خيبة أمل.. هل حان وقت إعلان وفاة “مجلس التعاون”؟!!

الدوحة -بزنس كلاس:

مع جمود الأزمة الخليجية وتوقفها عند تعنت رباعي الحصار لاسيما الشق الخليجي منه وإصرار السعودية والإمارات والبحرين على فرض إملاءات تتجاوز أي منطق للعلاقات بين الدول، إضافة إلى التراجع الحاد لدور مجلس التعاون الخليجي وقصوره في التعاطي مع الأزمة منذ اليوم الأول لانطلاقها في 5 يونيو / حزيران الماضي، بدأت تتشكل في الشارع القطري قناعة عدم جدوى مثل هكذا مؤسسة يفترض بها أن تكون أكثر المؤسسات نشاطاً على خط الأزمة وهي تقبع ساكنة وكأن الأمر لا يعنيها، ما ولد شعور قطري عميق بخيبة الأمل من المؤسسة الخليجية التي أصبحت تشبه إلى حد كبير جامعة الدول العربية حيث لا قرارات ولا مواقف يعتد بها تضع الأمور في نصابها وتتصرف كمؤسسة هدفها الأساسي المحافظة على وحدة الصف الخليجي.

وبنفس الوقت، لمح وأحيانا صرح أكثر من مسؤول من دول الحصار  بأن مجلس التعاون الخليجي مؤسسة تقليدية باهتة حان الوقت لاستبدالها بـ “تحالف نهضوي جديد” يقوم على أنقاضها. وقد تبلور هذا التحالف الجديد في رباعي الحصار الذي دشن أول قراراته بإعلان الحرب على قطر لتقف المؤسسة الخليجية كما الجامعة العربية مكتوفة الأيدي تنظر للبعيد وكأن الأمر لا يعنيها، في تكريس للنظرة التقليدية السائدة للمؤسسات العربية والخليجية بأنها ليت أكثر من منصات لكيل المديح لهذا الطرف أو التهجم على ذاك في حالة من النفاق الساسي التي سئمها الجمهور. فهل حان وقت الطلاق بين الدوحة والمؤسسة الخليجية البائسة، ومهي عواقب مثل هذا الخروج من التحالف القديم على الدوحة وبقية اللاعبين الخليجيين، وما الموقف الذي يمكن أن تتخذه دول خليجية اخرى،كالكويت وسلنطة عُمان، تعاني من هيمنة فريق محدد على قرارات وتوجهات هذه المؤسسة الإقليمية؟!

وشهد وسم # الخروج _من _المجلس _ مطلب _شعبي، تفاعلاً كبيراً من قبل قطريين وخليجيين على موقع «تويتر»، وتصدر قائمة أعلى الوسوم في وقت قصير بعد انطلاقه.
ودعا مغردون إلى خروج قطر من مجلس التعاون لدول الخليج العربية، باعتبار أنه بلا دور، ولم يدافع عن قطر خلال الأزمة الخليجية، كما لم يدع إلى الحوار لإنهاء الحصار وحل الخلافات الخليجية ودياً.
كما حمّل المغردون دول الحصار المسؤولية عن تفكك مجلس التعاون حال حدوثه، مستشهدين بتغريدات لمسؤولين في دول الحصار تروّج لقيام «تحالف نهضوي» عربي على أنقاض مجلس التعاون الخليجي.
وعلّق الشاعر القطري على وسم «# الخروج _من _المجلس_ مطلب _شعبي بوصف مجلس التعاون الخليجي بأنه المجلس اللي ما يصون الأخوة، وأن الصمت في بعض المواقف مروة «من المروءة». وعلّق أحد المواطنين بالقول إن قطر ستكون أقوى خارج هذا المجلس، لأنه كان عائقاً للتقدم والتطور أمام قطر، وأنه حان وقت الرحيل.
بينما اعتبر مغرد آخر على «تويتر» أن الخارج من المجلس مولود، والداخل فيه مفقود، وأن الخروج من المجلس مطلب شعبي.
وعبر المغرد يزن تميم # تميم بالقول: أغلقتم منافذكم في وجه الشعب القطري، وطالبتم الشعب بالخروج على ولي أمره، ورد عليكم شعب تميم #الخروج_من_المجلس_مطلب_شعبي.
بينما عبّر المواطن علي بن عبد الله عن رأيه في مسألة الخروج من المجلس بتأكيد فكرة الخروج من المجلس، وذكر ما ورد بنص الحديث الشريف: «ولا يدخل رجل الجنة لا يأمن جاره بوائقه».
من ناحيته، تمنى المواطن ناصر بن سالمين المري، عبر حسابه، أن يستيقظ من النوم ليجد خبر انسحاب دولة قطر من مجلس التعاون الخليجي، معبراً عن كامل احترامه لحكومتي دولة الكويت وسلطنة عمان وشعوب الخليج. ?
بينما علّق كويتي بالصميم بأنه لا مجلس تعاون بدون قطر، بينما توجّه عبد الله الميموني بالنصيحة بأن لا يشجع أحد الخليجيين فكرة الخروج من المجلس، وبرر موقفه بالقول إنه ورغم عدم جدوى مجلس التعاون اليوم، لعل أن يأتي من يطوره يوماً ما.

من جانب آخر، أكد باحثون سياسيون أن مجلس التعاون لدول الخليج العربية دخل في مرحلة «موت سريري»، بسبب الأزمة الخليجية، وعدم قيامه بدوره في سبيل تجاوزها، ورفع الحصار المفروض على قطر.
وأضافوا أنه لم يكن هناك دور للمجلس يسعى لحل الأزمة، ويبدو أن قطر -التي تعتمد في ضمان أمنها على شراكة مع دول من خارج المجلس مثل أميركا وتركيا- تشعر حالياً أن المجلس لم يقدم شيئاً لمصالحها الأمنية، إضافة إلى أنه يقوم بدور سلبي تجاهها، أو يستخدم في ذلك. لافتين إلى أن خيار انسحاب قطر من المجلس يعد خياراً وارداً، خاصة أن دول الحصار تشكل كتلة أكبر، في ظل حياد عُمان، ووساطة الكويت ، منوّهين بضرورة أن تدرك الدول المحاصرة لقطر خطورة هذه الخطوة.
وأكدوا أن انسحاب قطر من مجلس التعاون لدول الخليج العربية له مبرراته المنطقية والموضوعية، وأن أزمة الحصار أحدثت شرخاً حقيقياً في بنية هذا الكيان، الذي كان كثير من المحللين والمتابعين يشيدون باستمراره واستقراره، وسط الأزمات العاصفة، التي شهدتها منطقة الخليج.

عبدالشافي: الكيان متصدع
قال الدكتور عصام عبدالشافي، أستاذ العلوم السياسية ورئيس أكاديمية العلاقات الدولية ومدير المعهد المصري للدراسات: «إن انسحاب قطر من مجلس التعاون لدول الخليج العربية له مبرراته المنطقية والموضوعية»، موضحاً أن أزمة الحصار أحدثت شرخاً حقيقياً في بنية هذا الكيان، الذي كان كثير من المحللين والمتابعين يشيدون باستمراره واستقراره وسط الأزمات العاصفة التي شهدتها منطقة الخليج، سواء أزمة الخليج الأولى (الحرب العراقية-الإيرانية 1980- 1988)، أو أزمة الخليج الثانية (الغزو العراقي لدولة الكويت 1990- 1991)، أو أزمة الخليج الثالثة (الغزو الأميركي لدولة العراق 2003). وأوضح أن الفارق بين هذه الأزمات وأزمة حصار قطر، أن دول المجلس كانت تتحرك وفق رؤية مشتركة في مواجهة تحديات مشتركة، أما في أزمة الحصار، فالتقسيم كان سيد الموقف، 3 في مواجهة 3، الأولى تفرض حصاراً وتمزق بنية المجلس، والأخرى تخشى مجهولاً لن تقف تداعياته عند تفكيك المجلس، ولكن يمكن أن تمتد إلى تفكيك بعض الدول الأعضاء في المجلس.
وأوضح عبد الشافي أنه يجب أن يكون المعيار الحاكم في التعاطي القطري مع منظومة مجلس التعاون هو تطبيق منظومة (SWOT) القائم على رباعية (Strengths, Weaknesses, Opportunities, and Threats) القوة، والضعف، والفرص، والتهديدات.. منوهاً بأن التعاطي يكون منطقياً وواقعياً بما يعظّم من المكتسبات القطرية، ويحد من التهديدات التي يمكن أن تتعرّض لها، أياً كان مصدرها، مع التحرك في السياق نفسه نحو تعزيز شراكاتها الاستراتيجية الإقليمية والدولية بما يضمن لها مزيداً من حرية الحركة ودرجة أكبر من الاستقلالية في صنع سياستها الخارجية.

المصطفى: انحياز سافر لـ «المخطئ»
قال حمزة المصطفى -الباحث في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات- إنه على الرغم من النجاحات العديدة التي حققها مجلس التعاون الخليجي، وهي كثيرة، والتي عادت بالفائدة على شعوب الدول الخليجية، فإنه تعرض مراراً لهزات وعواصف، استطاع الخروج منها سالماً، دون أن يكتسب المناعة اللازمة لمنع تكرارها.
وأضاف أن الأزمة الخليجية الأخيرة تمثل أهم امتحان حقيقي أمام المجلس خلال مسيرته، وعوضاً عن اندفاع أمانته العامة -ممثلة برئيسها عبد اللطيف الزياني- للدفاع عن المجلس ومكتسباته، فضلت الصمت، والنأي بالنفس عن أزمة تخصها.
منوهاً إلى أن المجلس -وميثاقه- يمثل الجهة المنوط بها حل الخلافات، والنزاعات البينية بين الدول الأعضاء، لكنه دخل في حالة موت سريري، ولم تنفع مختلف الجهود الكويتية في إحيائه حتى الآن، الأمر الذي دعا البعض إلى دفنه، إكراماً لمسيرته السابقة.
وعلى الرغم من النواقص والعثرات الكثيرة، فمن غير المحبذ -لأي طرف- التفريط به، إلا في الحالات القصوى، نتيجة الأزمة الخليجية الراهنة، حتى لو جمد عمله بحكم القوة القاهرة، دون أن يعني ذلك التسليم بوضعه الحالي.
وأضاف المصطفى أن الأزمة أوضحت انحياز المجلس -ممثلاً بأمانته العامة- إلى الطرف القوي، وليس إلى الطرف المحق، وما جرى مع دولة قطر يمكن أن يحصل في المستقبل مع أي دول أخرى، بحكم التفاوت بين الدول الأعضاء في الحجم الجغرافي والسكاني، الأمر الذي يفرض على الجميع إعادة التفكير ملياً بقوانين المجلس، ومواثيقه لتطويرها، بما يضمن قدرتها على الاضطلاع بدور إيجابي وحيادي في أي أزمة مستقبلية، تنزع بين أعضائه.

الرنتيسي: سلبية واضحة تجاه الأزمة
أوضح محمود الرنتيسي الباحث في مركز سيتا للدراسات السياسية بتركيا أنه كان هناك جدال حول مستقبل مجلس التعاون الخليجي من قبل وقوع الأزمة الخليجية، وأضاف: «كانت هناك العديد من القضايا التي لم تجتمع حولها دول المجلس، وتحديداً دولة عُمان التي كان لها رأي مختلف تجاه أكثر من موقف سواء الحرب على اليمن أو العملة الموحدة وغيرها، وهذا الاختلاف أمر طبيعي في المنظمات الدولية، ولكن يصبح الأمر تهديداً إذا تم توجيه أهداف المنظمة وفعالياتها لخدمة مصالح دولة على حساب الدول الأخرى، وغالباً ما يتم ذلك من خلال الهيمنة على القرار».
ولفت الرنتيسي إلى أنه فيما يتعلق بالأزمة الخليجية لم يكن هناك دور للمجلس يسعى لحل الأزمة، بالرغم من أنه لابد أن يبرز هذا الدور وقت الخلافات بين أعضائه، وفي مثل هذه الحالة يكون الأعضاء أمام خيارين هما: تفعيل المجلس، أو الانسحاب منه. وقال: «يبدو أن قطر التي تعتمد في ضمان أمنها على شراكة مع دول من خارج المجلس مثل أميركا وتركيا، تشعر حالياً أن المجلس لم يقدم شيئاً لمصالحها الأمنية، إضافة إلى أنه يقوم بدور سلبي تجاهها أو يستخدم في ذلك».
وأكد أن خيار انسحاب قطر من المجلس يعد خياراً وارداً، خاصة أن دول الحصار تشكل كتلة أكبر في ظل حياد عُمان ووساطة الكويت، موضحاً أن السياسة القطرية عودتنا ألا تقدم على خطوة مفاجئة خاصة فيما يتعلق بالقطع أو الانسحاب والتراجع ما لم تكن لها مسوغات قوية جداً، منوهاً أن قطر ربما سوف تتريث أمام خطوة قد تنهي مستقبل مجلس التعاون الخليجي.
وأضاف: «في الحقيقة لابد أن تدرك الدول المحاصرة لقطر خطورة هذه الخطوة وتسعى إلى بقاء قطر في المجلس بدلاً من دفعها للإقدام على هذه الخطوة».

السابق
موندريان الدوحة يقدّم مستوى جديد من الفخامة لحفلات الزفاف في قطر
التالي
أسعار صرف الريال القطرية مقابل العملات الأجنبية ليوم الثلاثاء 29 أغسطس / آب