سوريا – وكالات:
بعد طول أخذ ورد حول منطقة معبر التنف بين العراق وسوريا الذي تسيطر عليه قوات سورية موالية للولايات المتحدة الأمريكية، شهد يوم 2 أغسطس/آب 2017، تسليم عشرات المقاتلين من جماعة “جيش مغاوير الثورة” أنفسهم إلى الجيش السوري.
قبل ذلك أعلنت وسائل إعلام أمريكية أن القيادة العسكرية الأمريكية قررت وقف دعمها لقوات المعارضة السورية في جنوب شرق سوريا وإنهاء الوجود العسكري الأمريكي في منطقة التنف، أي أن الأمريكيين قرروا ترك هذه المنطقة للقوات الحكومية السورية.
كما اعتبر هذا القرار بمثابة تأكيد نية الأمريكيين التعاون مع روسيا التي تدعم القوات الحكومية السورية.
إلا أن انسحاب الأمريكيين من التنف لا يعني أن واشنطن تنوي “الاستسلام”، وفقا لتعبير صحيفة “نيزافيسيمايا غازيتا” الروسية، في هذه المنطقة. فقد أبدت واشنطن نية خفض الدعم لقسم من المعارضة السورية وليس جميع أطيافها. وفي حقيقة الأمر فإن البنتاغون يتخلص من عبء عسكري وسياسي لا لزوم له.
وأضافت الصحيفة أن “سقوط” التنف أسقط، ويا للمفارقة، بنداً من أجندة التعاون بين وزارتي الدفاع الأمريكية والروسية، ولم يترك مجالا إلا للمواجهة بين واشنطن وموسكو في سوريا.
وكانت قوات التحالف في سوريا قد أكدت، أمس الخميس، أن الولايات المتحدة لم تسلم روسيا قاعدة “التنف” جنوب سوريا حيث يجري تدريب مقاتلي المعارضة السورية.
هذا وكشفت تقارير صحفية عديدة عن أن الجيش الأمريكي، في طريقه لإخلاء قاعدة “التنف” في سوريا، بحسب ما نشرته صحيفة “الأخبار” اللبنانية عن مصادر خاصة بها.
وأكد مصدر الأربعاء، أن عشرات المقاتلين من جماعة “جيش مغاوير الثورة” التي كانت ممولة من قبل الولايات المتحدة، سلموا أنفسهم إلى الجيش السوري.
وأكد ممثل لقوات التحالف أن هذه الأنباء لا توجد أساس لها، مشيرا إلى أن المنطقة بالقرب من “التنف” لا تزال منطقة مهمة تقوم قوات التحالف بتدريب مجموعات المعارضة السورية ومنها “جيش مغاوير الثورة”.
ونقلت أيضا صحيفة “واشنطن إكزامينر” الأمريكية عن مصادر دبلوماسية بها إن هذا الاتفاق تمت صياغته في هامبورغ، خلال قمة العشرين، مشيرة إلى عدم تأثر العقوبات الأمريكية الأخيرة بحق روسيا بمصير الاتفاق.
وقال دبلوماسي كبير في الخارجية الأمريكية للصحيفة: “لا ترامب ولا تيلرسون (وزير الخارجية) سعداء بتطبيق الكونغرس تلك العقوبات، ولا بالطريقة التي تم اتباعها للقيام بذلك الأمر”.
وتابع قائلا
“تيلرسون وترامب واضحين، فهما لا يعتقدان أن قرار الكونغرس مفيدا للجهود القائمة والاتفاقات المبرمة بين الولايات المتحدة، ولكن هذا القرار تم إصداره وسينفذه الطرفان”.
أسباب الانهيار
أما عن أسباب الانهيار الخاص بتلك القاعدة الأمريكية، فقالت الصحيفة الأمريكية إنه يرجع إلى ما وصفته بـ”العجز الكبير”، الذي عانت منه القوات الأمريكية وحلفائها في سوريا.
وقالت الصحيفة الأمريكية إن الجيش السوري وحلفائه نجحا في إقفال كافة الطرق شمال التنف وصولا إلى الحدود مع العراق.
ومضت قائلة إن القوات الأمريكية وحلفائها أصبحوا بحكم “الأسرى” في الأراضي السورية، ولا يوجد أمامهم أي “أفق عسكري” للخروج من ذلك المأزق.
من جانبها، نقلت “الأخبار” اللبنانية عن مصادرها قولهم إن “واشنطن قررت إغلاق قاعدة التنف، بعدما فشلت في إبقاء مساحة أمان واسعة بينها وبين الجيش السوري، خاصة فيما يتعلق في الممرات”.
أما السبب الثالث فكشفت عنه السفارة الأمريكية في أنقرة، والتي أعلنت عن سحبها للسلاح، الذي سلمته للوحدات التي تحارب بجوارها تنظيم “داعش” الإرهابي، للسلاح الذي سبق وسلمته لها.
ويدور الحديث هنا عن وحدات “حماية الشعب” الكردية، التي كان تسليم الجيش الأمريكي لها، مثار قلق كبير لدى الجانب التركي.
كما كشفت تقارير صحفية عديدة أيضا أن القوات الأمريكية، عانت من انشقاق عدد من القوات المتحالفة معها في الأراضي السورية، بعدما رفضت بعض الوحدات تسليم السلاح الذي سبق واستملته من الولايات المتحدة.
وقال المتحدث باسم التحالف، راين ديلون، الخميس الماضي إن قوات التحالف لن تدعم مجددا وحدات “شهداء القريتين”، بعدما فشلت في استعادة المعدات العسكرية التي سبق وتم تسليمها لها.
تنازل كبير
وعلقت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية على أنباء التخلي عن القاعدة الأمريكية، ونقلت عن مسؤولين حاليين وسابقين قولهم إن تلك الخطوة تعد “تنازلا كبيرا”.
وقالت الصحيفة الأمريكية إن القرار حظى بدعم كبير من الأردن، واستخدمه ترامب كورقة للتفاوض حول مناطق تخفيف التصعيد التي يتم الاتفاق عليها في سوريا.
ويتماشى هذا مع ما قاله الخبير العسكري السوري لراديو “سبوتنيك”، الدكتور حسن حسن، حول أن الولايات المتحدة ألقت ببيادقها في قاعدة التنف إلى التهلكة.
وتابع قائلا
“الاستراتيجية الأمريكية أصيبت في مقتل على المستوى الاستراتيجي عندما استطاعت سوريا الصمود أمام الواقع الذي سعت أمريكا لفرضه، لذا الولايات المتحدة تريد تدوير الزوايا، ولكن هذا المشروع أصيب بمقتل بوصول القوات السورية والقوات العراقية إلى الحدود”.
ولكن من جانبها، نقلت وكالة “رويترز” عن مصدر استخباراتي أمريكي قوله إن القوات الأمريكية قد تضطر إلى إنشاء قاعدة عسكرية ثانية في التنف، خاصة بعدما نقلت منظومات صواريخ إلى جنوب سوريا.
ونقلت الوكالة أبو أثير، المتحدث العسكري باسم فصيل مغاوير الثورة (التابع للمعارضة المسلحة) قوله إن القوات الأمريكية انتشرت من موقعها في التنف لتقيم قاعدة جديدة في الزكف على بعد 70 كيلومترا باتجاه الشمال الشرقي.
كما نقلت “رويترز” عن مسؤول مقرب من “مغاوير الثورة”، مزاحم سلوم، أن موقع الزكف سيكون داعما لقاعدة التنف، ومن المتوقع أن يكون “خط الدفاع الأول” للقوات الأمريكية والقوات المتحالفة معها.