بزنس كلاس – خاص
حددت دول ثلاثي الحصار والقاهرة معها مطالبها أو إملاءاتها على دولة قطر وكأنها دولة تحت الاحتلال واضعين شروط أقل ما توصف به أنها تعجيزية. لكن أكثر بند أثار ضجة بين وسائل الإعلام نظراً لكونه سابقة خطيرة للغاية في العالم بأسره هو المطالبة برأس قناة الجزيرة. والسؤال الكبير الذي يطرح نفسه بقوة الآن.. لماذا؟!
بحيادية وموضوعية، إن قناة الجزيرة تمثل قامة عالية وعلامة فارقة في تاريخ وسائل الإعلام والصحافة في الوطن العربي والعالم على حد سواء. ذنب الجزيرة الوحيد أنها عملت على نشر الحقيقة وأن تكون صوت ورأي من لا صوت لهم في وطننا العربي المليء بالكثير من المظالم والآسى. لذلك رأينا في كل مرة يغلق فيها مكتب الجزيرة في هذا البلد أو ذاك يزداد تجمهر مشاهديها ويتكاثرون لأنها تكون قد عبرت بما لا يجرؤون أحياناً على التفكير به خوفاً من أزلام هذا النظام أو ذاك. ولأنها تكشف العورات وبعد فشل “عربية” السعودية بالوصول إلى مستوى ومصداقية وحرفية الجزيرة لم يعد بد من قطع هذا الخط الأحمر، أسوة بسواه من الخطوط الحمر حتى لو كان على مستوى العالم، وبالتالي المطالبة برأس الجزيرة ضمن وصفة السعودية والإمارات لتحويل الدول المستقلة إلى ولايات تابعة.
أخطر ما بهذا المطلب انه يدعو علناً ورسمياً لكم الأفواه وكأننا نعيش تحت الأحكام العرفية السعودية أو الإماراتية.كما انه يؤسس لسابقة خطيرة للغاية على المشهد الإعلامي في كل العالم وليس في منطقة لا يوجد فيها تقريباً إعلام حر باستثناء الجزيرة. يبدو أنهم لا يستطيعون سماع صوت الحرية فهو يخيفهم ويذكرهم بأن الصامتين والمكممة أفواههم سيرفعون الصوت يوماً مقتدين بنموذج الجزيرة لذلك لا بد من التخلص منها بأي طريقة حتى لو كانت بهذا الغباء والفظاظة.
وربما جاء أولى الأصوات القوية، كما هو متوقع، ليس من بلاد العرب التي لا تجرؤ على محبة الحرية رسمياً على الأقل، بل من المكان الذي يعيش فيه الجميع “متحابين وجيران” بعد أن يذبحوا بعضهم في بلادهم. من أوروبا وتحديداً من لندن دان الأمين العام للاتحاد الدولي للصحفيين أنتوني بيلانجر المطالبات بإغلاق قناة الجزيرة، وانتهاك حرية الإعلام والحق في حرية التعبير، معبراً عن دهشته الصاعقة من العقلية التي يمكن أن تصل لحد بتكميم الأفواه وعلناً.كما استنكر الضغط على الصحفيين وأسرهم لإجبارهم على ترك عملهم بسبب الأزمة الخليجية، واعتبر ذلك انتهاكا لحقوق الإنسان، معلنا مساندة الاتحاد الدولي للصحفيين ودعمه لكل صحفي في الدفاع عن حقه.
الجزيرة بما تمثله من رمزية تكاد تكون أكبر من أي دولة عربية مع احترامنا للجميع. غنها مؤسسة عربية بمعايير مهنية واحترافية دولية وهي كانت وستبقى فوق أي رمز آخر.
في أحد الأيام قال لي أحد أصدقائي الذين يعيشون في الغرب بأن أهلها كانوا ينظرون لنا جميعاً بطرقية دونية، لكن بعد ظهور الجزيرة أدركوا على المستوى الشعبي بأن بين العرب علماء وليسوا جميعاً سفهاء.وأضاف، لقد وقفت الجزيرة منذ انطلاقها في صف فريق واحد هو المواطن العربي الذي يتحدث الجميع باسمه ويسرقون ويقتلون وفي النهاية يهملوه حد الموت، لذلك نالت احترام العالم وأصبحت تميمة ورمز وأيقونة تتجه صوبها الأنظار وترى العيون تتابع كاميرتها أين تتجه. وكان الأوروبيون والأمريكيون الذين يمرون أمام أي مكتب للجزيرة أو يرون فريق تصويرها ومراسليها في شوارع بلادهم، ينظرون لهم باحترام لا كأكياس مال غبية.. هذه هي الجزيرة فمن أنتم لتخنقوا صوتها؟!!