الدوحة – وكالات:
قالت فاطمة النعيمي مدير إدارة الاتصال في اللجنة العليا للمشاريع والإرث في حوار صحفي أجرته معها صحيفة “العرب” القطرية بأن الجملة لسحب استضافة قطر مونديال 2022 مستمرة وهي جزء من حملة إعلامية كبيرة تهدف إلى ما هو أبعد من ذلك بكثير كما نشرت كثير من وسائل الإعلام العالملية والعربية.
وفيما يلي نص الحوار:
نلاحظ عودة الحملة المغرضة ضد استضافة قطر لكأس العالم، فما الاستراتيجية التي تعملون عليها للرد؟
– الحملة ضد استضافة دولة قطر لبطولة كأس العالم لكرة القدم 2022 لم تتوقف، وهي في جزء منها أمر طبيعي تتعرض له كل الدول المستضيفة للفعاليات العالمية. ولكن ما بات جلياً بعد الحصار أن الجزء الأكبر من الحملة الإعلامية تحرّكه دول تحمل أجندة لا علاقة لها بكأس العالم أو بالرياضة، وإنما تستخدم استضافة قطر لبطولة كأس العالم باعتبارها أداة ضغط. واستراتيجية اللجنة العليا للرد على هذه الحملة هي جزء من استراتيجية الدولة بشكل عام، والتي نعمل فيها حنباً إلى جنب مع مكتب الاتصال الحكومي ووزارة الخارجية وغيرهم من الشركاء.
فمن جهتنا، نحن على تواصل دائم مع الجهات المعنية، وفي مقدمتها الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا»، الذي أكد مراراً على أن استضافة دولة قطر للبطولة أمر غير مطروح للنقاش، وأثنى على التقدم الذي تحققه الدولة في إنجاز المشاريع. كما أننا على تواصل دائم مع وسائل الإعلام لنوصل للجمهور المحلي والإقليمي والعالمي الصورة الحقيقية للأوضاع على الأرض، وذلك فضلاً عن مشاركة اللجنة الدورية في الفعاليات الرياضية العالمية والمحافل الدولية لعرض التطور الذي تحققه دولة قطر في التحضير لاستضافة البطولة. وكان آخر هذه المشاركات معرضاً أقامته اللجنة العليا للمشاريع والإرث على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، بالتعاون مع ممثلية دولة قطر في الأمم المتحدة ووزارة الخارجية.
ولكن من الضروري أن ننوّه هنا إلى أننا لا نرد على كل اتهام أو صوت يعلو هنا أو هناك؛ فجهدنا في النهاية يتركز على التحضير لاستضافة البطولة وتحقيق الإنجازات على أرض الواقع والتي ستكون أفضل رد على المشككين.
ما تأثير الحصار على سير العمل في مشاريع بطولة كأس العالم لكرة القدم قطر 2022؟
– لم يؤثر الحصار على سير العمل في مشاريع بطولة كأس العالم لكرة القدم، وما زالت التحضيرات جميعاً تسير وفق الجدول المحدد لها. فقط كان هناك بعض الاضطراب في توريد المواد في بداية الحصار نظراً للانقطاع المفاجئ الذي سبّبه الحصار، لكننا وبالتعاون مع مؤسسات الدولة المعنية نجحنا في إيجاد مصادر بديلة وفي وقت قياسي بفضل الله.
ولا بدّ هنا أن ننوّه إلى أن توجه دولة قطر لمورّدين وشركات من الخليج كان نابعاً من التزامها باستثمار بطولة كأس العالم لتطوير اقتصاد المنطقة، وليس نتيجةً لعدم وجود مصادر أخرى بالجودة نفسها والكلفة ذاتها، وبالتالي فإن خيار دول الحصار بوقف التعامل معنا لم يشكّل عائقاً كبيراً، واستطعنا والحمد لله إيجاد مصادر بديلة.
متهمون بأنكم لا تتعاملون بشفافية مع موضوع ظروف عمل العمال.. فما ردكم؟
– لقد رحّبت اللجنة العليا دوماً بكل الجهود البنّاءة، وتعاطت بإيجابية مع منظمات عالمية كمنظمة العفو الدولية، والاتحادات العمالية. وقد كان موقف دولة قطر مرتكزاً منذ البداية على إدراكها لوجود تحديات في سوق العمل، وضرورة العمل على تحسين أوضاع العمال. وجاءت بطولة كأس العالم لكرة القدم فرصةً لتركيز هذه الجهود والدفع بها قدماً.
لكن من الضروري أن نميّز هنا بين الجهود الصادقة التي كانت تضع نصب أعينها مصلحة العمال، والتي تعاطت بإيجابية مع الخطوات التي اتخذتها دولة قطر وتلك الأصوات التي كانت تحمل أجندات بعيدة عن حقوق العمال ومصالحهم وكانت تستهدف النيل من سمعة دولة قطر.
وتجدر الإشارة هنا إلى التعاون الوثيق بين اللجنة العليا للمشاريع والإرث والاتحاد الدولي لعمّال البناء والأخشاب، في خطوة هي الأولى من نوعها على مستوى المنطقة؛ إذ وقّعت اللجنة مذكرة تفاهم مع الاتحاد لينظّم مفتشوه جولات تفقدية في مواقع عمل وسكن عمال اللجنة العليا للمشاريع والإرث؛ لضمان تنفيذ معايير اللجنة وفحص تطبيقها على الأرض وتقييم هذه الإجراءات لضمان تطويرها بما يخدم مصالح العمال، وقد عد الاتحاد هذا التعاون مثالاً يُحتذى على المستوى العالمي، ودعا اللجنة العليا للمشاركة في مؤتمر حقوقي عمالي للحديث عن تجربتها في هذا المجال.
كما طوّرت اللجنة العليا للمشاريع والإرث معايير لرعاية العمال تتوافق مع القوانين القطرية ومع الممارسات العالمية في مجال حقوق العمال والحفاظ على أمنهم وسلامتهم، وقد سعت هذه المعايير لضمان حقوق العمال وأمنهم وسلامتهم في مواقع العمل وفي أماكن سكنهم أيضاً، بل امتدت مؤخراً لتشمل ممارسات التوظيف الأخلاقية في البلدان الأصلية للعمال، إلى جانب مساعدتهم على التكيّف مع التغيير الذي يتعرضون له عند مغادرة بلدانهم والانتقال للعمل في قطر.
ما دور اللجنة في تأهيل الشباب القطري للعمل في مشاريع كأس العالم؟
– منذ البداية شكّلت الكوادر القطرية جزءاً أساسياً من فريق عمل اللجنة العليا للمشاريع والإرث، وكان هناك حرص على الاستثمار في هذه الكوادر وتطويرها لتقود استضافة أول بطولة كأس عالم لكرة القدم في المنطقة والعالم العربي؛ إذ تبلغ نسبة الموظفين القطريين في المواقع القيادية في اللجنة أكثر من 50 %. كما كانت اللجنة حريصة أيضاً على منح الفرصة للأشقاء العرب للمساهمة في تنظيم بطولتهم الأولى، واليوم تكاد تكون جميع الجنسيات العربية ممثّلة في فريق عمل اللجنة.
هل أنتم راضون عمّا تحقق في برنامج «تحدي 22» في نسخته الثانية؟ وما المكتسبات التي خرجتم بها منه حتى الآن؟ وما أبرز المشاريع التي يتم العمل عليها في الوقت الحالي؟
– بحمد الله، شهد «تحدي 22» تطوراً ملحوظاً بين نسختيه الأولى والثانية؛ إذ زاد عدد البلدان التي يشملها التحدي إلى 10 دول عربية بعد أن كانت 6 دول في النسخة الأولى، كما زاد عدد المشاركات والمقترحات التي تلقيناها بشكل ملحوظ لتبلغ حوالي 1000 مقترح مقابل 300 مقترح تلقاها «تحدي 22» في نسخته الأولى. وقد بدأنا نرى بالفعل قصص نجاح للمشاركين في «تحدي 22»، مثل: فريق (ARVIX) لتجربة المشاهدة الواقعية، أو مقترح تطوير مادة عازلة عالية الكفاءة من مركبات الهلام الهوائي، أو تطبيق التواصل عن طريق اللمس براحة اليد.
ونحن اليوم ننتظر إعلان أسماء الفائزين في «تحدي 22»، بعد تأهل 28 مقترحاً للمرحلة النهائية التي ستسضيفها العاصمة القطرية الدوحة الشهر المقبل.
بشكل عام هل حقّقت مبادرات اللجنة («تحدي 22»، و»معهد جسور»، و»الجيل المبهر») أهدافها؟
– حققت مبادرات اللجنة العليا نجاحات كبيرة على الأرض؛ فـ «تحدي 22» قدّم بالفعل حلولاً مبتكرة هي اليوم في مرحلة التطوير لتتحول إلى منتجات فعلية تُطرح للاستهلاك التجاري. فيما خرّج «معهد جسور» حتى الآن أكثر من 2500 طالب من أكثر من 98 دولة. أما برنامج «الجيل المبهر» الذي ينشط في 5 دول، فقد أنشأ أكثر من 27 ملعباً يستفيد منها حوالي 14,000 مستفيد في المجتمعات الأقل حظاً، أو التي تعاني من آثار النزاعات.
هذه الأرقام لا تعني أننا وصلنا للهدف المنشود أو حققنا النجاح الذي نصبو إليه.. فما زال أمامنا 5 سنوات من العمل المتواصل، وإنما هي نتائج أولية تعكس التقدم الذي تحقق على الأرض حتى الآن.
هل أثّر الحصار على انتشار مبادرات اللجنة، وخاصة «تحدي 22» الذي يشارك فيه بعض الشباب من دول الحصار؟
– لم توقف اللجنة العليا للمشاريع والإرث نشاط برامجها في أية دولة، كما لم تمنع أياً من مواطني دول الحصار من المشاركة، ولم توقف أياً من المشاركين الحاليين؛ لكننا في الوقت ذاته نتفهم إن أرادوا الانسحاب أو تجميد مشاركتهم نظراً للقوانين التي فُرضت في بلدانهم، مع إبقاء الباب مفتوحاً أمامهم للعودة متى شاؤوا.
هل ما زلتم تصرّون على أن كأس العالم لكل المنطقة العربية بعد الحصار؟
– بالطبع، ففي الوقت الذي تعاني فيه منطقتنا من الانقسامات والخلافات نحتاج إلى كل فرصة متاحة للتأكيد على ما يجمعنا، ولا توجد منصة تحقّق ذلك وتجمع بين شعوب المنطقة مثل كرة القدم. ونحن ما زلنا حريصين على أن تُتاح الفرصة لكل الخليجيين والعرب للمساهمة في تنظيم البطولة، والأبواب لا تزال مفتوحة لهم جميعاً منذ اليوم وحتى أن نستقبلهم -ضيوفاً ومشجعين- عام 2022، لنحتفل سوياً بأول بطولة لكأس العالم لكرة القدم في المنطقة.
ما رؤية اللجنة للاستفادة من إرث البطولة في جميع المجالات.. كالملاعب والمبادرات وغيرها؟
– «الإرث» هو الهدف الذي تسعى اللجنة العليا لتحقيقه، جنباً إلى جنب مع تنظيم بطولة تاريخية لكأس العالم؛ فاستضافة هذا الحدث العالمي بالنسبة لدولة قطر هي فرصة نسعى جميعاً لتحقيق أقصى استفادة ممكنة منها، ليس فقط في وقتنا الحالي وإنما أيضاً للأجيال القادمة في قطر والمنطقة.
ولتحقيق ذلك فقد حرصت اللجنة العليا بالتعاون مع شركائها على تصميم استادات تخدم أهل المناطق التي تُقام فيها وتلبي احتياجاتهم، سواء للملاعب الرياضية المتنوعة كملاعب التنس وكرة السلة ومضامير الجري والدراجات وركوب الخيل، وحتى المساحات الخضراء والمساحات المخصصة لمتاجر التجزئة، بالإضافة للمدارس أو الفنادق أو قاعات الأعراس التي ستُقام في محيط بعض استادات البطولة لخدمة المجتمع القطري.
كما أطلقت اللجنة العليا عدداً من البرامج والمبادرات التي بدأت بالفعل تحقّق نتائج على الأرض مثل «معهد جسور»، و»تحدي 22»، وبرنامج «الجيل المبهر»، وبرنامج «رعاية العمال».
وللحقيقة، فإن حجم وتنوع العمل الذي تقوم به دولة قطر لاستثمار بطولة كأس العالم لكرة القدم لم يسبق أن قامت به أية دولة مستضيفة، سواء لبطولة كأس العالم أو غيرها من الأحداث الرياضية الكبرى.
أين وصلت الأشغال في مختلف الاستادات؟
– تتقدم أعمال المقاول الرئيسي في ست استادات، فيما سيتم اختيار المقاول الرئيسي للاستاد السابع قبل نهاية العام الحالي إن شاء الله، ومن المتوقع أن نشهد خلال العام المقبل إنجاز استادين آخرين، بالإضافة لاستاد خليفة الدولي؛ هما: استاد الوكرة، واستاد البيت – مدينة الخور.
ما الاستاد الذي سيكون جاهزاً للافتتاح بعد استادي البيت والوكرة؟
– سيكون استاد الريان، والذي سيُفتتح عام 2019 بإذن الله.
وكيف تنظرين إلى تواجد المرأة في تنظيم كأس العالم؟
– هناك الكثير من الكوادر القطرية المؤهلة التي تعمل في اللجنة العليا للمشاريع والإرث، والمرأة القطرية جزء من هذه الكوادر التي تقوم بدور كبير ولها مساهمة مقدّرة. ولدينا في اللجنة عدد كبير من الوظائف القيادية التي تشغلها سيدات، وعلى الرغم من أن البعض يرى أن البطولة ذات طابع رياضي خاص بالرجال، إلا أن الفرصة متاحة للسيدات للعمل. وعلى سبيل المثال فهناك موظفة تعمل باللجنة وهي أول خريجة ماجستير من الفيفا، وقيادات اللجنة العليا للمشاريع والإرث بشكل عام أتاحت لنا فرصاً كبيرة للعمل، وقدمت دعماً كبيراً للجميع، وخاصة للسيدات الموظفات واللاتي يقمن بعملهن على أكمل وجه، ويهمهن نجاح البطولة التي أصبحن جزءاً منها.