عودة النشاط الاعتيادي لسوق أم صلال للسمك

الدوحة – وكالات:

تشهد أسواق السمك في دولة قطر تطوراً متواصلاً بالتوازي مع توسع العمران ورقعة التواجد السكاني بمناطق جديدة. ومع توسع تلك الأسواق، يشهد سوق أم صلال محمد المركزي وكعادته حركة واسعة من طرف المستهلكين، وذلك لما يوفره لهم من منتجات عالية الجودة، والتي يعتبر السمك واحدا من أبرزها، وتتسم شبرة السمك بالسوق المركزي بإقبال كبير من طرف المواطنين والمقيمين الذين يتوافدون على دكك بيع السمك بصورة دائمة حتى في المواسم الدينية كشهر رمضان الكريم أو عيد الأضحى المبارك، وفي استطلاع أجرته صحيفة الشرق القطرية، كشف تجار من داخل السوق أن النشاط التجاري عاد لطبيعته بمجرد انقضاء أول يومين من عيد الأضحى.

وأكدوا على أن الخيارات المتوفرة في دكك بيع السمك كثيرة من السمك بمختلف أنواعه سواء المحلية أو المستوردة من مختلف بلدان العالم، ما جعل من شبرة سوق أم صلال محمد المقصد الأول للمستهلكين، مضيفين أن هذه الفترة بالذات وككل عام تشهد تراجعا في أسعار السمك واصفين ذلك بالمنطقي في ظل نقص الطلب عليه وانشغال الناس في الفترة الماضية بأضحياتهم واقتناء اللحوم الحمراء أكثر من أي شيء آخر، في حين رأى اختصاصيون أن تراجع أسعار السمك في الوقت الحالي يعتبر طبيعيا متوقعين زيادة في أسعاره خلال الأيام القليلة القادمة، فيما وصف مستهلكون اسعار الأسماك في الوقت الحالي بالمقبولة بعد أن وصل سعر الهامو ر إلى 40 ريالا والشعري إلى 12 ريالا والروبيان 35 وهي الأثمان التي تعد في متناول الجميع ولا تضر بالقدرات الشرائية الخاصة بهم.
وأوضحوا أن أسعار شبرة أم صلال المنخفضة عن باقي المراكز التجارية هي السبب الرئيسي وراء جعلهم إياها وجهتهم الأولى، زد إلى ذلك توفرها على كميات كبيرة من السمك تتيح لهم فرصة اختيار واقتناء كل ما يبحثون عنه دون أي عناء، بينما قال البعض الآخر إن الخدمة الممتازة داخل السوق تلعب دورا كبيرا في اختيارهم له بدل نوافذ البيع الأخرى الموجودة في مختلف الأنحاء، معربين عن استغرابهم من أسعار بعض الأسماك المحلية والفوارق الكبيرة المتواجدة بينها كصافي الشمال الذي بلغ سعره 65 ريالا وصافي الوكرة الذي بيع بحوالي 30 ريالا.
وطالبوا المستثمرين القطريين بضرورة ولوج عالم الصيد البحري والعمل على رفع نسب المنتج المحلي الذي يعتبر الأكثر أمانا بالنسبة لهم، خاصة وأن الحكومة وضعت كل التسهيلات أمام الراغبين في تطوير المنتج الوطني، الأمر الذي قال عنه اختصاصيون في هذا المجال إنه ممكن دون اللجوء إلى عملية الاستزراع التي لا تعد حلا بالنسبة لقطر التي تمتلك 33 ألف كيلومتر من المياه تغنيها عن اللجوء لحلول غير طبيعية في سبيل صيد السمك، لكن مع عملية تنظيم صارمة تمنع الصيادين من الصيد في أوقات معينة والاعتداء على الثروة البحرية لقطر التي تسببت في السنوات الأخيرة في انقراض بعض الأنواع من السمك وهو ما سيحدث مع بعض الأنواع الأخرى إذا لم يتم الاعتناء بالثروة السمكية المحلية بالشكل اللازم.
أكد رجل الاعمال علي حسن الخلف أن الأسعار الموجودة حاليا في الأسواق تعتبر أسعارا منطقية في ظل تراجع الطلب على هذا المنتج في الفترة الحالية المرتبطة بعيد الأضحى الذي تكون فيه الحاجة للحوم الحمراء، زد على ذلك سفر العديد من المواطنين والمقيمين إلى خارج الدولة لقضاء إجازاتهم السنوية ما يؤدي بالضرورة إلى تراجع المبيعات والأسعار في نفس الوقت، ضاربا المثال بالمجمعات التجارية التي انخفضت المبيعات فيها إلى حوالي 30 بالمائة، وتابع كلامه قائلا إنه يتوقع ارتفاعا في الأسعار في الأيام القادمة مع عودة الحياة إلى طبيعتها بانقضاء عطل الموظفين والالتحاق من جديد بوظائفهم، بالإضافة إلى عودة التلاميذ مع انطلاق الموسم الدراسي، مركزا على أن توفر سوق السمك على كميات كبيرة باختلاف أنواعها فرض بدوره تنافسية كبيرة بين التجار الذين اضطروا لعدم المغالاة في الاسعار من أجل تسويق منتجاتهم، خاصة أن السمك يختلف عن البضائع الأخرى بخصائصه التي تجعله الأكثر قربا من التلف ما يجبرهم على بيعه في أسرع وقت ممكن وعدم التأخر في ذلك لتفادي أي خسائر..
وأضاف الخلف أن قطر تعتبر دولة بحرية وتوازن أسعار السمك فيها يعتبر أمرا عاديا خاصة على مستوى الأسماك المنتجة محليا كالهامور والشعري والصافي، إلا أنه طالب رجال الأعمال بضرورة ولوج مشاريع عالم السمك والرفع من نسب المنتج الوطني داخل السوق والتقليل من نسب الاستيراد الكبيرة على بعض الأسماك التي تتماشى والبيئة الخليجية ومن الممكن العمل على إكثارها في البحار القطرية عوض جلبها من بلدان أخرى لكن دون المساس بمستقبل الثروة السمكية في قطر بأن الاجتهاد في الصيد دون البحث عن طرق تتيح للأسماك التكاثر قد يؤدي في الأخير إلى التقليل من كميات الحيتان الموجودة في المياه القطرية، وتابع قائلا: إن هذا الأمر بالذات بات متاحا في ظل توفير الدولة اليوم كل الإمكانيات للقطريين الراغبين في المساهمة في العمل على الإنتاج المحلي وما عليهم سوى التعاون معها من أجل النجاح في ذلك والتمكن من توفير كميات كبيرة من السمك الوطني وبالجودة المطلوبة دون المساس ببعض الأنواع التي تسير نحو الانقراض.
زيادة الإنتاج
وفي ذات السياق كشف المواطن مبارك أمان النعيمي عن أن الأسماك الوطنية الموجودة داخل السوق قد لا تلبي في بعض الأحيان حاجياتهم خاصة فيما يخص الهامور والشعري والصافي، وهي الأنواع التي تعتبر على رأس أولوياتهم في سوق السمك، حيث رأى أن الكثافة السكانية اليوم تختلف عما كانت عليه في السنوات الماضية بعد أن وصل عدد المقيمين في قطر لما يفوق المليونين ما يفرض مضاعفة الإنتاج، وأردف قائلا: إن الوقت الحالي هو الأنسب للمستثمرين القطريين للتفكير في إنعاش هذا القطاع وإطلاق مشاريع تساهم في رفع الإنتاج الوطني، كما يحدث في مختلف القطاعات التي برهن فيها أصحاب المال من المواطنين قدرتهم على تقديم الإضافة بالتقليل من الاستيراد مثل قطاع الألبان التي نجح القائمون عليه في بلوغ حد كبير من الاكتفاء الذاتي في ظرف وجيز.
وأضاف النعيمي أن الحكومة تشجع وتحرص على منح كل التسهيلات في سبيل تحسين المنتج المحلي وما على رجال الأعمال سوى التعاون معها ووضع برنامج مستقبلي يساهم في تحقيق ذلك، خاصة أن قطر تعتبر دولة بحرية امتهنت الصيد لسنوات طويلة، وما ينقص الآن سوى إعادة إحياء هذا القطاع باتباع استرتيجيات حديثة يعتمد فيها على استزراع السمك وصيده بتحديث مواصفات القوارب الخاصة بذلك التي تضمن توزيعا مثاليا للسمك تجعل المستهلك يستلمه وهو بالجودة المطلوبة دون الإنقاص من فوائده، عكس ما يحدث مع الأسماك المستوردة التي يعتمد في أغلب الأحيان على تجميدها ما يفقدها الكثير من قيمتها الغذائية عند وصولها إلى المستهلك.
وهو ما طالب به المواطن عيسى عبد العزيز عبود الذي رأى أن المنتج المحلي غير كاف ومن الضروري الزيادة فيه لأنه الأنسب للقطريين والأكثر تماشيا مع متطلباتهم، خاصة وأن كل الإمكانيات متوفرة من أجل تحقيق ذلك دون الإضرار بالثروة السمكية الموجودة في قاع البحار القطرية، مثمنا قرار الحكومة في الأشهر قليلة الداعي إلى إعادة المزادات الخاصة ببيع السمك إلى ما بعد صلاة الفجر بعدما كانت في السنوات الماضية عقب صلاة المغرب، واصفا ذلك بالقرار الصائب لأنها تمنح المستهلك فرصة الاستفادة بأكبر قسط ممكن من فوائد السمك التي تصل في وقت مبكر وهي طازجة إلى دكك البيع، كما تجعل من نسب السمك المهدرة والمعدمة من طرف البيطريين قليلة جدا، عكس ما كان عليه الحال في الأعوام الماضية التي كان المزاد فيها على السمك في المساء ما يقلل من قيمتها الغذائية بوصولها إلى السوق بعد الظهر وبقائها في الشاحنات إلى المغرب ومن ثم بيعها لتجار التجزئة الذين يقومون بدورهم بحفظها في المبردات أو الثلج لبيعها للزبائن في الصباح ما تجعل المستهلك يقتنيها وهي فاقدة الكثير من جودتها.
تراجع في الأسعار
وقال محمود الدسوقي المدير المالي التجاري لشركة أسرار البحار للمزادات وبيع السمك، إن الأسعار شهدت تراجعا واضحا في الفترة الأخيرة مقارنة بالأسابيع الماضية، حيث وصل سعر الهامور إلى 40 ريالا والشعري إلى 12 ريالا والروبيان إلى 35 ريالا في دكك التجزئة وليس على مستوى نقاط البيع بالجملة التي وصلت الأسعار فيها إلى أقل من هذا، مرجعا ذلك لعدة أسباب قد يكون أبرزها نقص الطلب على المنتجات البحرية في الفترة الآنية في ظل انشغال الناس في الاسبوع الفائت بعيد الأضحى المبارك وإقبالهم على اقتناء لحوم الخراف بالدرجة الأولى، بالإضافة إلى أن هذه المرحلة تتسم بسفر الكثير من المواطنين والمقيمين إلى الخارج بهدف قضاء إجازاتهم السنوية، مشيرا إلى أن أثمان السمك ستشهد بعض الارتفاع في الأيام القادمة، وذلك بسبب عودة الطلب عليه ولكمياتها المحدودة، لأن موسم الحر يشهد تراجعا في نسب صيد في الأسماك وذلك لصعوبة الإيقاع بها في ظل ارتفاع درجة حرارة البحر ما يدفع بها إلى الهروب إلى القاع بحثا عن المياه الباردة ولا تصعد إلى السطح إلا نادرا للتزود بالأوكسجين، وهو ما سينتهي مع بداية شهر أكتوبر الذي سيشهد عودة الحياة إلى البحر وزيادة في كميات الأسماك المصطادة بسبب عودة الحيتان إلى نظامها الطبيعي.
وأشار إلى أن القانون الذي أقرته الحكومة منذ سنوات بمنع صيد الروبيان واستيراده فقط، كان له أثر إيجابي على تكاثر الثروة السمكية في قطر والرفع من كمياتها داخل السوق، لأن الروبيان يعيش في قاع البحار وصيده يتطلب مجهودات كبيرة وتحريك الرمال، ما يؤدي في بعض إلى الأحيان إلى إتلاف أعداد كبيرة من بيض السمك الموجود في القاع، ما يوصل في النهاية إلى التقليل من وفرة السمك داخل الإقليم القطري، وعن أنواع السمك الموجودة حاليا داخل السوق صرح الدسوقي بأن شبرة أم صلال تتوفر فيها كميات ضخمة من السمك بمختلف أنواعه ولا تعرف أي نقص فيها، حيث تعتمد على التعامل مع الصيادين القطريين فيما يخص الأسماك المحلية كالهامور والشعري والكنعد وهي الأسماك التي تحظى بطلب كبير من المواطنين، فيما يتم استيراد باقي الأنواع من خمسة بلدان أخرى على رأسها إيران التي تعد الممول الأول للسوق وفيما يخص الروبيان يرجع ذلك لجودته، بالإضافة إلى الهند وباكستان وتونس وتركيا التي تعتبر أحد أهم مصادر استيراد السمك وتحديدا نوعي الآروس والدينيت، فيما يعتمد على النرويج في توفير السلمون باعتبارها أكبر بلد مروج له وبمميزات خاصة تجعله الأفضل على مستوى العالم باحتوائه على فيتامين الأوميغا 3 والعديد من المكونات الطبيعية المطلوبة بالنسبة لمرضى القلب.
وقال: إن المجهودات الكبيرة التي نبذلها نجحت في تحقيق نسب عالية من الاكتفاء الذاتي على مستوى سوق السمك ساهم في وضع سقف للمغالاة في الأسعار التي لا يمكن تجاوزها إلا في الحالات النادرة، ما جعل الكل هنا قادرا على شراء السمك دون الإضرار بالقدرات الشرائية، كما وضع السوق القطري للسمك على قائمة أرخص الأسواق في الخليج العربي ككل فما يباع هنا بعشرين وثلاثين ريالا يباع في السعودية والإمارات والكويت بأسعار مضاعفة.
مطالب بالتنظيم
وعلى العكس تماما قال الأكاديمي د. محسن اليافعي إن المطلوب اليوم هو ليس زيادة الإنتاج المحلي بل تنظيم قطاع الصيد ككل، وتوقيف عملية الصيد الجائر التي تشهدها البحار القطرية واستنزاف الثروات البحرية، مبينا أنه لا يقصد في كلامه جهة بعينها بل يعني الصيادين ومرتادي البحار الذين باتوا اليوم في بعض الأحيان يصطادون ما هو زائد عن حاجيات المستهلكين وأضعاف الكميات المطلوبة متناسين أنهم قد يضرون بالثروة السمكية لقطر، وذلك من خلال اعتدائهم على الأسماك في الأوقات التي تعتبر فترات للتكاثر لبعض انواعها، فنحن بهذا نخسر بذلك أكثر مما نربح فصيد الاسماك يجعلنا نكتفي بها ونضحي ببديلها ما يوصلنا في الأخير إلى القضاء على بعض الأنواع من السمك التي بات بعضها نادرا في المياه القطرية وذلك بسبب استعمال وسائل صيد جائرة.
وعن عملية الاستزراع بهدف زيادة المنتج المحلي داخل السوق قال اليافعي إنه يعتبر ذلك حلا مستقبليا في الكثير من دول العالم مثل الصين، لكنه لا يرى أن تطبيقه مناسب في قطر التي تعد دولة بحرية بثلاثة وثلاثين ألف كيلومتر من المياه، والمحافظة على ما هم موجود يغنيها عن عملية الاستزراع لأن الأسماك الطبيعية أفضل بكثير من الأسماك المرباة من جميع النواحي سواء من حيث الطعم أو الحالة الصحية ذلك لاختلاف بيئتها، ضاربا المثال بالسلمون النرويجي والأسكتلندي الذي يعتبر الأغلى على مستوى العالم لأنه يتغذى في الطبيعة ويتحرك لحرق دهونه، عكس سلمون المزارع الذي يعيش في مكان ملوث.
وأشار الى انه ليس ضد فكرة الاستزراع لكنه الحل الأخير بالنسبة لنا محلياً، فعلينا أولا الحفاظ على الثروة البحرية الموجودة قبل أن تختفي كسابقاتها فنحن للأسف نقوم بتدمير البيئة البحرية، والمطلوب الاعتناء بها بالشكل اللازم، والمجهودات الكبيرة التي نبذلها في سبيل الصيد تؤدي إلى التقليل من كميات السمك الموجودة في قطر، فما يتوجب علينا اليوم هو التفكير في الأجيال القادمة وضمان حقها من الأسماك المحلية، فبإمكاننا جعل قطاع الصيد البحري مزدهرا لكن دون المساس بمستقبل الثروة السمكية التي تسير نحو الانقراض، وذلك بوضع برنامج صيد يسمح لنا بتموين أسواقنا المحلية مع إعطائها فرصة التكاثر، وذلك لتحقيق الاكتفاء الذاتي والتقليل من الاستيراد مع اهمية التوقف عن الصيد في بعض الفترات لإعادة تنشيط الحركة الحيوانية البحرية .
خدمات مميزة
بالعودة إلى سوق أم صلال المركزي كشف عبد الله سيد أن الخدمات الموجودة على مستوى السوق ممتازة تسمح للمستهلك بقضاء حاجياته في راحة تامة وتضمن له السلامة الصحية فالأسماك الموجودة داخل دكك البيع بالتجزئة لم تطرح للبيع إلا بعد المرور على بيطري صرح لها بذلك ما يجنب المستهلك أي خطر ويحفظ له سلامة بدنه، بالإضافة إلا ان عمليات التنظيف والتقطيع بعد شراء السمك تتم في أماكن معروفة بعيدة كل البعد عن الغش أو التلاعب بالمستهلكين، وتابع قائلا إن قرار نقل سوق السمك إلى سوق أم صلال قرار صائب، مقترحاً تحسين الخدمات أكثر مما هي عليه الآن وذلك بتوسعة السوق وفتح دكك إضافية، الى جانب فتح أسواق سمك شبيهة لشبرة ام صلال في مناطق أخرى تعفي الراغبين بشراء السمك من التنقل من مقر سكنهم إلى أم صلال التي قد تبعد عنهم بعشرات الكيلومترات، وهو ما قد يقلل أيضا في الفارق الواضح بين الاسعار في سوق ام صلال والمراكز التجارية التي قد تبيع المستهلكين في بعض الأحيان بثمن يفوق الموجود في السوق المركزي بسبعة ريالات للكيلوغرام الواحد.
نقلا عن صحيفة الشرق القطرية
السابق
الرياض تهدد بتصفية إعلامي مصري انتقد الحج!!
التالي
السعودية تقترض 11 مليار دولار