صندوق النقد الدولي يحتفظ بالكنز القطري والإنجازات شواهد حية

أهم المؤسسات والشخصيات الفاعلة توافدت على المؤتمر

فريق الدوحة الاقتصادي في واشنطن داعم وظهير قوي

قطر ربان سفينة التنمية بالشرق الأوسط

ارتفاع سقف التوقعات الاقتصادية والحصار بلا معنى

بزنس كلاس – رشا أبو خالد

شهدت العاصمة الأمريكية مؤخراً حضوراً اقتصادياً قوياً لقطر تمثل بتوافد طيف واسع من أهم المؤسسات والشخصيات القطرية  الفاعلة على المستوى الاقتصادي في البلاد للمشاركة بالاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي في واشنطن. وجاءت قطر إلى هذا الاجتماع مدعومة  ليس فقط بمؤسسات وشخصيات اقتصادية قطرية بارزة على رأسها وزير المالية علي شريف العمادي رئيس الوفد القطري، بل بإنجازات اقتصادية استثنائية هذا العام لا سيما خلال الفترة الأخيرة التي حاولت بعض دول الخليج ومصر فرض حصار جائر على الدوحة.

وأتت اجتماعات أهم مؤسستين دوليتين في مجال المال بالعالم لتؤكد علو كعب الاقتصاد القطري ولتجدد ثقتها بأن الدوحة ما زالت ربان سفينة التنمية الاقتصادية إقليمياً، حيث أكدت اجتماعات صندوق النقد الدولي في العاصمة الأميركية، أن قطر تقود التنمية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مشيرة إلى تراجع العجز في الموازنة العامة للدول خلال العام الحالي 2017، مع توقع ارتفاع الإنفاق على مشاريع التنمية في الموازنة الجديدة.

ويؤكد التقرير زيادة معدلات النمو الاقتصادي في قطر بفعل زيادة النمو الاقتصادي خارج قطاع النفط ومصادر الطاقة التقليدية، حيث تصدّرت قطر خلال العام الحالي المنطقة في قائمة الحد من عجز الموازنة العامة للدولة، بفضل الإجراءات التي اتخذتها الحكومة، وفي مقدمتها الإصلاحات التي أقرتها في مجال أسعار الطاقة، والتخفيضات التي أنجزتها في مجال الإنفاق الجاري، إضافة إلى زيادة حصة الإيرادات غير النفطية بالموازنة العامة للدولة، وهو ما أدى إلى قفزة إيجابية كبيرة في ميزان التبادل التجاري. ولا يتوقف التقرير الدولي عند هذا الحد بل يذهب إلى تقديم نظرة إيجابية جداً للواقع الاقتصادي القطري، حيث يتوقع استمرار هذا التحسن في الموازنة العامة القادمة لعام 2018، وحدوث طفرة في الإيرادات؛ مما يقلل من عجز الموازنة بشكل مؤثر وفعال على الكدى المتوسط والطويل.

كنز ثمين في صندوق النقد الدولي

هذا وتشير توقعات خبراء صندوق النقد الدولي إلى احتمال انخفاض مستويات عجز المالية العامة في البلدان المصدّرة للنفط، لا سيما في قطر والكويت ومعظم دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى أقل من 1 % من إجمالي الناتج المحلي بحلول 2022، وهذه التوقعات مشروطة باستمرار تنفيذ الإصلاحات المالية الطموحة. فعلى سبيل المثال، يعتزم صانعو السياسات في قطر وبلدان المنطقة، وفق تقرير الصندوق، القيام بالمزيد من الإصلاحات على أسعار حوامل الطاقة والانتقال بمبدأ ضريبة القيمة المضافة من النظرية إلى حيز التنفيذ بحلول العام 2018. ويمثّل هذا التصحيح المتصور في أوضاع المالية العامة بالنسبة لدولة متعافية اقتصادياً كقطر، مطلباً ضرورياً لاستمرارية السير قدماً في تحسين أوضاع المالية العامة على المدى الطويل، بحيث ينبغي ضبط وتيرة التصحيح حتى تتلائم مع الظروف الخاصة بالدوحة كحالة منفردة ضمن مجموع دول المنطقة وليس كحالة شاذة. فالبلدان ذات الاحتياطيات المالية الكبيرة، مثل الكويت وقطر، يمكنها تصحيح أوضاعها بشكل تدريجي أكبر وعلى امتداد زمني أطول ما يتيح لها المجال أوسع للحد من الآثار السلبية على النشاط غير النفطي.

وسوف تنعكس العوامل العالمية التي تشكّل آفاق الاقتصاد العالمي على أسعار السلع الأولية والطلب على الصادرات وتدفقات التحويلات وأسعار الصرف والأوضاع بتحسن مطّرد بنسبة 3.6 % في عام 2018 مقابل 3.5 %  في العام الحالي. وتتسق التوقعات العالمية مع ارتفاع أسعار السلع الأولية إلى حد ما وزيادة قوة التجارة العالمية؛ مما سيدعم النشاط الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأفغانستان وباكستان، كما أن قوة النمو في الصين ستدعم الاستثمارات المتوقعة في بعض البلدان.

لكن وعلى الرغم  من التعديلات الأخيرة في أسعار حوامل الطاقة، فإن البلدان المصدّرة للنفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأفغانستان وباكستان لا تزال أسعار الطاقة فيها هي الأدنى في العالم بلا شك؛ فقد ظل توفير الطاقة الرخيصة آلية مهمة للسياسات، تتيح للمستهلكين الاستفادة من ثروات بلادهم النفطية. ولكن هذه السياسة كانت لها أيضا آثار جانبية كبيرة؛ فهي تخلق حافزاً لاستخدام التكنولوجيات القائمة على الطاقة؛ مما يدفع هيكل الاقتصادات نحو الصناعات كثيفة الاستخدام للطاقة وكثيفة رأس المال، كما تقلل من تكلفة النقل والمباني والبنية التحتية التي تفتقر إلى الكفاءة في استخدام الطاقة؛ مما يتعذر معه الحد من كثافة استخدام الطاقة في المستقبل. إلا أن دولة قطر في هذا المجال تقدم نموذجاً يحتذى به في تبني سياسات اقتصادية فعالة في تنويع مصادر الدخل والذهاب نحو حلول جذرية توفر بدائل عملية للاعتماد بشكل كلي على الموارد المالية الناتجة عن بيع المنتجات النفطية التقليدية.

بيئة نموذجية جاذبة للاستثمار

وفي ذات السياق، أكد وزير المالية القطري، علي شريف العمادي، الذي ترأس الوفد القطري المشارك في الاجتماعات، إن العجز في ميزانية قطر من المتوقع أن ينخفض خلال السنوات القادمة، وأن تستمر التوقعات الاقتصادية الإيجابية. وذلك في إطار المضي قدماً وبشكل أكثر سرعة بعد الحصار تحديداً في مسار تنويع الاستثمارات سواء القطرية خارج البلاد أو الاستثمارات الأجنبية في قطر في إطار استراتيجي نحو بناء اقتصاد متنوع حيث أن قطر تبقى واحدة من أكثر الأسواق الجاذبة للمستثمرين، مع وجود فرص استثمارية مفضلة في عدد من القطاعات الرئيسية لاسيما قطاع العقارات والصناعات الغذائية الذي برز مؤخراً كواحد من أفضل وأغنى الفرص الاستثمارية داخل قطر. وطبعاً كل ما سبق ما كان ليتحقق أو سوف يتحقق لولا وجود إرادة حقيقية وتصميم لدى قيادة الدولة للذهاب نحو تصحيح الاقتصاد القطري بشكل جذري والاستفادة من وصوله إلى ذروة عالية من النجاح الحالي لاستخدماها كرافعة أساسية في تشكيل اقتصاد مستقبلي قوي ومستدام. وقد تجلت تلك الإرادة في الإجراءات التي قامت بها الحكومة مؤخرا والتي صبت بشكل مباشر في إطار مساندة الاستثمار المتواصل وتحفيز الشركات الخاصة والمستثمرين الدوليين الراغبين في توسعة أنشطتهم في المنطقة.

جبهة مالية مفتوحة

أما على الجبهة المالية فقد أكدت قطر على لسان محافظ مصرف قطر المركزي، عبد الله بن سعود آل ثاني، أن الحصار المفروض على قطر من قبل بعض الدول، منذ شهر يونيو/حزيران الماضي، لم يؤثر على الأسس المتينة للاقتصاد القطري. وأن مصرف قطر المركزي اتخذ عددا من الخطوات الصارمة والملائمة لتخفيف تأثير الحصار على الحسابات الختامية للبنوك، عن طريق ضخ السيولة وزيادة ودائع القطاع العام لديها، ما يمنع حدوث أي انتكاسة على صعيد التنمية الاقتصادية والخطط الاستراتيجية لمهندسي مستقبل قطر الاقتصادي وسط تأكيد قطر المركزي على أن المؤشرات الاحترازية للقطاع المصرفي لا تزال صحية.

دعم الرؤية المستقبلية

من جانبه وعلى منبر صندوق النقد الدولي، أشار قال الدكتور ر. سيتارامان، الرئيس التنفيذي لبنك الدوحة وضع الاقتصاد القطري ممتاز قياساً بالظروف الاقتصادية الاستثنائية التي تسبب بها الحصار الجائر حيث  لم تتأثر حركة بيع وتسويق  الغاز الطبيعي لقطر في ظل استمرار صادرات البلاد للغاز. وتشير التوقعات إلى نمو الاقتصاد القطري إلى 2.52 % في عام 2017، وما عزم البلاد على زيادة إنتاج الغاز الطبيعي المسال بواقع 30 % إلى 100 مليون طن سنوياً خلال 5-7 أعوام إلا مقدمة صحيحة لاستخدام فوائض هذه العملية في تطوير مستلزمات تنويع الاقتصاد القطري وفتح آفاق استثمارية في إطار تنمية اقتصادية مستدامة للابتعاد عن شبح النموذج الاقتصادي القائم على تصدير وبيع سلعة واحدة. وفيما يتعلق بالقطاع المصرفي، فقد شهد الإقراض نمواً بحوالي 7 % منذ بداية العام ولغاية شهر أغسطس 2017؛ حيث شكّل القطاع الحكومي والقطاع العقاري وقطاع الخدمات الحافز الرئيسي لهذا النمو، فيما سجّل نمو الودائع حوالي 9 % خلال الفترة نفسها.

كل ما سبق يشي بأن الحضور القطري فيما يمكن تسميتها “قمة مالية عالمية” جاء ليعكس الحضور القطري في المحافل الاقتصادية كما هو قوياً وواثقاً برؤية واضحة لمستقبل مشرق بناء على أسس وقواعد اقتصادية ومالية متينة تشكل رافعة جهد مثالية لإنتاج حالة اقتصادية وطنية قادرة على تبني خطط استراتيجية طموحة تظهر بأن قطر، كما هي فعلاً، لاعب اقتصادي رئيسي ليس على مستوى المنطقة فحسب بل على مستوى العالم.

 

السابق
مواقع الرادارات المتحركة اليوم الأحد 22 أكتوبر
التالي
QNB ينال لقب “أفضل بنك في قطر لعام 2017” من غلوبال فاينانس