الدوحة – وكالات – بزنس كلاس:
يتابع الاقتصاد القطري أداءه المتفوق موظفاً عامل الحصار كأداة لمضاعفة الجهود من أجل التوصل إلى حلول دائمة تبعد بشكل نهائي شبح الأضرار المتعلقة بالحصار وتداعياته سواء في الوقت الحالي أو في المستقبل. فقد توسّعت أعمال شركات الحكومة والقطاع العام خلال العام الحالي، لتصل إلى مستويات قياسية لم تشهدها من قبل، رغم الحصار المفروض على قطر منذ 5 يونيو الماضي. وكشفت تقارير المتابعة التي تلقّتها الجهات المسؤولة -ومنها وزارة المالية ومصرف قطر المركزي- عن زيادة الإيرادات التي حققتها هذه الشركات، وتمكّنها من التغلّب على الإجراءات التي اتخذتها دول الحصار بغرض تعطيل النمو الاقتصادي، واستمرار تنفيذ مشاريع البنية التحتية ومشاريع كأس العالم 2022 التي تنظّمها قطر.
وتلقّت الجهات الحكومية والإشرافية تقارير أكدت استقرار الأوضاع المالية في هذه الشركات وانتظام عمليات الإنتاج وتنفيذ المشاريع، حيث كشفت آخر تقارير مصرف قطر المركزي عن ارتفاع ودائع الحكومة والقطاع العام بالبنوك المحلية بحوالي 100 مليار ريال خلال الفترة من أغسطس 2016 إلى أغسطس 2017، تمثّل أكبر زيادة في الودائع الحكومية والقطاع العام تشهدها البنوك، حيث ارتفع إجمالي ودائع الحكومة إلى 295 مليار ريال حتى أغسطس الماضي، مقابل 195 مليار ريال حتى أغسطس 2016.
وتضمّنت هذه الودائع 101 مليار ريال ودائع الحكومة، وحوالي 164 مليار ريال ودائع المؤسسات والشركات الحكومية، إضافة إلى 30.4 مليار ريال لمؤسسات شبه الحكومية التي تقل حصة الدولة فيها عن 100 % وتزيد عن 50 %.
وأكدت مصادر اقتصادية مسؤولة أن المؤسسات والشركات الحكومية تسعى حالياً إلى الانتهاء من المشاريع الواردة في موازنة الدولة لعام 2017، طبقاً للبرامج الواردة في هذه الموازنة والتي اعتمدتها الحكومة، مشيراً إلى إشراف وزارة المالية الدوري وتعليماتها المشددة إلى هذه الجهات بتنفيذ جميع البرامج قبل نهاية الموازنة، مع عدم التأخير أو السماح باعتماد مبالغ إضافية، طبقاً لمنشورات الموازنة التي وُزّعت على الجهات الحكومية.
وأضافت المصادر أن الموازنة تخضع حالياً لمراجعة شاملة، للتأكد من تنفيذ البرامج والمشاريع كافة الواردة بها، خاصة مشاريع البنية التحتية ومشاريع كأس العالم 2022، وعدم تأخير أي مشاريع للموازنة الجديدة 2018، والتي سيتُوسّع بها في مشاريع البنية التحتية ومشاريع التعليم والصحة.
التزام تام
من جانبه، يؤكد السيد أحمد الخلف -رجل الأعمال- أن الحكومة أعلنت التزامها التام بتنفيذ المشاريع وفقاً لبرامجها المقررة في الموازنة العامة للدولة بدون أي تأخير، مع توفير الاعتمادات المالية لذلك وفقاً لما ورد في الموازنة، مشيراً إلى دور وزارة المالية في ضبط الإنفاق، وإصدارها تعليمات مشددة إلى الجهات الحكومية كافة بعدم تجاوز الإنفاق؛ مما ساعد في ضبط الإنفاق الحكومي وعدم تجاوز المخصصات.
ويضيف أن أغلبية المشاريع خدمية وتستهدف المواطن والمقيم معاً، مثل الصحة، والمرافق، والتعليم. وهناك حرص من القيادة والدولة على السير قدماً في مشاريع التنمية الشاملة. ويؤكد أن الإنفاق على هذه المشاريع يساعد في كبح جماح التضخّم؛ لأن أغلبية المشاريع خدمية وتستهدف المواطن والمقيم معاً، مثل الصحة والمرافق والتعليم.
ويؤكد حرص الدولة على تنفيذ مشاريع البنية التحتية التي تخدم القطاعات الصناعية والزراعية والتجارية والاجتماعية، ويشدّد على دور القطاع الخاص في أزمة الحصار، وضخّ المزيد من الاستثمارات التي تخدمها البنية الأساسية، مثل المشاريع المكملة للتنمية كالمجمعات السكنية والأسواق والأبراج، وكلها تصبّ في صالح الاقتصاد القطري. ويؤكد أن القطاع الخاص قادر على المشاركة بفاعلية في التخفيف من آثار الحصار المفروض على قطر، بعد أن شهد تطوراً كبيراً وأصبح شريكاً في التنمية.
ويؤكد أن توقعات الموازنة القادمة 2018 تركز على الخطط في صورة واقعية من خلال عدد من المبادئ، أبرزها الحفاظ على معدلات النمو المرتفعة، وتشجيع القطاع الخاص، وزيادة مساهمته في التنمية، إضافة إلى دعم الجهاز المصرفي من خلال التوسع في المشاريع العامة والخاصة، وبالتالي دعم الجهاز المصرفي من خلال التوسع في الطلب على الخدمات المصرفية.
ويوضح أن الزيادة الكبيرة في الإيرادات والمصروفات المتوقعة في 2018 طبيعية في ظل التزامات الدولة بالتنمية الاقتصادية، والاجتماعية، وزيادة عدد السكان، وتنفيذ العديد من المشاريع في القطاعات المختلفة، سواء الصحة أو التعليم أو الصناعة، إضافة إلى مشاريع البنية التحتية.
الوضع الاقتصادي القوي
بدوره، يؤكد السيد سيتارامان -الرئيس التنفيذي لمجموعة بنك الدوحة- أن هناك عدداً من الأسباب وراء ارتفاع الودائع لدى البنوك إلى مستوى قياسي خلال الفترة الماضية، في مقدمتها الوضع الاقتصادي القوي للدولة بالرغم من الحصار الاقتصادي الجائر الذي تمارسه دول الحصار على قطر، إضافة إلى زيادة أعمال الشركات الحكومية في السوق المحلي، وسرعة إنجاز المشاريع بتوجيهات من الدولة حتى لا ترتفع التكاليف على تلك المشاريع. وأضاف أن زيادة رؤوس أموال البنوك المحلية تساهم في دعم قدرة البنوك على المنافسة في الأسواق الإقليمية والعالمية، نتيجة للثقة المتزايدة في الوضع الاقتصادي في قطر، واستمرار الإنفاق الحكومي على مشاريع التنمية ومشاريع مونديال 2022.
ويوضح أن البنوك قامت خلال الفترات الأخيرة بدعم إدارات المخاطر لديها، وفقاً لتعليمات المصرف المركزي، بهدف دراسة وبحث حالات القروض والتمويلات، وعدم الموافقة عليها إلا بعد موافقة هذه الإدارات. موضحاً أن هذه الإدارات تعمل وفقاً للمعايير العالمية التي تحدّ من منح القروض والتمويلات بدون ضمانات، مع وجود شفافية كاملة، للتأكد من العميل ووضعه المالي وتاريخ تعامله مع البنك. إلى جانب مراقبة وضبط العمليات البنكية لتكون متوافقة مع هذه المعايير.
ويضيف أن البنوك تسعى إلى التخفيف من آثار الحصار الجائر على قطر، من خلال الخطط والبرامج التي تضعها لتمويل مشاريع القطاعين العام والخاص.
تيسيرات لتمويل المشاريع
من جانبه، يؤكد الخبير المالي والمصرفي عبدالرحمن المير، أن البنوك المحلية قادرة على تمويل مشاريع التنمية -سواء للقطاع العام أو الخاص- بدون أي مشكلة، حيث تتوافر لديها التسهيلات الائتمانية التي تغطّي الطلب المحلي.
ويؤكد استمرار الدولة في تنفيذ المشاريع الكبرى ومشاريع البنية التحتية ومشاريع تنظيم كأس العالم 2022، رغم الحصار المفروض على قطر؛ مما يؤكد قوة الاقتصاد القطري، وقدرته على مواجهة التحديات. ويضيف أن العام الحالي يشهد تسريعاً في وتيرة تنفيذ المشاريع على مستوى جميع المناطق، ومنها مشروع مترو الدوحة، وميناء حمد، ومشاريع الطرق، والمواصلات، والصرف الصحي، وملاعب المونديال، مشيراً إلى أن الجهات الحكومية التي حصلت على هذه القروض تقوم بسدادها وفقاً لمواعيد الاستحقاق دون أي مشاكل. ويوضح أن البنوك المحلية تدعم هذه المشاريع من خلال إتاحة التمويلات والقروض اللازمة لها، بتيسيرات كبيرة تتناسب مع أهمية هذه المشاريع للدولة، ويؤكد أن الحكومة تلجأ إلى البنوك المحلية دون اللجوء إلى البنوك الأجنبية بالخارج، حيث تقدّم البنوك المحلية تسهيلات واضحة، كما أن أسعار الفائدة أو العائد على هذه التسهيلات يكون مناسباً، في ظل المغالاة الكبيرة في أسعار الفائدة على القروض الأجنبية.