يعد الهواء النقي عاملاً أساسياً للحفاظ على الصحة الجيدة للإنسان، خاصة الأطفال. فبحسب بعض الدراسات التي أجريت خلال القرن التاسع عشر من قبل الطبيب الأميركي لوثر إيميت هولت والذي يصنف كواحد من أهم رواد طب الأطفال، يلعب الهواء النقي إضافة إلى التغذية السليمة دوراً بارزاً في عملية نمو الطفل.
فمن خلال كتاباته خلال ثمانينات القرن التاسع عشر، أصبح الطبيب الأميركي لوثر إيميت هولت واحداً من أول الأطباء المؤيدين لما يعرف بـ “تهوئة الأطفال”، حيث أكد الأخير أن الهواء النقي يجدد الدم ويفتح الشهية ويحسن مزاج الأطفال ويزيد من قوة مناعتهم ومقاومتهم للأمراض خاصة الزكام.
عادة غريبة وأقفاص حديدية
وبناء على هذه التقارير الطبية، ظهرت ما بين العقد الأخير من القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين عادة غريبة سجلت انتشارا واسعا في المدن البريطانية والأميركية، حيث عمدت الأمهات إلى تثبيت نوع من الأقفاص الحديدية إلى النوافذ ووضع أطفالهن داخلها بهدف تعريضهم للهواء النقي.
وخلال تلك الفترة، ثبتت هذه الأقفاص الحديدية إلى نوافذ المنازل والعمارات، وبالتالي كان من العادي جداً أن تمر في الشارع وتشاهد من الأسفل طفلا داخل قفص على ارتفاع عشرات الأقدام.
ولم تقتصر هذه الممارسات الغريبة على طبقة اجتماعية معينة.
زوجة روزفلت وضعت ابنتها داخل قفص
ففي حدود سنة 1906 عمدت السيدة إليانور روزفلت (زوجة الرئيس الأميركي المستقبلي فرانكلن روزفلت) إلى وضع ابنتها آنا روزفلت داخل قفص مثبت إلى نافذة شقتها بمدينة نيويورك، فضلا عن ذلك تعرضت السيدة روزفلت إلى تتبعات عدلية من قبل إحدى جمعيات حماية الأطفال بسبب وضعها لابنتها داخل القفص خلال أيام شديدة البرودة. مع حلول سنة 1922 تقدمت المرأة الأميركية إيما ريد بطلب للحصول على براءة اختراع ما يعرف بـ”قفص الأطفال المحمول”، حيث عرضت هذه المرأة فكرة إنتاج نوع جديد من أقفاص الأطفال يتم تثبيته بشكل آمن إلى أسفل النافذة، إضافة لكل ذلك يعد القفص المقدم من قبل إيما ريد واسعا مقارنة بالأقفاص السابقة، حيث إنه يتسع لأكثر من طفل، إضافة إلى بعض الألعاب.
وخلال ثلاثينات القرن الماضي، بلغت ممارسة وضع الأطفال داخل الأقفاص أوجها، حيث سجلت انتشارا واسعا في العاصمة البريطانية لندن، خاصة بعد أن أقدمت مجموعة تشيلسي للرضع على توزيع أقفاص الأطفال على العائلات، في غضون ذلك ومع بداية النصف الثاني من القرن العشرين تراجعت هذه الممارسة الغريبة بشكل ملحوظ لتختفي لاحقا بشكل تام تزامنا مع تزايد القلق حول سلامة الأطفال داخل الأقفاص المثبتة إلى النوافذ.