نيويورك – بزنس كلاس:
في واحدة من أفضل الكلمات التي ألقيت يوم أمس في الجمعية العامة للأمم المنحدة، قال حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، إنه يقف أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الآن، بينما قطر وشعبها يتعرضان لحصار جـائر ومـستمـر فرضتـه دول مجاورة منذ الخامس من يونيو الماضي، ويشمل كافة مناحي الحياة بما في ذلك تدخل الدول لقطع الصلات العائلية.
وأضاف سموه في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية للجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة في دورتها الثانية والسبعين التي عقدت صباح اليوم في مدينة نيويورك، أن قطر حالياً تدير حياتها واقتصادها وخططها التنموية وتواصلها مع العالم الخارجي بفضل وجود معابر بحرية وجوية ليست لدول الحصار السيطرة عليها”.
وأكد سموه أن الحصار فرض فجأة ودون سابق إنذار ماحدا بالقطريين لاعتباره نوعاً من الغدر، وأن الذين خططوا للحصار ونفذوه تصوروا أن تُحدثُ الخطوة أثراً صادماً مباشراً يؤدي إلى تركيع دولة قطر واستسلامها لوصاية شاملة تفرض عليها. والأدهي أن مخططي الحصار وجدوا من الضروري الاستناد إلى تصريحات مختلقة بسبت إليّوزعت في موقع وكالة الأنباء القطرية بعد قرصنتها”.
وأضاف: كان إعلام هذه الدول، وهو إعلام مجند ومأجور، جاهزاً على أهبة الاستعداد لبدء حملة تحريض شاملة معدة سلفاً انتهكت فيها كافة القيم والأخلاق والأعراف، وانتهكت الحقيقة بوابل من الأكاذيب، ومازالت الأموال تصرف بسخاء على آلة صنع الافتراءات ونشرها على أمل أن تختلط على الناس الحقيقة بالكذب.
وأوضح سمو أمير البلاد المفدى، أنه على الرغم من افتضاح أمر القرصنة، وتزييف تصريحات أمير دولة ذات سيادة، لم تتراجع الدول المحاصرة أو تعتذر عن الكذب، بل زادت شدة حملتها، وهي تمني النفس أن يحدث الحصار أثراً تراكمياً على الاقتصاد والمجتمع في بلدي، مادام قد فشل في إحداث الأثر المباشر.
وأكد أن من من قام بالقرصنة وتزييف التصريحات ارتكب اعتداءً على دولة ذات سيادة، ذلك ان الجريمة تمت لأهداف سياسية مبيتة، وأعقبتها قائمة إملاءات سياسية تمس بالسيادة أثارت استغراباً عالمياً.. وحفزت هذه الفعلة المشينة من جديد التساؤلات الدولية حول الأمن الرقمي والفلتان في عملية القرصنة الإلكترونية.. وقد أظهرت قلق أوساط واسعة رسمية وشعبية في العالم من عدم وجود مؤسسات وتشريعات دولية واضحة تنظم هذا المجال الخطير والحيوي وتعاقب مرتكبي الجرائم العابرة للحدود فيه.
ودعا سموه خلال كلمته أما الأمم المتحدة، إلى اتخاذ خطوات في هذا الصدد، مؤكدا استعداد قطر لوضع إمكانياتها في خدمة جهد مشترك كهذا”.
وأضاف أن “الدول التي فرضت الحصار على قطر تتدخل في الشؤون الداخلية للدولة عبر الضغط على مدنييها بالغذاء والدواء وصلات الرحم لتغيير موقفهم السياسي لزعزة الاستقرار في دولة ذات سيادة، أليس هذا أحد تعريفات الإرهاب؟”.
وأضاف صاحب السمو: لم يقتصر الحصار غير المشروع على الشق الااقتصادي وخق اتفاقية منظمة التجارة العالمية، بل تجاوز ذلك إلى انتهاك مواثيق حقوق الإنسان بالاجراءات التعسفية التي سببت أضراراً للآلاف من مواطني دول مجلس التعاون الخليجي والمقيمين على أراضيها، اجتماعياً، واقتصادياً، ودينياً، حيث انتهكت أبسط حقوق الإنسان في العمل والتعليم والتنقل والتصرف بالملكية الخاصة.
واستطرد قائلاً: لم يقف الأمر عند هذا الحد بل تعداه إلى ملاحقة دول الحصار مواطنيها والمقيمين على أراضيها وفرض عقوبات بالحبس والغرامة عليهم، لمجرد التعبير عن التعاطف مع دولة قطر، حتى في وسائل التواصل الاجتماعي، وذلك في سابقة لم يشهدها العالم من قبل، في مخالفة لأحكام مواثيق واتفاقيات حقوق الإنسان التي تكفل حق الإنسان في التعبير عن أفكاره وآرائه.
ولفت سموه إلى أن “ثمة دول تبيح لنفسها، ليس فقط الاعتداء على دولة جارة لإملاء سياستها الخارجية والإعلامية، بل تعتقد أيضا أن حيازتها للمال تؤهلها للضغط على دول أخرى وابتزازها لتشارك معها في عدوانها. وهي التي يفترض أن تحاسَب دوليا على ما قامت به”.
وأضاف: إن الدول التي فرضت الحصار على دولة قطر تتدخل في الشؤون الداخلية للعديد من البلدان، وتتهم كل من يعارضها في الداخل والخارج بالإرهاب. وهي بهذا تُلحِق ضررًا بالحرب على الإرهاب، وهي في الوقت ذاته معارِضة للإصلاح وداعمة للأنظمة الاستبدادية في منطقتنا، والتي يتخرج الإرهابيون من سجونها.
وأردف سموه قائلاً: “لم نتفاجأ وحدنا من فرض الحصار، فقد تفاجأت معنا دولٌ كثيرة شكّك قادتُها بدوافعه وأسبابه، وقد وعدت الدول المحاصرة كل من سألها عن أسباب الحصار أن تقدم له الأدلة عن مزاعمها العبثية وافتراءاتها ضـد قطـر، والتي تغيرت حسب هوية المخاطَب. وما زال الجميع ينتظر أدلةً لم تصل ولن تصل، لأنها غير موجودة أصلا، ويوجد نقيضها الكثير من الأدلة حول مساهمة قطر في محاربة الإرهاب باعتراف المجتمع الدولي كله”.
كما أكد سموه في كلمته أمام الأمم المتحدة، أن “دولة قطر كافحت الإرهاب، ويشهد بذلك المجتمع الدولي بأسره، وما زالت وستظل تحاربه، وتقف في معسكر من يحاربه أمنيا، وترى ضرورة محاربته أيديولوجيا أيضا. وهي تتجاوز ذلك إلى الإسهام في تجفيف منابعه من خلال تعليمها لسبعة ملايين طفل حول العالم، حتى لا يقعوا فريسة للجهل والأفكار المتطرفة”.
وأضاف، “لقد رفضنا الانصياع للإملاءات بالضغط والحصار، ولم يرض شعبنا بأقل من ذلك. وفي الوقت نفسه اتخذنا موقفا منفتحا على الحوار دون إملاءات، وأعربنا عن استعدادنا لحل الخلافات بالتسويات القائمة على التعهدات المشتركة، فحل النزاعات بالطرق السلمية هو أصلا من أولويات سياستنا الخارجية.
وجدد سموه، في كلمته، الدعوة إلى حوار غير مشروط يقوم على الاحترام المتبادل للسيادة، مثمناً الوساطة المخلصة والمقدرة التي دعمتها دولة قطر منذ بداية الأزمة، والتي يقوم بها صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت الشقيقة، كما وجه سموه الشكر لجميع الدول التي ساندت هذه الوساطة”.
ووجه سموه كلمة إلى الشعب القطري والمقيمين فقال: “اسمحوا لي في هذه المناسبة ومن على هذه المنصة أن أعبر عن اعتزازي بشعبي القطري، ومعه المقيمون على أرض قطر من مختلف الجنسيات والثقافات. لقد صمـد هـذا الشعـب فـي ظـروف الحصـار، ورفض الإملاءات بعزة وكبرياء، وأصر على استقلالية قرار قطر السيادي، وعزز وحدته وتضامنه، وحافظ على رفعة أخلاقه ورقيه رغم شراسة الحملة الموجهة ضده وضد بلده. وأجدد الشكر للدول الشقيقة والصديقة التي تُدرك أهمية احترام سيادة الدول وأحكام القانون الدولي ومواقفها المقدرة، والتي كانت، وما زالت سنداً للشعب القطري خلال هذه الأزمة”.