أبوظبي – وكالات – بزنس كلاس:
لم تعد لعبة تبادل الأدوار تنطلي على الأطفال في قضية تسييس السعودية لفريضة الحج. فبدل أن ترد الرياض كعادتها أو تهاجم قطر أو أي دولة أخرى على خلفية تسييس قضية الحجاج والحج، كلفت أبوظبي بهذه المهمة لتنبري صحيفة الاتحاد الإماراتية لهذه المهمة.
فقد نصبت صحيفة الاتحاد، لسان حال أبوظبي، نفسها ناطقة في كل ما يتعلق بشؤون الحج، ساعية بذلك لإلحاق مزيد من الأذى بسمعة قطر تحت دعاوى تسييس الحج، بعد أن زجت أبوظبي بنفسها في ملف الحج القطري وهي تفتقر لكثير من المعلومات، ما يكشف أن غرضها ليس الوصول إلى الحقيقة وإنما لتأكيد فرضيات حددتها إمارة أبوظبي سلفاً، وادعى إعلام «إمارة الخوف» أن قطر وإيران تحرضان الحوثيين لعرقلة وصول الحجاج اليمنيين إلى الأراضي المقدسة لأداء الفريضة، كما ادعت الإمارة رفضها تسييس شعائر الحج، وتستغله أسوأ استغلال.
وفي إطار سعيها لتجريم قطر، وقَعت «أبوظبي» وإعلامها في عدد من التناقضات، ففي عددها الصادر أمس ذكرت صحيفة الاتحاد تحت عنوان «مجلس الوزراء السعودي يرفض تسييس الحج»، وكتبت الصحيفة، أن مجلس الوزراء السعودي جدد رفض المملكة كل الدعوات الهادفة إلى تسييس الحج مهما كان الأمر. إلا أن الصحيفة كتبت في ذات العدد تحت عنوان «مصادر سعودية لـ «الاتحاد»: عرقلة الحوثيين لحجاج اليمن إفلاس سياسي»، وتضع على صورة الخبر الجواز القطري في محاولة للربط بين الحوثيين وقطر.
وفي متن الخبر ذكرت: «استنكرت مصادر في وزارة الحج السعودية محاولات الحوثيين وحلفائهم من القوات الموالية للرئيس المخلوع صالح عرقلة مغادرة آلاف الحجاج في مناطق سيطرتهم إلى المشاعر المقدسة لأداء مناسك الحج لهذا العام».
وأضافت الاتحاد: «أن المصادر قالت إن أول فوج من حجاج اليمن وعدده نحو 1000 حاج قادمين من المناطق التي تسيطر عليها الحكومة الشرعية، وذلك من جملة 24255 قد وصلوا بالفعل إلى مكة المكرمة وسط حفاوة سعودية ويمنية رسمية بالغة، حيث كان في استقبالهم وزير الأوقاف اليمني الدكتور أحمد عطية وعدد من مسؤولي مؤسسة مطوفي حجاج الدول العربية».
وبغض النظر عن الخطاب الإعلامي لإمارة أبوظبي إلا أن الوضع يعكس تنامي عدد الحجاج الذين لم يتمكنوا من الوصول إلى بيت الله الحرام لأداء الفريضة، ولايحتاج الأمر إلى ذكاء كبير حتى يدرك المتتبع لهذا الخطاب أن المسلمين الذين لم يتمكنوا من الدخول إلى الأراضي المقدسة هم في موقف سياسي مختلف من السعودية، الأمر الذي يضع السعودية وحلفيتها أبوظبي في موقف المسؤول عن الخطاب الإعلامي والسياسي الذي يهدف إلى منع عدد من المسلمين من الوصول إلى الأراضي المقدسة لأسباب سياسية في الوقت الذي تمنع فيه كل القوانيين الدولية هذا المسلك.
وواصلت الاتحاد القول: «إن ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية صعدت اعتداءاتها على المدنيين في اليمن لتشمل الحجاج»، وأكدت وزارة الأوقاف اليمنية أن الميليشيات احتجزت جوازات سفر أكثر من ألفي حاج وعرقلت مغادرة مئات آخرين من المناطق الخاضعة لسيطرتها.
ونقلت «وكالة الأنباء اليمنية» عن وكيل وزارة الأوقاف لقطاع الحج والعمرة مختار الرباش قوله: «إن هذا الإجراء غير مبرر ولا يمت للدين والأخلاق بأي صلة»، مؤكداً رفضه الزج بقضية الحج في الصراع السياسي.
تفويج الحجاج
وأوضح أن نقاط تفتيش تابعة للميليشيات الانقلابية صادرت جوازات الكثير من الحجاج وعرقلت وأخرت مغادرة آخرين، وهو ما تسبب في إرباك جدول عملية التفويج الذي تم الاتفاق بشأنه مع الجانب السعودي في منفذ الوديعة لتسهيل عملية التفويج بيسر وسهولة.
ومضت الصحيفة إلى القول: «استنكر خبراء ومحللون سياسيون سعوديون محاولات الحوثيين بتوجيه من قادتهم في إيران لتسييس الحج، وتعمد عرقلة وتأخير مغادرة آلاف الحجاج في مناطق سيطرتهم إلى المشاعر المقدسة لأداء مناسك الحج لهذا العام، مؤكدين أن إيران من جهة وقطر من جهة أخرى يحاولان تحريض القيادات الحوثية في اليمن لعرقلة دخول الحجاج اليمنيين بهدف إقحام الخلافات السياسية في شعيرة الحج».
وأضافت الصحيفة أن قطر وإيران من حرض الحوثيين على هذا المسلك. وهذا خطاب سياسي بحت يجمع كل الأعداء السياسيين لدول الحصار ولايستند على أي منطق، لأن حالات الدول الثلاث (قطر، إيران، اليمن) مختلفة تماماً، فإيران تحضر إلى موسم الحج هذا العام بكامل فرصتها، ويحضر عدد من اليمنيين من 22 محافظة، بينما يغيب البعض، وفي ذات الوقت لم يتمكن أي من حجاج قطر من الوصول إلى الأراضي المقدسة لتأدية الفريضة بسبب العراقيل التي وضعتها السعودية لوصولهم للأراضي المقدسة.
وكانت عدة منظمات دولية قد وجهت تساؤلات للسعودية عن وضع الحجيج القطري وإمكانية وصولهم إلى الأراضي المقدسة لتأدية فريضة الحج، إلا أن السعودية لم تقدم أية أجوبة مقنعة وإنما اكتفت بترديد أن مخيمات الحجيج القطري جاهزة لاستقبالهم، ونشرت صوراً عليها لافتات ترحب بحجاج قطر، ولكن تبقى الحقيقة أن القنصلية السعودية في قطر مغلقة منذ أول يوم لإعلان الحصار وكذلك الطرق البرية والجوية المباشرة بين قطر والسعودية، ما يؤكد صحة التساؤلات المطروحة من قبل المراصد والمنظمات الدولية والتي تخوفت أن يؤثر الخلاف السياسي بين قطر والسعودية على المواطنيين والمقيميين في قطر، ويمنعهم من الوصول إلى الأراضي المقدسة لتأدية الفريضة.
كذبة وصول حجاج
قطر لأداء الفريضة
روجت صحيفة الاتحاد مؤخراً أكاذيب حول وصول الحجاج القطريين إلى السعودية لتأدية فريضة الحج.
ونشرت الصحيفة تحت عنوان «وزير الحج والعمرة السعـودي: وفود الحجاج القطريين تتدفق عبر سلطنة عُمان والكويت» أن وزير الحج والعمرة السعودي نفى مزاعم اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في قطر من أن السعودية تضع العراقيل والعقبات أمام حجاج دولة قطر، مؤكداً أن بلاده أكملت استعداداتها كافة لاستقبال ضيوف الرحمن من شتى بقاع العالم، بما فيها قطر، وأن مخيمات الحجاج القطريين جاهزة لاستقبالهم.
وأضافت الاتحاد أنها حصلت على تصريح من الوزير عقب تفقده مكتب وزارة الحج والعمرة بمطار الأمير محمد بن عبد العزيز الدولي بالمدينة المنورة، حيث قال للاتحاد إن بلاده ترفض كلياً أية محاولات لتسييس الحج، سواء من قطر أو غيرها، مشدداً على أن السعودية أكدت أكثر من مرة ترحيبها الشديد بالحجاج القطريين، وأن السلطات المعنية هيأت لهم سبل الراحة كافة، وجهزت لهم الخيام المخصصة لهم، كما هي الحال في كل عام، وأضاف قائلاً: «إننا نرفض تسييس الحج مهما كان الأمر».
ولم توضح الصحيفة عدد الحجاج القطريين الذين وصلوا إلى الأراضي المقدسة، وأين يقيمون، رغم أن أصول العمل الصحفي تفترض إرفاق صور لهؤلاء الحجاج القطريين، في ظل التساؤلات الكبيرة التي تطرح حول هذا الأمر، لأن مثل هذا الحديث لا يكفي لتفنيد الأدلة القوية التي ساقتها اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في قطر، كما أن أسئلة تنمو بحذاء المعلومات التي قدمت عن وصول قطريين منذ الشهر الماضي لتأدية الحج، ماذا عن المقيمين المسلمين في قطر؟ وهل عليهم ترك أعمالهم والعودة إلى أوطانهم من أجل الحصول على تأشيرة دخول إلى المملكة العربية السعودية، ولا سيما أن القنصلية السعودية بالدوحة أقفلت أبوابها منذ اليوم الأول لإعلان السعودية الحصار.
إن الحديث عن تجهيز مخيمات الحجاج القطريين حديث مردود، لأن الحجاج القطريين لن يتمكنوا من الوصول إلى السعودية وسط العقبات والكوابح الكبيرة التي وضعتها السعودية أمام حجاج قطر، واستخدمت سلطاتها لتضيق أمام الحجاج سبل الوصول، ويقيناً أن الأمر مرتبط بالخلاف السياسي بين قطر ودول الحصار، لأن ترتيبات هذا العام لم تكن موجودة في الأعوام السابقة التي لم يكن بها اختلاف سياسي.
ويسعى إعلام أبوظبي لدمغ قطر بكل ما هو مشين، والسؤال الذي يطرح نفسه: كيف يكون طلب قطر فتح ممرات لحجاجها أمراً خبيثاً، بينما الحصار نفسه شيء طيب ومحبب، ولكنها تناقضات إعلام أبوظبي الذي يكذب أن الطرق مفتوحة أمام الدوحة ثم يعود مؤكداً أن الطرق مغلقة، وأن المطالبة بفتحها أمر خبيث.
ولم تطلب الدوحة إلا حقها المتمثل في تمكينها من إيصال حجاجها إلى الأراضي المقدسة لتأدية الحج، وهو حق تكفله القوانين الدولية. وبعد كل الهذيان الذي طرحته صحيفة الاتحاد، مقحمة الشأن الإسلامي المقدس في إطار تصفية حساباتها مع قطر تقول وبصورة فجة تحت عنوان: «محاولات قطر تسييس الحـج فاشلــة وخــاب فـألـها».
إن خطاب أبوظبي وفبركاتها في شأن أمر الحج القطري أيضاً واحد من العراقيل الكثيرة التي تساهم دول الحصار مجتمعة على وضعها أمام حجاج قطر في الوصول إلى الأراضي المقدسة، فإعلام الأكاذيب والكراهية يخلق أجواء تمهد لأجواء تستهدف القطريين. كما أن خوض أبوظبي في شأن الحج بهذه الكيفية يوضح للعالم أجمع من هو الذي أدخل الحج في السياسة، وإلا ما علاقة أبوظبي بشؤون الحج؟