“حلف المضطرين”.. 3 أسباب قد تفجر تحالف الرياض – أبوظبي!!

عواصم – وكالات بزنس كلاس:

يبدو الحلف السعودي – الإماراتي حلف مصالح “المضظرين” اكثر مما هو حلف مصالح اشقاء ودولتان عربيتان تكملان بعضهما البعض في كيان متكامل يعتبر نواة حلف عربي كبير كما يروج له، خصوصاً هذه الفترة مع التركيز على “محاربة” قطر. وقد اشارت عدة تقارير إلى أن الحلف المذكور هش لدرجة أن من فيه قد ينقلبون على بعضهم البعض في أي لحظة لأسباب موضوعية كثيرة. وهذا ما قاله صراحة المساعد الخاص لرئيس مجلس الشورى الاسلامي الايراني للشؤون الدولية حسين أمير عبد اللهيان، حين قال بأن السعودية سوف تنقلب على من يحاصرون قطر معها عندما تنتهي من الملف القطري، على حد تعبيره.

في هذا السياق، هناك أسباب موضوعية كثيرة تجعل الفراق السعودي الإماراتي أكثر ترجيحاً من البقاء معاً لفترة طويلة. فالسعودية هي الدولة الأكبر والأثقل في الخليج العربي، وتسعى كأيّ دولة لتوسيع نفوذها الاستراتيجي في المنطقة، واللاعب الثاني من بعدها في الخليج هو الإمارات. في وثيقة مُسرّبة للسفارة الأمريكية في دُبي نشرها موقع ويكيليكس ذكرَ محمد بن زايد – الحاكم الفعلي للإمارات – أنّ «السعوديين ليسوا أصدقائي الأعزاء، ولكن لا بد من التفاهم معهم»، وجاءت عبارته هذه بعد تذكير الأمريكيين بأن الإمارات خاضت 57 معركة مع السعودية خلال الـ250 عامًا المُنقضية.

عندما رفع الاستعمار البريطاني يده عن الدول الخليجية: البحرين، والإمارات، وقطر، والكويت، كانت عملية ترسيم الحدود في حاجة لمزيدٍ من التحديد والدقة، ففي بعض الأحيان عُيّنت الحدود بمعالم غير ثابتة أدّى زوالها إلى حدوث مشاكل على هذه الحدود.

للسعودية حظُّ الأسد من شبه الجزيرة، ولخلافاتها الحدودية مع الإمارات وقطر بعدٌ تاريخي قديم جدًا، فقد كان للدولة السعودية الأولى نفوذٌ مبسوطٌ على أجزاء من الإمارات وقطر وبقيّة دول الخليج، كان الخلاف حادًا وقويًا مع الإمارات لأنّ المناطق غير المُحددة بين السعودية وجارتها مناطق حساسّة وحيويّة لكلتا الدولتين وأمنهما القومي، بالإضافة لأمن قطر القومي.

بعد تحوّل الإمارات لدولة مُستقلة بقيادة الشيخ زايد آل نهيان طُرحت قضية ترسيم الحدود مع السعوديّة، وبدأت المفاوضات بين البلدين، ويرى الإماراتيون أن موقف الإمارات كان ضعيفًا حينها لأنه كان في الفترة المُباشرة لما بعد الاستقلال وفي مرحلة التأسيس الحقيقي. على أيّة حال، انتهت القضيّة بتوقيع اتفاقية جدّة 1974.

نتائج الاتفاق لا تبدو عادلة كثيرًا، إذ نصّ الاتفاق على التالي:

1- حقل الشيبة وما حوله

– يكون حقل الشيبة بأكمله خاضعًا للسيادة السعوديّة، وتُمنع الإمارات وأي شركة مُفوَّضة إماراتيًا من الاستفادة من ثروات الحقل، ويحقّ فقط للسعودية وشركاتها الاستفادة من الثروات الموجودة فيه.

حقل الشيبة حقلٌ نفطي يبعد عن الحدود البريّة لأبو ظبي 10 كم في صحراء الربع «الغالي» كما يحلو لشركة أرامكو السعودية أن تسمّيها، اكتُشف الحقل عام 1968.

لمَ هذا النزاع حول الحقل؟ الأرقام تُجيب: المخزون الثابت للحقل يصل إلى 14.3 تريليون برميل نفط، و25 تريليون قدم مكعبة من الغاز، وكذلك يُنتج الحقل مليون برميل يوميًا، وفقًا لأرامكو. حقل الشيبة تجسيدٌ كامل لكلمة «ثروة»، وهي ثروة قادرة على سد نفقات واسعة وكبيرة لكلتا الدولتين، واحتياطٌ أمني مهم لأي من الدولتين في مجال الطاقة، ولكن الاتفاق الذي وُقّع عليه لم يكن اتفاقًا عادلًا – كما يرى الإماراتيون – مما يعني أنه سيُثار – وقد أثير لاحقًا – وسيدعو الطرف الإماراتي جاره السعودي لإعادة التفاوض حول الحقل وأرباحه والسلطات التي يحق لإحدى الدولتين أن تفرضها على الحقل، ولكن متى؟ ككثير من الأوراق السياسية، تُخبَّأ «لوقت الحاجة».

2- الحدود البحرية

– تُقرّ الإمارات بسيادة السعوديّة على جزيرة الحويصات، وتُقرّ السعودية بالمقابل بسيادة الإمارات على باقي الجزر المُقابلة للحويصات، بشرط السماح للسعودية بإقامة منشآت عامة على جزيرتي القفاي والمكاسب. لكنّ هذه القرارات والاتفاقيات لم تكن واضحة الترسيم تمامًا، ولذا ما زالت الحدود المائية لكلتا الدولتين غير واضحة تمامًا مما أدى عام 2005 إلى اشتباك مسلح بين زورقين تابعين لحرس الحدود الإماراتي مع آخر لحرس الحدود البحري السعودي. وقد وُقعت الاتفاقية عام 1974 بين البلدين، واعتمدته السعوديّة بشكل رسمي – وفقًا للأمم المتحدة – عام 1993.

حاولت الإمارات سابقًا بناء جسر بري مع قطر قُوبل بالرفض من السعوديّة التي تُصرّ على عدم وجود حدود برية بين قطر والإمارات، ورأت كذلك أن الجسر البري هذا سيمرُ فوق المياه الإقليمية السعوديّة وهذا ما لا تُوافق عليه السعوديّة. وما زالت الحدود البرية بين الإمارات وقطر مفصولةً بالسعودية، حيث تسيطر على لسان خور العديد الرملي الذي أثير خلاف طويل عليه، وهو اللسان الذي يفصل بين الإمارات وقطر بريًا.

لم تقف الإمارات مكتوفة الأيدي أمام هذا الاتفاق، فبعد وفاة مؤسس الإمارات الشيخ زايد، بدأ أبناؤه من بعده بنبش أوراق الاتفاق الذي يرون أنه لم يكن عادلًا وأنه وُقّع في ظرفٍ خاص كانت تمرّ به الإمارات (ظرف الاستقلال)، وجرت عام 2005 مفاوضات لتعديل الوثيقة «تعديلاتٍ جوهرية» كما قال وزير الخارجية الإماراتي حينها، حمدان بن زايد، وأضاف أنالاتفاقية لم تعد قابلة للتطبيق. وعلى الطرف السعودي المُستفيد كانت التصريحات مُتناقضة، فقد قال وزير الخارجية السعودي حينها سعود الفيصل إن البلدين يعملان على تسوية «جزئية فنية بسيطة تتعلق بالممر المائي».

تأتي أهميّة هذا الممر ومنطقة خور العديد المائية ككل لكونها بوابة مُباشرة على قطر، وخطوة أخرى تُساعد الإمارات في سعيها للهيمنة على المسطحات المائية التي يُشرف عليها الخليج ككلّ. بالإضافة لهذه المناطق المائية، للإمارات أيدٍ نافذة في مناطق أخرى للهيمنة على بحر العرب وخليج عدن.

لأيّ مدى قد يستمرّ الحلف؟

تملك إيران سلطةً كبيرة على مضيق هُرمز، وهو المضيق الذي يفصل قطر والبحرين والكويت والإمارات عن المنافذ البحرية العالميّة، وإيران لا تملك غيره سوى بحر قزوين غير المفتوح على المحيطات، ولذا فإن مضيق هرمز يهدد الأمن القومي لهذه الدول كافة، ويُهدد اقتصاداتها بشكل مباشر وحاد، إذ يمرّ في المضيق في ساعات الذروة سفينة كل ست دقائق، وتمرُ من المضيق حاملات نفطية عملاقة وكثيرة يُسبب توقف إمدادها أذى لاقتصادات دول عدّة حول العالم.

تضغط إيران في كل أزمة تمرّ بإغلاق المضيق، وقد حصل هذا في حربها مع العراق وفي حرب الخليج وعام 2008، مرة أخرى؛ إغلاق المضيق يعني شللًا في سوق النفط العالميّة، وعلى الرغم من كثرة تهديداتها إلا أن واحدًا منها لم يُنفّذ، يقول بعض الخبراء إن إيران لا تستطيع إغلاقه في وجه العالم، لأنه منفذها البحري الأهم للتصدير والاستيراد، وإغلاقه يعني التضييق على الاقتصاد الإيراني الذي لا يصله بالصين – الدولة رقم واحد في الاقتصاد الإيراني – سوى المضيق. بدلًا من إغلاق المضيق قد تعمد إيران إلى مُصادرة بعض السفن (وقد حصل) والتضييق عليها وإبطاء عملها. وقد حصل شد وجذب في منطقة المضيق بين القوات البحرية الأمريكية وبين القوات الإيرانية، وللدولتين محطات ومراكز عسكريّة مُوزعة بكثرة على طول الضفتين.

لنقم بإعادة ترتيب الصورة: توافق بين الإمارات وإيران عدو السعودية في المناطق المائية المشتركة (بعيدًا عن الجُزر الثلاث المُحتلة التي ابتلعتها العلاقات الاقتصادية)، بالإضافة لسيطرة إماراتية على بحر العرب وخليج عدن من خلال موانئ اليمن الجنوبية، مع السيطرة الواسعة على الساحل الغربي لليمن، وسيطرة شبه كاملة على مضيق باب المندب الذي تحتاجه السعودية لتأمين خطوط صادراتها النفطية، وميناء يعمل لصالح الإمارات بالقرب من قناة السويس في مصر، وخمسة موانئ أخرى على طول الساحل الشرقي لإفريقيا، كل هذا يعني سيطرة شبه كاملة على مياه الخليج العربي، بالقوّة المسلّحة أو بالقانون والعقود التجاريّة، وستشكّل بلا أدنى شك هاجسًا وتهديدًا خطيرًا للسعوديّة، فهل تظهر دخان نار خلافًا من وراء الحلف الحالي، أم ستُدار اتفاقات وتنازلات؟ هذا ما سنعرف جوابه في المستقبل، وإلى أيّ حد تُعد هذه الحرب الكبيرة التي خاضها ابن سلمان مُجدية ونافعة للسعودية؟

السابق
معرض كريستيان ديور.. الدار تحتفل بمرو 70 عام على تاسيسها
التالي
الخطوط الجوية القطرية تعلن رفع الحظر عن حمل الأجهزة الإلكترونية الشخصية على متن جميع رحلاتها الى الولايات المتحدة