زرُّ الإعجاب خرَّب الإنترنت.. كيف جلب ابتكار الـ Like الابتذالَ إلى وسائل الإعلام؟

 
يرى البعض أن زر الإعجاب أو Like قد خرب المواقع والشبكات الاجتماعية، إذ أصاب بعض رواد تلك الشبكات بنوعٍ من الهوس، ومن مؤيدي ذلك الرأي الكاتب والمبرمج الأميركي جايمس سومرز.

إذ يحكي أن أحد أصدقائه كان مُتيَّماً بموقع Google Reader لدرجة أنه بعدما توقف عن العمل صمَّم نسخةً طبق الأصل منه، باستثناء خاصية إضافة صور للمنشورات والإعجاب بالتعليقات، واستخدام الصور المتحركة (GIFs)، ما جعل المحادثات في هذا الموقع ليست بالجدية ذاتها في Google Reader.

وقد صمم سومرز أيضاً نسخة من الموقع، تعرف بفضلها على صديقه هذا لحبهما المشترك لموقع Google Reader، لكن نسخة سومرز اتسمت بالجدية والتحفظ أكثر، وكانت تعتمد أساسًا على المحادثات لا العناصر المرئيسة، إذ لم يضف فيها أي أزرار إعجاب، كما صعَّب إضافة صور للتعليقات، لدرجة أنَّه يكاد يجزم عدم إضافة أي مستخدم لأي صورة GIF للموقع مطلقاً.

وبالمقارنة بين التجربتين، استنتج سومرز أن أهم الأمور التي تساهم في نجاح الشبكات الاجتماعية في استقطاب الجماهير، هو زيادة عناصر الجذب عبر إضافة خصائص مثل أزرار الإعجاب والإشعارات. وهنا ننقل لك رأي سومرز عن زر الإعجاب، الذي كتبه في تدوينة على مجلة The Atlantic الأميركية.
Google Reader دون زر “الإعجاب”
كان موقع Google Reader جذاباً، على الرغم من قلة الخصائص المقترنة بالتفاعل فيه، إذ لم يكن من الممكن معرفة ردود أفعال المستخدمين الآخرين من خلاله، حتى بعد تطوره وإضافة زر الإعجاب فيه.

فلم يكن الموقع يحصر لمستخدميه إجمالي عدد “الإعجابات”؛ فلو أردت أن ترى الإعجابات الجديدة، كنت تضطر إلى العودة إلى تاريخ المشاركات، وتسجيل عدد الإعجابات التي نالتها كل مشاركة آخر مرة تفقدتها بنفسك.

وكانت الطريقة التي ترى بها التعليقات مشابهة، فكنت تذهب إلى موقع Reader.google.com، ثم تضغط على رابط “التعليقات” لتراها؛ وكان تصميم صفحة التعليقات رديئاً، كما كان من الصعب معرفة عدد التعليقات الجديدة بالضبط. وإذا كتبتَ تعليقاً، لم يكن يتضح مطلقاً إذا ما كان قد أعجب أحداً أو قرأه أصلاً أم لا.

الكتابة دون معرفة ردود أفعال الآخرين، كانت تحتم عليك أن تعتمد على حكمك وتفضيلاتك الخاصة. بالتأكيد، أنت تريد أن تُرضِي جمهورك، لكن لفعل ذلك عليك معرفة ما يعجبهم، ولصعوبة ذلك كان ينشر المستخدم ما يعجبه.

وكان ذلك الأمر يمنح المستخدم نوعاً من الحرية، أو “سياسة الإنكار”، لأن الشخص إذا عرف ردود أفعال الناس الإيجابية والسلبية، عبر عدد المشاهدات أو الإعجابات، فإنه سيتقيد بنشر ما يعجبهم، أما إذا لم يعرفها مسبقاً ويعلم أنه لن يعرفها على الأغلب، فيكون محركه الوحيد هو ذوقه ورأيه الخاص.
سباق “الإعجاب” وتأثيره على وسائل الإعلام؟
“زر الإعجاب” هذا قد يكون أيضاً سبباً في السباق الحالي بين وسائل الإعلام “إلى القاع” بإنتاج مواضيع مبتذلة وشهوانية وغير مفيدة واستخدام عناوين كاذبة لجذب القارئ، فهل من قبيل الصدفة أن سرعة ذلك السباق ازدادت بالتزامن مع تطور تقنيات قياس نسبة انجذاب الجمهور؟!

فقد كانت الصحف والمجلات تمتلك في السابق نموذجاً مصغراً من الجمهور لقياس نسبة انجذابه للمواضيع المختلفة، فلم تكن لديها إحصاءات إلكترونية لتعرف أي الأنواع التي تجذب الجمهور بشكل أكبر من غيرها، وعلى الرغم من أن هذا الأمر أعطاها حرية أكبر في اختيار المواضيع، إلى أنها على الأرجح كانت تكتب مواضيع لا يهتم أحد بقراءتها، وكان ذلك يقودها أيضاً لإنتاج موضوعات مميزة غير متوقعة.

أما الآن، فأصبح الهم الأكبر للمواقع الإلكترونية تحسين مستوى القصص التي ينشرونها، وفقاً لمعايير “انجذاب الجمهور”، لذا تكون النتيجة المنطقية هي السعي وراء ترويج الأخبار المثيرة، والمتحيزة، والتافهة، وكثرة الإعلانات، وكل العوامل التي يُمكنها أن تجذب مزيداً من القراء.

وعلى الرغم من ذلك، نستمر -نحن المبرمجين- في تصميم البرامج كي تعطي الناشرين ردود أفعال أفضل حول أداء المحتوى الذي يقدمونه، حتى يتمكنوا من أن يمنحوا الناس ما يريدونه بالضبط.

وهذا لا ينطبق فقط على وسائل الإعلام العادية، بل على الشبكات الاجتماعية أيضاً، لذا تجد حتى الطفل ذي الأحد عشر عاماً يحاول أن يميز منشوراته لجلب عدد أكبر من الإعجابات.
ضغط صناعة القصص الفردية الجذابة

أيام موقع Google Reader، حين كانت خدمات مقتطفات الأخبار (RSS) تسيطر على الإنترنت، كانت المنشورات الإلكترونية -بما فيها المدونات التي ازدهرت بسببها- تراقب باستمرار عدد المشتركين لديها.

وقد قدمت الخدمة محتواها في شكل “رزم”، إذ كانت مثل مجلةٍ بها مجموعة من المقالات المرتبطة ببعضها البعض، التي يدفع المشتري للحصول عليها كمجموعة، لكن كما وضَّح الصحافي أليكسيس مادريغال، فإن المادة الإعلامية على الإنترنت تزداد تفككاً، ولم نُقدِّر تبعات ذلك حق قدرها حتى الآن.

فحين يكون المحتوى مُجمَّعاً في رزم، لا تحمل قطعة واحدة عبء النجاح في جذب الانتباه، فالفكرة أن تنجح الرزمة -بطريقة تراكمية- في جذب الانتباه. كما لا يتعرض صانعو رزم المحتوى للقدر ذاته من الضغط من أجل جعل القصص الفردية أكثر جاذبية، إذ يمكنهم أن ينشروا القصص غير الجذابة، وهم يعلمون أنَّ القراء سوف يقرأونها على أي حال، لأنَّها جزءٌ من الرزمة.

وبالعكس، حين تكون المادة الإعلامية مفككة، أي أنَّ كل مقال يجب أن يُبرر وجوده بشكل خاص في عالم المحتوى، تتعرض القصص الفردية لضغطٍ أكبر مما تتحمل. وهذا هو سبب أنَّ الكثير من المقالات التي قرأتَها اليوم على الإنترنت تحتوي عناوينها على ادعاءات أو أسئلة لم يتناولها متن المقال.

إذ أنه على كل مقال أن يسوق نفسه وسط عدد آخر من القصص الفردية، لذا تستخدم تلك العناوين البراقة والإعلانات المخادعة لجذب القراء.

وهذا هو مبرر أن موقع Google Reader، لم يصبح منافسًا قوياً لفيسبوك أو تويتر مثلًا، رغم أن المحادثات فيه كانت مثمرة للغاية، لكنها كانت قليلة ومن عدد قليلٍ من الناس، وليست بسرعة الاستجابة نفسها التي تلي مشاركاتك على منشورك بثوانٍ.

السابق
الولايات المتحدة.. أفضل 6 مطاعم أمريكية بين أفضل 50 مطعم بالعالم
التالي
تجنّبوا هذه الأمور عند معاناتكم الإمساك