دواء جديد وواعِد لسرطان البروستات

يحتلّ سرطان البروستات المرتبة الأولى عالمياً من ناحية إصابة الرجال به، ويُعدّ الكشف المستمر أفضل طريقة للوقاية. ولكن ماذا عن الدواء الجديد المبتكر لمعالجة هذا النوع من السرطان، وهل وُضِع قيد التناول في لبنان؟يصيب سرطان البروستات كبار السن، وهو جزء من عملية الشيخوخة الطبيعية، ومن النادر أن يصيب أيّ رجل تحت سن الأربعين. ورغم أنّ تطوره بطيء، إلّا أنّ العلاجات الموجودة كفيلة بتحسين جودة حياة المريض. ومن أحدث الأدوية التي وُضعت قيد التناول لمعالجة هذا المرض، عقار «أبراتيرون Abiraterone» و«وإنزالوتاميد enzalutamide» اللذان يحملان نتائج واعدة.

متى يوصف الدواء؟

وفي هذا السياق، حاورت «الجمهورية» الاختصاصي وجرّاح المسالك البولية الدكتور روني مظلوم الذي استهلّ حديثه قائلاً: «يمكن أن يكون سرطان البروستات محصوراً داخل البروستات، أو منتشراً خارجها ليصل الى العظام، الرئتين أو الكبد… وبالتالي هذان الدواءان الجديدان لا يمكن وصفهما لكل مرضى سرطان البروستات، ولا يمكن استخدامهما سوى في الحالات المتقدمة التي يكون السرطان منتشراً وقيد التطور رغم العلاج الهرموني العادي، الذي يوقف وصول المزيد من هرمون التستوستيرون الى غدة البروستات لتوقيف نموّ المرض».

أقوى النتائج

يوصف لجميع مرضى سرطان البروستات تناول أدوية العلاج التي تتعلّق بالهرمون، والتي تحسّن من حالتهم لفترة معيّنة. وعندما يتراجع مفعول هذا العلاج، يكون الدواء قد فقد فعاليته. فماذا يحصل حينها؟

يجيب د. مظلوم: «في السابق، كنا نُخضع المريض عند الوصول الى هذه المرحلة الى العلاج الكيميائي. أمّا اليوم، فابتُكر منذ 5 سنوات تقريباً الـ«ابراتيون» والـ«انزالوتاميد» لمعالجة السرطان المنتشر الذي لم يتجاوب مع العلاج الهرموني العادي».

لهذين الدواءين طريقة العمل نفسها، ويعطيان النتيجة ذاتها. وكان قد قال البروفيسور نيكولاس جيمس الذي قاد فريق البحث حول الدواءين إنّ: «هذه هي أقوى النتائج التي رأيتها في تجربة تتعلق بسرطان البروستات، فتمّ تقليص الوفيات بدرجة كبيرة تتجاوز أيّ تجربة أخرى شهدتها».

وكانت قد شملت التجربة ما يقرب ألفي مريض، حيث عولج نصف الرجال بالهرمونات، في حين تلقى النصف الآخر العلاج بالدواء الجديد والهرمونات. ومن بين الرجال البالغ عددهم 1900 شخصاً في التجربة، توفي 184 رجلاً في المجموعة المختلطة مقارنة بـ 262 حالة وفاة في المجموعة التي تلقّت العلاج بالهرمونات وحدها.

الدواء أو العلاج الكيميائي؟

أمّا السؤال الذي يطرح نفسه فهو «هل يمكن الاستغناء عن العلاج الكيميائي والاتكال فقط على هذه الأدوية»؟ يقول د. مظلوم: «لا يحلّ هذا العلاج مكان العلاج الكيميائي الذي يعطي نتائج جيّدة.

ولكن عند إختراع هذه الأدوية الجديدة، كان من الصعب معرفة ما إذا يجب إخضاع المريض للعلاج الكيميائي أولاً وبعدها نصحُه بتناول الأدوية، أو العكس، وإذا لم يتجاوب المريض كان من الصعب معرفة هل نخضعه حينها الى العلاج الكيميائي؟ اليوم، بتنا ندرك أنّ الجواب على هذا السؤال يقتصر على حالة المريض.

فاذا كان سرطان البروستات قد إنتشر في العظم دون أن يسبّب الآلام، أو اذا كانت حالة المريض لا تحتمل العلاج الكيميائي أو اذا كان قد اخذ العلاج الكيميائي والمرض ما زال يتطوّر، عندها نبدأ بالأبراتيون أو الإنزالوتاميد، ونترك العلاج الكيميائي الى وقت لاحق. بينما إذا كان سرطان البروستات منتشراً في الرئة أو في الكبد يكون الوضع أصعب وأخطر، ما يستدعي البدء بالعلاج الكيميائي الذي يحسّن من وضع المريض لفترة من الوقت، تتراجع بعدها حالته فنصف له هذه الأدوية».

تطويل الحياة

كشفت الدراسات أنّ هذه الأدوية تحسّن حياة المريض وتطيل عمره لفترة تتراوح بين الـ9 اشهر والـ13 شهراً تقريباً. ويلفت د. مظلوم الى أنّ «هذا الدواء لا يشفي، وبعد فترة من العلاج به، غالباً ما يفقد فعاليّته على المريض، ما يستدعي التوجّه الى نوع دواء آخر للعلاج».

لبنان والعلاج الجديد

تتعدّد فوائد هذين الدواءين الجديدين الموجودين في صيدليات لبنان، والذي يغطي تكلفتهما الضمان الاجتماعي ووزارة الصحة العامة اللبنانية، ويوضح د. مظلوم أنّهما «يوفران على المريض ضرورة التوجّه الى المستشفى كما هو الحال في العلاج الكيميائي، فيمكن للمريض تناولهما في المنزل بعد أن يكون قد حصل عليهما من الصيدلية بواسطة الوصفة الطبية التي تحتاج غالباً الى توقيعين: الأول من طبيب المسالك البولية والثاني من اختصاصي الامراض السرطانية.

وتجدر الاشارة، الى أنّه في السابق عندما كان الورم ينشتر الى خارج البروستات، كنّا نرسل المريض الى اختصاصي أمراض سرطانية لمعالجته، أمّا الآن فمع ابتكار هذه الأدوية بتنا نتعاون معه، لذلك تحتاج الوصفة الى التوقيعين.

وبالتالي لا يمكن للمريض تناولهما عشوائياً دون استشارة الطبيب خصوصاً أنّهما يحملان العوارض الجانبية التي تختلف بين «الأبراتيون» و«الإنزالوتاميد»، لكنهما عادةً يسببان الغثيان، التقيّؤ، الإسهال، التعب المستمر والاكتئاب، خصوصاً أنّهما يعملان على توقيف الهرمونات الذكرية.

ولا يشعر كل المرضى بنفس حدّية العوارض، التي يمكن ادارتها من خلال تخفيف جرعة الدواء التي يجب على المريض تناولها، مع العلم أنّ المرضى في غالبيتهم يتحمّلون العوارض التي لا تزعجهم كثيراً».

المتابعة ضرورية

لا يمكن الاستغناء عن المتابعة واستشارة الاختصاصي عند تناول هذا العلاج الدوائي، ويؤكد د. مظلوم أنّ «الفحوصات ضرورية ومهمة لاسيما فحص الدم «PSA» المخصّص للبروستات، والذي يعتبر مؤشراً أساسياً للدلالة على تجاوب المريض مع العلاج أو العكس، إضافةً الى الصور على مستوى المكان الذي يكون السرطان منتشراً فيه.

ويمكن الكشف على المريض الذي تكون حالته مستقرة مرّة كل 6 أشهر، واذا لم يكن بحالة جيدّة وجب عليه زيارة الطبيب كل 3 أشهر أو حتى كل شهر في بعض الحالات، للقيام بالفحوصات اللازمة».

أخيراً، من المهم أن يعلم المصاب أنّ هذين الدواءين لا يصنعان العجائب، ويفسّر «نحن نتكلم عن مرض منتشر وبالتالي ليس هناك من شفاء كامل، بل يعمل الدواء على تطويل فترة حياة المريض وتحسين نوعيتها الى مرحلة معيّنة بعدها نكون أمام خيارات علاجية أخرى إن كانت دوائياً أو كالعلاج الكيميائي».

السابق
وجهات كريستيانو المحتملة
التالي
لمساعدة الأولاد على مقاومة الطقس الحار