سفراء الصحة النفسية

الدوحة – بزنس كلاس:

خضع طلاب من 3 مدارس تابعة لمؤسسة قطر للتدريب ضمن برنامج سفراء الصحة النفسية، وهو البرنامج الأول من نوعه بالمنطقة.

وقد صُمم هذا البرنامج لمساعدة طلاب المرحلة الثانوية على تعزيز الرفاه النفسي، إذ أنه بمثابة منفذٍ لهم للتعبير عن احتياجاتهم بين مجموعة من أقرانهم الذين يشعرون بارتياح معهم.

وسوف تشمل المرحلة التجريبية مشاركة 11 سفيرا من 3 مدارس: أكاديمية العوسج، وأكاديمية قطر – السدرة، وأكاديمية قطر للقادة، حيث سيأخذون دور المدافعين عن الصحة النفسية لزملائهم في مدارسهم، ويساعدون أقرانهم على معالجة مشاكلهم العاطفية التي من شأنها أن تؤثر على صحتهم النفسية إذا لم تتم معالجتها.

* تأسيس البرنامج

تأسس البرنامج من خلال تعاون فرق من مركز سدرة للطب، عضو مؤسسة قطر، ومركز التعلّم، وثلاث مدارس من مؤسسة قطر. وقد خضع كافة السفراء المشاركين لورشة عمل على مدار يومين، وخلالها تم تزويدهم بالمهارات اللازمة للتعامل مع أقرانهم في القضايا المتعلقة بالرفاه النفسي. وخلال العام الدراسي، سيقوم هؤلاء المتطوعون بعقد جلسات نقاشية مع زملائهم بالمدرسة حول 6 مواضيع رئيسية: مفهوم الصحة النفسية، التنمر، الاكتئاب والقلق، إيذاء النفس والانتحار، تعاطي المخدرات، والوصم، والمفاهيم الثقافية الخاطئة.

من جهته، قال الدكتور أحسن نذير، رئيس قسم الطب النفسي للأطفال والمراهقين في سدرة للطب، وأستاذ مشارك في الطب النفسي السريري في وايل كورنيل للطب: يُعاني طفل واحد من بين كل خمسة أطفال، الذين هم مبتكرون ومصلحون وقادة العالم في المستقبل، من إحدى حالات الصحة النفسية، ولابد من معالجة ذلك”.

* أهداف البرنامج

ومن أهداف البرنامج أيضًا نشر الرسالة حول أهمية الصحة النفسية من خلال منصات التواصل الاجتماعي التي تعمل على تيسير الوصول إلى الزملاء، حيث سيقوم السفراء بنشر رسائل حول احد الموضوعات الستة الرئيسية أسبوعيًا.

ويُمكن للطلاب الوصول إلى سفراء الصحة النفسية في مدارسهم. وعندما يلاحظ السفراء أن أحدا من أقرانهم يحتاج إلى مساعدة، يُمكنهم إن لزم الأمر، طرح المسألة على الأخصائي النفسي بالمدرسة، الذي يقوم بدوره باتخاذ القرار حول كيفية التعامل معها، وقد يقوم بتحويل الطالب إلى قسم الصحة النفسية للأطفال والمراهقين في سدرة للطب.

وإضافة إلى ذلك، سيتم إطلاق “مجلس الصحة” في كل مدرسة، الذي يُتيح للطلاب فرصة مشاركة مخاوفهم ومناقشة مشاكل الصحة النفسية في بيئة مريحة وودية، وستتم دعوة ضيوف من خارج مجتمع المدرسة كالأطباء وعلماء الدين وغيرهم من الاختصاصيين إلى المجلس لمشاركة خبراتهم حول كيفية التعامل مع مشاكل الصحة النفسية.

كما سيُعقد مؤتمر مخصص للصحة النفسية بقيادة الطلاب في نهاية كل عام، وسيقوم السفراء خلاله بوضع إطار شامل للمبادرات التي سيتم اتخاذها بناءً على خبراتهم السابقة، بحيث يتم تطبيق المقترحات في العام المقبل.

تغيير إيجابي

عبرت مريم السويدي، طالبة في الصف الحادي العاشر من أكاديمية العوسج، التي تم تعيينها سفيرة للصحة في مدرستها، عن سعادتها كونها تستطيع إحداث تغيير إيجابي في حياة من حوالها.

فقالت: “من الجيد أن أشعر بأني امتلك القدرة والمعرفة اللازمة للوصول إلى زملائي وتوعيتهم بأن الصحة النفسية تشكل عنصرا حاسمًا في نموهم بشكل عام”.

وأضافت: تطرقت ورشة العمل إلى عدة جوانب من الصحة النفسية، حيث تعلمنا كيفية التعامل مع الأشخاص الذين قد يواجهون مشاكل في الصحة النفسية، لكن لا يعرفون كيفية البدء في معالجتها. وأنا أتطلع إلى أن أصبح سفيرةً للصحة النفسية كي أتمكن من الوصول إلى زملائي في المدرسة ممن يحتاجون إلى المساعدة”.

فكرة البرنامج

انبثقت فكرة البرنامج من التجارب الشخصية لأحد الأطباء الذين ساعدوا في تنظيم المشروع، وهو الدكتور علي خليل، طبيب زائر في قسم الطب النفسي للأطفال والمراهقين في سدرة للطب، وطبيب نفسي أول في قسم الطب النفسي بمؤسسة حمد الطبية.

قال: شعرت بخوف عند خسارتي لصديقي نتيجة إصابته بمرض نفسي عندما كنت طالبًا في الجامعة كان دافعًا لي لتصور فكرة هذا البرنامج”. وأضاف: “لقد أدركت حينها أن الأمراض النفسية قد تكون ذات أضرار جسيمة توازي الأضرار البدنية”.

في عام 2004، التحق الدكتور علي خليل بكلية الطب مع صديق له، وسرعان ما لاحظ أن صديقه بدأ يتصرف بطريقة مختلفة.

ويتذكر قائلاً: “في بداية الأمر، أصبح مزاجيًا وعزل نفسه عنا، وبدأ بالتغيب عن المحاضرات إلى أن انتهى به الأمر بالخروج من كلية الطب. وعلى مدار العامين التاليين، وضعنا كل الاحتمالات الممكنة لذلك، كالإجهاد النفسي، والوحدة، حتى نقص الفيتامينات، إلا أننا لم نضع احتمال المرض النفسي. وبعد مرور ثلاثة أعوام، حصلنا على تشخيص بمرض الفصام، وهو مرض عقلي شديد الخطورة، لكنه كان قد أودى بحياته حينها”.

ويقول الدكتور البالغ من العمر 32 عامًا، اننا ولسوء الحظ، مازلنا نشهد الأعراض المبكرة التي تعرض لها صديقه قبل 15 عامًا بشكل كبير في محيطنا بقطر وفي نفس الفئة العمرية.

استطلاع نفسي

في عام 2009، كشفت دراسة استقصائية أجريت على مجموعة عشوائية من البالغين المسجلين في مختلف المراكز الصحية في دولة قطر عن التصورات السائدة حول الصحة النفسية. حيث اعتقد 50% ممن شملهم الاستطلاع أن المرض النفسي هو “ابتلاء”، في حين اعتقد 50% بأن العلاجات المستخدمة في علاج الاكتئاب والقلق قد تؤدي إلى الإدمان. وإلى جانب ذلك، عبر 90% منهم عن رفضهم الزواج من شخص يعاني من اضطراب في الصحة النفسية.

وفي عام 2016، تم إجراء استطلاع آخر شمل الطلاب في جامعة قطر. وبعد مرور حوالي 7 سنوات منذ إجراء الاستبيان السابق، وبما أن الفئة المستهدفة كانت أصغر سنًا، توقع الباحثون بأن يكون المشاركون في الاستطلاع أكثر فهمًا للأمراض النفسية وعواقبها، لكن انطباعات هذه الفئة الأصغر سنًا كانت مشابهة لتلك الخاصة بالبالغين الذين شاركوا في استطلاع عام 2009.

وقال الدكتور علي خليل: “من المؤسف أن فئة الشباب التي تُعد مستقبل بلادنا، مازالت تمتلك هذه المفاهيم الخاطئة، ويُمكننا أن نلحظ مظاهر مخرجات هذه الأبحاث كل يوم بين المراهقين والشباب ممن يعانون بصمتٍ من التنمر وسوء المعاملة والاكتئاب والقلق والفصام وإيذاء النفس”.

“يهدف برنامج سفير الصحة إلى كسر الوصمة المرتبطة بمشاكل الصحة النفسية بطريقة ملائمة وقائمة على الأدلة، كي يساعد جيل الشباب على إدراك أهمية الصحة النفسية ودورها كجانب مهم من الصحة العامة للفرد، ومنحهم الثقة والقدرة على مواجهة التحديات التي يتعرضون لها، لاسيما خلال فترة الانتقال من المرحلة المدرسية إلى المرحلة الجامعية، وعدم الوقوع بالمشاكل التي لم يكونوا قادرين على التحدث عنها أو التعامل معها في السابق.

السابق
تحديث محطات الرصد الإشعاعي في قطر
التالي
أكثر من ألف مستفيد من برامج بست باديز