دبي – وكالات – بزنس كلاس:
كانت دبي أكبر الخاسرين في حرب اقتصادية لم يكن لها فيها لا ناقة ولا جمل. فقد كانت دبي مضطرة أن تسير بركب أبوظبي في حملة الأخيرة ضد الدوحة واستخدم محمد بن زايد دبي لضرب الاقتصاد القطري أكثر من سواها باعتبار أنها “خسائر جانبية” يمكن تحملها. فلم تعد دبي الملاذ الآمن للاستثمارات وواحة الانفتاح الاقتصادي وحرية التجارة والمركز المالي الذي يستقطب كبريات المؤسسات المالية، فقد سقطت كل هذه الأقنعة وتبددت عند أول امتحان مع الحصار الجائر على قطر، حيث دفع غياب الثقة وخضوع القرار المالي والاقتصادي لأمزجة صاحب القرار السياسي في أبوطبي العديد من البنوك والمؤسسات المالية العالمية إلى نقل معاملاتها القطرية إلى لندن ونيويورك وعواصم عالمية أخرى، فيما حذرت مؤسسات مالية دبي من فقدان مكانتها كمركز مالي بسبب عدم احترام المواثيق والمعاهدات الدولية، حيث كشفت الأزمة الخليجية غياب البيئة القانونية الآمنة في مختلف دول الحصار، وخاصة الإمارات، بينما برهنت قطر للعالم أجمع أنها شريك موثوق فيه، لا تخضع قراراته لردود الأفعال أو الأمزجة السياسية، بل دولة تحترم عهودها ومواثيقها في أصعب الظروف وأحلكها.
وأكد السيد عبدالله عبد العزيز الخاطر أن المال والأعمال تحميهما الثقة، ومدى التزام الدول أو المؤسسات وحتى الأفراد بالمبادئ المتعارف عليها، مشيراً إلى أن الدول والمؤسسات والأفراد عندما يقررون الاستثمار يبحثون عن الملاذ الآمن الذي يحترم سيادة القانون والمعاهدات والمواثيق الدولية، مشيراً إلى أن عملة مثل الدولار عبارة عن ورقة لكن قيمتها مستمدة من الثقة في أمريكا والتزامها بدعم هذه العملة، وبالتالي فإن القيمة الفعلية للنقد هي الثقة في دولة هذا النقد.
وأضاف الخاطر أن المؤسسات المالية والعالم كله كان ينظر إلى دول مجلس التعاون كملاذ آمن للاستثمار، ومنظومة تحترم عهودها ومواثيقها وهناك سيادة كاملة للقانون، إلا إن الأزمة الأخيرة أثبتت غياب هذه المنظومة لدى دول الحصار، وخضوع قراراتها المالية والاقتصادية لمزاج صاحب القرار السياسي، وهو ما سيضع علامات استفهام كبيرة على الثقة في هذه الدولة التي اهتزت وتضررت بشكل كبير، خصوصاً مع ضرب هذه الدول عرض الحائط بجميع المعاهدات والمواثيق الدولية، وإصرارها على الاستمرار في رحلتها العبثية التي أضرتها وأساءت لسمعتها، بينما الأزمة والحصار عززا الثقة في دولة قطر التي أثبتت أنها ملتزمة بالمبادئ والأخلاق والمواثيق والعقود في أحلك الأوقات وأكثرها صعوبة.
وأشار إلى التزام قطر بعقدها مع الإمارات بتوريد الغاز رغم الإجراءات الظالمة والخطوات المستفزة التي اتخذتها الإمارات بحق قطر وأهلها، بعث برسالة واضحة للعالم أجمع أن قطر تتعامل بالقانون والعهود والمواثيق، وليس بردود أفعال، وقد بعثنا برسالة ثقة قوية لشركائنا، حيث إنه رغم مرورنا باختبار دقيق فقد نجحت قطر بشكل باهر في التحدي، وبدت الفروق هائلة بيننا وبين دول الحصار، حيث أثبتنا بالفعل لا بالقول أننا محل ثقة والتزام، وبلد آمن وملاذ حقيقي للاستثمارات، بينما بعثت دول الحصار برسائل ضربت ثقة العالم فيها من خلال إجراءاتها التي يمكن أن تتعرض لها أي دولة أو مستثمر اختلفت معه هذه الدول.
جبل علي لم يعد منطقة حرة
وشدد الخاطر على أن مركز دبي المالي بدأ يتهاوى، والمخاطر كبيرة حيث إن المسألة ليست مجرد خروج بعض البنوك أو المؤسسات المالية بمعاملاتها القطرية ونقلها إلى دول أخرى بل إن الثقة والنظر لدبي كملاذ آمن للاستثمارات تبددتا وهناك تداعيات كبيرة على مختلف القطاعات الاقتصادية في دبي ليس المالي منها فقط وإنما العقارات والسياحة، مشيراً إلى أن الثقة التي بنتها دبي في الفترات السابقة ومكانتها كمركز مالي مثلت القلب النابض لاقتصاد دبي بشكل خاص والاقتصاد الإماراتي بشكل عام، وبالتالي فإن ضرب هذه الثقة وفقدها سيمثل كارثة على الاقتصاد الإماراتي، ويعرض دبي لمخاطر كبيرة.
يذكر أن دبي أيقونة التجارة الحرة المزعومة منعت أكثر من ألف مواطن قطري من التصرف في عقارات يملكونها تقدر قيمتها بأكثر من ملياري درهم وقد أظهرت أملاك القطريين في دول مجلس التعاون التي نشرتها الأمانة العامة للمجلس أن غالبية هذه الأملاك تقع في دولة الإمارات، فيما قدم أكثر من 980 شكوى متعلقة بالملكية فقط تلقتها اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان من مستثمرين قطريين منها 330 شكوى من مستثمرين في الإمارات وهو ما يؤكد عدم وجود بيئة قانونية آمنة في دول الحصار عامة والإمارات بشكل خاص وفي دبي بالأخص.
