كمّا عوّدنا “كارل لاغيرفيلد” دائمًا على زيارة البلدان بحثًا عن الإلهام، ليقيم فيها عرضه “شانيل كروز” السنوي، والذي غالبًا ما يكون “متطبّعًا” بعادات وتقاليد، وحضارة البلد الذي يزوره، كما في عروضه السابقة الأسطوريّة في دبي، وسيول، وكوبا، أمّا هذه المرة فقد قرر البقاء في الوطن الأمّ لشانيل “باريس”.
يستمر إبداع كارل المنقطع النظير بمجموعة La Modernité de l’Antiquité والذي يعني العصور القديمة بطابعها الحديث، حيث استلهم من الحضارة اليونانيّة مقر العرض، إذ كان مليئًا بالأعمدة على الطراز اليوناني، بإضافة مشهد غروب الشمس اليونانيّ كخلفيّة مرسومة.
فاجأنا “كارل” بهذا العرض التاريخيّ اليوناني، بعد آخر عرض له في باريس، والذي كان ينبض بالحداثة والمستقبل، وعصر الفضاء والاختراعات.
هذا العرض بكلّ ما فيه، يعود بنا إلى الموضة القديمة، فقد استخدم كارل قماش الـ”تويد”، الذي ُعرفت به شانيل على مرّ السنين، وحفل العرض بالفساتين الريفيّة بطابع يوناني، مع الأحزمة والأربطة بألوان الطبيعة الخضراء، وتدرجات البيج والبُنّي، والنقوش البريّة، والكشكشات الصغيرة، ويبدو اللون الذهبيّ المعدنيّ اللامع سائدًا طوال العرض، إضافة إلى الاكسسوارات والسلاسل العشوائيّة، وعقود الرقبة بروح البوهيميّة، يظهر كيف استبدل كارل “إكليل الغار- Laurel wreath” اليوناني الشهير، بتيجان الرأس الحديثة المذهّبة والشرائط، كما نرى القفّازات الجلديّة “المخرّقة” بأشكال خطوط متداخلة، والأحذية الصندال المستوحاة من أحذية المصارعة اليونانيّة Gladiator Sandals والتي أثبتت إحكام قبضتها على الساق منذ الأزل.
نجح كارل ككلّ مرة، بإبهارنا والسفر بنا إلى عالم العصور القديمة، لنعيش اللحظة، ولنا أن نتخيّل الكولسيوم بجدرانه وأعمدته، في كلّ إطلالة من هذا العرض.