دبلوماسية قطر عززت مكانتها و فعاليتها إقليمياً و دولياً

دبلوماسية قطر

بفضل ما تتمتع به من قوى ناعمة، وسياسة خارجية تتخذ من الدبلوماسية الوقائية منهجا، وما تحظى به من قبول عالمي وإقليمي واسع كوسيط محايد وموثوق بين الأطراف، احتلت دولة قطر مكانة بارزة وفعالة إقليميا ودوليا.

وعززت أدوات ووسائل القوى الناعمة، دور دولة قطر حول العالم، وبدبلوماسيتها النشطة وسياساتها الحكيمة أصبحت الدوحة لاعبا رئيسيا مهما في حل النزاعات الإقليمية والدولية وأحد الفاعلين الرئيسيين في صنع السلام في المنطقة. وباعتبارها من أكبر منتجي ومصدري الغاز الطبيعي المسال في العالم، زاد ذلك من عظم مكانتها من خلال ما بات يعرف بـ”دبلوماسية الغاز”، فضلا عن شبكة الجزيرة الإعلامية التي يمتد تأثيرها إلى مختلف أنحاء العالم، بعد أن أحدثت هذه الشبكة تحولاً نوعياً في المشهد الإعلامي العربي والدولي، ونقلة كبيرة في عالم الاتصال والمعلومات على المستويين الإقليمي والدولي.

كما تمتلك دولة قطر إلى جانب شبكة الجزيرة، العديد من عناصر القوة التي باتت تشكل قوة ناعمة، كمؤسسة التعليم فوق الجميع وصندوق قطر للتنمية ومؤسسة صلتك وهي عناصر مهمة من أدوات الدبلوماسية التي تمثل دعائم رئيسية تسند السياسة الخارجية لدولة قطر، وتعزز من حضورها إقليمياً ودولياً.

موارد هائلة :

رسخت دولة قطر مكانتها في العالم كواحدة من أكبر منتجي ومصدري الغاز الطبيعي المسال، بفضل إستراتيجيتها الحكيمة، وأثبتت قدرتها على تجاوز التحديات، ملتزمة بتعهداتها لشركائها وعملائها في جميع أنحاء العالم، من خلال تزويد مناطق الاستهلاك البعيدة والأسواق التي لا تستطيع الوصول إلى مصادر الطاقة المستدامة والنظيفة بالغاز الطبيعي المسال، الذي يعد أنظف أنواع الوقود الأحفوري، وهو ما عزز مكانتها كأكبر مورد موثوق به في الأسواق العالمية.

ويُعد امتلاك دولة قطر لثالث أكبر احتياطي مؤكد من الغاز الطبيعي (12.5%) من الاحتياطي العالمي وتسيدها لمشهد تجارة الغاز المسال في العالم، حيث تشكل الصادرات القطرية منه قرابة ربع صادرات العالم، أحد عناصر القوة الناعمة التي بات يُطلق عليها بدبلوماسية الغاز، حيث أبرمت دولة قطر اتفاقيات طويلة الأمد لتوريد الغاز المسال لكبار المستهلكين كالصين والهند وكوريا واليابان والمملكة المتحدة وإيطاليا وبولندا وبلجيكا وإسبانيا، علاوة على عقد اتفاقيات مع باكستان وبنغلاديش ومصر والإمارات ودول أخرى.. وشكل ذلك قوة عززت من دور العامل الاقتصادي في السياسة الخارجية القطرية.

ويملك الغاز القطري أعلى قدرة تنافسية عالميا، وهو ما جعل دولة قطر تلعب دورا رئيسيا في أسواق الغاز الطبيعي العالمية، باعتبار ما تملكه من إمكانات كبيرة لتطوير مصادرها من الغاز الطبيعي وزيادة إنتاجها وصادراتها من الغاز المسال. ووقعت العام الماضي، اتفاقيات لبناء أكثر من مائة ناقلة جديدة للغاز بقيمة ملئة مليار دولار، كما وقعت عقدا للمرحلة الأولى من مشروعها لتوسعة حقل الشمال، الذي سيرفع مستوى إنتاجها من الغاز الطبيعي المسال من 77 إلى 126 مليون طن سنوياً بحلول عام 2026، بزيادة سنوية تقدر بنحو 43%، وباستثمارات تقدر بنحو 105 مليارات ريال ما يعادل تقريبا نحو 2.89 مليار دولار أمريكي.

وسيعزز قرار رفع طاقة قطر الإنتاجية من الغاز الطبيعي المسال، من مكانة الدوحة كأكبر مورد موثوق للعالم; ولعب دور كبير ومهم في تلبية الطلب العالمي من الغاز الطبيعي المتزايد عليه سنويا; واحتلال الريادة في الإمدادات الآمنة والمستقرة، لا سيما لقارتي آسيا وأوروبا اللتين تفتقران إلى موارد الطاقة النظيفة.

شبكة الجزيرة :

وتعد قناة الجزيرة إحدى القوى الناعمة التي تمتلكها الدوحة والتي أحدثت نقلة نوعية في عالم الاتصال والمعلومات في مختلف أنحاء العالم; من خلال ما حققته من تأثير كبير في عربيا وإقليما ودوليا، ولا تزال تحافظ على تأثيرها الكبير حتى الآن; مواصلة تغطية ابرز الأحداث في العالم، كالانتخابات الأمريكية وثورات الربيع العربي وغيرها من الأخبار الساخنة.

وتعد شبكة الجزيرة ابرز المشاريع الحديثة في تاريخ دولة قطر في عالم المعلومات والاتصال، منذ تأسيسها عام 1996، واستطاعت أن تتحول من قناة واحدة إلى شبكة إخبارية عالمية، تحتوي على قنوات متعددة اللغات، ومئات المنصات الإلكترونية على شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي ومركز للدراسات ومعهد أكاديمي للتدريب.

الدبلوماسية القطرية الوقائية :

أصبحت دبلوماسية دولة قطر واحدة من أهم الدول الفاعلة على الساحتين الإقليمية والدولية; وذلك بفضل دبلوماسيتها الوقائية لمنع توسع الخلافات بين الأطراف، ووساطتها المحايدة من اجل تسوية النزاعات بين الفرقاء. وتمكنت من تحقيق نجاحات باهرة في كثير من المفاوضات، بفضل وقوفها على مسافة واحدة من جميع الأطراف; وهو ما جعلها محل ثقة الفرقاء وعزز مساهمتها في حفظ الأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

ولعبت دولة قطر دورا استثنائيا في الملف الأفغاني، حيث أنهت المفاوضات التي استضافتها الدوحة بين واشنطن وطالبان; أطول الحروب الأمريكية دامت نحو 20 عاما من خلال توقيع الاتفاق التاريخي في فبراير 2020; والذي قضى بانسحاب القوات الأمريكية من الأراضي الأفغانية.

كما كان لدولة قطر دور محوري بارز في عمليات الإجلاء من كابول أغسطس الماضي، التي شهدت تعاونا وثيقا بين الولايات المتحدة وشركائها الدوليين ودولة قطر; لإجلاء أكثر من 70 ألف شخص من أفغانستان بمن فيهم المواطنون الأمريكيون والطالبات والموظفون الأفغان وعائلاتهم والصحفيون من جميع أنحاء العالم; بالإضافة إلى التنسيق والتعاون مع الولايات المتحدة لتقديم الدعم الفني والتقني لأفغانستان وتقديم المساعدات الإنسانية.

ووقعت الدوحة وواشنطن مؤخرا، اتفاقيتين جديدتين عكست عمق التعاون الإستراتيجي بينهما ومتانة العلاقات بين البلدين الصديقين; اضطلعت بموجبهما دولة قطر، بدور “القوة الحامية” في أفغانستان وتسهل سفر المواطنين الأفغان من حاملي تأشيرات الهجرة; الخاصة الأمريكية في إطار شراكة رسمية مع الولايات المتحدة أيضا .

كما لعب التنسيق والتشاور المستمر بين دولة قطر والولايات المتحدة، أهمية كبرى في ملفات إقليمية عديدة بالمنطقة; من الأزمة السورية، إلى الأوضاع في ليبيا، ودارفور وتوترات القرن الأفريقي. كما أن دولة قطر لعبت، أيضا، دورا دبلوماسيا كبيرا بين الولايات المتحدة وتركيا لتهدئة التوترات بين البلدين.

شراكة قطر الإستراتيجية :

وساهمت شراكة قطر الإستراتيجية مع الولايات المتحدة وعلاقات الجوار الوطيدة مع إيران; في قيام الدوحة بأدوار دبلوماسية فعالة، حيث كان لتحركاتها السياسية والدبلوماسية دور كبير في تهدئة التوترات بين واشنطن وطهران أكثر من مرة; وتجنيب المنطقة خطر المواجهة والتصعيد . فيما برز ذلك من خلال دورها الحاسم في تهدئة التوتر واحتواء تداعيات اغتيال قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني; بعد أن كانت المنطقة على شفا تصعيد عسكري وحرب وشيكة بين البلدين.

وفي فبراير 2021، قادت الدوحة عملية سياسية لخفض التصعيد في المنطقة; بين الجانبين وتسهيل الحوار بينهما والعودة إلى الاتفاق النووي لعام 2015.

وانطلاقا من مواقفها الثابتة تجاه القضية الفلسطينية، لعبت دولة قطر جهودا بارزة لوقف الاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة، وفي مايو الماضي; سهلت الاتصالات المكثفة بين الدوحة وواشنطن والقاهرة والرياض وعدد من الدول الأوروبية إلى جانب الأمم المتحدة; الحوار غير المباشر بين الفلسطينيين وإسرائيل، لإعادة الهدوء في الأراضي الفلسطينية ووقف العدوان الإسرائيلي. ولطالما كانت قطر وسيطا فعالا للتوصل إلى هدنة بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل خلال الحروب ;التي شنتها الأخيرة على القطاع منذ 2009 وحتى خلال الأعوام الأخيرة.

ورعت الدوحة مفاوضات السلام في دارفور عام 2013، كما توسطت بين جيبوتي وأريتريا ;ورعت أيضا اتفاق سلام بين البلدين في الدوحة عام 2010، بالإضافة إلى اتفاق الدوحة بين الفرقاء اللبنانيين عام 2008; وغيرها من الملفات العديدة التي وضعت الدوحة في صدارة الدول التي تساهم في تحقيق الأمن والسلم والدوليين.

السابق
القطرية المشغل الأول عالمياً للشحن الجوي
التالي
طبيبة قطرية تفوز بجائزة سمو الشيخ صباح الأحمد للبحوث