
الدوحة – بزنس كلاس:
تعدّ ظاهرة الدروس الخصوصية من الظواهر السلبية التي تشغل التربويين لا في دولة قطر فحسب بل في معظم الدول العربية. وتتضافر عوامل عدة لتشكّل هذه الظاهرة، منها ما هو متعلق بقصور في أداء المنظومة التعليمية، ومنها ما هو متعلق بالنظرة المجتمعية للتعليم وللاختبارات، إلى جانب إيقاع الحياة السريع الذي شغل الأسرة عن متابعة أبنائها أولا بأول.
وتقوم وزارة التعليم والتعليم العالي برصد ومتابعة الآثار السالبة لظاهرة الدروس الخصوصية؛ لذا اتجهت الوزارة إلى وضع البدائل والحلول العملية التي يمكن أن تُغني عن الدروس الخصوصية أو تقلل منها على أقلّ تقدير، حيث لم تردع التشريعات واللوائح قيام المعلمين بإعطاء الدروس الخصوصية.
وأوضحت وزارة التعليم أنها قامت بتحديد 5 بدائل للتمكن من مواجهة ظاهرة الدروس الخصوصية من خلال وضع الخطط العلاجية والإثرائية التي من شأنها تحسين أداء الطلبة في الاختبارات المختلفة، حيث يُجرى تحليل دقيق لنتائج الطلبة عقب كل اختبار، ومن ثمّ تضع المدرسة الخطط التعليمية بأنواعها المختلفة العلاجية والإثرائية منها في ضوء تحليل النتائج، ويترتب على ذلك اتخاذ عدة إجراءات تعليمية داخل المدرسة بهدف إعداد الطلبة للاختبار التالي سد الفجوة التي أظهرتها نتائج الاختبار السابق. والوزارة بذلك تحاول أن تعالج جذور المشكلة، وتعدّ الطلاب للاختبارات بصفة مستمرة تجنبا للضغط النفسي والبدني الذي يتعرض له الطلبة أيام الاختبارات في حال عدم استعدادهم لها الاستعداد الكافي وقبل وقت مبكر.
صفوف إثراء التعلم
كما اعتمدت وزارة التعليم نظام صفوف إثراء التعلّم لتتيح للطلبة فرصة التحصيل الأكاديمي من خلال معلميهم وبإشراف مباشر من إدارة المدرسة، وذلك خارج وقت الدوام الرسمي وفي الفترات التي تسبق الاختبارات المختلفة، والوزارة بذلك توفر بديلا تربوياً مقنناً عن الدروس الخصوصية التي تتمّ دون رقيب ولا يضمن أحد جودتها.
وانطلاقًا من حرص الوزارة على مشاركة أكبر عدد من الطلاب في هذه الدروس، فقد اعتمدت نظامًا مرنًا وذلك بتوفير نوعين لصفوف إثراء التعلّم: عامة، وخاصة، حيث يكون عدد الطلاب في المجموعة العامة من 8 إلى 15 طالباً وهي مجموعة متجانسة من حيث المستوى الأكاديمي، أما المجموعات الخاصة فيتراوح عدد طلابها بين طالب واحد و4 طلاب فقط.
كما يتيح نظام صفوف إثراء التعلّم للطلبة فرصة اختيار المعلمين وفقًا لرغباتهم، مما يضمن تفاعلًا وتحصيلًا أفضل، وتراعي هذه الصفوف المعايير الفنيّة للتعليم من حيث البدء بالتخطيط الجيد للدروس وفقًا لمستويات الطلبة، وتوفير الوسائل والأدوات اللازمة ومن ثمّ تنفيذ الدرس، مع الاهتمام بالاختبارات التشخيصية والتقويم البنائي الذي يرصد تقدّم الطلبة خلال فترة الدروس الإثرائية.
ولا تقتصر صفوف إثراء التعلّم على الطلبة ذوي التحصيل الأكاديمي المتدني، بل تهتم كذلك بالطلبة الفائقين الراغبين في الاستزادة المعرفية والتحصيل الأكاديمي، وممن لديهم تساؤلات حول المنهج المقرر، وذلك من خلال انضمامهم إلى مجموعات تراعي مستوياتهم الأكاديمية. وتشرف إدارة المدرسة إشرافا تاما على صفوف إثراء التعلّم من جميع النواحي الفنية والإدارية، وتختار المعلمين ذوي الكفاءة من خلال النائب الأكاديمي ومنسقي المواد بعد أخذ اختيارات ورغبات الطلبة بعين الاعتبار مع قيام المدرسة بنهاية كل فترة بإجراء تحليل كمي ونوعي لمدى زيادة التحصيل الأكاديمي لكل طالب انضم لمجموعات صفوف إثراء التعلم.
الدروس المصورة
ومواكبة للعصر الرقمي، وفي إطار اهتمام الوزارة بتنويع مصادر التعلم للطلبة، تم إعداد مجموعة من الدروس التعليمية المصوّرة وإتاحتها للطلبة في أي وقت وذلك من خلال موقع YouTube.
ويهدف مشروع الدروس المصورة إلى تزويد الطلبة بمجموعة من الدروس التعليمية المصورة الرقمية المرتبطة بمعايير المناهج القطرية لجميع طلبة المدارس من الثالث الابتدائي وحتى الثاني عشر، وذلك من أجل رفع مستوى تحصيلهم الأكاديمي، وضمان تحقيقهم لأهداف المواد الدراسية، كما تساهم الدروس المصورة في تشجيع الطلبة على استذكار دروسهم واسترجاعها بطرق مرنة تراعي ظروفهم المختلفة، كما تتيح هذه الدروس فرصة مشاركة ولي الأمر واطلاعه المباشر على مدى استيعاب الطالب للتدريبات الواردة في تلك الدروس.
الاختبارات التجريبية
كما تتيح إدارة تقييم الطلبة بوزارة التعليم والتعليم العالي وعبر الموقع الإلكتروني للوزارة جملة من الاختبارات التجريبية وحلولها النموذجية، وهي نماذج تُحاكي الاختبارات الوطنية. وتهدف إلى تدريب الطلبة على التعامل مع نوعيّات الأسئلة المختلفة، كما أنها تُجرى في المدارس كاختبارات تجريبية تُعطي مؤشرات عن تقدّم الطلبة. وتساعد هذه الاختبارات الطلبة وأولياء أمورهم في مراجعة الدروس قبل الاختبارات خاصة وأنّ الإجابات النموذجية متاحة مما يسهل عمليات التعلم الذاتي للطلبة.
جدير بالذكر أن هذه الإجراءات الفنيّة التي تتبعها وزارة التعليم والتعليم العالي لتوفير فرص تعلم ذات جودة عالية للطلبة، مما يسهم في الحدّ من ظاهرة الدروس الخصوصية، ويبقى النجاح مرتهنًا بتعاون الجميع وقيام كل جهة بالدور المنوط بها بمسؤولية تامّة، وتأتي توعية المجتمع وتبصيره من أهم الأولويات تجاه هذه الظاهرة.
إشراك أولياء الأمور في العملية التعليمية
وتؤمن وزارة التعليم والتعليم العالي بضرورة مشاركة ولي الأمر في العملية التعليمية، إذ تشير الدراسات التربوية إلى أنّ مشاركة أولياء الأمور في تعليم أبنائهم تعد أمرا أساسيا لتحسين مخرجات التعليم، خاصة تلك المشاركة الفاعلة والمستمرة، لذا تتواصل المدارس مع أولياء الأمور في الشأن التعليمي المتعلق بأبنائهم، وتطلعهم باستمرار على مستويات أبنائهم الأكاديمية والسلوكية، كما تعقد المدارس اجتماعات دورية عقب كل اختبار، وذلك لمناقشة النتائج والاتفاق مع أولياء الأمور على آليات المتابعة من أجل تحسين نتائج الأبناء، مما يضمن التعاون بين المدرسة والبيت لأجل إعداد الطلبة للاختبارات التالية واستثمار الفرص المتاحة قبل تكدّس المهام التعليمية واضطرار الطلبة وأولياء أمورهم لإنجازها بأساليب ترهق الجميع كالسهر أيام الاختبارات، واللجوء إلى الدروس الخصوصية.