غليان وغضب مكبوت.. السعودية تقترب بسرعة من “نقطة الانفجار”!!

عواصم – وكالات – بزنس كلاس:

بالتزامن مع حالة الغليان التي يعيشها الشارع السعودي على وقع تداعيات حرب اليمن التي بدأت “صواريخها” تزين سماء المملكة وتردي الوضع الاقتصادي إضافة إلى الضرائب الجديدة التي باتت تلاحق السعوديين وتقطتع من لقمة عيشهم مقابل وعود خلبية باتوا جميعاً يدركوا أنها غير حقيقة، حذرت اصوات متزايدة من الخبراء الدوليين من أن السعودية مقبلة على أيام صعبة داخلياً إذا بقيت الأوضاع فيها تسير بنفس الاتجاه، فيما أظهرت بيانات حديثة صادرة عن مؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي) تراجع حجم تحويلات الأجانب العاملين في المملكة، خلال الشهر الفائت، بنحو 34.16 بالمائة، إذ وصلت إلى نحو 10.43 مليار ريال (2.8 مليار دولار)، مقارنة بـ 15.84 مليار ريال (4.2 مليار دولار) للفترة ذاتها من العام الماضي.

البترول وأسعار النفط

وانخفضت، على أساس شهري، تحويلات الأجانب بنحو 20 بالمائة الشهر الماضي، مقارنة بشهر أيار/مايو، والتي بلغت 13.03 مليار ريال، وبفارق بلغ 2.6 مليار ريال (700 مليون دولار).

وبلغت قيمة تحويلات الوافدين، خلال العام الماضي، نحو 151.89 مليار ريال (40.5 مليار دولار)، مقارنة بـ 156.9 مليار ريال خلال العام 2015 (41.8 مليار دولار) بتراجع نسبته 3 بالمئة.

وأعلنت السعودية، التي تعاني من انخفاض أسعار النفط في السوق العالمية، عن نيتها فرض رسوم على مرافقي العمال والموظفين الأجانب، بواقع 100 ريال (نحو 27 دولاراً شهرياً) على كل فرد، تتضاعف القيمة، العام المقبل والذي يليه، حتى تصل إلى400 ريال (107 دولار) بحلول العام 2020.

من جانب آخر، قال موقع «ميدل إيست آي» البريطاني إن عدداً متزايداً من المواطنين السعوديين والعمال الأجانب يواجهون صعوبات اقتصادية لم يسبق لها مثيل، نتيجة للسياسات الحكومية غير المسؤولة، محذراً من أن الوضع قد يصل لنقطة الغليان إذا لم تغير المملكة من سياساتها داخلياً وخارجياً.
وأضاف الموقع في تقرير له بعنوان «الحرب الأهلية في السعودية قادمة»، إن جدة، المدينة السعودية التي كانت تنبض بالحياة والمركز الاقتصادي للبلاد، لم تعد براقة وواعدة كما كانت في السابق، بل تبدو هذه الأيام وكأنها مدينة أشباح، مشيراً إلى أن جدة ليست وحدها على هذا الحال، فالشركات في جميع أنحاء البلاد تكافح من أجل الوفاء بالتزاماتها المالية، وتشمل هذه التكاليف الثابتة والتشغيلية مثل المرتبات والإيجارات، والرسوم والمتطلبات الحكومية المتزايدة باستمرار.
ولفت الموقع إلى أن الضغوط المتصاعدة والمفرطة على الشركات الصغيرة والمتوسطة ستقود الكثير منها إلى الانهيار، في الوقت الذي انخفضت فيه القوة الشرائية للسعوديين لأدنى مستوياتها منذ عقود.
وأوضح أن المشقة الاقتصادية ليست بالضرورة العامل الحاسم الذي يدفع الناس إلى الوقوف ضد حكومتهم، فهناك عشرات وربما مئات البلدان في جميع أنحاء العالم ذات أوضاع اقتصادية أسوأ من السعودية. لكن المختلف في المملكة هو شعور الناس بالإحباط وخيبة الأمل بسبب الانزلاق إلى الفقر والتشرد، وبالنسبة للمجتمع السعودي ككل، فإن هذا لا يعني سوى شيئ واحد هو الثورة؛ فحين يفقد الناس كل ما لديهم، سيكون ردهم الوحيد هو النزول إلى الشوارع للتنفيس عن غضبهم.
وتابع القول: إن الاقتصاد السعودي لم يصل إلى القاع بعد، فلا يزال هناك ما قد يجعله أكثر سوءاً، على سبيل المثال، هناك شائعات بأن الحكومة -بعد أن جمدت رسمياً التعيينات الجديدة في القطاع العام- تنظر بجدية في فصل عشرات الآلاف من موظفي الحكومة. وبالتالي سوف تنزلق المزيد من الأسر إلى الفقر نتيجة للبطالة الجماعية، إضافة إلى الصدمات النفسية والمالية التي تلقتها إثر التراجع الحاد والمفاجئ للنمو.
وبصرف النظر عن الفقدان المفاجئ للثروة، فإن الفارق الآخر في السعودية يكمن في حقيقة أن الفقراء في المملكة، وبقية السكان إلى حد كبير، يتركزون في المدن ولديهم بنية تحتية متينة للاتصالات، وهم على اتصال جيد جغرافياً، ولذلك لا توجد حواجز هيكلية تعيق تجمعهم بسهولة.
وأشار الموقع إلى أن هناك عاملاً مهماً آخر هو المال في السياسة السعودية، والذي كان دائماً أداة لتوسيع النفوذ وتعزيز الاستقرار من خلال الإنفاق الداخلي على عقود العمل والبناء، وبالتالي فإن نقص السيولة سيزيد من زعزعة الاستقرار في المملكة في المستقبل القريب.
وذهب الموقع للقول: إن اندفاع المملكة المفاجئ والمكثف لاستنزاف الاقتصاد يدمر شرعيتها، ولم يعد الجمهور السعودي ينظر إلى الحكومة كجزء من الحل، بل يساورهم شعور بالخيانة، وإذا أرادت الحكومة التغلب على أزمة مصداقيتها الكبيرة سيتعين عليها العمل الجاد خلال الأشهر والسنوات المقبلة.
ولفت الموقع إلى أن عدم الاستحسان تجاه رؤية 2030 –وهو برنامج إصلاح اقتصادي قدمه محمد بن سلمان العام الماضي- ورفضها على نطاق واسع، لهو مثال على ذلك؛ فالناس يستيقظون على واقع قاس وغير متوقع ويذهلهم أن حكومتهم -التي كان من المفترض أن تهتم بمصالحهم- تتصرف في الواقع بطريقة غريبة وغير مسؤولة وسط أزمة اقتصادية وحرب استنزاف في اليمن.
وأشار الموقع إلى أنه خلال الزيارة التي قام بها الرئيس الأميركي دونالد ترمب مؤخراً إلى المملكة، وقعت الحكومة اتفاقاً قيمته 350 مليار دولار على مدى 10 سنوات، وهي صفقات اعتبرها السعوديون بأنها مهينة ومذلة، كما قدمت الحكومة السعودية إلى نظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مليارات الدولارات في صورة وقود ونقد ومنح أخرى.
وأكد الموقع البريطاني أن الغضب العام يتصاعد في المملكة ولا أحد يعرف حقاً متى سيصل إلى نقطة الغليان، ويزداد شعور الجمهور بالغضب إزاء سلوك الحكومة في الإنفاق، ويطالبها بتمويل مبادرات الصحة والإسكان والعمل التي تشتد الحاجة إليها.
وفي خضم كل هذه الفوضى، مازال القادة السعوديون -الذين كانوا دائماً يفخرون بالسيطرة على المملكة من قبل السيف- يتصرفون مثل الغزاة حتى بين مواطنيهم.
وأوضح الموقع أن هذا نظام ملكي مطلق لا يسمح بأي انحراف عن الرأي أو الموقف الرسمي، بما في ذلك التعبير عن التعاطف مع قضية لا توافق عليها الحكومة، أو بلد لا تحبها مثل قطر.
على سبيل المثال -والقول للموقع- إذا ثبت أن أي مواطن سعودي متعاطف مع موقف دولة قطر في النزاع الدبلوماسي الأخير، قد يواجه عقوبة السجن التي تصل إلى 15 عاماً، وغرامة تصل إلى نصف مليون دولار من الغرامات.
وتساءل: أي نظام عاقل هذا الذي يعتبر مثل ذلك التعبير السياسي أو التضامن جريمة، ناهيك عن معاقبته بقسوة!؟
وقال الموقع إن من الواضح أن هذا القانون ولّد موجة من السخرية في منصات وسائل الإعلام الاجتماعية، لكن النقطة هنا هي أن الحكومة بعيدة كل البعد عن الواقع ولا تفهم إحساس الناس بالإحباط إزاء مواقفهم وسلوكياتهم.
وعلاوة على ذلك، قامت الحكومة بتهميش الثقافات الفرعية المحلية في كل منطقة في المملكة باستثناء منطقة نجد، التي أتت منها عائلة آل سعود الحاكمة، وألغوا اللباس التقليدي الإقليمي وأجبروا الجميع على اعتماد اللباس النجدي كزي رسمي للدولة.
وأوضح الموقع أن العوامل الاجتماعية والاقتصادية لاندلاع حرب أهلية قائمة في المملكة، كما يفتقر المجتمع إلى التعدد الثقافي الذي يمكن أن يعمل كجدار دفاعي ضد عسكرة أي اضطرابات سياسية. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الأداء السياسي والاقتصادي للحكومة ينتج مستويات غير مسبوقة من الإحباط.
ويظهر ذلك عبر جميع منصات التواصل الاجتماعي التي تعد الوسيلة الوحيدة للتعبير السياسي المتاحة في البلاد، والتي يمكن أن تتحول أيضاً إلى وسيلة للاتصال والتعبئة عندما يصل الجمهور إلى نقطة الغليان.
ولن يتطلب الأمر سوى بضعة آلاف من الناس ينزلون إلى الشوارع للتنفيس عن غضبهم، ثم ترد قوات الأمن بالعدوان لتنزلق البلاد إلى ما يمكن وصفه بأنه المراحل الأولى للحرب الأهلية.

وبحسب بيانات البنك الدولي، شغلت السعودية المركز الثاني بعد الولايات المتحدة الأمريكية بخصوص حجم تحويلات الأجانب، الذين يشكلون نحو 37 بالمائة من سكان المملكة، البالغ عددهم نحو 32 مليوناً؛ وشهد حجم التحويلات الخارجية للمقيمين الأجانب نمواً، خلال 11 سنة متواصلة.

السابق
الفيفا يغرم الدوحة نحو 52 ألف دولار: لاعبو المنتخب ارتدوا قمصان “تميم المجد”!!!
التالي
التعليم: مريم البوعينين لإدارة التعليم المبكر وظبية الخليفي مساعداً له