اختتمت مساءأمس أعمال الدورة الوزارية التاسعة والعشرين للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا “إسكوا” والتي جاءت تحت عنوان “تنفيذ خطة التنمية المستدامة لعام 2030 في الدول العربية” خلال الفترة من 13 إلى 15 ديسمبر الجاري.
وقد اعتمدت الدورة ستة قرارات تتعلق بأجندة التنمية المستدامة في الدول العربية والدعم الفني واستفادة الدول العربية من أنشطة التعاون الفني وفرص بناء القدرات التي يمكن أن توفرها الاسكوا، بالإضافة إلى خطة عمل لمدة سنتين هي فترة رئاسة دولة قطر لهذه الدورة وقرارات أخرى تنظيمية وإجرائية، كما تم اعتماد إعلان الدوحة لتنفيذ أجندة التنمية 2030 في الدول العربية.
وقد تعهد المجتمعون في إعلان الدوحة بتنفيذ خطة التنمية المستدامة لعام 2030، بما يأخذ في الاعتبار خصوصيات المنطقة وأولوياتها التنموية، ويحقق القيادة والملكية الوطنية لعملية التنمية.
وأشاروا إلى أهمية التعاون الوثيق بين الأطراف المعنية على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية، وبناء شراكات تقوم على الاحترام والمساواة والالتزام، وكذلك المشاركة والتنسيق بين الحكومات والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني والمنظمات الإقليمية المعنية.
وأكدوا أن خطة 2030 هي بمثابة إطار عالمي داعم للسياسات الوطنية يتضمن أهدافاً مشتركة ومقاييس استرشادية لرصد التقدم على المستوى الوطني في تحقيق أهدافها، وأن تنفيذ الخطة على المستوى الوطني يجب أن يستند إلى مبادئ أساسية هي الحفاظ على الطابع الكلي للخطة وعدم تجزئتها، والاتساق بين عناصرها، والترابط بين الأهداف والغايات، وتكامل السياسات وآليات التنفيذ وتوافق النتائج.
وشددوا على أهمية دمج أهداف الخطة وغاياتها في خطط التنمية الوطنية، وإيجاد آليات لتعظيم الاستفادة من الخبرات المحلية والدولية لإنجاح عملية التنفيذ.
ونوهوا بالتحديات الجسيمة التي تواجه تنفيذ الخطة في المنطقة العربية في ظل الاحتلال الإسرائيلي والحروب والنزاعات والإرهاب والتدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية للدول العربية، التي أدت إلى تدمير مقومات التنمية وقوّضت ركائز الاستدامة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وخلفت مشاكل إنسانية تسبّبت بأعباء ثقيلة على جميع دول المنطقة والمناطق المجاورة مما قد يعرقل تنفيذ خطة التنمية في الدول المتأثرة بالنزاعات، ويؤثر على الدول المستضيفة للاجئين.
وأجمعوا على ضرورة دعم أقل الدول نمواً ومساعدتها على تحقيق نقلة تنموية نوعية، وكذلك دعم الدول التي تعاني من الحروب والنزاعات والمتأثرة بها.
وشددوا على ضرورة دعم الشعب الفلسطيني ومؤسساته في السعي للعدالة والمساواة واستعادة الحقوق، استناداً إلى قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، بما في ذلك الحق في التنمية والحق في تقرير المصير، وأن استمرار إسرائيل في فرض مفهوم الدولة ذات النقاء العرقي والديني هو نهج يؤجج النزاعات في المنطقة ويجعل السلام بعيد المنال ويعرقل تحقيق التنمية المستدامة، وينتهك المواثيق الدولية والقيم الإنسانية.
واتفق المجتمعون على تعزيز التعاون وإجراء حوارات مستمرة حول قضايا أمن الطاقة والمياه والغذاء باعتبارها من ركائز التنمية المستدامة، والتأكيد على سيادة الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال على موارده الطبيعية.
وأيد المجتمعون الجهود الهادفة إلى تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، بما لا يتعارض مع الأنظمة والتشريعات الداخلية للدول، وجددوا عزمهم على تعزيز دور المرأة في مختلف المجالات، باعتبار هذا الهدف من أولويات المنطقة العربية.
وأكدوا دعمهم للخطط الوطنية والإقليمية الرامية إلى تلبية الاحتياجات التنموية للشباب، والمهمشين ومنهم الأطفال والمسنون والأشخاص ذوو الإعاقة، داعين إلى توظيف النظم العلمية والتكنولوجية في تهيئة الوسائل وبناء القدرات المحلية اللازمة لتنفيذ خطة 2030، وإلى وضع خطة عمل إقليمية لتحقيق الجوانب المتصلة بالعلم والتكنولوجيا والابتكار في المنطقة العربية.
وأوضحوا أن على كل دولة إيجاد الصيغة المؤسسية الملائمة لسياقها الوطني مع مراعاة الطابع التكاملي للخطة، مع التأكيد على أن عملية تحقيق التنمية المستدامة تديرها الدول وتشارك فيها كافة الجهات ذات الصلة.
ودعا المجتمعون إلى تقديم الدعم الكافي لتحديث النظم الإحصائية بحيث تنتج البيانات اللازمة، مع تعزيز الحوار بين صانعي السياسات ومنتجي ومستخدمي البيانات لرصد التقدم في تنفيذ خطة 2030، مع دعم مبادرات بعض الدول العربية لاعتماد استراتيجيات وطنية لتطوير الإحصاءات.
وأكدوا على ضرورة وفاء كافة الدول المتقدمة النمو بالتزامها بتخصيص 0.7 في المائة من دخلها الإجمالي للمساعدات الإنمائية وضرورة تحويل الحق في التنمية واقعاً لجميع الدول، وتعهدوا بزيادة مستويات التجارة البينية العربية بالسلع والخدمات، وبتحريرها من كافة القيود الجمركية وغير الجمركية، وتعميق التكامل الإقليمي عبر قيام اتحاد جمركي عربي وتعزيز السوق العربية المشتركة.
وثمن المشاركون في اجتماع الدوحة زيادة المساهمات المالية للمانحين العرب وزيادة الاستثمارات العربية المباشرة، متعهدين بالعمل على تحسين مناخ الاستثمار ومزاولة الأعمال وتحقيق الشمول المالي بهدف توطين الاستثمارات العربية، واستقطاب تحويلات المهاجرين العرب وتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار من أجل تسهيل التجارة وإزالة الحواجز غير التجارية.
وفي مؤتمر صحفي للإعلان عن نتائج الاجتماع الوزاري للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا /إسكوا/ أكد سعادة السفير طارق بن علي الأنصاري مدير إدارة التعاون الدولي بوزارة الخارجية على الأهمية الكبرى لإعلان الدوحة الذي أسفر عنه الاجتماع الوزاري للإسكوا، ولدور دولة الرئاسة /قطر/ في ظل الصعوبات والمواجهات المسلحة التي تشهدها المنطقة، مشيرا إلى أن الإعلان يعتمد على التنفيذ ووضع الحلول لهذه التحديات، كما أنه ناقش الصعوبات التي تواجه التنفيذ في المنطقة العربية.
وأوضح أن إعلان الدوحة يدعو إلى بذل الجهود الممكنة لمعالجة المشاكل التي تعترض الدول الأعضاء من خلال حلول اقتصادية وتنموية واجتماعية، وهي حلول تترجم في صورة قوانين وتشريعات وبرامج عمل وإجراءات ومساعدات إنمائية وتضمينها في أجندة الأمانة العامة للأمم المتحدة.
ونوه بتعهد الدول المشاركة في الاجتماع لبذل أقصى الجهود للاستفادة مما يتحقق على الأرض وتعزيز العدالة الاجتماعية، ووضع خطط وطنية تعتمد على رؤى واضحة للتنمية تضمن الملكية الوطنية وحماية المكتسبات.
وأكد مدير إدارة التعاون الدولي أن قطر تقوم بجهود كبيرة في تنفيذ الأهداف الإنمائية من خلال رؤية قطر 2030 والخاصة بالتعليم والصحة، وعلى المستوى الخارجي تعمل قطر على تحقيق التنمية المستدامة للعديد من الدول الأخرى من خلال تقديم المساعدات وانتهاج سياسة إنمائية مع هذه الدول، حيث تضاعف حجم المساعدات القطرية خلال الفترة من 2011 حتى 2016 للخارج 3 مرات لتصل إلى أكثر من 15 مليار ريال تنوعت بين الإغاثية والصحية والتنموية من خلال الدعم الحكومي المباشر أو عن طريق وكالات الأمم المتحدة المتخصصة التي تقوم بالمشروعات في البلد المستقبل للمساعدات أو عن طريق مؤسسات المجتمع المدني.
وعن تمكين المرأة في دولة قطر أوضح السفير طارق بن علي الأنصاري أن الدستور القطري لم يميز بين الرجل والمرأة، وأنها أعطيت كامل حقوقها، ففي دولة قطر قيادات نساء في جميع المجالات، فالمرأة في قطر نصف المجتمع ولها دور كبير في تحقيق التنمية والنهوض بهذا البلد الواعد.
من جانبه أكد السيد كريم خليل أمين سر الإسكوا وجود آليات معينة سيتم اتباعها مع الدول التي تشهد نزاعات كسوريا والعراق واليمن وليبيا، مشيراً إلى أن الاجتماع تداول العديد من النقاشات حول كيفية التعامل مع اجندة التنمية المستدامة بصورة تتفق مع التحديات الموجودة على أرض الواقع.
وأوضح أن الإسكوا تقدمت بمشروعات ضخمة حول أجندة المستقبل في سوريا، وليبيا واليمن تضع تصورات كاملة لآليات التنمية المستدامة بعد انتهاء النزاع، وكذلك كيفية الإعمار وإعادة البناء لتكون المنظمة جاهزة لتنفيذ هذه المشروعات فور انتهاء النزاعات واستقرار الأوضاع.
وأوضح أمين سر إسكوا أن إعلان الدوحة تضمن بندا خاصا يتعلق ببلورة أدوات تساعد صانع القرار العربي في قياس مدى التقدم المحقق في تمكين المرأة داخل المؤسسات العامة كالوزارات والهيئات الحكومية، وذلك من خلال مؤشرات محددة، في مجالات متعددة تساعد صانع القرار على معرفة مدى تقدم تمكين المرأة.
وشدد أمين سر اللجنة التنفيذية على ضرورة توافر البنية الإحصائية التي تساعد على قياس تلك المؤشرات، وتفعيل الحاجة لتطوير قاعدة البيانات وتطوير البنية الإحصائية لقراءة هذه المؤشرات في البلدان العربية بالتعاون مع الأمم المتحدة بخصوص مختلف القضايا الاقتصادية والاجتماعية، لافتاً إلى مناقشة اجتماع الدوحة لأن تكون هناك مؤشرات إضافية تراعي خصوصية كل دولة.
يذكر أن الدورة الوزارية للإسكوا والتي تعقد كل عامين تعد جهازها الأعلى وآليتها الرئيسية لصنع القرار، وشارك في اجتماع الدوحة ممثلون عن البلدان الأعضاء على المستوى الوزاري وعن الأمم المتحدة وبرامجها، وممثلون عن المنظمات غير الحكومية الإقليمية والدولية والمؤسسات والهيئات المانحة ومجموعة من الخبراء الإقليميين والدوليين.