الدوحة – بزنس كلاس:
كشف خبير عسكري، عن تحول السواحل اليمنية، إلى منطقة صراع إقليمية، وذلك في إطار البحث عن البدائل، إزاء التهديدات التي تطلقها إيران لإغلاق مضيق هرمز أمام الملاحة البحرية، ما يعني حرمان دول الخليج، من تصدير نفطها، والتأثير في موقف القوى الدولية الكبرى من برنامجهم النووي، ومطامعهم التوسعية في هذه المناطق.
وبحسب موقع “المهرة بوست” فقد قال الباحث والخبير العسكري، علي الذهب، في مقال له بعنوان “أدوار متوقعة للسواحل اليمنية لمواجهة التحكمات الإيرانية في مضيق هرمز”، على موقع “يمن شباب نت”: “أنه وفي سياق البحث عن البدائل، لدى الخليج، وتحديداً السعودية والإمارات “ربما تعززت قناعة بعض الأطراف الإقليمية بأهمية السواحل اليمنية الواقعة على بحر العرب وخليج عدن، ابتداء من محافظة المهرة، الواقعة على الحدود مع السعودية وعمان، وحتى مضيق باب المندب، لا سيما بعد أن باتت محررة من سيطرة الحوثيين الموالين لإيران، واضطلاع التحالف العربي، الذي تقوده السعودية والإمارات، بالإشراف المباشر وغير المباشر عليها، وما تتيحه السيطرة الشكلية عليها من قبل أجهزة السلطة الشرعية اليمنية، التي يمثلها الرئيس عبدربه هادي”.
وأشار الباحث والخبير العسكري، علي الذهب، إلى أن: “منطقة الخليج العربي، وامتدادها البحري جنوباً وغرباً، حتى قناة السويس، مروراً بمضيق باب المندب، باتت البؤرة الأوسع للتجاذبات الدولية، التي تزداد استقطاباً، كلما أطلق الإيرانيون تهديداتهم بإغلاق مضيق هرمز أمام الملاحة البحرية”.
وأكد الخبير العسكري الذهب، أن “السواحل اليمنية باتت مغرية لاستنساخ تجربة “خط أنابيب سوميد”، الذي يمتد عبر الأراضي المصرية، انطلاقاً من ميناء العين السخنة، بالضفة الغربية لخليج السويس، حتى ميناء سيدي كِرِير، غربي مدينة الإسكندرية، على البحر المتوسط، الذي يبلغ طوله 320كم”. وأوضح أن “سوميد”، هو مشروع استثماري نفطي، تبلغ حصة مصر فيه 50%، فيما تبلغ حصة كل من: السعودية، والإمارات، والكويت 15% كل على حدة، أما الخمسة بالمائة المتبقية، فحصة دولة قطر.
وقد أنشئ هذا المشروع، عام 1974، ليمثل حلاً استراتيجياً لنقل النفط الخليجي، بدلاً عن قناة السويس، التي كانت مغلقة آنذاك، على خلفية حرب يونيو 1967، ولتفادي مثل ذلك مستقبلاً، وهو ما تم بالفعل، فقد لعب هذا المشروع دوراً كبيراً خلال ظروف أمنية سيئة، مر بها الخليج العربي وخليج عدن”.
وأضاف: “مِثلُ هذا المشروع يمكن أن يقام على سواحل محافظتي المَهرة أو حضرموت اليمنيتين، ليؤدي ذات الدور، الذي يقوم به سوميد، ولن يكون ذلك مهرباً من التهديدات الإيرانية فحسب، بل وضماناً من أي تداعيات يمكن أن يحدثها أي صدام مسلح، مستقبلاً، مع الكيان الصهيوني في البحر الأحمر”. وقال: “وهنا تبدو الفرصة متاحة أمام السعودية أكثر من الإمارات، الشريك الثاني في التحالف، مع وجود بعض العقبات، التي يمكن تخطيها”.
ونوّه الذهب بأن: “فكرة مد أنابيب النفط السعودي إلى بحر العرب أو خليج عدن، ليست جديدة، فقد أثيرت خلال العقدين الأخيرين من حكم الرئيس السابق، علي عبدالله صالح (1978-2012)، إلا أن المحاولات السعودية باءت بالفشل، وذلك ما يفسر الاهتمام الكبير، الذي تبديه السعودية تجاه محافظة المهرة، وتمركز قواتها العسكرية في موانئها البحرية والجوية والمعابر البرية مع عمان، وتصرفها فيها كما لو أنها جزء من أراضيها. وهو، كذلك، اهتمام لافت، تجاوز ما تبديه من منافسة هادئة لشريكتها في التحالف (الإمارات)، في بقية المحافظات الجنوبية، مثل: حضرموت، وعدن، وشبوة، وبصرف النظر عن الترتيبات الشكلية لهذه القوات، بعد احتجاجات سكان المهرة على وجودها، وممارستها أعمالاً سيادية”.
وأشار الذهب إلى المعوقات والعقبات المتوقعة أمام التحالف لتنفيذ هذا المشروع. وقال: “هذا المشروع، وإن بدا ممكناً، الآن، للسعودية، إلا أنه لا يزال محاطاً ببعض المعوقات”، مؤكداً في هذا السياق: “أن الحرب لا تزال قائمة، ولم يتمكن التحالف من استعادة عاصمة الدولة اليمنية، ومينائها الثاني (الحديّدة) الواقع على البحر الأحمر؛ وبالتالي فإن إثارة هذا الأمر، سيُعدّ استباقاً مبكراً لجني ثمار تدخل لم يحقق أهدافه المعلنة بعد”. ولفت إلى أن إثارة هذا الموضوع من قبل السعودية “قد يخلق ذلك انطباعاً سلبياً لدى قيادة السلطة الشرعية واليمنيين عموماً، بأن السعودية بدأت بكشف مطامعها على نحو مماثل للإمارات، التي اتخذت خطوات عملية للسيطرة على جزيرة سقطرى، دون وجود مبرر لذلك؛ حيث لا أثر للحوثيين فيها، ولم تشهد أي تمرد على السلطة الشرعية”.
وأضاف: “إلى ذلك، قد يستغل هذا التوجه من قبل الحوثيين، في تأجيج الشارع اليمني، بذريعة انتهاك السيادة، وقد يكون ذلك قابلاً للتصديق، لا سيما أن السلطة الشرعية واقعة في ظرف لا تستطيع معه فرض شروطها، وفقاً للدستور والقانون، مع عجزها عن الإسهام المادي الحقيقي في هذا المشروع، لكن ذلك قد يصبح ممكناً، في إطار ما تبديه قوى جنوبية (انفصالية) منافسة للسلطة الشرعية، من رغبة في الانقضاض عليها، ولو كان ثمن ذلك الثوابت الوطنية”. واستدرك ذلك بالقول: “إن الأمر مرهون بمباركة إماراتية، بوصفها المحرك الأكبر لهذه القوى، وقد يزداد الوضع تعقيداً إذا كان هدف هذا المشروع نقل النفط السعودي من حقل الشيبة، الواقع ضمن المناطق المتنازع عليها بين السعودية والإمارات؛ حيث يقع هذا الحقل على بعد 10كم من حدود إمارة أبوظبي، ويبلغ إنتاجه اليومي أكثر من مليون برميل”.
وتابع: “في ذات السياق، لا يمكن تجاوز ما يثيره الأمر من حساسية لسلطنة عمان، وإن كان ذلك شأناً يمنياً صرفاً، إلا أن مبعث هذه الحساسية، حالة الهشاشة، التي تعانيها السلطة الشرعية اليمنية، فلربما انطوى هذا المشروع على وجود عسكري سعودي أو إماراتي، على حدودها الجنوبية الغربية مع اليمن، وما قد يخلقه ذلك من تداعيات تمس أمنها القومي مستقبلاً، في ظل مواقفها المستقلة عن هاتين الدولتين، في كثير من القضايا، أبرزها: حصارهما المفروض على قطر، والملف النووي الإيراني، والحرب اليمنية الراهنة”.