
بدأت حكومة دولة قطر اليوم باتخاذ الإجراءات القانونية ضد دولة الإمارات العربية المتحدة أمام محكمة العدل الدولية – الجهاز القضائي الرئيسي للأمم المتحدة والمعروف أيضا باسم المحكمة العالمية – وذلك بسبب انتهاكاتها المستمرة لحقوق الإنسان بحق دولة قطر ومواطنيها.
قبل عام واحد، وتحديداً في الخامس من يونيو 2017، فرضت دولة الإمارات العربية المتحدة إلى جانب كل من المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين وجمهورية مصر العربية، حصارا غير قانوني على دولة قطر براً وبحراً وجواً كجزء من حملة سياسية واقتصادية فرضت عليها.
وبحسب حيثيات طلب قطر إلى المحكمة الدولية، فإن دولة الإمارات هي من قاد هذه الإجراءات التي كان لها تأثير مدمر على حقوق الإنسان للمواطنين القطريين والمقيمين على أرضها، وهو الأمر الذي يمثل انتهاكاً لالتزاماتها بموجب الاتفاقية الدولية الخاصة بالقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري (CERD). وقد انتقدت العديد من منظمات حقوق الإنسان المستقلة تصرفات دولة الإمارات بما في ذلك هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية ومنظمة مراسلون بلا حدود.
وتعد اتفاقية القضاء على التمييز العنصري (CERD) اتفاقية متعددة الأطراف تُلزم جميع أعضائها بمنع التمييز العنصري والقضاء عليه، بما في ذلك التمييز على أساس الجنسية، وهي واحدة من حقوق الإنسان الأساسية للأمم المتحدة. فدولة قطر بالإضافة إلى الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والبحرين ومصر جميعها أطراف في اتفاقية القضاء على التمييز العنصري.
وقد وافقت دولة قطر والإمارات العربية المتحدة على اختصاص محكمة العدل الدولية بموجب المادة 22 من اتفاقية القضاء على التمييز العنصري (CERD) في البت في النزاعات المتعلقة بالاتفاقية فيما لم توافق عليه السعودية والبحرين ومصر.
وقد اتخذت الإمارات، خلال الحصار غير القانوني المفروض على دولة قطر، سلسلة من الإجراءات التي تميز ضد القطريين، فقد شملت هذه الاجراءات طرد جميع المواطنين القطريين بشكل جماعي من الإمارات، وحظرت على القطريين الدخول إليها أو المرور عبرها، وأمرت مواطنيها بمغادرة دولة قطر، وأغلقت مجالها الجوي وموانئها أمام قطر، وتدخلت في العقارات المملوكة للقطريين وقامت بالتمييز ضد الطلاب القطريين الذين يتلقون تعليمهم فيها. كما جرّمت الإمارات أي خطاب يُنظر إليه على أنه “دعم” لقطر، وقامت بإغلاق مكاتب قناة الجزيرة لديها، وحظرت الدخول إلى المحطات والمواقع الإلكترونية القطرية.
كما شارك مسؤولو دولة الإمارات في حملة إعلامية واسعة النطاق ضد قطر والقطريين، محرضين على خطاب الكراهية بشكل مباشر، فقد ذكرت هجمات دولة الإمارات على حرية التعبير في تقرير صدر في ديسمبر 2017 من قبل مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان كجزء من “حملة تشهير وكراهية واسعة ضد قطر”.
وقد صرح سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري، بأن “الإجراءات غير القانونية التي تفرضها دولة الإمارات العربية المتحدة مزقت العائلات، حيث تم فصل الوالدين عن الأبناء والأزواج عن الزوجات. تستحق العائلات أن تتوحد. لقد حرمت الإمارات الشركات القطرية والأفراد من ممتلكاتهم وحرمت القطريين من حقهم في الحصول على التعليم والطب والعدالة في محاكم دولة الإمارات العربية المتحدة”.
ويدعو طلب دولة قطر بأن تأمر المحكمة دولة الإمارات باتخاذ جميع الخطوات اللازمة للامتثال لالتزاماتها بموجب اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، من خلال وقف الإجراءات التمييزية وإلغائها واستعادة حقوق القطريين. كما تطالب الإمارات بتقديم تعويض كامل، بما في ذلك التعويضات عن الأضرار التي لحقت بها بسبب انتهاكات الإمارات لاتفاقية القضاء على التمييز العنصري.
بالإضافة إلى ذلك، وعلى ضوء الانتهاكات المستمرة، فقد قدمت دولة قطر كذلك طلبا بالإجراءات المؤقتة تطلب فيه من محكمة العدل الدولية باتخاذ إجراء فوري لحماية القطريين من أي ضرر مستقبلي لا يمكن إصلاحه. وقد عينت دولة قطر الدكتور محمد عبدالعزيز الخليفي وكيلاً لها أمام المحكمة الدولية.
وقد تعمدت دولة الإمارات التمييز ضد القطريين على أساس جنسيتهم، مما أدى إلى ارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، مما يعتبر انتهاكاً لالتزامات دولة الإمارات بموجب اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري. ويمثل الطلب القطري اليوم الخطوة الأولى لوضع حد لهذه الانتهاكات واستعادة الحقوق الأساسية للعديد من الأفراد المتضررين من تصرفات دولة الإمارات.