
مصر تلم فتات القرار وتضرب مصالحها الاقتصادية بيدها
الرياض والإمارات مفوضتان بالتوقيع عن القاهرة بعيداً عن مصلحة المصريين
الدوحة- بزنس كلاس- رئيس التحرير
من الصعب التعامل مع القرار المصري المتعلق بالمشاركة في مقاطعة دولة قطر، على أنه قرار سيادي، فرائحة التبعية تفوح من الأوراق التي كتب عليها حتى تكاد تزكم الأنوف..
قررت القاهرة السير بركب السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين في مقاطعة دولة قطر واتخاذ جملة من القرارات الجائرة بحقها، لكن كل الوقائع تقول إنه قرار تم اتخاذه على عجل وفق ترتيبات أبوظبي والرياض واولوياتهما بعد تلقي الضوء الأخضر من البيت الأبيض.
انضمت القاهرة انضمت للجوقة دون أن تضع في حسبانها بشكل صحيح نسب الربح والخسارة في هكذا صفقة مشبوهة.
وبعيداً عن دهاليز السياسة، يمكن التركيز على الأثر الاقتصادي لقياس الأضرار التي ستقع على مصر نتيجة هذه الخطوة.
من أجل حفنة من الجنيهات
حكومة القاهرة كانت تبحث منذ انقلابها على الشرعية عن رضا السعودية لتساعدها في تعويض “الكرم” القطري الموجه أصلا للشعب المصري الشقيق لذلك سارعت لتأييد الخطوة السعودية حتى “تقبض الثمن” لكنها وجدت نفسها وقد صعدت بمعية الرياض إلى غصن شجرة عالية لم تجد من ينزلها عنه، وعوضاً عن حصد النتائج بدأت الرياض تبتزها فوراً، فمقابل نحو 400 مليون دولار وجهتها لتطوير سيناء، ارتكبت الحكومة المصرية خطأ قد تدفع ثمنه غالياً على المستوى الشعبي عندما تنازلت قانونياً ودستورياً عن جزيرتي تيران وصنافير المصريتين لصالح الرياض.
وماذا عن ربع مليون مصري؟
أما بالنسبة لأخوتنا المصريين الموجودين في قطر، فيساورهم التوتر والقلق على مستقبلهم وعملهم نتيجة قرار قطع العلاقات مع الدوحة وإغلاق المجالات الجوية البحرية أمام وسائل النقل القطرية، وهو أمر سارعت الدوحة لتعلن أنهم لا علاقة لهم بقرار حكومتهم وأنها لن تتخذ إجراءات انتقامية كترحيلهم أو فصلهم من أعمالهم. وهي بذلك تكون كمثل الأخ الصغير الذي يلقن اخاه الكبير درساً في السمو ورفعة الخلق. وهذا الأمر حيوي للغاية بالنسبة لمصر إذا عرفنا بأن الجالية المصرية في قطر تحتل المرتبة الرابعة بحجمها في الخليج العربي، حيث يبلغ عدد العمال المصريين نحو 250 الف عامل من أصل 1.6 مليون عامل أجنبي في قطر.
قانون طوارئ كوميدي
أما المضحك المبكي في هذا المقام فهو ما سمته حكومة القاهرة خطة طوارئ لمعالجة هذا الأمر!. إذ بينما يسعى المصريون إلى السفر والهروب من الأزمة المالية داخل بلادهم يساور الآلاف من المغتربين في قطر قلق متصاعد جراء الهجوم الإعلامي المصري على الدوحة، أزمة جعلت من تصريحات وزيري القوى العاملة والهجرة المصريين بشأن إعدادهما خطة لتوفير فرص عمل للعمالة العائدة من قطر مجرد دعابة لا يمكن أن يكون لها علاقة لا بالحقيقة ولا بالواقعية، حيث يتمتع المصريون في قطر برواتب مجزية وعيش كريم في وقت تعلن فيه منظمة العمل الدولية وضع مصر على القائمة السوداء بسبب انتهاك حقوق العمال.
حصاد مرّ..
أما على صعيد القطاع الزراعي، فقد قدر مصدر مسؤول بوزارة الزراعة المصرية خسائر القاهرة بنحو 100 مليون دولار سنويا هى حجم الصادرات الزراعية من الخضار والفاكهة المصرية للدوحة في وقت تعاني فيه مصر من قرارات متلاحقة في عدد من الدول الأوروبية والولايات المتحدة بحظر استيراد المنتجات الزراعية المصرية وصلت إلى حد الحظر النهائي لهذه المنتجات من قبل الحكومة السودانية.
وفي مجال الطاقة يتوقع أن يتسبب قطع العلاقات في أزمة قطاع إنتاج الكهرباء المصري الذي تلبي قطر احتياجاته الشهرية من الغاز الطبيعي المقدرة بنحو 860 ألف متر مكعب شهريا بحسب بيانات وكالة رويترز كما يتهدد المصريين العاملين في قطر مصير غامض جراء القرار في وقت تعتمد فيه الدوحة المركز الرابع خليجيا من حيث استيعاب العمالة المصرية بنحو 280 ألف نسمة.
سيسي في المزاد العلني
هل حسب السيسي ومن معه نتيجة قراراته على ابناء شعبه الذي يدعي ليل نهار بأنه يدافع عنهم وبأنه مستعد “ليشحذ” من أجل أن ينعموا بخير كثير؟!! أم أنه مستمر في مسلسل ارتكاب الأخطاء والخطايا أولاً ثم التفكير بعد ذلك في التبريرات وتسوقيها حتى لو كانت على وزن عذر أقبح من ذنب. لكن يبقى السؤال الأهم رغم أنه يحمل بعض الألم المعنوي للأخوة في مصر.. هل أصبحت مصر في عهد السيسي تدير شؤونها وعلاقاتها على مبدأ من يدفع اكثر ولا تسأل ما هو المقابل مهما كان باهظاً على المستوى الاستراتيجي؟!!