عواصم – وكالات – بزنس كلاس:
بدأت نتائج خسائر الشركات السعودية والإماراتية نتيجة التزامها بالحصار الجائر على قطر بالظهور معلنة أن المحاصرين إنما يطلقون النار على أقدامهم عندما يحاصرون الدوحة ويتسببون لأنفسهم بالخسائر كما قال وزير المالية القطري في بداية الأزمة بأن الخسائر لن تكون من نصيب قطر وحدها.
وربما لا تلام شركة المراعي السعودية، وهي من كبريات شركات صناعة الألبان والمنتجات الغذائية على مستوى المنطقة والعالم، على محاولتها اتباع طرق ملتوية والتفافية من أجل التحايل على الحصار الخليجي المفروض على دولة قطر لإدخال منتجاتها إلى سوق الدوحة، فالشركة وفقاً لمصادر مطلعة تتكبد خسائر كبيرة متراكمة يوماً بعد يوم مع إطالة أمد الحصار.
وقد حاولت شركة مراعي وغيرها من شركات الإنتاج الغذائي في السعودية والإمارات تصدير منتجاتها إلى السوق القطري من خلال دول أخرى مثل تركيا لكن دون جدوى، فالتكلفة قفزت كثيراً بسبب ارتفاع أجور الشحن الجوي، وأصبحت بعيدة عن أن تكون في متناول المستهلكين وحتى قدرة تحمل الشركة، لكن الأهم من ذلك هو أن المستهلك القطري لم يعد قادراً على تقبل شراء منتجات شركات تساهم دولها في فرض حصار ظالم على قطر، فالعامل النفسي يلعب دوراً كبيراً هنا، كما ينظر كثير من المواطنين القطريين إلى حيثيات وتداعيات الحصار برمته.
وقبل قيام 3 بلدان خليجية بفرض حصار بري وبحري وجوي على دولة قطر في 5 يونيو الماضي، كانت منتجات شركة المراعي وأخرى متخصصة في صناعة الألبان سعودية وإماراتية تغزو السوق القطري ومنذ عشرات السنين، إلى درجة أن المواطنين والمقيمين على حد سواء في قطر أصبحوا إلى وقت قريب غير قادرين على التخلي عن منتجات تلك الشركات، لكن الذي حصل في أعقاب الأزمة الخليجية كان صادماً، فلم يكن أحد يتوقع على الإطلاق أن تقوم دول جوار قطر وهي دول شقيقة بفرض حصار ظالم على قطر وشعبها، ما أدى إلى جعل المستهلك القطري والمقيم بشكل مفاجئ قادرين على التأقلم مع منتجات أسواق أخرى لم تدخل السوق القطري يوماً.
منتجات وطنية
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، لقد اكتشف المواطنون والمقيمون أن هناك شركات تعمل في السوق القطري بإمكانها أن تقدم للمستهلك منتجات وسلع ذات جودة أعلى وبأسعار أقل من المنتجات المماثلة التي كان يتم استيرادها من السعودية والإمارات.
من هنا بدأ المستهلكون في قطر يكتشفون كنزاً ثميناً لم يتعرفوا عليه من قبل، ومن هنا أيضاً بدأ مفهوم «دعم المنتج الوطني» يظهر إلى العلن، بل وأخذ يترسخ في أذهان وعقول وسلوكيات المواطنين والمقيمين، فالأمر أصبح يتعلق بالشعور الوطني ليس إلا.
مصائب قوم عند قوم فوائد، هذا هو واقع الحال بالنسبة للشركات السعودية والإماراتية التي كانت تتكسب كثيراً من السوق القطري وأصبحت تتعرض لخسائر متراكمة جراء الحصار وإغلاق الحدود، حيث قابل ذلك ترسيخ قوة ووجود المنتج الوطني القطري في أسواقه، ما انعكس على شكل مكاسب وأرباح إضافية للشركات القطرية وخصوصاً ذات الصلة بالإنتاج الغذائي.
في بادئ الأمر ظن الكثيرون وربما راهنوا على أن الشركات القطرية لن تستطيع أن تسد الفراغ الذي ستتركه الشركات السعودية والإماراتية في السوق المحلي، لكن وبعد التجربة العملية ثبت العكس، فقد استطاعت الشركات القطرية أن تؤكد وجودها من حيث جودة الإنتاج ومن حيث مستوى الأسعار التنافسية، فاستحقت عن جدارة أن يرفع الجميع لها القبعة احتراماً وتقديراً.
أضرار عديدة
إذن، كيف انعكس الضرر على أداء شركات الألبان السعودية والإماراتية؟
هناك شركات سعودية وإماراتية عديدة متخصصة في صناعة منتجات الألبان، لكن أبرز المتضررين من الحصار على قطر وإغلاق الحدود، تأتي شركات المراعي ونادك والربيع والصافي من الجانب السعودي، بينما تتصدر الروابي الشركات الخاسرة من الجانب الإماراتي.
مصادر تجارية في السوق القطري قدرت حجم خسائر شركات صناعة الألبان السعودية والإماراتية نتيجة توقف صادراتهم إلى قطر بحوالي 500 مليون ريال منذ اندلاع الأزمة الخليجية وبمعدل 200 مليون ريال شهرياً.
وقالت المصادر إن منتجات شركة مراعي لوحدها كانت تغطي ما نسبته 60 % من حاجة السوق القطري، فيما تتوزع الـ 40 % على شركات أخرى قطرية وسعودية وإماراتية.
وكان إجمالي مبيعات شركة مراعي قد بلغ حوالي 14.7 مليار ريال خلال عام 2016 وفقاً لبيانات رسمية صادرة عن الشركة، بينما بلغت أرباحها الصافية 2.1 مليار ريال.
وتنتج مراعي قرابة 650 صنفاً من مختلف مشتقات الحليب والألبان، فيما تقدر الشركة عدد مستهلكيها بـ 20 مليونا في الأسواق التي تصل اليها وإن كان معظمها في الدول الخليجية وأسواق عربية أخرى.
ولدى شركة مراعي أسطول من الشاحنات يصل تعداده إلى 200 شاحنة تتنقل يومياً بين دول مجلس التعاون الخليجي، وتملك الشركة حوالي 680 كيلو متراً مربعاً من الأراضي التي تنتج فيها الحبوب والأعلاف ومنتجاتها المختلفة.
ويصل حجم القوة البشرية العاملة لدى مراعي ما يزيد عن 3 آلاف عامل وموظف.