لا زالت الهزات الارتدادية لزلزال “الجزيرة” الذي ضرب المشهد الساسي البريطاني تتفاعل، رغم محاولات لندن لإغلاقه سريعاً، الأمر الذي قوبل من بعض الساسة البريطانيين بالانتقاد والمطالبة بفتح تحقيق حول ما كشفه الوثائقي المعروف باسم «لوبي» من تدخلات إسرائيلية للتأثير في القرار البريطاني لتتناغم مع مصالح تل أبيب.
أظهرت التسجيلات السرية التي حصلت عليها صحيفة “ديلي ميل” البريطانية من قناة الجزيرة الفضائية فضائح بالجملة لدبلوماسي إسرائيلي يعمل في سفارة تل أبيب في لندن.
وقال تقرير أعده سايمون والترز، المحرر السياسي لصحيفة “ذي ميل أون صنداي”، وترجمته “عربي21” إن السفارة الإسرائيلية “تعهدت في تصرف صادم بالإطاحة بنائب وزير الخارجية بوريس جونسون”.
وقال التقرير: “كان الفيلم الصاعق قد سُجل في أحد المطاعم في مدينة لندن، وحصلت الصحيفة على مشاهد منه يظهر فيها دبلوماسي إسرائيلي رفيع المستوى يهدد بشكل عجيب باستهداف السير ألان دانكن”، مضيفا أن “المذهل في الأمر أنه يحرض على ذلك في حواره مع واحدة من كبار مساعدي وزير آخر في حزب المحافظين هو روبرت هالفون”.
ومن ضمن الفضائح التي وردت في التسجيلات حديث الدبلوماسي الإسرائيلي شاي ماسوت عن استخدام الأموال للتأثير على السياسيين البريطانيين، حيث يظهر في مقاطع فيديو أخرى وهو يقول لعضو البرلمان عن حزب العمال، السيدة جوان رايان، أنه حصل على “ما يزيد على مليون جنيه إسترليني” لدفع تكاليف زيارة إلى الكيان الصهيوني سيقوم بها أعضاء الحزب العماليين المتعاطفين مع الكيان الصهيوني.
وبحسب تقرير “ديلي ميل”، فإن ماسوت يسخر في الفيديوهات من سياسيين بريطانيين، ويطلق عليهم أوصافا غريبة؛ إذ وصف زعيم حزب العمال جريمي كوربين بالمجنون، وسخر كذلك من أنصاره، وقال عنهم إنهم “شاذون وغريبو الأطوار”، فيما وصف وزير الخارجية بوريس جونسون “بالأحمق”. أما وزير الدولة في الخارجية البريطانية آلان دانكن، فقد وصفه الدبلوماسي وخبير الاستخبارات الإسرائيلي في واحد من مقاطع الفيديو بأنه يسبب “المشاكل”.
وواصلت صحف بريطانية، أمس الاثنين، رصد ردود الفعل حول تحقيق «الجزيرة» الذي يبدأ عرضه يوم 15 يناير على مدار 4 حلقات.
وقالت صحيفة «جارديان» البريطانية إن حزب العمال المعارض دعا حكومة المحافظين إلى فتح تحقيق فوري في «التدخل الدنيء في سياساتنا الديمقراطية» بعد فضح الجزيرة لأمر المسؤول السياسي في سفارة إسرائيل بلندن، وهو يتآمر للإطاحة بعدد من أعضاء البرلمان باعتبارهم معادين لبلده».
ونقلت الصحيفة عن إيملي ثورنبيري وزير خارجية حكومة الظل قولها إن الكشف عن مناقشة مسؤول إسرائيلي لكيفية التخلص من وزير بريطاني وعدد من أعضاء البرلمان بسبب آرائهم حول إسرائيل لهو «أمر مزعج للغاية».
ولفتت الصحيفة إلى أن الفضيحة أحدثت انقساماً بين الحكومة البريطانية والمعارضة.
وكان وزير الدولة في الخارجية البريطانية، اعتبر يوم الأحد أن اعتذار السفير الإسرائيلي أنهى الأمر، إلا أن ثورنبيري دعت إلى التحقيق في الأمر لأنه يخص مسألة أمن قومي.
وكشفت «جارديان» عن غضب لدى كثيرين من ساسة حزب المحافظين الحاكم جراء تحقيق الجزيرة، إذ أشار وزير سابق في حكومة ديفيد كاميرون إلى أن جهود السفارة الإٍسرائيلية لفرض نفوذها على الحياة العامة في بريطانيا بلغت أقصى حد للإطاحة بأعضاء البرلمان الذين لم يرضخوا لمصالح إسرائيل.
في السياق ذاته، نقلت صحيفة «ميل أون صنداي» البريطانية عن وزير سابق قوله إن السياسة الخارجية البريطانية تقع تحت تأثير النفوذ الإسرائيلي، وهو أمر تجاهلته السلطات لسنوات.
وأضاف الوزير -الذي رفض الكشف عن اسمه- أن أصدقاء إسرائيل في كل من حزبي المحافظين والعمال عملوا مع سفارة تل أبيب لتعزيز سياستها وإعاقة عمل الوزراء الذين حاولوا الدفاع عن حقوق الدولة الفلسطينية.
وانتقد الوزير، بشدة حكومات بريطانيا التي اتهمها بالتراخي إزاء التغلغل الإسرائيلي في الساحة السياسية البريطانية، وأشار إلى أن الحكومات مالت أمام الضغوط وقبلت أموال المتبرعين، وسمحت للتدخل الإسرائيلي بصياغة سياسة بريطانيا الخارجية، وحتى تحديد مصير بعض الوزراء.
أيضاً، دعا أليكس سالموند رئيس الحكومة الأسكتلندية السابق، أمس الاثنين، السلطات في بريطانيا إلى ترحيل الدبلوماسي الإسرائيلي في لندن، شاي ماسوت، الذي ظهر يسيء لوزير الخارجية في برومو تحقيق «الجزيرة».
وانتقد سالموند، في تصريحات صحافية، موقف الحكومة البريطانية من الحادثة باعتبارها «قضية منتهية»، وشدد على ضرورة إنهاء المهمة الدبلوماسية للسياسي الإسرائيلي.
وأضاف «يجب أن يغادر هذا المسؤول وظيفته في سفارة بلاده، ويرحل من بريطانيا في أقرب وقت».
واندلعت أزمة في الأوساط السياسية في بريطانيا، عقب انتشار مقطع فيديو لدبلوماسي إسرائيلي، التقط له سراً في مطعم بلندن، أدلى فيه بتصريحات مهينة بحق عدد من الساسة البريطانيين.
وسُجل الفيديو في أكتوبر 2016 في إطار تحقيق أجرته قناة «الجزيرة» الفضائية يكشف تحركات إسرائيل للسيطرة على السياسة الخارجية لبريطانيا.