دول الحصار.. سجل أسود من الانتهاكات بحق العمال

أنفقت دول الحصار مليارات الدولارات قبل حصار قطر وبعده، لمحاولة خداع العالم بأن قطر تنتهك حقوق العمال فيها. وبالرغم من الأموال التي أنفقها كل من أبوظبي والرياض في الخارج للترويج لهذه الادعاءات، فإن الحصار الذي قادته السعودية والإمارات ضد قطر كشف عكس هذا، حيث التحم العمال مع المواطنين في ملحمة حب لقطر وقيادتها؛ الأمر الذي نقل إلى العالم حقيقة الوضع في قطر. ولو كان الأمر غير ذلك، لما عبّر العاملون في قطر عن حبهم لهذا البلد في ظل تلك الظروف. وسرعان ما استشعر المجتمع الدولي الجهود القطرية لحماية العاملين فيها. واتضح ذلك جلياً مؤخراً من خلال إشادة الاتحاد الدولي لنقابات العمال بالخطوات التي اتخذتها قطر، والإنجازات التي تحققت لتحسين بيئة العمل وضمان حقوق العمال، وتأكيد الاتحاد أن قطر في طريقها لتصبح نموذجاً يُحتذىبه لدول المنطقة.
وفي المقابل، شاءت الأقدار أن تفضح المنظمات الدولية والأممية ووسائل إعلام غربية، الانتهاكات التي ترتكبها دول الحصار ضد العاملين فيها، سواء وافدون أو مواطنون، وعلى الأخص السعودية والإمارات.
وكان من بين الفضائح التي تعرضت لها كل من الرياض وأبوظبي، الإدانة التي صدرت من قادة النقابات العمالية والمسؤولين والممثلين في إفريقيا، خلال مؤتمر في أبوجا بنيجيريا.
وأكد المشاركون في هذا المؤتمر الدولي تفشّي الاستغلال لحقوق العمال المهاجرين الأفارقة في الرياض وأبوظبي، وطالبوا بحماية العمال الأفارقة الذين يواجهون الإساءات بلا رحمة في السعودية والإمارات.
وسلطت الحركة النقابية في إفريقيا مع المجتمع النقابي الدولي الضوء، خلال سنوات عديدة، على ظروف المعيشة والعمل المروّعة للعمال المهاجرين في الإمارات والسعودية، بما فيهم العمال الأفارقة الضعفاء الذين كثيراً ما يواجهون ظروف العمل الخطيرة، والتي تُعتبر في كثير من الأحيان مميتة، إلى جانب الشواغل الأخرى التي تتعلق بالعمل لساعات طويلة، وعدم دفع الأجور، وظروف السكن الصعبة وغير الصحية.
ومن جانبها، قدّمت منظمة العفو الدولية (أمنستي)، في فبراير الماضي، تقريراً مطولاً أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، يضم السجل الأسود للسعودية والإمارات في مجال حقوق الإنسان، وانتهاكاتهما بحق معتقلي الرأي. وأكد التقرير أن البلدين «فرضا قيوداً تعسفية على حرية التعبير، وزجّا بمعارضيهما (إلى سجونهما).
وعلى جانب آخر، ذكر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان بجنيف، في أكتوبر الماضي، أنه وبالرغم من تأكيد وفد الإمارات أمام مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة التزام دولته بحماية حقوق العمال وتمكينهم من الاستفادة الكاملة من إقامتهم في الدولة، فإن مؤشرات «حقوق العمال والعبودية الحديثة» -المعروفة عالمياً- تصنف الإمارات بشكل سلبي، داعياً السلطات إلى ضرورة تبنّي استراتيجية إصلاحية وسياسات فعالة لحماية حقوق العمال.
وأشار الأورومتوسطي إلى أن عائلات 26 شخصاً من العاملين في مجال البناء منذ 3-4 أعوام في مدينة دبي الإماراتية، وهم من ولاية راجستان في الهند، قدّموا شكوى إلى سلطات الولاية في بداية شهر أكتوبر الماضي، قالوا فيها إن أبناءهم يتعرضون للمعاملة القاسية والمهينة في شركات البناء الإماراتية التي يعملون فيها.
وأشار «الأورومتوسطي» إلى الانتهاكات التي تواجهها العمالة المنزلية -أغلبها من النساء- خاصة في ما يتعلق بساعات العمل، والتي قد تصل إلى 21 ساعة يومياً، وعدم وجود فترات راحة أو إجازات؛ الأمر الذي يمكن اعتباره «عملاً قسرياً»، مشيراً إلى تعرّضهن للأذى النفسي والبدني والجنسي دون محاسبة السلطات لأصحاب عملهن، إلى جانب مواجهتهن مشاكل يومية، كتقييد إقامتهن، وعدم إعطائهن الأجور، وحرمانهن من الطعام.
وعن الأوضاع في السعودية، ذكر المرصد الأورومتوسطي أن السلطات السعودية «تتقاعس في إعمال قوانينها العمالية للتصدي لعدد من الانتهاكات غير الإنسانية بحق العمال الأجانب، الذين باتوا يرزحون تحت وطأة ظروف أشبه بحياة الرقيق».
ونشرت منظمة «هيومن رايتس ووتش» الحقوقية الدولية، أكثر من تقرير، استنكرت فيه المعاناة اللاإنسانية للعمال العاملين في موقع بناء متحف اللوفر-أبوظبي. وذكرت المنظمة، عشية افتتاح المتحف، حجم الانتهاكات التي تقترفها الإمارات بحقهم.
وقالت مديرة المنظمة في باريس، بنديكت جانرو، إن هذا المشروع شابته منذ البدء في بنائه بجزيرة السعديات انتهاكات لحقوق العمال المهاجرين الذين شيّدوه.
حقوق الهنود
وفي الهند، أكد خبراء ومتخصصون أن انتهاكات حقوق الإنسان للعمال في الإمارات أصبحت شائعة، وعلى الشركات ومؤسسات التوظيف توعية العمال.
ولفتوا، خلال مؤتمر دولي حقوقي عُقد في فبراير الماضي لمناقشة حقوق العمال خاصة الهنود في الإمارات، إلى أن أبوظبي لم تلتزم بالقانون الدولي والمعاهدات ذات الصلة، وذلك من خلال سلب حقوق العمال في ساعات عمل كافية، وحدود دنيا من الأجور، وغيرها.
وشددوا على ضرورة العمل على إنهاء ممارسات العبودية التي تمارسها الشركات الإماراتية، وإنهاء نظام الكفالة الرجعي، ووقف احتجاز جوازات العمال.
وفي شهر أغسطس الماضي، نشرت قناة «NDTV» -وهي قناة هندية إخبارية تُبثّ من نيودلهي- برنامجاً وثائقياً حمل عنوان «الوجه الآخر لدبي»، سلّطت فيه الضوء على معاناة العمال الهنود في الإمارات.
وفي أغسطس الماضي، كشف تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، الأوضاع المزرية التي يعيشها العمال المهاجرون الذين يعملون في نادي ترمب الدولي للجولف بدبي، والذي يُعدّ جزءاً من مجموعة مصالح الأعمال التجارية للرئيس الأميركي دونالد ترمب.
سريلانكيون في دبيوفي مارس الماضي، تلقت منظمات دولية شكاوى من عمال سريلانكيين في دبي، حول انتهاكات السلطات الإماراتية ضدهم. ورصدت منظمات حقوقية محاصرة السلطات الإماراتية عمالاً سريلانكيين في مبنى صناعي في دبي بسبب مطالبتهم بمعاملة عادلة ومنصفة، حيث اقُتحم المبنى بالقوة واقتيدوا إلى مكان مجهول.
وأكدت تقارير حقوقية دولية أخرى أن الإمارات تسيء معاملة العمال الأجانب، وتقوم بانتهاك بنود المعاهدات والمواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان بشكل يومي.
وكشفت أن العمال يخشون إبلاغ السلطات عن هذه الانتهاكات؛ خوفاً من احتجازهم في السجون.
كما طالبت «الحملة الدولية لمقاطعة الإمارات العربية المتحدة»، في يناير الماضي، مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ومقره جنيف، بضرورة اتخاذ خطوات قوية وتصعيدية ضد انتهاكات أبوظبي في مجال حقوق الإنسان.
وذكرت الحملة الدولية أن الإمارات توغلت في انتهاكات حقوق الإنسان، ولا تكترث بأنظمة العمل الدولية، خاصة أنظمة الأمن والسلام، والحد الأدنى من الأجور، والتمييز ضد العمال بناء على هويتهم العرقية أو الدينية.
كما نشر حقوقيون، العام الماضي، قائمة موسعة تشمل شركات مملوكة للحكومة الإماراتية، وشركات خاصة أخرى؛ تمهيداً لمقاطعتهم، في ظل استمرار الأخيرة في انتهاكاتها ضد مواطنيها، وجرائم الحرب التي تقوم بها في اليمن، وانتهاكها حقوق العمال الأجانب.
بلد السعادة
ومن جانبها، أذاعت القناة العمومية السويسرية الناطقة بالفرنسية، في نوفمبر الماضي، تقريراً عما أطلقت عليه «الوجه الآخر لبلد وزارة السعادة»، حيث يُضطهد العمال الأجانب، ويعانون من الاستغلال، ويكابدون ظروفاً قاسية.
وأشارت القناة في برنامج «نقطة نظام»، إلى أنها التقت بعدد من العمال الأجانب في الإمارات، وتحدّثوا عن ظروف عمل قاسية ومعاناة واستغلال يتعرّضون له.;

السابق
ميسي يرحب بقدوم جريزمان: إنه لاعب عظيم وسوف يفهمني
التالي
مصر تختتم استعداداتها للمونديال بخسارة “مهمة” أمام بلجيكا