل بالقطاع الخاص صعوبات بفعل ضريبة جديدة وارتفاع أسعار الوقود المحلية. وتظهر هذه الأرقام المصاعب التي تواجهها الحكومة مع مضيها قدما في تطبيق الإصلاحات الاقتصادية.
وتهدف الإصلاحات لتطوير صناعات غير نفطية وتوفير فرص عمل، لكنها تشمل أيضا خطوات تقشفية لسد العجز الكبير في الميزانية. وجرى فرض ضريبة قيمة مضافة بنسبة خمسة بالمئة في بداية العام الحالي. وتؤثر إجراءات التقشف سلبا على كثير من الشركات الخاصة. وسجل معدل البطالة في الربع الأول من العام أعلى معدل على الإطلاق منذ بدء حساب هذه البيانات في عام 1999، حيث تجاوز مستوى 12.8 بالمئة الذي بلغه في الأرباع الثلاثة السابقة.
وتسعى السلطات لجذب المزيد من السعوديين، خصوصا النساء، إلى القوة العاملة من أجل تعزيز كفاءة الاقتصاد وتخفيف العبء المالي عن الحكومة. لكن أحدث البيانات المعلنة لم تظهر تحقيق تقدم يذكر في هذا المجال، حيث انخفض عدد السعوديين الباحثين عن وظائف إلى 1.07 مليون في الربع الأول من 1.09 مليون في الربع السابق على الرغم من انخفاض عدد السعوديين العاملين.
وكشفت البيانات استمرار خروج مئات الآلاف من العمالة الأجنبية من السعودية بسبب ضعف الاقتصاد وارتفاع الرسوم التي يتعين على الشركات دفعها للحكومة لتوظيف عاملين أجانب. وانخفض عدد الأجانب العاملين في المملكة إلى 10.18 مليون شخص من 10.42 مليون في الربع السابق و10.85 مليون في الربع الأول من 2017، وهو انخفاض يؤدي لتباطؤ الاقتصاد لأنه يؤثر سلبا على طلب المستهلكين.
انهيار الاستثمارات
وأظهرت أرقام أصدرتها إحدى مؤسسات الأمم المتحدة المعنية بتدفقات الاستثمار الأجنبي تراجع الاستثمارات الأجنبية المباشرة الجديدة في السعودية إلى أدنى مستوياتها في 14 عاما، وذلك رغم الإصلاحات الاقتصادية الطموحة التي تضمنتها رؤية 2030 وتستهدف زيادة تدفقات رؤوس الأموال الأجنبية. وأفادت بيانات مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية بانكماش تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى 1.4 مليار دولار في 2017 من 7.5 مليار دولار في 2016 وهو ما يتماشى مع أرقام نشرها البنك المركزي السعودي.
وتستهدف الإصلاحات السعودية التي أُطلقت قبل عامين زيادة الاستثمار الأجنبي المباشر إلى 18.7 مليار دولار بحلول 2020 لخلق وظائف – البطالة بين المواطنين السعوديين نحو 13% – والمساهمة في تنويع موارد الاقتصاد المعتمد على صادرات النفط. و يلقي الاقتصاديون باللوم في ضعف الاستثمار الأجنبي على انحدار أسعار النفط منذ 2014، وأضر ذلك بالسعودية التي اضطرت إلى أخذ إجراءات تقشف أضرت بمواطنيها والعاملين بها. ونال التقشف من النمو في القطاع الخاص السعودي، مما ألقى بظلاله على الآثار الإيجابية للإصلاحات الهادفة لجذب الاستثمار مثل قوانين الشركات والإفلاس الجديدة ومساعي تبسيط الإجراءات الإدارية المعقدة، والتي قلصت الوقت اللازم لتسجيل الشركات الجديدة.
وقال جيسون توفي خبير اقتصاد الشرق الأوسط لدى كابيتال إيكونوميكس في لندن: «الأداء الاقتصادي الضعيف أثنى المستثمرين عن ضخ الأموال رغم الإصلاحات الاقتصادية الجارية». واستبعد توفي حدوث قفزة كبيرة في الاستثمار الأجنبي المباشر لأن أسعار النفط ستظل في المستقبل المنظور أكبر عامل محدد لمدى سلامة الاقتصاد السعودي. وقال: «ما لم نشهد مزيدا من الارتفاع في أسعار النفط، فإن الاستثمار الأجنبي المباشر سيظل منخفضا نسبيا». ومن جهته، قال كاتب الرأي دومنيك دادلي في مجلة «فوربس» إن الاستثمار الخارجي في السعودية قد انهار العام الماضي. واستند الكاتب إلى بيانات مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، ما يطرح أسئلة خطيرة حول منظور الإصلاح الذي تخطط له السعودية وفقا لرؤية 2030.
ويضيف أن الوضع قاتم أيضا عندما ينظر المرء إلى الاستثمارات القادمة للسعودية، مقارنة مع تلك التي تجتذبها دول غرب آسيا. فمع أن المملكة حصلت على ربع الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الفترة ما بين 2012 و 2016، إلا أنها لم تحصل العام الماضي إلا على نسبة 5.6% من إجمالي الاستثمارات. ويقول الكاتب إن الاقتصاد السعودي يخسر مقارنة مع الاقتصاديات التي تكسب حصصا كبيرة من كعكة الاستثمارات.
ونسب تقرير مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية انخفاض الاستثمارات في السعودية إلى بيع المصالح التجارية والقروض السلبية داخل الشركات من الشركات المتعددة الجنسيات. وكمثال أشارت إلى مجموعة شيل الهولندية/البريطانية التي باعت نسبة 50% من حصتها في شركة للبتروكيماويات إلى شريكتها الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك) بمبلغ 820 مليون دولار في أغسطس 2017.
والاستثمار الأجنبي المباشر للسعودية في تراجع منذ الأزمة المالية في عام 2008/ 2009، ومع أن مثل ذلك قد حدث في معظم منطقة غرب آسيا، حيث وصلت ذروتها إلى 85 مليار دولار عام 2008، إلا أن الوضع في السعودية هو الأسوأ من أي اقتصاد في جوارها، وهو الأسوأ من ناحية المستوى العالمي للاستثمار الأجنبي المباشر الذي تراجع إلى 23% العام الماضي، إلى 1.43 تريليون دولار.
ويرى الكاتب أن النتائج ستكون مثيرة لقلق صناع القرار في الرياض، حيث تعول الحكومة على أهمية اجتذاب المستثمرين الأجانب إلى البلد والمساعدة في تحقيق طموحاته لإصلاح الاقتصاد، التي تضم برامج لبناء مدن جديدة وفتح السياحة وإقامة أسواق ترفيه والتخفيف من القيود على ملكية الشركات الأجنبية المسجلة في السوق المالي. إلا أن الإجراءات التي اتخذتها السلطات أثرت على ثقة المستثمرين المحتملين والحقيقيين على حد سواء، فحوادث مثل اعتقال كبار رجال الأعمال في البلاد العام الماضي والاعتقالات الأخيرة للناشطات، طرحت عددا من الأسئلة حول حكم القانون والأمن المتوفر للمستثمرين.
السابق
الفيفا: قطر سوف تستضيف مونديال 2022 في هذا التاريخ
التالي
اكسسوارات من عروض الكروز 2019 لاطلالة عصرية